الأحكام المتعلقة بمراجعي حسابات الشركة في النظام السعودي
قد يعتقد البعض للوهلة الأولى أن الشركاء هم الشخصيات الرئيسية الوحيدة التي يدور حولها نظام الشركات، وذلك باعتبارهم أطراف عقد الشركة الذي ينظم نظام الشركات العلاقة بينهم ويحدد واجباتهم وحقوقهم، إلا أن هذا الاعتقاد غير صحيح حيث أن هناك شخصيات أخرى رئيسية يتضمنها نظام الشركات، ومن أهم تلك الشخصيات مراجع حسابات الشركة والذي سوف يدور حوله هذا المقال، والذي سنوضح أحكامه التي قررها المنظم في نظام الشركات الجديد الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/132) بتاريخ 1/12/1443هـ والذي يبدأ العمل به من تاريخ 8/6/1444هـ.
أولاً: من هو مراجع الحسابات؟
1- التعريف بمواجع الحسابات
يعرف مراجع الحسابات بعدة مسميات أخرى تختلف باختلاف التشريع أو القانون الذي ينظمه ويحدد مهامه وواجباته، ومن تلك المسميات مدقق الحسابات، ومراقب الحسابات، والمحاسب القانوني، وجميع تلك المسميات تدل على ذات الشخص الذي عرفه المنظم السعودي تحت مسمى مراجع الحسابات، وإن كان لم يضع له تعريفا.
وقد عرف مراجع الحسابات فقهاً بأنه الشخص الذي يناط به مراجعة ما يخص الشركة من حسابات، وفحص ميزانياتها والتدقيق فيها، وإجراء عمليات احتساب الأرباح التي تحققها والخسائر التي تمنى بها، وذلك عن السنة المالية التي تم تعيينه من أجل مراجعتها، كما يقع على عاتقه أيضاً أن يراجع صحة وسلامة تطبيق الشركة للأنظمة بصورة تتحقق معها مصلحة الشركة والشركاء فيها دون أي إضرار بالصالح العام[1].
2- الشروط اللازم توافرها في مراجع الحسابات
في شأن التعرف على الشروط اللازم توافرها في الشخص القائم بمهمة مراجع الحسابات يلزم علينا الرجوع إلى نظام مهنة المحاسبة والمراجعة السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/59) بتاريخ 27/7/1442هـ، والذي تضمن في مادته الثالثة الشروط الواجب توافرها فيمن يمارس مهنة مراجع الحسابات، إلا أنه حدد شروط لمن يمارس تلك المهنة على سبيل التفرغ، بينما حدد شروط أخرى خاصة بمن يمارسها دون تفرغ.
أ- شروط مراجع الحسابات المتفرغ
أوردت المادة الثالثة من نظام مهنة المحاسبة والمراجعة بفقرتها الأولى الشروط التي استلزم المنظم السعودي توافرها في الشخص الذي يرخص له بممارسة مهنة مراجعة الحسابات، وتتمثل تلك الشروط في:
- أن يكون هذا الشخص حاملاً للجنسية السعودية، حيث حظر المنظم السعودي على غير السعوديين ممارسة مهنة مراجعة الحسابات.
- أن يتمتع هذا الشخص بالأهلية الكاملة، وهو ما يعني أنه يلزم في مراجع الحسابات أن يكون قد أتم سن البلوغ، وأن يتسم بالعقل والرشد، فإذا انتفت عنه أياً من هذه الصفات فإن الشخص يفتقد شرط الأهلية.
- أن يكون الشخص حائزاً لشهادة جامعية أو مؤهل يفوق ذلك في تخصص المحاسبة أو أي من التخصصات الأخرى التي ترتبط بعلاقة مع مهنة المحاسبة، ويحدد تلك التخصصات والمعايير التي يتم تحديد علاقتها بمهنة المحاسبة والمراجعة باللائحة التنفيذية لهذا النظام.
- أن يكون من الأعضاء الأساسيين في الهيئة السعودية للمراجعين والمحاسبين، وأن يكون متمتعاً بخبرة لا تقل عن سنة في أعمال المحاسبة.
- أن يتمتع هذا الشخص بالسيرة الحسنة والسلوك القويم، فلا يكون قد حكم عليه بحد شرعي، ولا بحكم قضائي في جريمة تخل بالشرف أو الأمانة، إلا إذا كان قد تم رد اعتباره إليه، ولا يكون قد صدر ضده أي قرار تأديبي يتضمن فصله من الخدمة الحكومية إلا إذا كان قد مر على صدور مثل ذلك القرار ضده ثلاث سنوات.
ومتى تمتع الشخص بتلك المواصفات فإنه يستطيع الحصول على ترخيص يتيح له مزاولة مهنة مراجع لحسابات أي شركة في المملكة العربية السعودية.
