كيفية تحويل مؤسسة الى شركة وفق النظام السعودي

كيفية تحويل مؤسسة الى شركة وفق النظام السعودي

تختلف هياكل الملكية بين المؤسسات والشركات من حيث اجراءات التأسيس، كما تختلف أيضاً المسؤولية والتشعبات القانونية لأعضاء المساهمين والمؤسسين في الشركة والمؤسسة وفقًا للحجم وتبعية النشاط، حيث  أن مناط هذا الإختلاف يتعلق بعدة عوامل منها، عدد المساهمين والدائنين المضمونين أو غير المضمونين، فضلاً عن اختلاف معاني الأسماء والمصطلحات المعمول بها في بعض النواحي بين الشركات والمؤسسات بما  يؤثر على كيفية عمل كلاً منهما في الأسواق وكيفية التداول، وفي ضوء هذا المقال سنتعرض لكيفية وألية تحويل المؤسسة لشركة وفق النظام الشركات السعودي الجديد، مع الشرح والتأصيل من خلال العناصر التالية:

(أولاً): تعريف المؤسسة الفردية وتأسيسها في النظام السعودي

يتم إنشاء وتأسيس المؤسسة الفردية من قبل شخص واحد يكون مالكاً لها بعد التأسيس، بحيث يكون هو المالك الوحيد للمؤسسة، وهو صانع القرار الأول والأخير في كافة شؤونها الإدارية والاقتصادية المختلفة، وبالتالي لا يكون للمؤسسة الفردية شخصية اعتبارية منفصلة عن الشخص الذي يمتلكها، وهو الأمر الذي يترتب عليه أنه لا يمكن للمؤسسة بأي حال اختصام الغير وإقامة الدعاوى القضائية باسمها، ولكنها تفعل ذلك أيضاً باسم مالكها، وفي المقابل لا يمكن اختصامها من قبل الغير أو إقامة الدعاوي ضدها وباسمها، ولكن أيضًا ضد أصحابها، بالإضافة إلى ذلك، لا تتحمل المؤسسة الفردية المسؤولية المالية بشكل مستقل ومنفصل عن المالك، ويتم إجراء جميع المعاملات المالية للشركة باسم مالكها، وهو ما يجعل أموال المؤسسة لا تنفصل عن الأموال الخاصة للمؤسس، ويكون الأخير مسؤول مسؤولية مطلقة عن كافة ديون المؤسسة والتزاماتها المالية، مما يتضح معه أن صاحب المؤسسة هو ذلك الشخص المسؤول المباشر أيضاً عن توفير رأس المال اللازم لقيام المؤسسة وبداية نشاطها، وأن المسؤولية الناشئة عن التزامات المؤسسة تجاه الغير تقع على عاتقه دون سواه، بالإضافة إلى تحمله منفرداً كافة التكاليف المالية والخسائر.

علاوة على ذلك، فإن مدة بقاء المؤسسة الفردية محدودة بعمر مالكها، أي أن أعمال المؤسسة تنتهي وجوباً بوفاة المالك، أو قد تستمر أنشطة المؤسسة من خلال الورثة، إلا أنه في تلك الحالة، ستتوقف المؤسسة عن كونها مؤسسة فردية وستتحول بطبيعة الحال إلى شركة في حال تعدد الورثة، لكنها لن تكون مسؤولة عن ديون الشركة أو مدفوعاتها، وتنشأ المؤسسة الفردية بموجب نظام السجل التجاري السعودي 1416، حيث نص بالمادة رقم (1) منه على أن: (تعد وزارة التجارة سجلا في المدن التي يصدر بتحديدها قرار من وزير التجارة يشمل جميع مناطق المملكة، تقيد فيه أسماء التجار والشركات وتدون فيه جميع البيانات المنصوص عليها في هذا النظام).

كما نص في المادة (2) على أن: (يجب على كل تاجر متى ما بلغ رأس ماله مائة ألف ريال، خلال ثلاثين يومًا من تاريخ افتتاح محله التجاري، أو من تاريخ تملكه محلًا تجاريًّا، أو من تاريخ بلوغ رأس ماله النصاب المذكور، أن يتقدم بطلب لقيد اسمه في السجل التجاري الذي يقع في دائرته هذا المحل سواء أكان مركزًا رئيسا أم فرعَا أم وكالة، ويجب أن يشتمل الطلب على البيانات الآتية:

1 – اسم التاجر بالكامل ولقبه ومكان ميلاده وتاريخه وجنسيته وصورة من توقيعه ومن توقيع من ينوب عنه (إن وجد).

2 – الاسم التجاري (إن وجد).

