مدة الشركة في النظام السعودي

الأحكام المتعلقة بمدة الشركة في النظام السعودي

من المعروف أن الشركة تصبح شخصية اعتبارية ذات وجود قانوني معترف به بعد أن يتم تأسيسها وإعلانها في السجل التجاري، وبما أن الشركة تعتبر شخصية اعتبارية، فإنها تشترك في وصف الحياة مع الشخص طبيعي في حياتها، تبدأ تلك الحياة بالتسجيل وتنتهي بانتهاء مدتها وانقضائها، وفي ظل نظام الشركات السعودي الجديد، نستعرض أحكام مدة الشركات وانقضاءها بإيجاز من الشرح والتأصيل من خلال العناصر التالية:

(أولاً): تعريف الشركة

تعرف الشركة في اللغة على أنها الاختلاط، أو خلط الشريكين أو خلط المالين، كما تعرف شرعاً على أنها الاجتماع في استحقاق أو تصرف،[1] وعرفها النظام السعودي في نظام الشركات بالمادة (2) بأنها: (الشركة عقد يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع يستهدف الربح بتقديم حصة من مال أو عمل أو منهما معاً لاقتسام ما ينشأ من هذا المشروع من ربح أو خسارة).

لذلك، يتضح من التعريفين الأولين أن الشركة هي عقد وبالتالي يجب أن تحتوي، بالإضافة إلى العناصر الموضوعية العامة للعقد، وهي الأهلية، والرضا، والسبب، والمحل والموضوع والسبب والتأهيل، توافر شروط خاصة يجب أن تكون حاضرة في عقد الشركة لتمييزها عن العقود الأخرى وتتمثل في تنوع الشركاء وتوفير حصص رأس المال وتقاسم الأرباح والخسائر.[2]

وتنص المادة (4) من نظام الشركات السعودي على أن: (تتخذ الشركة التي تؤسس وفقًا لأحكام النظام أحد الأشكال الآتية:

أ- شركة التضامن.

ب- شركة التوصية البسيطة.

ج- شركة المساهمة.

د- شركة المساهمة المبسطة.

هـ- الشركة ذات المسؤولية المحدودة).

(ثانياً): تحديد مدة الشركة وانتهائها

إذا تحددت مدة للشركة، وانتهت هذه المدة فإن الشركة تنقضي بقوة النظام، وقد اشترط نظام الشركات السعودي تحديد مدة العقد لبعض أنواع الشركات، كشركات التضامن وشركة المساهمة والشركة ذات المسؤولية المحدودة، في حين أنه قد خلا النظام من تحديد حد أقصى للشركة، بحيث لا يجوز للشركاء أن يتجاوزوا هذه المدة المحددة، وإنما جعل مدة الشركة راجعاً إلى إدارة الشركاء بحسب نوع الشركة ونشاطها.

هذا وقد تنشأ الشركة من أجل القيام بعمل محدد، وتحدد مدة زمنية لهذا العمل، وتنتهي المدة قبل انتهاء العمل فإن الشركة في تلك الحالة يجب عليها أن تستمر حتى تنتهي من العمل الذي أنشئت الشركة من أجله، وفي هذه الحالة تظل الشركة قائمة رغم انتهاء مدتها، وذلك على أساس أن إرادة الشركة بالإنهاء انصرفت إلى تحديد انقضاء الشركة بانتهاء مدتها أو انتهاء العمل الذي أنشئت من أجله أيهما أبعد، وقد نصت المادة (143) من نظام الشركات السعودي على أن: (مع مراعاة أسباب الانقضاء الخاصة بكل شكل من أشكال الشركات، تنقضي الشركة لأحد الأسباب الآتية:

أ- انتهاء المدة المحددة لها، إذا كانت محددة المدة، ما لم تمدد وفقًا لأحكام النظام.

ب- اتفاق الشركاء أو المساهمين على حلها.