ب- شروط مراجع الحسابات غير المتفرغ
أما الشخص غير المتفرغ لممارسة مهنة المراجعة والمحاسبة فقد تطلب المنظم بشأنه شروطاً خاصة به، والتي أوردها بالفقرة الثانية من المادة الثالثة من النظام، ويمكننا أن نوجز تلك الشروط في النقاط الآتي بيانها:
- استلزم المنظم أن تتوافر في هذا الشخص كافة الشروط التي يجب أن تتوافر في الشخص الذي يمارس مهنة المحاسبة والمراجعة بشكل متفرغ، أي أن يكون حاملاً للجنسية السعودية، وأن يكون متمتعاً بالأهلية الكاملة، وأن يكون حائزاً لشهادة جمعية في المحاسبة أو مؤهل يفوق ذلك في تخصص المحاسبة أي تخصص يرتبط بعلاقة مع مهنة المحاسبة والمراجعة، وأن يكون من الأعضاء الأساسيين في الهيئة السعودية للمراجعين والمحاسبين، وأن يتمتع بحسن السير والسلوك.
- أن يتم تحديد حد أقصى للمدة التي يمارس فيها مهنة المحاسبة والمراجعة بدون التفرغ لها.
- أن يتم رفع النسبة المحددة لساعات الإشراف المطلوبة على المرخص لكل عميل، مع تحديد حد أقصى لإجمالي تلك الساعات في العام الواحد.
- ألا يقوم الشخص غير المتفرغ بتقديم خدمات المراجعة لشركة تدخل تحت مظلة الشركات عالية المخاطر.
وهو ما يمكننا معه أن نتبين أن الشخص غير المتفرغ يلزم توافر شروط إضافية فيه بجانب الشروط التي استلزم القانون أن تتوافر بالشخص المتفرغ.
ثانياً: أهمية تعيين مراجع للحسابات
نشأت مهنة المراجعة الحسابية من حيث الأصل لمواجهة ضرورة واحتياج على جانب كبير من الأهمية، حيث أن حسابات الشركات – وخاصة الضخمة منها – تقتضي وجود شخص محايد بين الشركاء ليقوم بمراجعة وفحص البيانات المالية للشركة[2]، وهي المهمة التي يقوم بها مراجع الحسابات الذي يضع تقريره حول مدى صحة وسلامة الحسابات المالية الخاصة بالشركة القائم على مراجعتها، وهو ما يسبغ الصفة الموضوعية ويضفي مصداقية على ما يتم تقديمه للجمعية العامة من معلومات وبيانات تخص تلك الحسابات، ويمنح أعضائها من رؤية وضع الشركة المالي بشكل كامل وسليم دون أي غموض أو ضبابية، وبالتالي تكون القرارات التي يصدرونها متوائمة مع الموقف المالي للشركة.
علاوة على ذلك فإن مراجع الحسابات له دور على جانب كبير من الأهمية في التنمية الاقتصادية للشركة، لاسيما وأنه في سبيل قيامه بمهمته المنوطة به يقوم بعملية فحص دقيق للقوائم المالية للشركة، ويراجع بنود الميزانية الخاصة بها، ويطلع على الخطط المعدة من قبل الشركة بشأن أنشطتها وأعمالها، والسبل المحددة لتنفيذ تلك الخطط، فيمكنه أن يتأكد من مدى قدرة الشركة على استغلال مواردها بالشكل الأمثل والذي يحقق لها أقصى ربح ممكن دون ارتكاب أي مخالفات أو إخلال بما تنص عليه النظم واللوائح في المملكة، وهو ما يخفض من معدل إهدار موارد الشركة، ويمثل مكافحة للفساد الذي يعد بمثابة العدو الأول لأي خطة من خطط التنمية على الصعيد الاقتصادي.
ونظراً لأهمية للدور الذي يقوم به مراجع الحسابات في الشركة فقد جعل المنظم السعودي تعيين مراجع حسابات للشركة هو أمراً لازماً، سواء كان في ظل نظام الشركات الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/3) بتاريخ 28/1/1437هـ وذلك طبقاً لما جاء بنص المادة (133/1) منه، أو في نظام الشركات الجديد الصادر بالأمر الملكي رقم (م/132) بتاريخ 1/12/1443هـ وذلك طبقاً لما جاء بنص المادة (18/1) منه، وإن كان نظام الشركات الجديد قد أعفى – كما سنرى تباعاً – بعض الشركات من لزوم تعيين مراجع حسابات لها.
ثالثاً: هل تلتزم كافة الشركات بوجود مراجع حسابات بها؟
يعد هذا التساؤل من التساؤلات شديدة الأهمية، حيث أن إجابته تختلف في ظل نظام الشركات 1437هـ عنه في ظل قانون الشركات الجديد 1443هـ.
