الفرق بين شركة الشخص الواحد والمؤسسة الفردية في النظام السعودي
يتميز نظام الشركات السعودي الجديد والصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/132) بتاريخ 1/12/1443هـ بأنه قد تضمن بعض المستحدثات التي لم ينظمها نظام الشركات السابق، بجانب تحريره لبعض أنواع الشركات من القيود التي كان يفرضه النظام السابق عليها، وكان أهم أنواع الشركات التي حررها المنظم السعودي من بعض القيود المفروضة عليها هي شركة الشخص الواحد، كما قرر جواز تأسيس الشركة المهنية من شخص واحد، فكانت أبرز ملامح هذا النظام هو اهتمامه الواضح بشركة الشخص الواحد.
وفي ظل هذا الظهور لشركة الشخص الواحد في نظام الشركات الجديد فقد اختلط الأمر على البعض بين شركة الشخص الواحد والمؤسسة الفردية، لاسيما وأن كل منهما يتم تأسيسه من قبل شخص واحد، لذا فإن التساؤل الذي قد يتبادر لأذهان البعض – وإن لم يكن الكثير – من رواد الأعمال ينصب على ماهية الفرق بين شركة الشخص الواحد والمؤسسة الفردية حتى يهتم المنظم السعودي بتنظيم مثل هذا النوع من الشركات؟ لذا فقد قررنا أن يكون مقالنا هذا مخصصاً لبيان الإجابة على هذا التساؤل، وبيان أوجه الاختلاف بين شركة الشخص الواحد والمؤسسة الفردية.
أولاً: ما هي شركة الشخص الواحد؟
قبل أن نتطرق إلى عقد المقارنة بين شركة الشخص الواحد والمؤسسة الفردية لبيان أوجه الاختلاف بينهما، يجب علينا بداية التعريف بطرفي تلك المقارنة بشكل واضح، وسيكون التعريف بطرفها الأول وهو شركة الشخص الواحد هو موضوع هذا البند من المقال.
بداية فقد عرف المنظم السعودي الشركة بوجه عام في المادة رقم (2) من نظام الشركات الجديد على أنها (كيان قانوني يؤسس وفقاً لأحكام النظام بناء على عقد تأسيس أو نظام أساسي يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع يستهدف الربح بتقديم حصة من مال أو عمل أو منهما معاً لاقتسام ما ينشأ عن هذا المشروع من ربح أو خسارة، واستثناء من ذلك يجوز وفقاً لأحكام النظام أن تؤسس الشركة بالإرادة المنفردة لشخص واحد، ويجوز تأسيس شركات غير ربحية).
وعلى الرغم من أن المنظم السعودي لم يضع تعريفاً مستقلاً وخاصاً بشركة الشخص الواحد، إلا أننا من خلال تعريف الشركة في النظام يمكننا أن نتبين أن شركة الشخص الواحد هي شركة قررها النظام على سبيل الاستثناء، حيث تتكون من شخص واحد خروجاً عن الأصل الذي يستلزم أن تتكون الشركة من شريكين على الأقل.
وقد عرف الفقه القانوني شركة الشخص الواحد بأكثر من تعريف، ومنها أنها الشركة التي تتشكل من شريك وحيد لا يقع على عاتقه من خسائر الشركة سوى الخسائر التي تدخل في حدود رأس مال الشركة[1]، ومنها أيضاً أنها الشركة التي تتألف من شخص واحد سواء كان شخصاً طبيعياً أو شخصاً معنوياً، ويكون لهذه الشركة ذمة مالية مستقلة خاصة بها ومنفصلة عن ذمة الشريك المالية، وهذه الشركة قد تتأسس من بدايتها كشركة شخص واحد أو تنشأ عن تحول شركة متعددة الشركاء تؤول حصصها إلى شريك واحد[2].