ج- صدور حكم قضائي نهائي بحلّها أو بطلانها)، ومع ذلك فقد أباحت الأصول العامة لدائن أحد الشركات أن يعترض على امتداد الشركة بعد انتهاء مدتها حتى يتسنى له  التنفيذ على حصة مدينه الشريك، ومن ثم يتوقف اثر امتداد عقد الشركة في حقه أي تعتبر الشركة منتهية بالنسبة له، ويوجب ذلك تصفيتها نظرياً، أي فقط لتحديد الدين وفق حصة الشريك المدين، عملاً بنص المادة (183) من ذات النظام على أن: (1- يجوز مدّ أجل الشركة إذا كانت محددة المدة قبل انقضائها لمدة أخرى بقرار تصدره الجمعية العامة للشركاء من أيّ عدد من الشركاء المالكين لنصف الحصص الممثلة لرأس المال، ما لم ينص عقد تأسيس الشركة على أغلبية أكبر.

2- إذا لم يصدر قرار بمد أجل الشركة واستمرت في أداء أعمالها، امتد أجلها لمدة مماثلة بالشروط ذاتها الواردة في عقد تأسيسها.

3- للشريك الذي لا يرغب في الاستمرار في الشركة أن يتخارج منها، وتقوَّم حصصه وفقًا للأحكام الواردة في المادة (الثامنة والسبعين بعد المائة) من النظام، ولا ينفذ التمديد إلا بعد بيع حصة هذا الشريك للشركاء أو الغير بحسب الأحوال وأداء قيمتها له، ما لم يتفق الشريك المنسحب مع باقي الشركاء على غير ذلك.

4- يجوز للغير الذي له مصلحة في عدم مد الأجل الاعتراض عليه والتمسك بعدم نفاذه في حقه)، ويعتبر غرض الشركة من البيانات التي نص عليها نظام الشركات، واعتبرها من أهم بيانات عقد الشركة، وأوجب أن يشتمل عقد تأسيس الشركة على هذا البيان، والذي يظهر من هذا السبب أن الشركة تنحل بقوة النظام إذا حققت الغرض الذي من أجله أنشئت، وهو ما نصت عليه بعض مواد النظام ومنها نص المادة (136) التي أوجبت بأن: (يجب أن يشتمل عقد تأسيس شركة التضامن بصفة خاصة على البيانات الآتية: د- غرض الشركة)، مع الإشارة إلى حالة ما تكونت الشركة وأنشئت من أجل تنفيذ عمل محدد ومعين، وتضمن عقد التأسيس مدة إنجازه، إلا أن العمل قد تم إنجازه وبشكل كامل قبل نهاية المدة المحددة، فهنا يرى أغلب الفقه القانوني: أن الشركة تنفض بانتهاء العمل حتى لو كان هناك ميعاد محدد في عقد التأسيس لانقضاء الشركة، لأنها قد أنهت العمل الذي من أجله تكونت، في حين يرى جانب أخر أن الشركة تظل مستمرة حتى تكتمل مدتها الواردة بعقد التأسيس، أما لو تعذر تحقيق الغرض الذي من أجله أنشئت واستحالة تنفيذه، فإنها تنقضي إذا ثبتت استحالة تنفيذه أو استحالة الغرض الذي من أجله أنشئت.

مع الأخذ في الاعتبار أنه لا يترتب بأي حال في حالة وفاة أحد الشركاء  انقضاء الشركة، بل تنتقل حقوق الشريك المتوفي والتزاماتها إلى ورثته، بالشكل الذي أوضحه النظام السعودي في المادة (50) بالنص على أن: (1-          لا تنقضي شركة التضامن بوفاة أي من الشركاء، ولا بالحجر عليه، ولا بافتتاح أي من إجراءات التصفية تجاهه وفقًا لنظام الإفلاس، ولا بإخراجه، ولا بانسحابه، ما لم ينص عقد تأسيس الشركة على ذلك. وفي هذه الحالة تستمر الشركة بين باقي الشركاء، ولا يكون لهذا الشريك أو ورثته إلا نصيبه في أموال الشركة، ويقدر هذا النصيب وفقًا للمادة (التاسعة والأربعين) من النظام.