3 – نوع النشاط التجاري الذي يباشره التاجر وتاريخ بدئه.

4 – رأس مال التاجر.

5 – اسم المدير ومكان ميلاده وتاريخه وجنسيته ومحل إقامته بالمملكة، وحدود سلطاته.

6 – اسم المركز الرئيس للتاجر وعنوانه ورقم قيده والفروع والوكالات التابعة له سواء أكانت داخل المملكة أم خارجها، والنشاط التجاري لكل منها).

(ثانياً): تعريف الشركة وأنواعها في النظام السعودي

تعرف الشركة في اللغة على أنها الاختلاط، أو خلط الشريكين أو خلط المالين، كما تعرف شرعاً على أنها الاجتماع في استحقاق أو تصرف،[1] وعرفها النظام السعودي في نظام الشركات بالمادة (2) بأنها: (الشركة عقد يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع يستهدف الربح بتقديم حصة من مال أو عمل أو منهما معاً لاقتسام ما ينشأ من هذا المشروع من ربح أو خسارة).

لذلك، يتضح من التعريفين الأولين أن الشركة هي عقد وبالتالي يجب أن تحتوي، بالإضافة إلى العناصر الموضوعية العامة للعقد، وهي الأهلية، والرضا، والسبب، والمحل والموضوع والسبب والتأهيل، توافر شروط خاصة يجب أن تكون حاضرة في عقد الشركة لتمييزها عن العقود الأخرى وتتمثل في تنوع الشركاء وتوفير حصص رأس المال وتقاسم الأرباح والخسائر.[2]

وتنص المادة (4) من نظام الشركات السعودي على أن: (تتخذ الشركة التي تؤسس وفقًا لأحكام النظام أحد الأشكال الآتية:

أ- شركة التضامن.

ب- شركة التوصية البسيطة.

ج- شركة المساهمة.

د- شركة المساهمة المبسطة.

هـ- الشركة ذات المسؤولية المحدودة).

يتضح مما سبق أن أمر المنظم بشأن صور الشركات الخاضعة لنصوص نظام الشركات الحالي لا يسمح بالانحراف عنها بالاتفاق أو الممارسة، وفي حالة عدم وجود نص قانوني ينظم مسألة الخلاف، فمن الضروري الرجوع إلى نظام المحاكم التجارية، وكذلك نظام السجلات التجارية، ونظام الغرف التجارية والمؤسسات التجارية وجميع الأنظمة التجارية الأخرى التي تنظم جوانب الأنشطة التجارية للشركة، وإذا لم يتم تنظيم الوضع الذي هو موضوع النزاع على وجه التحديد في هذه القوانين، أنذاك لا بد من الرجوع إلى أحكام الشريعة الإسلامية بوصفها الأصل العام ، الذي ينظم العلاقات القانونية المختلفة، ويخضع لها جميع الأشخاص ، سواء كانوا رجال أعمال أو غيرهم، فإذا لم توجد نصوص في الشريعة الإسلامية يطبق اتفاق الشركاء في العقد أو العرف التجاري السائد والمعمول به في مثل تلك الحالات، وهو مجموعة القواعد التي درج عليها التجار سواء كانوا أفراداً طبيعيين أو شركات على اتباعها فترة طويلة من الزمن في تنظيم معاملاتهم التجارية حتى أصبحت كالنص التنظيمي التشريعي تماماً،[3] فإذا لم يوجد اتفاق أو عرف تجاري، فإنه يتم اللجوء إلى المصادر التفسيرية، مما تقدم يمكن ترتيب القواعد التي تحكم الشركات على النحو التالي:

  • النصوص الواردة في نظام الشركات.
  • نظام المحكمة التجارية والأنظمة المكملة أو المعدلة.
  • أحكام الشريعة الإسلامية.
  • اتفاق الشركاء والعرف التجاري.
  • القضاء والفقه.

وقد وجب الإشارة إلى أن المنظم السعودي لم ينص صرحة على تلك القواعد، ولكن واقع التطبيق العملي هو من أفرزها وأظهرها، وتسري أحكام نظام الشركات على جميع أنواع الشركات التي نص عليها النظام، باستثناء الشركات التي تنظمها الدولة أو تشترك فيها، أو غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة، لإن هذا النوع من الشركات يصدر لها مرسوم ملكي خاص يفرد لأحكامها وقواعدها.