ثانياً: ما هو المقصود بالمؤسسة الفردية؟
وعلى الطرف الآخر من طرفي المقارنة محل هذا المقال نجد المؤسسة الفردية، وبالرجوع للأنظمة السعودية تبين لنا أن المنظم السعودي لم يتصدر للمؤسسة الفردية بالتعريف، كما تبين لنا أيضاً غياب التنظيم المستقل للمؤسسة الفردية بوجه عام، وهو ما حدا بنا إلى مراجعة بعض الكتابات التي تضمنت آراء الفقه في تعريف المؤسسة الفردية، ووجدنا أكثر من تعريف لها والتي اخترنا من أبرزها التعاريف الآتية:
- عرفت المؤسسة الفردية بأنها المشروع أو المنشأة التي تعود ملكيتها إلى شخص واحد، ولا تثبت لها شخصية اعتبارية أو قانونية مستقلة عن شخصية مالكها، ولا ذمة مالية مستقلة عن ذمته المالية، ولا تخضع في أحكامها لنظام الشركات.
- كما عرفت أيضاً بأنها كل منشأة أو مشروع لا ينطبق عليها وصف الشركة وتكون مملوكة لشخص واحد ومخصصة لممارسة أحد الأنشطة الاقتصادية أو التجارية أو المهنية، وتنشأ بإرادة منفردة ولا يقتضي الأمر في ذلك وجود عقد.
- منشأة مملوكة ملكية فردية ولا تتمتع بالذمة المالية المستقلة عن ذمة مالكها، ويكون قوامها هو ترخيص مزاولة النشاط، وتستهدف ممارسة نشاط تجاري أو حرفي أو مهني، وتتجانس العناصر المادية والمعنوية لها بصورة تحافظ على الطبيعة القانونية لكل عنصر منها على حدة[3].
مما يتبين معه أن جميع من تعرض لتعريف المؤسسة الفردية اعتمد في ذلك على الخصائص التي تتميز، وهو ما سيتبين لنا عندما نتعرض إلى أوجه التشابه والاختلاف بينها وبين شركة الشخص الواحد، حيث سنجد أن كافة ما ورد بالتعريفات السابقة يعد خصائص للمؤسسة تميز بينها وبين الشركات بوجه عام وشركة الشخص الواحد بشكل خاص، وبالتالي فإن كافة التعاريف السابق ذكرها هي تعاريف صحيحة وسليمة للمؤسسة الفردية، لكونها لم تخرج جميعها عن وصف المؤسسة بخصائصها المميزة.
ثالثاً: أوجه التشابه بين شركة الشخص الواحد والمؤسسة الفردية
على الرغم من الاختلاف الكبير والشاسع بين شركة الشخص الواحد والمؤسسة الفردية، إلا أن ذلك لا يحول دون وجود بعض نقاط الالتقاء التي تمثل أوجه للتشابه فيما بينهما، ولعل تلك الأوجه هي التي توقع البعض في حالة من اللبس والخلط بين شركة الشخص الواحد والمؤسسة الفردية، وتمثل أوجه التشابه تلك خصائص مشتركة فيما بينهما.
وإذا ما أردنا أن نوضح أوجه التشابه بين شركة الشخص الواحد والمؤسسة الفردية فإننا يمكن أن نوجزها في وجهين أساسيين على النحو التالي.
1- من حيث المؤسس
تتشابه شركة الشخص الواحد مع المؤسسة الفردية في أن كل منهما يتم تأسيسها من قبل شخص واحد فقط، فشركة الشخص الواحد يتم تأسيسها بداية من قبل شخص واحد وهو الشريك الوحيد في الشركة، أو تؤول إليه جميع حصص الشركة أو أسهمها بعد تأسيسها، ففقي جميع الأحوال تكون كافة حصص الشركة أو أسهمها في يد شخص واحد، وهو الأمر نفسه بالنسبة للمؤسسة الفردية التي يؤسسها ويمتلكها شخص واحد وهو صاحب المؤسسة، وكلاً من الشريك الواحد ومالك المؤسسة هما من يجنيان الأرباح التي تدرها الأنشطة التي تمارسها شركة الشخص الواحد والمؤسسة الفردية.
بجانب ذلك فإن كلاً من شركة الشخص الواحد والمؤسسة الفردية تقومان على ذات الأساس وهي الإرادة الفردية، حيث تنشأ شركة الشخص الواحد متى أعلن عن رغبته في تأسيس الشركة سواء بطريق مباشر أو باستمراره فيها وحيداً بعد اجتماع جميع حصصها أو أسهمها في يده، وأيضاً المؤسسة الفردية تستند في نشأتها إلى إرادة صاحب المؤسسة الموجهة إلى تأسيسها، فكلاً منهما تستند في قيامها ونشأتها إلى إرادة شخص واحد.