2- يجوز النص في عقد تأسيس الشركة على أنه في حال وفاة أي من الشركاء تستمر الشركة مع من يرغب من ورثة المتوفى، ولو كانوا قُصرًا أو ممنوعين نظامًا من ممارسة الأعمال التجارية، ولا يُسأل ورثة الشريك القصر أو الممنوعون نظامًا من ممارسة الأعمال التجارية عن ديون الشركة في حال استمرارها إلا في حدود نصيب كل واحد منهم في حصة مورثه في رأس مال الشركة. ويجب في هذه الحالة تحويل الشركة خلال مدة لا تتجاوز (سنة) من تاريخ وفاة مورثهم إلى شركة توصية بسيطة يصبح فيها القاصر أو الممنوع نظامًا من ممارسة الأعمال التجارية شريكًا موصيًا؛ وإلا أصبحت الشركة منقضية بقوة النظام بمضي تلك المدة، ما لم يبلغ القاصر خلال هذه المدة سن الرشد أو ينتفِ سبب المنع من ممارسة الأعمال التجارية ويرغب ذلك القاصر أو الممنوع من ممارسة الأعمال التجارية في أن يكون شريكًا متضامنًا.

3- إذا لم يتبقَّ في الشركة عند وفاة أي من الشركاء، أو الحجر عليه، أو افتتاح أي من إجراءات التصفية تجاهه وفقًا لنظام الإفلاس، أو انسحابه، أو إخراجه، غير شريك واحد، فيمنح هذا الشريك مهلة (تسعين) يومًا لتصحيح وضع الشركة سواء بإدخال شريك آخر أو تحويلها إلى شكل آخر من أشكال الشركات الواردة في النظام، وإلا أصبحت الشركة منقضية بقوة النظام بمضي تلك المهلة).

فضلاً عن ما أشارت إليه المادة (75) من النظام بالنص على أن: (لا تنقضي شركة التوصية البسيطة بوفاة أي من الشركاء الموصين، ولا بالحجر عليه، ولا بإعساره، ولا بافتتاح أي من إجراءات التصفية تجاهه وفقًا لنظام الإفلاس، ولا بانسحابه، ما لم ينص عقد تأسيس الشركة على ذلك).

(ثالثا): حالات انقضاء الشركة فبل نهاية مدتها

نص المنظم السعودي على حالات انقضاء الشركة بشكل عام بموجب المادة (143) سالف الإشارة إليها بالفقرة السابقة، فضلاً عن بعض النصوص الأخرى بنظام الشركات، وهو ما سنتناوله بإيجاز من الشرح والتأصيل لحالات انقضاء الشركة قبل نهاية مدتها على النحو التالي:

1- انتقال جميع الحصص إلى شريك واحد: عرف المنظم السعودي الشركة في ظل المادة (2) بمقالة: (الشركة كيان قانوني يؤسس وفقًا لأحكام النظام بناء على عقد تأسيس أو نظام أساس يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع يستهدف الربح بتقديم حصة من مال أو عمل أو منهما معًا لاقتسام ما ينشأ عن هذا المشروع من ربح أو خسارة، واستثناء من ذلك، يجوز وفقًا لأحكام النظام أن تؤسس الشركة بالإرادة المنفردة لشخص واحد، ويجوز تأسيس شركات غير ربحية وفقًا لما ورد في الباب (السابع) من النظام)، وهذا يؤكد أن تنوع الشركاء يمثل إحدى ركائز العناصر الخاصة لتأسيس الشركة ، والتي بدونها لا يمكن تأسيسها أو نشأتها، بل هو الأساس الأساسي لمفهوم الشركة وآثارها اللغوية والقانونية، مما يؤخذ في الاعتبار أن الحد الأدنى لعدد الشركاء هو شريكان على الأقل ، باستثناء شركة الشخص واحد، وهو الأمر الذي يوضح لنا أهمية عنصر تعدد الأشخاص  في الشركة، لذلك ينص القانون على أنه في حالة إغفال هذا العنصر الأساسي أو تعطيله ، بأيلولة جميع الأسهم إلى شريك واحد فقط دون سواه ، ولا يرغب الشريك في الاستمرار في تشغيل الشركة وفق أحكام النظام بإدخال شريك أخر معه أو تحويلها خلال المدة المحددة ، يتم حل الشركة وفق القانون، وهو ما أكدته نص المادة (150/3) من نظام الشركات بنصها على أن: (إذا لم يتبقَّ في الشركة عند وفاة أي من الشركاء، أو الحجر عليه، أو افتتاح أي من إجراءات التصفية تجاهه وفقًا لنظام الإفلاس، أو انسحابه، أو إخراجه، غير شريك واحد، فيمنح هذا الشريك مهلة (تسعين) يومًا لتصحيح وضع الشركة سواء بإدخال شريك آخر أو تحويلها إلى شكل آخر من أشكال الشركات الواردة في النظام، وإلا أصبحت الشركة منقضية بقوة النظام بمضي تلك المهلة).