(ثالثا): الفرق بين المؤسسة والشركة من حيث اجراءات التأسيس وفق النظام السعودي

على الرغم من اعتبار المؤسسات كأصل عام نوع من أنواع الشركات، إلا أنها تختلف عنها وتتميز بالعديد من الفروقات بين طبيعتها القانونية وطبيعة الشركات الأخرى، ولما كان بداية المؤسسة أو الشركة تتمثل في إجراءات التأسيس، لذا سنقوم بتوضيح الفرق بينهما في هذا العنصر، حيث أن تأسيس المؤسسة يعتمد على مجموعة من الإجراءات التي فرضها نظام السجل التجاري السعودي بالمادة (2) سالفة الذكر، ومن هذه الإجراءات ما يلي:

  1. أن تحصل المؤسسة على الوثيقة الخاصة بها من السجل التجاري.
  2. أن توفر وثيقة إيجار أو ملكية لمكان أو موقع المؤسسة هذا بالإضافة إلى الإذن الخاص بالمخطط التنظيمي أو نسخة عن الأشغال.
  3. أن يتم تقديم هوية الحالة المدنية أو حتى على الأقل جواز السفر والذي يعتبر أيضًا إثبات شخصية.
  4. أن يقوم الشخص المسئول عن تأسيس تلك المؤسسة بالتوقيع على نموذج تسجيلها ونموذج لاختيار القطاع التجاري.

أما تأسيس الشركة فيعتمد على إجراءات مختلفة، أوجبها نظام الشركات السعودي في نص المادة (5) من هذا النظام بمنطوقها الجاري على أن: (1- يكون لكل شركة اسم تجاري باللغة العربية أو بلغة أخرى، ويجوز أن يكون الاسم مشتقًا من غرضها، أو اسمًا مميزًا، أو اسم واحد أو أكثر من الشركاء أو المساهمين فيها الحاليين أو السابقين، أو منها معًا، مع مراعاة ألا يكون مخالفًا لنظام الأسماء التجارية والأنظمة الأخرى واللوائح المعمول بها في المملكة.

2- يجب الحصول على موافقة الشريك أو المساهم، أو ورثته إذا توفي ولم يوافق، وذلك في الحالة التي يشتمل فيها الاسم التجاري على أيّ من أسماء الشركاء أو المساهمين السابقين في الشركة.

3- يجب أن يقترن بالاسم التجاري ما يبين شكل الشركة.

4- يجوز تعديل الاسم التجاري للشركة وفقًا للأوضاع المقررة لتعديل عقد تأسيس الشركة أو نظامها الأساس، ولا يترتب على التعديل المساس بحقوق الشركة أو التزاماتها أو الإجراءات النظامية التي اتخذتها أو اتخذت في مواجهتها قبل التعديل).

فضلاً عن، ما نصت عليه المادة (6) من هذا النظام على أن: (يعد مؤسسًا كل من اشترك فعليًّا في تأسيس الشركة وساهم في رأس مالها بحصة نقدية أو عينية.

يقدم المؤسسون طلب تأسيس الشركة وقيدها إلى السجل التجاري، مرافقًا له عقد التأسيس أو النظام الأساس والبيانات والوثائق اللازمة وفقًا لشكل الشركة.

يبتّ السجل التجاري في الطلب المستوفي البيانات والوثائق اللازمة وفقًا لأحكام النظام.

في حال رفض الطلب يجب أن يكون مسببًا، ويحق للمؤسسين التظلم أمام الوزارة خلال (ستين) يومًا من تاريخ إبلاغهم برفض الطلب.

في حال رفض التظلم أو إذا لم يبتّ فيه خلال (ثلاثين) يومًا من تاريخ تقديمه، يحق للمؤسسين التظلم أمام الجهة القضائية المختصة).

(رابعاً): مزايا وعيوب المؤسسات الفردية

من المتفق عليه، أن هناك العديد من المزايا التي تعود على المؤسسات الفردية من جراء تأسيسها بذلك الشكل القانوني، والتي من أبرزها:

(1). منح الحرية الكاملة لصاحبها في إدارة المؤسسة وتخطيط الاستراتيجية المحققة لأهدافها التجارية والاستثمارية، دون أدنى تدخل من قبل أشخاص أخرين، كما هو الحال في الشركات.

(2). اختصاص صاحب المؤسسة وانفراده بكامل الأرباح دون المشاركة فيها من قبل الغير.

(3). سهولة التواصل المباشر بين مالك المؤسسة وعملاؤها، مما يترتب عليه نيل ثقة العملاء بالمؤسسة، فضلا عن الوقوف بشكل فوري وفعال على معوقات العمل، والمشاكل التي يتضرر منها العملاء، والعمل على حلها بشكل سريع.

(4). نظراً لطبيعة حالة المؤسسة كونها كيان محدود، فبالتالي تكون موظفيها بعدد قليل، ومن ثم يستتبع ذلك قوة أواصر العلاقة بين صاحب العمل والموظفين، ويترتب على ذلك العمل على حسن الأداء من قبل الموظفين وحرصهم على نجاح المؤسسة وازدهارها، والإحساس الدائم بالأمان والانتماء.