إلا أن هناك اختلاف نود أن ننوه عنه في هذا المقام بشأن مؤسس كل من شركة الشخص الواحد والمؤسسة الفردية، ويتمثل هذا الاختلاف في طبيعة شخص المؤسس لكل منهما، فعلى الرغم من تشابه كلاً منهما في أن مؤسسهما شخص واحد، إلا أن الاختلاف يكمن في طبيعة هذا الشخص، حيث يحظر على الشخص المعنوي القيام بتأسيس مؤسسة فردية، لاسيما وأن الحق في ذلك يقتصر على الشخص الطبيعي فقط، في حين يجيز النظام تأسيس شركة الشخص الواحد سواء كان هذا الشخص هو شخص معنوي أو شخص طبيعي، فيمكن تأسيس شركة الشخص الواحد من قبل إنسان، أو يتم ذلك من قبل شركة أو هيئة.
2- من حيث الإدارة
تتفق شركة الشخص الواحد أيضاً مع المؤسسة الفردية من حيث إدارة كل منهما، ففي شركة الشخص الواحد تكون الإدارة والحق في اتخاذ القرارات المتعلقة بالشركة ونشاطها من حق الشريك الوحيد في الشركة، وذلك بغض النظر عن الشكل الذي تتخذه شركة الشخص الواحد، ويجد ذلك سنده في نظام الشركات الجديد الذي نص على ذلك في المواد الآتي بيانها:
- بالنسبة لشركة المساهمة من شخص واحد فقد نصت المادة رقم (98) من نظام الشركات الجديد على أن (في حال في حال تأسيس شركة المساهمة من شخص واحد، أو إذا آلت جميع أسهمها إلى شخص واحد، يكون لهذا الشخص صلاحيات وسلطات جمعيات المساهمين المنصوص عليها في هذا الباب، وتصدر قراراته كتابة، دون الحاجة إلى دعوة الجمعية العامة. وتدون تلك القرارات في السجل الخاص المنصوص عليه في المادة السابعة والتسعين من النظام).
- بالنسبة لشركة المساهمة المبسطة من شخص واحد فقد نصت المادة رقم (150/ب) من نظام الشركات الجديد على أن (في حال تأسيس شركة المساهمة المبسطة من شخص واحد أو إذا آلت جميع أسهمها إلى شخص واحد يترتب ما يأتي: …. ب-أن تكون له صلاحيات وسلطات المساهمين المنصوص عليها في هذا الباب، وتصدر قراراته كتابة وتدون في سجل خاص لدى الشركة).
- بالنسبة للشركة ذات المسؤولية المحدودة من شخص واحد فقد نصت المادة رقم (157/1/أ) من نظام الشركات الجديد على أن (في حال تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة من شخص واحد، أو إذا آلت جميع حصصها إلى شخص واحد، يترتب ما يأتي: أ- أن تكون لهذا الشخص صلاحيات وسلطات المدير ومجلس مديري الشركة والجمعية العامة للشركاء المنصوص عليها في هذا الباب، وتصدر قراراته كتابة، وتدون في سجل خاص لدى الشركة).
مما يتأكد معه أن المنظم السعودي منح الشريك الواحد سلطات الإدارة واتخاذ القرار في شركة الشخص الواحد بغض النظر عن الكيان القانوني الذي تتخذه، وهي في ذلك تتفق مع المؤسسة الفردية حيث أن حق الإدارة واتخاذ القرارات الخاصة بالمؤسسة الفردية وبنشاطها ثابت لصاحب المؤسسة وحده.
رابعاً: أوجه الاختلاف بين شركة الشخص الواحد والمؤسسة الفردية
تتعدد أوجه الاختلاف بين شركة الشخص الواحد والمؤسسة الفردية، فعلى الرغم من تشابههما ظاهرياً إلا أن أوجه الاختلاف بينهما تفوق أوجه التشابه والاتفاق بينهما، وسوف نتناول أوجه الاختلاف بشكل مفصل في النقاط التالية.
