توزيع الأرباح والخسائر للشركة

أحكام توزيع الأرباح والخسائر للشركة في النظام السعودي

تعد المشاركة في الأرباح والخسائر من أحد أهم المبادئ الرئيسية في الشركة، ويؤكد ذلك ما ورد بتعريف الشركة بنص المادة رقم (2) من نظام الشركات الجديد الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/132) بتاريخ 1/12/1443هـ والتي نصت على أن (الشركة هي كيان قانوني يؤسس وفقاً لأحكام النظام بناء على عقد تأسيس أو نظام أساس يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع بهدف الربح بتقديم حصة من مال أو عمل أو منهما معاً لاقتسام ما ينشأ عن هذا المشروع من ربح أو خسارة واستثناء من ذلك يجوز – وفقاً لأحكام هذا النظام – أن تؤسس الشركة بالإرادة المنفردة لشخص واحد، ويجوز تأسيس شركات غير ربحية …..).

وهو ما يتبين لنا معه أن نية تقاسم الربح والخسارة هو ركن ركين ودعامة أساسية ورئيسية في قيام الشركة، فلا تقوم الشركة بدونه إلا في حالة استثنائية وهي حالة الشركات غير الربحية، إلا أن التساؤل الرئيسي يكمن في الآلية التي يتم من خلالها توزيع الأرباح والخسائر بين الشركاء، فهل تختلف تلك الآلية من شركة إلى أخرى؟ أم أنها تتشابه بغض النظر عن كيان الشركة؟ وما هي تلك الآلية التي يتم بموجبها توزيع الأرباح والخسائر وفقاً لنظام الشركات السعودي الجديد؟ الإجابة عن تلك التساؤلات وغيرها من التساؤلات الأخرى التي تتخذ من توزيع الأرباح والخسائر في ظل نظام الشركات الجديد محورا لها سوف تكون موضوعنا في هذا المقال.

 

أولاً: المقصود بأرباح وخسائر الشركات

قبل أن نتعامل مع أرباح وخسائر الشركة باعتبارها حقيقة مسلم بها ومصطلحات ذات مفهوم متعارف عليه لدى الكافة، يلزم علينا بداية توضيح المقصود بالأرباح والخسائر في نطاق عمل الشركات، لاسيما وأن المقصود بمصطلحي الربح والخسارة قد لا يجد مفهومه الصحيح لدى البعض، لذلك سنستهل مقالنا بإلقاء الضوء بشكل فيه بعض الإيجاز على المفهوم الصحيح لهذين المصطلحين.

1- المقصود بأرباح الشركة

عرف الربح في الفقه الإسلامي بتعاريف متعددة كان قوامها أن الربح هو القيمة التي تزيد على رأس المال كأثر مباشر لاستثماره، في النشاطات المشروعة، وذلك بعد خصم كافة التكاليف والنفقات التي تم تكبدها في سبيل الحصول على هذه القيمة[1].

أما على صعيد العمل المحاسبي في مجال الشركات فقد عرفت الأرباح بأكثر من تعريف، ويمكننا إيراد بعض تلك التعريفات وأهمها في النقاط الآتي بيانها:

  • الأرباح هي الزيادة التي تحققها قيمة المبيعات عن إجمالي قيمة وتكلفة عوامل وعناصر الإنتاج المتمثلة في الأرض ورأس المال والعمل والتنظيم والتي يتم استخدامها في عملية إنتاج ونقل وتخزين المنتج، أي أن الأرباح هي إجمالي الإيراد مخصوماً منه إجمالي المصروفات[2].
  • هي الارتفاع في قيمة حقوق الملاك أو المساهمين أو الشركاء في الشركة والذي تبلغه في نهاية السنة المالية عن القيمة التي كانت تقدر بها في بدايتها، وذلك مع الأخذ في الاعتبار ما تم استثماره من مبالغ، وما تم صرفه لهم خلال تلك السنة المالية[3].

وفي المجمل يمكننا أن نعرف أرباح الشركات بأنها الإيرادات الصافية التي تبقى تحت يد الشركة وتصرفها بعد خصم كافة المصروفات والنفقات بسائر أنواعها، وهو الجزء الذي يتم توزيعه على الشركاء بالشركة في الموعد المحدد لذلك، والذي غالباً ما يكون هو نهاية كل سنة مالية للشركة.