ففي ظل قانون الشركات الصادر في عام 1437هـ نجد أن المنظم السعودي قد أوجب على الشركات بدون استثناء أن تقوم بتعيين مراجع للحسابات الخاصة بها، حيث أن لفظ وجوب تعيين مراجع للحسابات قد جاء بالنظام على إطلاقه، سواء كان مراجع الحسابات هو مراجع حسابات معين بالشركة، أو مراجع حسابات خارجي غير معين بها، وبالتالي تكون إجابة التساؤل في ظل هذا النظام بنعم تلتزم جميع الشركات بمراجعة حساباتها لدى مراجع حسابات سواء كان هذا المراجع معين بالشركة أو خارجياً عنها.
أما في ظل قانون الشركات الجديد 1443هـ فالوضع يختلف، حيث جاء بالنظام نص صريح وهو نص المادة رقم (18/1) ليلزم الشركات بكافة أشكالها بضرورة وجود مراجع حسابات أو أكثر لمراجعة حساباتها، كما أورد نصاً صريحاً وهو نص المادة رقم (19) ليستثني بموجبه من لزوم تعيين مراجع حسابات بعض الشركات، والتي لم يعد هناك إلزام لها بتعيين مراجع للحسابات، وتتمثل تلك الشركات في نوعين من الشركات، أولها التي عرفها المنظم السعودي بمسمى “الشركات متناهية الصغر”، وثانيها “الشركات الصغيرة”، حيث استبعد تلك الشركات كأصل عام من استلزام تعيين مراجع حسابات لها.
إلا أن المنظم لم يتوقف عند ذلك الاستثناء، ولكنه استثنى منه استثناء آخر، جعل بموجبه بعض الشركات الصغيرة والشركات متناهية الصغر ملتزمة بأن يكون لها مراجع حسابات في بعض الحالات، وهذه الشركات التي ألزمها النظام بتعيين مراجع حسابات هي:
- الشركات الصغيرة والشركات متناهية الصغر التي يتضمن عقد التأسيس أو النظام الأساسي الخاص بها ضرورة تعيين مراجع للحسابات.
- الشركات الصغيرة والشركات متناهية الصغر التي تكون مدرجة في السوق المالية.
- الشركات الصغيرة والشركات متناهية الصغر التي تقوم بإصدار أدوات دين، أو صكوك تمويلية يتم تداولها، أو أسهم ممتازة، أو أسهم قابلة للاسترداد.
- الشركات الصغيرة والشركات متناهية الصغر التي توجب الأنظمة ذات العلاقة بتعيين مراجع للحسابات بها.
- الشركات الصغيرة والشركات متناهية الصغر التي تحمل جنسية أجنبية.
- الشركات الصغيرة والشركات متناهية الصغر التي تمتلك إحدى الشركات الأخرى، أو التي تخضع بعلاقة تبعية لشركة أخرى، شريطة ألا تكون تلك الشركات الأخرى – المالكة والمملوكة – يصدق عليها هي الأخرى وصف الشركة الصغيرة أو الشركة متناهية الصغر.
أما بالنسبة لشركات التضامن فلم يخضعها المنظم لشرط استلزام تعيين مراجع حسابات بها إلا في حالات محددة، متى تحققت إحداها كانت الشركة ملتزمة بتعيين مراجع حسابات لها، وتتمثل تلك الحالات في:
- أن يكون جميع الشركاء في شركة التضامن هم أشخاص اعتباريين يتخذون شكل شركة غير شركة التضامن.
- أن يكون جميع الشركاء في شركة التضامن هم أشخاص اعتباريين يتخذون شكل شركة التضامن، وكان الشركاء في شركة التضامن الأخيرة هم أشخاص اعتباريين يتخذون شكل شركة غير شركة التضامن.
- متى كان عقد شركة التضامن ينص على تعيين مراجع حسابات بها.
رابعاً: الأشكال المختلفة لمراجع الحسابات
أثار التساؤل الوارد بالبند السابق مسألة هامة يلزم توضيحها، وتتمثل تلك المسألة في شكل مراجع الحسابات الذي يقوم بمراجعة حسابات الشركة وطبيعة علاقته بها، حيث ذكرنا في البند السابق مراجع الحسابات المعين بالشركة ومراجع الحسابات الخارجي، فما هو المقصود بكل منهما؟ وهل هناك أشكال أخرى لمراجع الحسابات؟
بالفعل هناك أكثر من شكل لمراجع الحسابات، وسوف نتعرض إلى أهم تلك الأشكال وأبرزها في النقاط الآتي بيانها.