2-حل الشركة باتفاق الشركاء: تقوم الشركة ويتولد لها شخصيتها الاعتبارية بإرادة حرة غير معيبة من الشركاء، وبالرضا الكامل فيما بينهم، وإذا انهار هذا الركن فلا وجود للشركة،[3] والرضا هو أحد أركان عقد الشركة الموضوعية للشركة، فإذا كانت إرادة الأطراف واتفاقهم الرضائي هو أساس وجـود الـشركة ونشأتها، فلا يجوز بأي حال حجب إرادتهم في حلها، وإنهاء أعمالها قبل انتهاء مدتها، وهو ما أكده المنظم السعودي بهدي نص المادة (143) من نظام الشركات بالفقرة (ب) سالف الإشارة إليها، وهو بمثابة شرطا بديهياً لأن عقد الشركة لا يجوز وصفة بأنه عقدًا مؤبداً لا يمكن فسخه ، حيث أن الشركة لا بد من أن يقوم العمل فيها على أساس روح التعاون والتفاهم والرضا بـين الـشركاء جميعاً، وإلا إنهار المعنى الحقيقي للشركة، وقد يكون حل الـشركة بـسبب تردي أوضاعها المالية والاقتصادية، الأمر الذي يضطر معه الشركاء إنهاء الشركة قبل نهاية مدتها، وإلا لحق بها خـسائر تـضر بمصلحة المتعاملين معها، وتضر بمصالح الشركاء أيضاً، ومن الملاحظ في هذا الصدد أن قد يرد بعقد التأسيس عدم جواز الاتفاق على حل الشركة إلا في حالة انتهاء مدتها، وجاء النص القانوني الوارد بالمادة (143) سالف الذكر من التصدي لتلك الحالة، إلا أن جانب من الفقه القانوني تصدى لها بالتعويل والنظر إلى نوع الشركة بشأن تلك الحالة، فإذا ما كانت نوع الشركة من شركات الأشخاص يكون الشرط نافذاً، ووقتها لا يمكن بأي حال فسخ عقد الـشركة بإجماع الـشركاء إلا عـن طريق القضاء، ولكن إذا كانت نوع الشركة من شركات الأموال، فإن الشرط يعتبر هو والعدم سواء، إذ يجوز للشركاء بالإجماع فسخ الشركة وذلك بالنسبة المحددة وفقاً للنظام،[4] في حين يرى جانب أخر من الفقه صحة الشرط ونفاذه في كل صور الشركات دون النظر إلى نوعها، فإذا كان عقد تأسيس الشركة محدد المدة وتضمنت بنوده النص على عدم جواز حل الشركة قبل مدتها، فإنها لا تنقـضي باتفـاق الشركاء على حلها، ولا يكون أمامهم لحل الشركة قبل مدتها إلا اللجوء إلى القـضاء.[5]

3-اندماج الشركة بشركة أخرى: الاندماج هو بمثابة عقد تنضم بمقتضاه شركة أو أكثر إلى شركة أخرى، بحيث تنقضي الشخصية المعنوية للشركة التي تم ضمها، كما تنضم أصولها وخصومها إلى الشركة الضامة، أو هو امتزاج شركتان أو أكثر فتنقضي الشخصية المعنوية لكل منهما وتنقل أصولهما إلى الشركة الجديدة وكذلك تنتقل معها خصومها،[6] وهو ما نصت عليه المادة (225) من نظام الشركات السعودي الجديد بمقالة أن: (١- يكون الاندماج بضم شركة أو أكثر إلى شركة أخرى قائمة، أو بمزج شركتين أو أكثر لتأسيس شركة جديدة.