2- المقصود بخسائر الشركة

عرفت الخسائر في اللغة تحت مسمى الخسارة بأكثر من تعريف، منها ما يتفق مع الخسائر المقصودة في هذا المقال ومنها ما يخرج عن نطاق وموضوع هذا المقال، إلا أن أقرب تلك التعاريف هو تعريف الخسارة بأنها نقيض الربح، ويقصد بها النقص في المال، سواء كان ذلك المال هو مال نقدي، أو مكيال، أو أوزان[4].

أما على صعيد علم الاقتصاد فقد عرفت الخسائر بأنها الفارق الذي يتبقى من إيرادات الإنتاج بعد أن يتم استبعاد وخصم جميع النفقات الخاصة بالإنتاج، سواء كانت تلك النفقات صريحة أو ضمنية، ويكون ذلك الفرق بالسالب أي بالنقص[5]، وعرفت أيضاً بأنها النقص الذي يطرأ على ما يتم تحقيقه من إيرادات عما كان متوقع تحقيقه من إيرادات[6].

وعلى الصعيد المحاسبي عرفت أيضاً بأكثر من تعريف، من أبرزها أنها الفارق بين الإيرادات التي تحققها الشركة والمصروفات التي تتحملها متى كانت قيمة تلك المصروفات تفوق قيمة الإيرادات[7]، وعرفت أيضاً بأنها النقص المتحقق في صافي أصول الشركة عما يقع من أعمال خارج نشاطها الرئيسي، أو عن أنشطة أخرى تحدث تأثيراً على صافي الأصول، وذلك بجانب النقص المتحقق إما عن نفقات وإما عن توزيع أرباح على الشركاء في الشركة[8].

وهو ما يمكننا معه أن نعرف الخسائر الخاصة بالشركة على أنها إجمالي المتحقق من نقص في الإيرادات عما يقابله من زيادة في المصروفات والنفقات خلال فترة زمنية محددة.

ثانياً: الضوابط العامة لتوزيع الأرباح والخسائر للشركات

اتخذ المنظم السعودي موقفاً متميزاً في تعرضه لمسألة توزيع الأرباح والخسائر بين الشركاء في نظام الشركات السعودي الجديد، حيث وضع قواعد وضوابط عامة تحكم تلك المسألة بالنسبة للشركات بوجه عام، ثم تعرض إلى ذات المسألة بضوابط خاصة تخص كل نوع من أنواع الشركات التي ينظمها في إطار ذات النظام، ولذلك فسوف نتعرض في هذا الجزء من المقال لتلك الضوابط العامة، ثم نعقب ذلك بالتعرض إلى الضوابط الخاصة بكل نوع من أنواع الشركات في بند منفصل لكل منها.

وبالعودة إلى نظام الشركات السعودي الجديد سنجد أنه قد تعرض لتنظيم الضوابط العامة لتوزيع الأرباح والخسائر في الشركات السعودية بالمواد أرقام (22) و(23) و(24) منه، وسوف نتناول تلك الضوابط على النحو الآتي بيانه.

1- الضوابط الواردة بالمادة رقم (22) من النظام

تضمنت المادة رقم (22) من نظام الشركات السعودي الجديد ضوابط تتعلق بتوزيع أرباح الشركات نوجزها في النقاط الآتي بيانها:

  • أجاز النظام للشركاء في الشركة – وتحديداً شركات المساهمة والمساهمة المبسطة وذات المسؤولية المحدودة فقط دون غيرها – القيام بتوزيع الأرباح القابلة للتوزيع على الشركاء أو المساهمين في شكل أرباح سنوية أو مرحلية، ولم يتعرض المنظم السعودي لتعريف الأرباح القابلة للتوزيع في نظام الشركات الجديد، وإن كان المنظم قد أورد لها تعريفاً في اللائحة التنفيذية لنظام الشركات بالمادة رقم (10/2) منها، حيث ورد بنص المادة المذكورة أن “تتكون الأرباح القابلة للتوزيع من رصيد الأرباح المبقاة الظاهر في قائمة المركز المالي المعدة في آخر الفترة التي تسبق مباشرة الفترة التي يتخذ خلالها قرار التوزيع بالإضافة إلى رصيد أي احتياطيات قابلة للتوزيع”، وأعقب ذلك بالفقرة الثالثة من ذات المادة باللائحة بذكر لبعض الأمثلة على للاحتياطيات القابلة للتوزيع، حيث ورد بها أنه “يعد من قبيل الاحتياطيات القابلة للتوزيع الاحتياطيات المكونة من الأرباح ولم تخصص لأغراض معينة أو التي تقرر إلغاء الغرض الذي كونت من أجله”.
  • قرر المنظم لدائني الشركة في حالة توزيع أرباح على الشركاء بشركات المساهمة والمساهمة المبسطة وذات المسؤولية المحدودة بصورة تخالف الضوابط سالفة البيان بالفقرة السابقة أن يطالبوا الشركة باسترداد ما تم صرفه للشركاء أو المساهمين من أرباح، كما قرر للشركة بدورها الحق في مطالبة الشركاء أو المساهمين باسترداد تلك المبالغ من الشركاء أو المساهمين الذين قبضوا تلك الأرباح، ولا يختلف الحكم سواء كان هؤلاء الشركاء المساهمين يتمتعون بحسن النية أو سوئها.
  • في حالة أن تم توزيع الأرباح القابلة للتوزيع بصورة قانونية سليمة تتفق مع مكا سبق بيانه من ضوابط، فإن التوزيع يكون صحيحاً لا يجوز الرجوع فيه أو استرداد الأرباح التي تم توزيعها على الشركاء أو المساهمين حتى وإن أصيبت الشركة بخسائر بعد توزيع تلك الأرباح، حيث أنه بتمام توزيعها توزيعاً قانونياً سليماً يصبح هذا التوزيع نهائياً.