1- من حيث إجراءات التأسيس
أولى أوجه الاختلاف بين شركة الشخص الواحد والمؤسسة الفردية تكمن في الإجراءات المطلوبة لتأسيس كلاً منهما، حيث أن تأسيس شركة الشخص الواحد تختلف في طرق تأسيسها إلى طريقين:
- الطريق الأول هو أن يكون تأسيس شركة الشخص الواحد عن طريق التأسيس المباشر من قبل الشخص الواحد، ويقصد بالتأسيس المباشر أن يكون تكوينها غير مرتبط بشركة قائمة بالفعل أو موجودة بحيث يكون التأسيس هو خلق لشخص معنوي جديد لم يكن موجود من قبل[4]، وهو ما أجازه نظام الشركات السعودي الجديد في تعريفه للشركة المساهمة بالمادة رقم (58) منه والتي نصت على أن (شركة المساهمة هي شركة يؤسسها شخص واحد أو أكثر..)، وأيضاً في تعريفه للشركة ذات المسؤولية المحدودة بالمادة رقم (156) منه والتي نصت على أن (الشركة ذات المسؤولية المحدودة هي شركة يؤسسها شخص واحد أو أكثر..)، فالمنظم منح الشخص الواحد الحق في تأسيس شركة الشخص الواحد بشكل مباشر.
وفي هذه الحالة يلتزم الشخص الواحد باستيفاء كافة إجراءات تأسيس الشركة من نظام أساسي، فمجرد كون الشركة من شخص واحد لا تعفي هذا الشخص من توافر نظام أساسي، ويؤيد ذلك ما نصت عليه المادة رقم (7/1) من نظام الشركات الجديد من أن (يكون لكل شركة تؤسس وفقاً لأحكام النظام عقد تأسيس عدا شركة المساهمة وشركة المساهمة المبسطة والشركة ذات المسؤولية المحدودة المملوكة لشخص واحد فيكون لكل منها نظام أساس)، ناهيك عن إجراءات شهر الشركة والقيد في السجل التجاري وغيرها من الإجراءات الأخرى الخاصة بتأسيس الشركة، فيلزم أن يمر بها الشخص الواحد الراغب في تأسيس الشركة.
- الطريق الثاني هو أن يكون تأسيس شركة الشخص الواحد عن طريق اجتماع كافة حصص شركة ذات مسؤولية محدودة قائمة، أو أسهم شركة مساهمة أو مساهمة مبسطة قائمة في يد أحد الشركاء فيها، ويكون ذلك إما عن طريق شراء الحصص أو الأسهم أو وفاة الشركاء أو أي طريق آخر من الطرق المشروعة، فتصبح الشركة عندئذ شركة شخص واحد، حيث أجاز نظام الشركات السعودي اجتماع كافة الحصص أو الأسهم في تلك الشركات المذكورة سلفاً في يد شريك واحد، واعتبر أنها تصبح بموجب ذلك شركة شخص واحد.
بينما نجد أن المؤسسة الفردية تختلف تماماً عن شركة الشخص الواحد في إجراءات تأسيسها، فهي لا يمكن أن تبدأ كشركة ثم تجتمع الحصص في يد شخص يصبح مالك للمؤسسة لأن المؤسسة لا يمكن أن تنشأ بداية في صورة شركة، كما أن إجراءات التأسيس المباشر الشركة بوجه عام وشركة الشخص الواحد بوجه خاص تختلف تماماً عن إجراءات تأسيس المؤسسة الفردية، حيث لا يشترط في المؤسسة الفردية وجود نظام أساسي، كما لا يستلزم فيها إجراءات الشهر، ولكنها تقتصر على استخراج الترخيص الخاص بنشاطها، وفي بعض الحالات تتطلب أيضاً القيد في السجل التجاري، مما يتبين معه الاختلاف التام والكامل بين شركة الشخص الواحد والمؤسسة الفردية من حيث إجراءات تأسيس كل منهما.
2- من حيث الخضوع للنظام
على الرغم من أن شركة الشخص الواحد تتكون من شريك واحد فقط، إلا أنها تظل شكل من أشكال الشركات الني اعترف بها وأقرها المنظم السعودي، ونظم تأسيسها وإداراتها وكافة ما يتعلق بها في نظام الشركات السعودي الجديد، وجعله هو النظام الحاكم لذلك النوع من الشركات، مما يجعلها خاضعة لأحكام هذا النظام.