1- مراجع الحسابات المعين والخارجي
مراجع الحسابات المعين هو الذي يتم تعيينه في الشركة بشكل دائم، بحيث يأخذ شكل أحد موظفي الشركة والعاملين بها، فيكون له تواجد دائم بالشركة وتتسم علاقة عمله معها بالدوام، ويكون راتبه مستمر مع الشركة بحيث يتقاضاه منها شهرياً مثله في ذلك مثل سائر الموظفين والعاملين الآخرين بها، وتسمى عمليات المراجعة والفحص والتدقيق التي يقوم بها باسم المراجعة الداخلية.
بينما مراجع الحسابات الخارجي غالباً ما يكون مكتب من مكاتب المحاسبين القانونيين المستقلين، ولا تربطه بالشركة علاقة تبعية ولا يتواجد بها بشكل دائم، حيث تقتصر علاقة عمله مع الشركة في مراجعة لحساباتها وميزانيتها وقوائمها المالية بشكل سنوي وفي مقابل مبلغ إجمالي يتقاضاه مرة واحدة، وتسمى عمليات المراجعة والفحص والتدقيق التي يقوم بها باسم المراجعة الخارجية.
وفي الغالب يتم الاستعانة بمراجع حسابات خارجي أو أكثر في الشركات المساهمة التي تتسم بضخامة حجمها، حتى وإن كان هناك مراجع حسابات معين بها، فيتم العمل بينهم بشكل متكامل لتغطية العمل الضخم الذي يقع على عاتق مراجع الحسابات في مثل تلك الشركات.
2- مراجع الحسابات الظاهر والحقيقي
لا يظهر هذين الشكلين من أشكال مراجع الحسابات في الحالة التي يكون هناك مراجع حسابات وحيد متمثل في شخص طبيعي ولا يوجد له أي مساعدين، فيكون هو المراجع الحسابي الحقيقي والظاهر معاً، أما في حالة وجود مراجع حسابات متمثلاً في شخص اعتباري كمكتب محاسبة، فإن مراجع الحسابات الظاهر يكون هو صاحب مكتب المحاسبة، بينما يكون مساعديه من المحاسبين العاملين معه في هذا المكتب هم المحاسبين الحقيقيين الذين يقومون بكافة أعمال المراجعة، ولكن تلك الأعمال تتم باسم مراجع الحسابات الظاهر، والذي يكون مسؤولاً عن كافة تلك الأعمال باعتبار أنها تمارس باسمه ولحسابه وتحت إشرافه ووفقاً لتعليماته[3].
خامساً: الجهة المنوطة في الشركة بتعيين مراجع الحسابات
تختلف الجهة المنوطة بتعيين مراجع حسابات الشركة باختلاف شكل الشركة وكيانها القانوني، ويؤيد ذلك ما جاء بنص المادة رقم (18/1) من نظام الشركات الجديد والذي تضمن أن (1- يكون للشركة مراجع حسابات أو أكثر من المراجعين المرخص لهم في المملكة، يعينه ويحدد أتعابه ومدة عمله ونطاقه الشركاء أو الجمعية العامة أو المساهمون بحسب الأحوال ….)، حيث قرر المنظم بتلك المادة أن الاختصاص بتعيين مراجع الحسابات وتحديد ما يخصه من أتعاب ومدة ونطاق عمله يكون بحسب الأحوال، ففي بعض الشركات يكون ذلك من اختصاص الشركاء، وفي البعض الآخر يكون من اختصاص الجمعية العامة، وفي غيرها يكون من اختصاص المساهمين، وسوف نوضح ذلك بالتطبيق على كل نوع من أنواع الشركات التي تضمنها نظام الشركات الجديد.
1– الاختصاص بتعيين مراجع الحسابات في شركة التضامن
من خلال ما جاء بنص المادة رقم (47/1) من نظام الشركات الجديد يمكننا أن نستخلص أن المشرع قد استلزم بشكل ضمني من شركات التضامن أن يكون لها مراجع حسابات، حيث نصت تلك المادة على أن (1- يجب أن تحدد الأرباح والخسائر ونصيب كل شريك فيها عند نهاية السنة المالية للشركة من واقع قوائم مالية معدة وفقاً للمعايير المحاسبية المعتمدة في المملكة …)، وحتى تكون القوائم المالية معدة بشكل متوافق مع المعايير المحاسبية المعتمدة في المملكة يلزم أن تعد من شخص ذو خبرة في ذلك والذي يقصد به هو مراجع الحسابات.