2- الضوابط الواردة بالمادة رقم (23) من النظام

حدد المنظم في المادة (23) من نظام الشركات السعودي القواعد العامة في تحديد نصيب كل شريك في الشركة بوجه عام في أرباحها متى لم يتضمن عقد تأسيس الشركة على تحديد للحصة الخاصة بكل شريك، أي أن الاتفاق الخاص يجب التحديد العام الذي تحدده تلك المادة، ووفقاً للقاعدة العامة الواردة في تلك المادة فإن الشركاء في الشركة يتقاسمون الربح الذي تحققه الشركة فيما بينهم بحسب الحصة الخاصة بكل منهم في رأس مال الشركة بالنسبة لحصص باقي الشركاء، فعلى سبيل المثال لذلك يكون صاحب ربع رأس مال الشركة مستحقاً لربع الأرباح، وصاحب نسبة 35% من قيمة رأس المال مستحقاً لحصة في الأرباح قدرها 35% منها وهكذا، وأجاز المنظم للشركاء الاتفاق على ما يخالف ذلك وتحديد حصص للشركاء في الأرباح لا تتناسب مع نسبة حصتهم في رأس المال.

إلا أن المنظم قد حظر أمراً واحداً ويتمثل هذا الأمر في أن يتم الاتفاق على الحرمان من المشاركة في الأرباح أو الاستبعاد من المشاركة في الخسائر، والحكمة من ذلك أن أساس الشركة هو المشاركة في الربح والخسارة، وفي حالة الاستبعاد من أياً منهما يكون هذا الاتفاق كأن لم يكن.

واستثناء مما سبق فقد حدد المنظم السعودي حالة وحيدة يجوز فيها استبعاد شريك أو أكثر من تحمل خسائر الشركة، وتتمثل تلك الحالة في أن يكون هذا الشريك – أو الشركاء – المستبعد من تحمل الخسائر هو شريك بالعمل، أي أنه لم يسدد مبالغ مالية كحصة له في رأس مال الشركة بل تكون تقدمته في هذا الشأن هي عمله فقط، ولا يكون هذا الشريك متقاضياً لأي أجر عن العمل الذي يقدمه.

3- الضوابط الواردة بالمادة رقم (24) من النظام

عالج المنظم في المادة (24) من نظام الشركات السعودي القواعد المتعلقة بتحديد حصة الشريك بالعمل في الأرباح والخسائر، والذي لم يرد بعقد تأسيس الشركة بيان بقيمة حصته تلك، ففي هذه الحالة تكون الحصة التي يتقاضاها هذا الشريك من الأرباح والحصة التي يتحملها من الخسائر تماثل ما يتقاضاه الشريك صاحب أقل حصة في رأس مال الشركة من ربح وما يتحمله من خسائر.

وعالج في ذات المادة الحالة التي تكون فيها حصة الشريك بالعمل غير مقتصرة على العمل فقط بل تقترن بحصة نقدية أو عينية، أي أن تكون تقدمة الشريك كحصة له في الشركة هي عمل في جزء منها ومبلغ نقدي أو شيئاً عينياً في الجزء الآخر، فعندئذ يكون لهذا الشريك حصة في الربح تقابل حصة العمل التي يقدمها، ويكون له حصة أخرى في الربح تقابل الحصة النقدية أو العينية التي قدمها، أي أن له حصتين في أرباح الشركة.