في حين أن المؤسسة الفردية لا تخضع لنظام الشركات السعودي وما جاء به من أحكام، حيث أن المنظم السعودي لم يسن نظاماً مستقلاً لتنظيم المؤسسة الفردية، وإن كانت بعض أنواع المؤسسة الفردية قد تم تنظيمها في أنظمة خاصة بها كنظام المؤسسات الصحفية ونظام المؤسسات الصحية وغيرها، إلا أنها لا تتمتع بوجود نظام عام ينظم أحكامها بشكل مستقل، وبالتالي تختلف عن شركة الشخص الواحد في النظام الذي يحكمها.
3- من حيث التمتع بالشخصية الاعتبارية
تعتبر الشخصية الاعتبارية لأي شركة هي الوسيلة القانونية التي تتيح لها أن تحقق الهدف الذي تأسست من أجله، فهي تمنحها الصلاحيات القانونية لتكتسب الحقوق وتتحمل بالالتزامات، بحيث ينشأ بموجب تلك الشخصية كيان قانوني مستقل عن شخصيات الشركاء فيها يظل قائماً حتى انقضاء الشركة[5].
وهذا الأمر ينطبق على شركة الشخص الواحد وذلك باعتبارها تدخل في إطار توصيفها كشركة، حيث تتمتع بالشخصية الاعتبارية مثلها في ذلك مثل سائر الشركات الأخرى، ويقر لها النظام بالكيان المعنوي المستقل عن صاحبها، فيمكنها أن تتحمل الالتزامات وتكتسب الحقوق بشكل مستقل عن شخصية الشريك الواحد فيها ودون أن تمتد إليه شخصياً آثار تلك الالتزامات والحقوق، وتظل تلك الشخصية الاعتبارية المستقلة قائمة حتى انقضاء الشركة.
إلا أن المؤسسة الفردية تختلف عن شركة الشخص الواحد في هذا الأمر، فالمؤسسة الفردية لا تتمتع بشخصية اعتبارية ولا تستقل بثمة شخصية منفصلة عن شخص مالكها، بل تكون المؤسسة ممثلة بشخصية مالكها فقط، ولا يكون لها أي وجود منفصل عنه.
4- من حيث التمتع بالذمة المالية المستقلة
تتمتع شركة الشخص الواحد بالذمة المالية المستقلة تماماً عن الذمة المالية عن صاحبها، وهو ما يترتب عليه عدم امتداد ضمان ديون الشركة للأموال الشخصية الخاصة بصاحبها، فلا يمكن لدائنيها أن يقوموا بالتنفيذ على أموال صاحب الشركة الخاصة ولكن يقتصر تنفيذهم على أموال الشركة وموجوداتها الخاصة بها، كما لا يمكن لدائني الشريك الواحد التنفيذ على الأموال الخاصة بالشركة[6]، وتعد الذمة المالية المستقلة للشركة هي نتاج طبيعي ومباشر لتمتع شركة الشخص الواحد بالشخصية الاعتبارية المستقلة عن صاحبها.
بينما تعتبر المؤسسة الفردية بمثابة جزء من الذمة المالية لصاحبها، فالذمة المالية بين المؤسسة وصاحبها تكون متحدة لا تتجزأ، فيضمن صاحب المؤسسة كافة ديون المؤسسة مهما بلغت قيمتها، ويحق لدائي المؤسسة التنفيذ على أمواله الخاصة، حيث أن ضمان ديون الشركة والتزاماتها يتمثل في كامل الذمة المالية لصاحبها.
5- من حيث مسؤولية مالكها
يترتب على تمتع شركة الشخص الواحد بالذمة المالية المستقلة عن الذمة المالية للشريك الواحد فيها أثراً هاماً ومباشراً وهو تحديد مسؤولية الشركة، حيث تقتصر مسؤوليتها عن ديونها والتزاماتها على رأس مالها فقط لا غير، وتقتصر مسؤولية الشريك فيها على قيمة رأس مال الشركة فقط، فلا تمتد المسؤولية عن تلك الديون والالتزامات إلى الذمة المالية للشريك الواحد في الشركة[7]، ويترتب على ذلك العديد من الآثار التي من أهمها – على سبيل المثال وليس الحصر – أنه في حالة إفلاس الشريك لا يمتد الإفلاس للشركة وأيضاً في حالة إفلاس الشركة لا يمتد الإفلاس للشريك، وذلك طبقاً لما يقرره مبدأ تعدد التفليسات واستقلالها عن بعضها البعض[8].