ولم يوضح المنظم السعودي في نظام الشركات السعودي الجديد لسنة 1443هـ بنص صريح الجهة المنوط بها تعيين مراجع الحسابات لشركة التضامن، مما يعيدنا إلى الأصل المتمثل في أن الجهة القائمة على إدارة الشركة هي المنوطة بأعمال الإدارة والتي من ضمنها تعيين مراجع الحسابات، وبالرجوع إلى مواد ونصوص النظام سنجد أن أعمال إدارة شركة التضامن قد تناولها المنظم في المادة (37/3) وحدد الجهة المختصة بها، وتتمثل تلك الجهة في المدير – أو المديرين متى تعددوا – لشركة التضامن، وبالتالي يكون مدير أو مديري شركة التضامن في حال تعددهم هي الجهة التي تختص بتعيين مراجع حسابات للشركة، بغض النظر عن كونه مراجع داخلي أو خارجي، ما لم يتم الاتفاق في عقد تأسيس الشركة على ما يخالف ذلك.
2- الاختصاص بتعيين مراجع الحسابات في شركة التوصية البسيطة
لم ينظم نظام الشركات الجديد الجهة المختصة بتعيين مراجع الحسابات في شركة التوصية البسيطة، وذلك على ذات المنوال الذي اتبعه المنظم السعودي في قانون الشركات الحالي 1437هـ، مما يعود بنا إلى إعمال نص المادة رقم (51/3) من نظام الشركات الجديد والتي نصت على أن (3- تطبق على شركة التوصية البسيطة أحكام شركة التضامن فيما لم يرد به نص خاص في هذا الباب)، وبالتالي يكون تعيين مراجع الحسابات لمدير الشركة من الشركاء المتضامنين، والذي يتفق على تعيينه كمدير للشركة.
3- الاختصاص بتعيين مراجع الحسابات في الشركة المساهمة
نص المنظم السعودي بشكل صريح على وجوب تعيين مراجع حسابات للشركة المساهمة منذ تأسيسها، حيث جاء بنص المادة رقم (61/2/هـ) من نظام الشركات الجديد أنه يجب أن يرفق بالنظام الأساسي للشركة المساهمة عند تقديم طلب التأسيس الخاص بها بعض المرفقات، ومن ضمن تلك المرفقات القرار الخاص بتعيين أول مراجع حسابات متى لم يكن قد تم تحديده وتعيينه في النظام الأساسي لها.
وقد منح المنظم السعودي في قانون الشركات الجديد 1443هـ سلطة واختصاص تعيين مراجع حسابات الشركة المساهمة للجمعية العامة العادية، وذلك بالنص على ذلك صراحة في نص المادة رقم (87/ب) من النظام، والتي نصت على أن (فيما عدا ما تختص به الجمعية العامة غير العادية، تختص الجمعية العامة العادية بجميع الأمور المتعلقة بالشركة وعلى الأخص ما يأتي: ب- تعيين مراجع حسابات أو أكثر للشركة وفقاً لما يقتضيه النظام وتحدد أتعابه وإعادة تعيينه وعزله)، مما يتبين لنا أن كافة ما يتعلق بمراجع الحسابات تختص به الجمعية العامة العادية في الشركات المساهمة.
4- الاختصاص بتعيين مراجع الحسابات في الشركة المساهمة المبسطة
تعد شركة المساهمة المبسطة من الشركات التي استحدثها المنظم السعودي في نظام الشركات الجديد، حيث لم يرد لها تنظيم في نظام الشركات 1437هـ، وقد قرر المنظم حلول المساهمين محل الجمعية العامة العادية وغير العادية لشركة المساهمة، ومنح المساهمين الصلاحية لتعيين مراجع الحسابات وذلك طبقاً لما جاء بنص المادة رقم (146/1) من نظام الشركات الجديد، حيث قرر صراحة أنه (…. يجب أن تتخذ من المساهمين القرارات الداخلة في اختصاصات الجمعية العامة العادية أو غير العادية لشركة المساهمة فيما يتعلق بزيادة رأس المال أو تخفيضه …. أو تعيين مراجع الحسابات …)، فتكون الجهة المنوطة بتعيين مراجع الحسابات في الشركة المساهمة المبسطة هي جماعة المساهمين.
5- الاختصاص بتعيين مراجع الحسابات في الشركة ذات المسؤولية المحدودة
خلا نظام الشركات الجديد من تحديد مدى التزام الشركة ذات المسؤولية المحدودة بتعيين مراجع حسابات لها، وزاد من اللبس والغموض حول مدى تلك الإلزامية أنه كلما ورد مصطلح “مراجع الحسابات” أو “تقرير مراجع الحسابات” في المواد المنظمة للشركة ذات المسؤولية المحدودة، فإنه يعقبه دوماً لفظ “إن وجد”، ويزيد من آثار ذلك الغموض واللبس عدم وجود أي نص بين النصوص المنظمة للشركة ذات المسؤولية المحدودة يحدد الجهة المنوط بها تعيين مراجع الحسابات بها، لذلك فإن الأمر على وضعه الحالي يمكن أن نستخلص منه أن تعيين مراجع الحسابات للشركة ذات المسؤولية المحدودة بالسعودية يعد أمراً اختيارياً وليس لازماً، وأن مدير الشركة باعتباره القائم بأعمال الإدارة هو المختص بتعيين مراجع الحسابات في حال ان استقر الأمر على تعيينه.