ثالثاً: ضوابط توزيع الأرباح والخسائر الخاصة بشركات التضامن

لم يضع المنظم السعودي تنظيماً خاصاً وشاملاً لمسألة توزيع الأرباح والخسائر على الشركاء بشركة التضامن، وهو ما يجعل توزيع الأرباح والخسائر في هذا النوع من الشركات خاضعاً للقواعد العامة السابق تعرضنا لها في البند (ثانياً) من هذا المقال، وذلك في حال عدم الاتفاق في عقد تأسيس الشركة على طريقة توزيع الأرباح والخسائر بين الشركاء وحصصهم فيها.

إلا أنه في معرض تنظيمه لشركة التضامن بنظام الشركات قد تعرض إلى بعض المسائل المتعلقة بالأرباح والخسائر الخاصة بهذا النوع من الشركات، وذلك فيما ورد بنص المادة (47) من النظام والمعنونة بـ “نصيب الشريك في الأرباح والخسائر”، وفي سياق هذه المادة قرر المنظم وجوب تحديد قيمة الأرباح أو الخسائر وحصة كل شريك فيها بنهاية كل سنة مالية للشركة، ويكون هذا التحديد مؤسساً على قوائم مالية يتم إعدادها طبقاً لما تنص عليه المعايير المحاسبية التي تعتمدها المملكة العربية السعودية، واعتبر المنظم أنه فور تحديد حصة كل شريك في شركة التضامن في أرباح الشركة يصبح دائناً للشركة بقيمة حصته في أرباحها، وأجاز الاتفاق على ما يخالف ذلك بعقد تأسيس الشركة.

وإذا ما أصاب رأس مال الشركة أي نقص ناتج عن تحقيقها لخسائر فيتم استكمال هذا النقص عن طريق الخصم من الأرباح التي تحققها الشركة في السنوات التالية للسنة التي منيت فيها بالخسارة، وفيما عدا ذلك فقد منع القانون إلزام الشريك بأن يكمل أي نقص يصيب حصته في رأس المال بسبب خسائر الشركة إلا في حالة أن يوافق على ذلك طواعية منه.

رابعاً: ضوابط توزيع الأرباح والخسائر الخاصة بشركات التوصية البسيطة

خلا تنظيم شركة التوصية البسيطة من تنظيم لآلية توزيع الأرباح والخسائر بين الشركاء فيها بصورة تخص هذا النوع من الشركات دون سواه، وهو ما يقودنا إلى تطبيق نص المادة رقم (51/3) من نظام الشركات الجديد، والتي تنص في مضمونها على أن (3- تطبق على شركة التوصية البسيطة أحكام شركة التضامن فيما لم يرد به نص خاص في هذا الباب)، والمقصود بهذا الباب هو الباب الثالث من النظام والخاص بتنظيم شركة التوصية البسيطة.

وباعتبار عدم وجود تنظيم خاص بتوزيع الخسائر والأرباح لشركة التوصية البسيطة، فإنها تخضع في ذلك لأحكام توزيع الأرباح والخسائر الخاصة بشركة التضامن، والتي نحيل بشأنها منعاً للتكرار لما ورد بالبند (ثالثاً) من هذا المقال.

خامساً: ضوابط توزيع الأرباح والخسائر الخاصة بشركات المساهمة

أناط المنظم السعودي مهمة تحديد نسبة الأرباح التي يتم توزيعها على المساهمين في الشركة المساهمة من مجمل الأرباح الصافية للشركة إلى الجمعية العامة للشركة، بحيث تكون هي الجهة المختصة بتحديد تلك النسبة، وذلك بعد أن تقوم بخصم قيمة احتياطيات الشركة في حال وجودها من قيمة تلك الأرباح قبل تحديد النسبة التي سيتم توزيعها، حيث أجاز النظام للشركات المساهمة أن تقوم بتكوين احتياطيات مالية لها عن طريق تجنيب نسبة محددة من صافي الأرباح قبل توزيعها على المساهمين، إلا أن ذلك مشروطاً بأن يكون النظام الأساسي لها يجيز تكوين تلك الاحتياطيات، أو أن تتخذ الجمعية العامة العادية للشركة قراراً بذلك.