٢- يجب أن يعد مقترح الاندماج للموافقة عليه من كل شركة طرف فيه وفقاً للأوضاع المقررة لتعديل عقد تأسيسها أو نظامها الأساس، ويحدد مقترح الاندماج شروطه، ويبين طبيعة العوض وقيمته بما في ذلك عدد الحصص أو الأسهم التي تخص الشركة المندمجة في رأس مال الشركة الدامجة أو الشركة الناشئة عن الاندماج، وبياناً عن قدرة كل شركة طرف في الاندماج على الوفاء بديونها.

٣- مع مراعاة ما تقضي به الأنظمة ذات العلاقة، يجوز للشركة ولو كانت في دور التصفية بناءً على أحكام النظام أن تندمج في شركة أخرى من شكلها أو من شكل آخر.

٤- لا يكون الاندماج صحيحاً إلا بعد تقييم أصول كل شركة طرف فيه.

٥- يكون المقابل في الاندماج حصصاً أو أسهماً في الشركة الدامجة أو الناشئة عن الاندماج.

٦- للجهة المختصة تحديد ضوابط وإجراءات تنفيذ ما ورد في هذه المادة، بما في ذلك المقابل النقدي لشراء كسور الحصص أو الأسهم، أو لتعويض الشريك أو المساهم المعترض على قرار الاندماج، وضوابط تصويت الشريك أو المساهم في حال وجود مصلحة له بخلاف مصلحته بصفته شريكاً أو مساهماً في الشركة)، ومن ثم يترتب على الاندماج بالشرح المتقدم بالنص السابق انقضاء الشخصية الاعتبارية للشركة المندمجة، وما يترتب على ذلك من عدم صلاحيتها لاكتساب حق أو التزام بواجب،[7]  وذلك أثر طبيعي لا يحتاج إلى تقرير نصي، باعتبار طمس الشخصية القانونية للشركة المندمجة.

4-انقضاء الشركة بحكم قضائي: تنقضي الشركة بحكم قضائي بحلها أو بطلانها، بناء على طلب أحد الشركاء أو الغير، وذلك لعدم وفاء أحد الشركاء بما التزم به، أو إذا أهمل المدير الشريك في الواجبات المنوط بها في إدارة الشركة، أو إذا أصبح من المتعذر أو المستحيل على الشركة الوفاء بالالتزامات، وقد ورد النص بانقضاء الشركة لهذا السبب في نظام الشركات السعودي بنص المادة (143) سالف الهدي بالفقرة (ج)، وتنقضي الشركة بحكم قضائي إذا توافرت لدى المحكمة الأسباب الموضوعية التي تناسب جميع الأطراف على حل الشركة لهذه  الأسباب، إذا ما تبين للمحكمة أنه أصبح من غير الممكن استمرار الشركة في أعمالها إلا بخسارة مالية للشركاء والمتعاملين معها.

(رابعاً): الأثار المترتبة على انقضاء الشركات وتصفيتها

مع توافر أسباب تصفية الشركة في ظل نظام المملكة العربية السعودية، يتم تسوية التزامات وحقوق الشركة وتصفية أصولها وموجوداتها وفق أنظمة وأسباب المملكة العربية السعودية، وينتهي تاريخ استحقاق الشركة وبالتالي يتم التصفية بموجب النظام السعودي والأسباب والعوامل التي أدت إلى انتهاء صلاحية الشركة وبالتالي تصفيتها، ومن ثم فإن تصفية الشركة في ظل النظام السعودي هي عمل ينتج عنه تسوية جميع الالتزامات المتعلقة بالتصفية وإجراءات المعاملات المتعلقة بالذمم الدائنة وفقًا للنظام ، وبعد تصفية الشركة ، يتم بيع أصولها ، وتسديد جميع التزاماتها واسترداد ديونها، وفي حالة وجود فائض في التصفية  بعد التسوية، يتم توزيع الأموال الفائضة على الشركاء، أما في حال عدم كفاية تلك الأموال لتسديد ديون الشركة، فيجب على الشركاء القيام بدفعها حسب مسؤولية كل شريك سواء متضامن أو موصي، أو حسب ما تم الاتفاق عليه بالعقد، وقد تصدى نظام الشركات الجديد في المملكة العربية السعودية في الباب الثاني عشر منه لأحكام وقواعد والإجراءات الواجب القيام بها للتصفية حسب النظام، عندما تتوفر الأسباب الموجبة للتصفية.