سادساً: الالتزامات العامة التي يلتزم بها مراجع حسابات الشركة
وضع المنظم السعودي في نظام الشركات الجديد مجموعة من الالتزامات التي يلزم على مراجع الحسابات للشركة أياً كان كيانها القانوني الالتزام بها، وقد حددها في نص المادة رقم (20) من النظام، وهذه الالتزامات تتمثل في:
- يلزم على مراجع الحسابات أن يتسم بالحياد والاستقلال، وذلك وفقاً لما تفرضه عليه أصول مهنته التي تفرضها عليه المعايير المتبعة في المملكة، بحيث لا ينحاز إلى شركاء على حساب شركاء آخرين، ولكن يكون محايداً بينهم ومراعياً لمصالحهم جميعاً والمتمثلة في مصلحة الشركة.
- يحظر على الشخص أن يجمع بين عمله كمراجع حسابات وشريك أو عضو بمجلس الإدارة في ذات الشركة التي يعمل كمراجع حسابات لها، ويحظر عليه أيضاً أن يكون شريكاً لأي من الشركاء المؤسسين أو أعضاء مجلس إدارة أو مدير أو عامل أو قريب لأي منهم، كما لا يحق لمراجع الحسابات أن يشتري أسهم أو حصص في أي شركة يقوم بمراجعة حساباتها خلال المدة التي يشغل فيها هذا المنصب.
- يحظر على مراجع الحسابات أن يمارس أي أعمال فنية أو استشارية أو إدارية بالشركة التي يعمل كمراجع حسابات بها، عدا الأعمال التي تبيح اللوائح له القيام بها.
- يحق لمراجع الحسابات أن يطلع متى شاء على كافة ما يخص الشركة من أوراق ووثائق محاسبية وما يؤيدها من مستندات، كما يحق له أن يطلب كافة البيانات والمعلومات الخاصة بالتحقق من الأصول الخاصة بالشركة وما يقع على عاتقها من التزامات، وفي حالة واجهته أي عوائق في ذلك الخصوص فيقوم بإثبات ذلك في تقريره الذي يقدمه إلى المدير أو إلى مجلس الإدارة، فإن لم يقوم أياً منهما بتيسير مهمة مراجع الحسابات فعليه أن يطلب دعوة الشركاء للاجتماع أو المساهمين لعقد الجمعية العامة للبت في هذا الأمر.
- يجب عليه أن يقدم للشركاء أو الجمعية العامة أو المساهمين في الاجتماع السنوي تقرير يوضح فيه القوائم المالية للشركة، وما واجهه من عوائق وما تم اتخاذه بشأنها من قبل المدير أو مجلس الإدارة، وأي مخالفات تدخل في اختصاصه ويكون قد وجدها أثناء أداء مهامه، سواء كانت مخالفات للنظام أو النظام الأساسي أو عقد تأسيس الشركة، وأن يبين في التقرير رأيه بشأن مدى عدالة القوائم المالية للشركة.
- يحظر على مراجع الحسابات أن يقوم بإفشاء أي أسرار تخص الشركة ويكون قد اطلع عليها أثناء أو بسبب قيامه بعمله، سواء كان هذا الإفشاء لشركاء أو مساهمين أو للغير، وأن يكون الإفشاء قد تم خارج إطار الجمعية العامة الخاصة بالشركة، وفي حالة مخالفته لذلك يجوز مطالبته بالتعويض علاوة على عزله من عمله.
- يتحمل مراجع الحسابات مسؤولية ما يرد بالتقرير الذي يقوم بتقديمه، كما يكون مسؤولاً أيضاً عن أي ضرر تصاب به الشركة أو يصاب به الشركاء أو المساهمين بها أو حتى الغير، ويكون ناتجاً عن أي أخطاء يرتكبها مراجع الحسابات أثناء تأديته لمهام عمله، وفي حالة تعدد مراجعي الحسابات للشركة فإن مسؤوليتهم تكون تضامنية، واستثناء من ذلك يستبعد من المسؤولية من يثبت أنه لم يشارك في الخطأ الذي ترتب عليه ذلك الضرر.
سابعاً: العقوبات التي يجيز النظام توقيعها على مراجع حسابات الشركة
قرر المشرع مجموعة من العقوبات التي توقع على أشخاص النظام من شركاء أو مساهمين أو غيرهم ممن يرتكبون مخالفة لأحكام نظام الشركات، ومن ضمن هؤلاء الأشخاص مراجع حسابات الشركة، وسوف نتناول المخالفات التي أوردها المشرع بالنسبة لمراجع الحسابات، وعقوبة كل مخالفة منها، مع العلم أن المنظم قد أطلق على تلك المخالفات مسمى “الجرائم”، وقسم تلك الجرائم إلى أكثر من قسم، حيث جعل بعض منها تحت طائفة “الجرائم الجسيمة”، والبعض الآخر تحت طائفة “الجرائم الأقل جسامة”، والأخير هو “المخالفات”.