ويكون المساهم في الشركة مستحقاً للحصة المخصصة له في أرباحها طبقاً لما يتم تحديده بالقرار الذي تصدره الجمعية العامة بخصوص ذلك، ويكون هذا القرار مشتملاً على بعض المحددات الأساسية والتي نوجزها في:

  • قيمة حصة المساهمين مع توضيح حصة كل مساهم.
  • التاريخ الذي تستحق فيه تلك الأرباح للمساهمين.
  • التاريخ الذي يتم فيه توزيع تلك الأرباح على مستحقيها من المساهمين.

وبالنسبة لملاك الأسهم المسجلين بسجلات المساهمين فإنهم يستحقون نصيبهم في الأرباح في نهاية اليوم الذي تم تحديده لاستحقاقهم لها، ويلتزم مجلس إدارة الشركة المساهمة بتنفيذ القرارات التي تصدرها الجمعية العامة بخصوص توزيع الأرباح على المساهمين بالشركة في مواعيدها التي تحددها لوائح الشركة، ولا يجوز لمجلس الإدارة أن يتجاوز تلك المواعيد.

سادساً: ضوابط توزيع الأرباح والخسائر الخاصة بالشركات ذات المسؤولية المحدودة

حدد المنظم السعودي أحكام توزيع أرباح الشركاء في الشركة ذات المسؤولية المحدودة في سياق نص المادة رقم (175) من نظام الشركات الجديد، وتضمنت هذه المادة ثلاث فقرات نظمت فيها توزيع أرباح هذا النوع من الشركات على النحو الآتي بيانه:

  • باعتبار أن رأس مال الشركة ذات المسؤولية المحدودة يكون مقسماً إلى حصص تتساوى قيمة كل منها مع الأخرى، فإن كل حصة من تلك الحصص تقابلها حقوق في أرباح الشركة تساوي الحقوق التي تقابل غيرها من الحصص، ويكون الاختلاف في حصة كل شريك بالشركة في الأرباح عن حصة باقي شركائه ناتجاً عن عدد الحصص التي يملكها في رأس المال، فعلى سبيل المثال من يملك حصتين في رأس المال يحصل على حصتين من الأرباح، ومن يملك ثلاث حصص في رأس المال يحصل على ثلاث حصص من الأرباح وهكذا، إلا أن ذلك لا يمنع من اتفاق الشركاء في عقد تأسيس الشركة على طريقة أخرى يتم من خلالها توزيع أرباح الشركة حيث أجاز نظام الشركات ذلك، وفي حالة وجود مثل هذا الاتفاق يكون هو الواجب التطبيق عند توزيع الأرباح.
  • يكون قرار توزيع الأرباح من اختصاص الجمعية العامة للشركة ذات المسؤولية المحدودة، حيث تحدد الجمعية في القرار الذي تصدره في هذا الشأن قيمة النسبة التي سيتم توزيعها من صافي أرباح الشركة، وذلك بعد أن تقوم بخصم قيمة الاحتياطيات التي تقوم بتكوينها متى كانت هناك احتياطيات لها.
  • يكون استحقاق كل شريك لحصته في أرباح الشركة الصادر بها القرار من الجمعية العامة طبقاً لما يرد بذلك القرار من ضوابط، بحيث يكون هذا القرار متضمناً بيان يحدد تاريخ استحقاق تلك الأرباح، والتاريخ الذي يتم توزيعها فيه.

سابعاً: ضوابط توزيع الأرباح والخسائر الخاصة بالشركات غير الربحية

من المستقر عليه العمل في نظام الشركات السعودي أن الشركات غير الربحية لا تقوم بتوزيع أرباح على المساهمين فيها، وذلك باعتبارها تخصص أرباحها لتنفق في مصارف محددة يتم الاتفاق عليها في عقد التأسيس أو النظام الأساسي الخاص بها، وهو ما يقودنا إلى طرح مصير الأرباح التي تحققها الشركات غير الربحية، وما تخضع له تلك الأرباح من أحكام، وسوف نتناول تلك الأحكام التي نظمها المنظم السعودي بالمادة رقم (194) من نظام الشركات الجديد في النقاط الآتي بيانها:

  • ما تحققه الشركة غير الربحية من أرباح نتيجة ما تقوم بمباشرته وممارسته من نشاطات وأعمال يلزمها المشرع بأن توجهها إلى إنفاقها في أوجه الصرف التي تم تحديدها بشكل مسبق في نظامها الأساسي أو عقد تأسيسها، ويجيز لها المنظم أن تجنب جزء من تلك الأرباح لتستخدمه في توسعة وتنمية أنشطتها واستثماراتها، شريطة أن يتم ذلك في إطار ما تقره لوائحها.
  • يمتع المنظم بشكل كامل على الشركات غير الربحية أن تقوم بتوزيع أي أرباح على أي شخص من الأعضاء فيها أو القائمين على إدارتها أو الأعضاء بمجلس إدارتها أو العاملين بها، واستثناء من ذلك فقد أجاز المنظم أن يحصل أياً ممن سبق ذكرهم على حصة من أرباح الشركة متى كان يدخل هذا الشخص ضمن أوجه ومجالات الصرف التي يحددها النظام الأساسي للشركة أو عقد تأسيسها، ويكون الحد الأقصى لتلك النسبة التي يتم توزيعها في تلك الحالة على مستحقيها في إطار ما تحدده لوائح الشركة.
  • يجيز المنظم لأي عضو من أعضاء الشركة غير الربحية أن يقيم دعوى قضائية كممثل عن الشركة ليطالب باسترداد أي أرباح يتم توزيعها أو توجيهها لمصارف تخالف أحكام نظام الشركات والتي قررها بشأن الشركات غير الربحية.
  • يتيح النظام للشركات غير الربحية مكنة أن تقوم بصرف مكافآت أو حوافز أو أي مبالغ أخرى تمثل مزايا مالية للمديرين بها أو أعضاء مجلس إدارتها او العاملين بها مقابل ما يقدمونه من عمل أو خدمة للشركة، شريطة أن تكون تلك المبالغ المالية في الحدود المعقولة والمناسبة لتلك الأعمال والخدمات.
  • يحظر على أي من دائني أحد أعضاء الشركة غير الربحية العامة أن يطالب بالتنفيذ على ما يمتلكه هذا العضو من أسهم بالشركة، أي على أي حق من الحقوق التي تتعلق بتلك الأسهم.

ثامناً: الخاتمة

يتسم نظام الشركات السعودي الجديد بأنه قد حدد لكل نوع من أنواع الشركات التي ينظمها بعض الأحكام الخاصة بتوزيع الأرباح التي تحصلها من أنشطتها وأعمالها، وترك تحديد توزيع الخسائر إما للأحكام العامة التي قررها في المادتين (23) و(24) من النظام، أو لما ينص عليه عقد تأسيس الشركة أو نظامها الأساسي، ويمكننا أن نعزي ذلك إلى أن الواقع العملي في الشركات يجعل توزيع الخسائر مماثلاً لتوزيع الأرباح للشركة، حيث يتجه الشركاء في الغالب إلى توزيع الأرباح والخسائر بذات الطريقة، أو وفقاً لما يتم تحديده بعقد الشركة، لذلك كان ترك الأمر دون تنظيم محدد بشأن الخسائر هو مسلك محمود من المنظم السعودي.

كتابة: أحمد عبد السلام

[1] – يوسف الشبيلي – الخدمات الاستثمارية في المصارف وأحكامها في الفقه الإسلامي – ط1 – دار ابن الجوزي – المملكة العربية السعودية – ج1 – 2005 – ص164.

[2] – سيد جبارة – ملاءمة نسب السيولة والربحية في تحليل ومناقشة القوائم المالية – رسالة ماجستير غير منشورة – كلية الإدارة والاقتصاد – جامعة الموصل – 1997 – ص19.

[3] – عبد الحميد قنديل – الربح كمؤشر لتقويم كفاءة الأداء في المنشآت الصناعية – مجلة آفاق اقتصادية – ع (3) – اتحاد غرف التجارة والصناعة – الإمارات – 1980 – ص16.

[4] – محمد بلن عبد الله بوطيبان – أحكام الخسارة وتطبيقاتها المعاصرة – ط1 – دار الميمان للنشر والتوزيع – الرياض – 2021 – ص31.

[5] – أحمد جامع – النظرية الاقتصادية – دار النهضة العربية – مصر – 1975 – ص 914.

[6] – هاشم إسماعيل – أسس علم الاقتصاد – دار النهضة العربية – لبنان – 1976 – ص477.

[7] – عبد الحي مرعي – مقدمة في أصول المحاسبة المالية – ط1 – الدار الجامعية للطباعة – مصر – 1998 – ج1 – ص39.

[8] – وليد ناجي وآخرين – نظرية المحاسبة واقتصاد المعلومات – ط1 – مكتبة الفلاح للنشر – عمان – 1996 – ص197.