أما في المؤسسة الفردية فإن مسؤولية صاحب المؤسسة تكون غير محدودة، لاسيما وأن الذمة المالية لمؤسسته تتحد مع ذمته المالية ويعتبران ذمة مالية واحدة، وبالتالي فإن مسؤوليته تمتد لتشمل كافة التزامات مؤسسته وديونها، ولا تتحدد بما خصصه لها من أموال كما هو الحال في شركة الشخص الواحد، بل تتحدد مسؤوليته بكافة أمواله الشخصية.
خامساً: الخاتمة
في ظل ما تم توضيحه والتعرض إليه في هذا المقال يتبين أن شركة الشخص الواحد والمؤسسة الفردية يختلفان عن بعضهما البعض اختلافاً جوهرياً، فعلى الرغم من أن الشكل الخارجي والظاهري لكل منهما يتشابه من حيث أن مردود كل منهما إلى ملكية شخص واحد، إلا أن مضمون كل منهما يختلف عن الآخر لاسيما في الآثار المترتبة على الكيان القانوني الخاص بكل منهما، لذلك يجب على أي شخص يرغب في استثمار أمواله في كيان قانوني ما أن يكون على بينة من تلك الاختلافات، خاصة وأنه قد يجد نفسه في وضع لم يكن ليستهدفه لنفسه كالوضع الذي يكون مسؤولاً فيه في أمواله الشخصية عن النشاط القانوني الذي يمارسه الكيان القانوني الذي أنشأه متى قام باختيار المؤسسة الفردية لنشاطه، أو تقيده بالضوابط والأحكام التي تخضع لها شركته متى قام باختيار شركة الشخص الواحد ككيان قانوني لمشروعه، وهو ما يستدعي من المستثمر أن يتأنى في اختياره وأن يطلع على مقالنا هذا قبل اتخاذ قراره بشأن الكيان القانوني الذي يرغب في تأسيسه.
كتابة: أحمد عبد السلام
[1] – سميحة القليوبي – شركة الشخص الواحد – نشرة جمعية الضرائب المصرية – مج 7 – ع (27) – مصر – 1997 – ص92.
[2] – عبد الله الخشروم – شركة الشخص الواحد في قانون الشركات الأردني لسنة 1997 والقوانين المعدلة لسنة 2002: دراسة مقارنة – مجلة المنارة – مج 11 – ع (3) – دامعة آل البيت – 2005 –
[3] – عبد الله حسن الحمادي – أحكام المؤسسات الفردية وإشكالاتها العملية في القانون الإماراتي – أطروحة ماجستير غير منشورة – كلية القانون – جامعة الإمارات العربية المتحدة – 2020 – ص42 وما بعدها.
[4] – عبد الله الحيان – مدى إمكانية تحول المؤسسة الفردية إلى شركة بعد وفاة المرخص له: دراسة تحليلية – مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية – س 48 – ع (184) – مجلس النشر العلمي – جامعة الكويت – مارس 2022 – ص97.
[5] – ناريمان عبد القادر – الأحكام العامة للشركة ذات المسؤولية المحدودة وشركة الشخص الواحد: دراسة مقارنة – ط2 – دار النهضة العربية – مصر – 1992 – ص 218 وما بعدها.
[6] – فيصل الشقيرات – شركة الشخص الواحد ذي المسؤولية المحدودة – ط1 – مطبوعات وزارة الثقافة – الأردن – بدون عام نشر – ص160 وما بعدها.
[7] – مفلح عواد القضاة الشركة ذات المسؤولية المحدودة وشركة الشخص الواحد: دراسة مقارنة – دار الثقافة للنشر – الأردن – 1998 – ص29.
[8] – عبد الهادي الغامدي – القانون التجاري السعودي: الأعمال التجارية والتاجر والشركات التجارية وفقاً لنظام الشركات الجديد – ط1 – 2016 – ص192.