1- الجرائم الجسيمة التي يرتكبها مراجع الحسابات وعقوبتها
الجرائم الواقعة تحت طائفة الجرائم الجسيمة والتي قد تقع من قبل مراجع الحسابات تتمثل في قيامه بشكل متعمد بتسجيل بيانات أو معلومات كاذبة أو مضللة سواء كان ذلك بالقوائم المالية الخاصة بالشركة، أو في التقارير والبيانات التي يقوم بإعدادها بشأن تخفيض رأس مال الشركة، أو بشأن كفاية أصول الشركة لسداد مديونيتها عند إجراء التصفية، أو في أي تقرير من التقارير أو بيان من البيانات التي يتم عرضها على الجمعية العامة أو الشركاء أو المساهمين، أو تعمد أن يغفل أي واقعة جوهرية في أي بيان من البيانات أو تقرير من التقارير السابق بيانها بغرض إظهار موقف الشركة المالي بصورة تخالف صورته الحقيقية.
وفي حالة ارتكاب مراجع الحسابات أياً من الأفعال المجرمة سالفة البيان، فإن المنظم قد قرر لذلك عقوبة تتمثل في السجن لمدة لا تتجاوز الثلاث سنوات، والغرامة التي لا تتجاوز خمسة ملايين ريال، أو بعقوبة واحدة منهما.
2- الجرائم الأقل جسامة التي يرتكبها مراجع الحسابات وعقوبتها
أما طائفة الجرائم الأقل جسامة والتي قد تقع من مراجع الحسابات فتتمثل في أكثر من واحدة، وبيانها في النقاط التالية:
- أن يتخلف مراجع الحسابات عن إبلاغ الشركة متمثلة في الأجهزة أو الأشخاص المسؤولين عن إدارتها بما يكتشفه خلال أداء مهام عمله من مخالفات قد يبدو له أنها تمثل مخالفات جنائية.
- متى علم مراجع الحسابات بأن هناك من قرر توزيع أرباح أو عوائد أو قام بتوزيعها أو بقبضها فعلياً بسوء نية، وبما يخالف أحكام النظام أو نظام الشركة الأساسي أو عقد تأسيس الشركة، ولم يقم بالإبلاغ عنها فيما يقدمه من تقارير.
- متى تخلف مراجع الحسابات عن الدعوة إلى انعقاد الجمعية العامة للشركاء أو المساهمين عند علمه بأن خسائر الشركة قد بلغت في شركات المساهمة نصف رأس المال المصدر، وفي الشركة ذات المسؤولية المحدودة نصف رأس مال الشركة.
- إفشاء مراجع الحسابات أو استغلاله لأياً من الأسرار الخاصة بالشركة بهدف أن يلحق بها الضرر.
وقد حدد المنظم السعودي بنظام الشركات الجديد العقوبة التي توقع على مراجع الحسابات الذي يرتكب أياً من تلك الأفعال الموضحة أعلاه، وتتمثل تلك العقوبة في السجن لمدة لا تتجاوز السنة الواحدة، والغرامة التي لا تتجاوز مبلغ مليون ريال، أو بعقوبة واحدة منهما فقط.
3- المخالفات التي يرتكبها مراجع الحسابات وعقوبتها
حدد المشرع المخالفات التي يمكن أن ترتكب من قبل مراجع الحسابات، وتتمثل تلك المخالفات فيما يلي:
- أن يتسبب في تعطيل الدعوة لاجتماع الجمعية العامة للشركاء أو لاجتماع المساهمين، أو يمنع شريك أو مساهم من أن يشارك في جمعية للشركاء أو للمساهمين أو من أن يشارك في التصويت الذي يرتبط بحصته أو الأسهم الخاصة به، وذلك جميعاً بما يخالف أحكام النظام.
- متى أخل بأداء واجباته المتعلقة بالحفاظ على السجلات المحاسبية للشركة والمستندات التي تؤيدها، أو أخل بإعداد القوائم المالية وإيداعها طبقاً للمعايير المعتمدة في المملكة وما تقرره أحكام النظام.
- متى أهمل في تأدية واجبه المتعلق بوضع الوثائق اللازمة تحت يد الشريك أو المساهم طبقاً لما يقره النظام من أحكام.
- متى قام بأعمال مراجع الحسابات أو استمر في تأديتها وهو على علم بأن هناك أسباب تحول دون قيامه بها طبقاً لما يتضمنه النظام من أحكام.