(5). بخلاف كيان الشركات، تتميز المؤسسات الفردية بانخفاض مصروفاتها الإدارية، وسهولة تداول أنشطتها في الأسواق.

(6). بساطة إجراءات حلها أو انقضائها، فيستطيع ببساطة شديدة التاجر في المؤسسة غلقها وقتما يشاء، وإنهاء النشاط.

– إلا أنه، وبالرغم من تعدد المزايا السابق وصفها للمؤسسات الفردية، فإنه في المقابل يوجد العديد من العيوب التي تضاف إليها، ومنها:

(1). المسؤولية المطلقة التي تثقل كاهل مالك المؤسسة على الدوام، مما تصيبه بضغط مادي ونفسي بشكل مستمر.

(2). الارتباط الوثيق بين استمرار المؤسسة في القيام بنشاطها، وحياة بقاء مالكها، لان بطبيعة حال كيان المؤسسة فإنها تنتهي شخصيتها الاعتبارية بوفاة صاحب المؤسسة.

(3). عدم القدرة أو ضعفها في مواجهة الشركات من النواحي الاقتصادية والاستثمارية، لمحدودية مواردها.

(4). صعوبة زيادة رأسمالها عن طريق الاقتراض من خلال البنوك أو المؤسسات مانحة القرض، بسبب ضعف مركزها القانوني وعدم الأمان المالي.

(5). عدم القدرة على مواجهة الأخطار والمعوقات بشكل عام حال ظهورها، أو التعرض لها، مثال الإفلاس أو التعسر المالي، مما يؤدي إلى عدم الاستطاعة على الوفاء بالديون، بسبب ارتباط قدرة المؤسسة المالية بقدرة صاحبها وحاله المالي.

(6). انعدام الخبرات المتعددة المتاحة في الشركات، لانحسار الخبرة في شخص واحد فقط وهو مالك المؤسسة.

والأصل أن حل المؤسسة لا يؤدي إلى انتهائها بشكل فوري، ولكن تظل الشخصية الاعتبارية قائمة حتى انتهاء فترة التصفية،[4] حيث يجوز للمصفي أن يبقى على استمرار استغلال المؤسسة لحين الانتهاء من إجراءات التصفية.

(رابعاً): ألية التحويل من مؤسسة إلى شركة وفق النظام السعودي

من نافلة القول أن عملية تحويل المؤسسة لشركة تظهر أهميتها بداية في إثبات صفة الشريك المستتر سابقا في المؤسسة، أو من أجل إثبات حصة شريك جديد بالدخول حديثاً بالشركة، من خلال تقديم أصول مؤسسته  كحصه في رأسمال الشركة، وطبقاً لتعليمات وزارة التجارة في المملكة العربية السعودية لا يجوز إدخال أصول المؤسسة كحصة في الشركة إلا بعد التقييم والمراجعة من قبل مقيم معتمد لإثبات صحة قيمة الأصول والوقوف من قبل باقي الشركاء على ثمن الحصة المقدمة في ضوء الأسعار السائدة في الأسواق في ذلك الوقت، وفي ذلك نص نظام الشركات السعودي في المادة (141) منه على أن: (1- إذا قدمت حصص عينية عند تأسيس الشركة أو عند زيادة رأس مالها لا يتجاوز مجموع قيمتها (نصف) رأس مال الشركة، فلا يجب تقييمها من مقيم معتمد، ما لم يتفق المؤسسون أو المساهمون على غير ذلك.

2- إذا تجاوزت قيمة الحصص العينية المقدمة عند تأسيس الشركة أو زيادة رأس مالها (نصف) رأس مالها، وجب تقييمها من مقيم معتمد أو أكثر، وأن يعد المقيم تقريرًا يُبين فيه القيمة العادلة لهذه الحصص، ويعرض ذلك التقرير على المؤسسين أو المساهمين، للمداولة فيه، ولا يكون لمقدمي الحصص العينية المشاركة في التصويت على القرار بشأن التقرير المعد عنها، فإن قرر المؤسسون أو المساهمون تخفيض المقابل المحدد للحصص العينية، وجب الحصول على موافقة مقدمي تلك الحصص على ذلك التخفيض.

3- يشترط ألا تتجاوز المدة ما بين إصدار تقرير المقيم المعتمد بتقدير القيمة العادلة للحصص العينية، وإصدار الأسهم مقابل تلك الحصص، المدة التي تحددها اللوائح.