حيث نصت المادة (244) من نظام الشركات على أن: (1 تدخل الشركة إذا انقضت دور التصفية وفقًا لأحكام النظام، ويجب على الشركاء أو الجمعية العامة أو المساهمين اتخاذ إجراءات التصفية، وتحتفظ الشركة بالشخصية الاعتبارية بالقدر اللازم للتصفية.

2- إذا انقضت الشركة لأي من أسباب الانقضاء المنصوص عليها في النظام، وجب على الشركاء أو المساهمين أو مديري الشركة أو مجلس إدارتها -بحسب الأحوال- إعداد البيان المشار إليه في الفقرة (1) من المادة (الثانية والأربعين بعد المائتين) من النظام، ما لم يكن معدًّا قبل انقضائها ولم تتجاوز المدة من تاريخ إعداده (ثلاثين) يومًا.

3- إذا انقضت الشركة وكانت أصولها لا تكفي لسداد ديونها أو كانت متعثرة وفقًا لنظام الإفلاس، وجب عليها التقدم إلى الجهة القضائية المختصة لافتتاح أي من إجراءات التصفية وفقًا لنظام الإفلاس.

4- إذا صُفيت الشركة بالمخالفة لحكم هذه المادة، كان الشركاء أو المساهمون أو مدير الشركة أو أعضاء مجلس إدارتها -بحسب الأحوال- مسؤولين بالتضامن عن أي دين متبقّ في ذمتها.

5-لا يجوز تصفية الشركة غير الربحية العامة إلا بعد الحصول على موافقة الوزارة).

أما المادة (245) من النظام جاء فيها بأن: (ما لم ينص عقد تأسيس الشركة أو نظامها الأساس، أو يتفق الشركاء أو الجمعية العامة أو المساهمون، بحسب الأحوال، على كيفية تصفية الشركة عند انقضائها، تكون التصفية وفقًا للأحكام المنصوص عليها في النظام).

وهدياً بنص المادة (247) من ذات النظام، فإن يقوم بالتصفية مصف واحد أو أكثر، من الشركاء أو المساهمين أو من غيرهم، كما يجب ألا تتجاوز مدة التصفية بموجب النظام (ثلاث) سنوات، ولا يجوز تمديدها إلا بأمر من الجهة القضائية المختصة.

(خامساً): خاتمة

نخلص مما سبق بيانه بالسطور السابقة، أن بانتهاء مدة الشركة أو أي سبب أخر للانقضاء يترتب عليه فض العلاقة بين الشركاء، وتصفية علاقاتها ومعاملاتها مع أشخاص المتعاملين معها، والدخول في مرحلة انتهاء وجودها القانوني، وهو بمثابة الوفاة للشخص الطبيعي، وكما أن الشخص الطبيعي تبدأ عمليات توزيع التركة بعد وفاته، فكذلك الشركة تبدأ عمليات التصفية بعد انقضاء مدتها دون الاتفاق على مد تلك المدة من الشركاء، أو للأسباب الأخرى التي يقرها النظام وجوباً أو اتفاقاً.

كتابة الأستاذ/ محمد جلال جعفر

[1] – الخياط، عبد العزيز، الشركات في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي، ط 1، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، 1971، ص 9.

[2] – عبد الحميد، رضا السيد  بهنساوي، صفوت، النظام التجاري السعودي، ج 1، المؤسسة الفنية، 1998، ص 126 وما بعدها.

[3] – حمد الله محمد، النظام التجاري السعودي، ط 3، جدة، خوارزم العلمية، 1433، ص 183.

[4] – نايف الشريف، القانون التجاري السعودي، الرياض، الشقري، 2018، ص 169.

[5] – فوزي محمد سامي، الشركات التجارية، عمان، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2006، ص 53.

[6] – حسني المصري، اندماج الشركات وانقسامها، مطبعة حسان، القاهرة، 1986، ص 36.

[7] – محمد فريد العريني، القانون التجاري، منشورات الحلبي الحقوقية، 2002، ص 689.