- متى أهمل في اتخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة ليعالج أي مخالفة تم ارتكابها بعد إبلاغه بها طبقاً لما يتضمنه النظام من أحكام.
- متى لم يقم بأداء واجباته التي يلقيها النظام على عاتقه.
وقد قرر المنظم عقوبة توقع على مراجع الحسابات الذي يرتكب أياً من المخالفات السابقة، وتتمثل تلك العقوبة في الغرامة التي لا تتجاوز خمسمائة ألف ريال.
4- الجزاءات البديلة التي قررها المنظم لمراقب الحسابات
منح المنظم الجهة القضائية المختصة بمحاكمة مراقب الحسابات الذي يرتكب أياً من الجرائم الجسيمة والجرائم الأقل جسامة سلطة أن تستبدل العقوبات المقررة لتلك الجرائم متى رأت ذلك بأي من الجزاءات التالية:
- توجيه الإنذار.
- الإلزام باتخاذ الإجراءات والخطوات اللازمة والضرورية لتفادي وقوع الجريمة، أو الإجراءات والخطوات التصحيحية لعلاج ما خلفته الجريمة من آثار.
- الإلزام بالتوقف أو الامتناع عن ممارسة العمل المرتكب بموجبه المخالفة.
ويجوز أيضاً للجهة القضائية المختصة أن تضيف للعقوبة الأصلية المقررة للمخالفات أو تستبدل بها أياً من العقوبات التالية:
- توجيه الإنذار.
- الإلزام باتخاذ الإجراءات والخطوات اللازمة والضرورية لتفادي وقوع المخالفة، أو الإجراءات والخطوات التصحيحية لعلاج ما خلفته الجريمة من آثار.
ثامناً: نموذج لأحكام القضاء السعودي ذات العلاقة
الحكم الصادر من المحكمة التجارية بالدمام في القضية رقم 589 لسنة 1442هـ بجلسة 12/7/1442هـ، والمتضمن أن (وحيث حصر وكيل المدعي دعوى موكله بطلب إنفاذ قرار موكله بتعيين مكتب (…) مراجعاً لحسابات الشركة عن الأعوام من ٢٠١٨ حتى ٢٠٢١م، وحيث أجاب وكيل المدعي برفض تعيين المحاسب (…) ، واقترح تعيين مكتب (…) ، أو مكتب (…) ، وحيث نصت المادة (١٦٩) من نظام الشركات على أنه: يجب أن يشتمل جدول أعمال الجمعية العامة للشركاء في اجتماعها السنوي على البنود التالية: هـ- تعيين مراجع الحسابات وتحديد أتعابه، وحيث قدّم وكيل المدعي عرض مكتب (…) ، وحيث لم يعارض المدعى عليه على تعيين هذا المكتب، وإنما اعترض على تعيين مكتب (…) ومكتب (…) ، واقترح مكاتب أخرى، وحيث قدّم وكيل المدعي قرار موكله بتعيين مكتب (…) ، ممهور بتوقيعه وغير ممهور بتوقيع المدعى عليه، وعليه فإن الدائرة ترى إنفاذ هذا القرار تحقيقاً لمصلحة الشركة).
تاسعاً: الخاتمة
يتسم نظام الشركات الجديد 1443هـ بأنه تصدى لتنظيم الشركات السعودية بشكل أكثر دقة ووضوح من الشكل الذي تعرض به سابقه لذلك، وإن كان المأخذ الوحيد عليه هو أن الأمر كان ضبابياً بشأن الجهة المنوطة بتعيين مراجع حسابات في الشركات ذات المسؤولية المحدودة، كما لم يوضح المنظم مدى إلزامية الشركة ذات المسؤولية المحدودة بتعيين مراجع حسابات، لاسيما وأن كافة ما يخص مراجع الحسابات في النصوص المنظمة للشركة ذات المسؤولية المحدودة كان يعقبها لفظ “إن وجد”، وهو ما جعل الأمر غامضاً ويستلزم تدخل من قبل المنظم لتفادي أي لبس في هذا الخصوص.
كتابة: أحمد عبد السلام
[1] – حمدالله محمد – النظام التجاري السعودي – الطبعة الثانية – دار خوارزم العلمية – المملكة العربية السعودية – 2004 – ص330.
[2] – أمين لطفي – فلسفة المراجعة – الدار الجامعية للنشر – مصر – 2009 – ص 66 وما بعدها.
[3] – أحمد المجالي – المسؤولية الجزائية لمراجع الحسابات في شركة المساهمة: دراسة قانونية تحليلية لأحكام نظام الشركات السعودي الجديد – المجلة العربية للدراسات الأمنية – مج 33 – ع (71) – جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية – الرياض – 2018 – ص 114 وما بعدها.