4- إذا لم تقيم الحصص العينية من مقيم معتمد وفقًا لحكم هذه المادة أو إذا قُيمت بغير تقدير المقيم المعتمد المعين، يكون المؤسسون أو المساهمون مسؤولين شخصيًّا في جميع أموالهم في مواجهة الغير عن عدالة تقدير هذه الحصص وأداء الفرق نقدًا إلى الشركة، ولا تسمع الدعوى في هذه الحالة بعد انقضاء (خمس) سنوات من تاريخ قيد الشركة لدى السجل التجاري أو زيادة رأس مالها بحسب الأحوال).

كما يلاحظ أن من اهم المزايا والجوانب الفعالة التي أفرغها نظام الشركات السعودي الجديد، هو إمكانية تحويل المؤسسة الى شركة مساهمة تتكون من شخص واحد فقط دون سواه، وبشأن هذا النوع من الشركات نصت المادة (98) من نظام الشركات على أن: (في حال تأسيس شركة المساهمة من شخص واحد، أو إذا آلت جميع أسهمها إلى شخص واحد، يكون لهذا الشخص صلاحيات وسلطات جمعيات المساهمين المنصوص عليها في هذا الباب، وتصدر قراراته كتابة، دون الحاجة إلى دعوة الجمعية العامة، وتدون تلك القرارات في السجل الخاص المنصوص عليه في المادة (السابعة والتسعين) من النظام).

– كما أنه، من صور الشركات الأخرى التي يجوز للمؤسسة أن تتحول إليها، ويحتفظ صاحب المؤسسة بميزة الاختصاص والانفراد بالإدارة والأرباح وباقي الصلاحيات المعهودة في نظام الشركات دون المساس بذمته المالية الخاصة، هي شركات ذات المسؤولية المحدودة، حيث نصت المادة (156) من النظام على أن: (الشركة ذات المسؤولية المحدودة: هي شركة يؤسسها شخص واحد أو أكثر من ذوي الصفة الطبيعية أو الاعتبارية، وتعد ذمتها مستقلة عن الذمة المالية لكل شريك فيها أو المالك لها، وتكون الشركة وحدها مسؤولة عن الديون والالتزامات المترتبة عليها أو الناشئة عن نشاطها، ولا يكون المالك لها ولا الشريك فيها مسؤولًا عن هذه الديون والالتزامات إلا بقدر حصته في رأس المال)، فضلاً عن نص المادة (175) من ذات النظام على أن: (في حال تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة من شخص واحد، أو إذا آلت جميع حصصها إلى شخص واحد، يترتب ما يأتي:

أ- أن تكون لهذا الشخص صلاحيات وسلطات المدير ومجلس مديري الشركة والجمعية العامة للشركاء المنصوص عليها في هذا الباب، وتصدر قراراته كتابة، وتدون في سجل خاص لدى الشركة.

ب- يجوز لهذا الشخص تعيين مدير أو أكثر يكون هو الممثل للشركة أمام القضاء وهيئات التحكيم والغير، ومسؤولًا عن إدارتها أمام الشريك المالك لحصص الشركة.

يكون للشركة ذات المسؤولية المحدودة المملوكة من شخص واحد نظام أساس. وكل إشارة إلى عقد التأسيس في الأحكام التي تسري على الشركة ذات المسؤولية المحدودة تعني نظام الشركة الأساس).

(خامساً): الجوانب الإيجابية لتحويل المؤسسة إلى شركة في النظام السعودي

من خلال الطرح التالي، سوف نلقي الضوء على أهم مزايا تحويل المؤسسة إلى شركة من خلال معالجة عدة الجوانب التالية:

1- معالجة مشكلة نظام الشريك الافتراضي: حيث تعتبر من أهم الحسنات في نظام تأسيس الشركات الجديد والتي عالجت الكثير من المشاكل التي تخلفت من جراء عزوف الأفراد عن تأسيس الشركات، والاتجاه إلى تأسيس المؤسسات الفردية بديلاً عنها، هو جواز تحويل المؤسسة لشركة، مما ترتب عليه القضاء على الكثير من القضايا التجارية محتملة الحدوث، نتيجة وجود شريك صوري افتراضي في المؤسسة له حقوق والتزامات غير مثبتة بأوراق المؤسسة، لعدم وجود حقيقي له في كيان المؤسسة، فضلاً عن تخلص صاحب المؤسسة من المسؤولية الفردية المطلقة لكامل الالتزامات والمسئوليات دون الشريك المستتر، كما أن تحويل كيان المؤسسة إلى نظام شركة بالمفهوم المتعارف عليه سوف يصب على المدى الطويل على الكيان بعد تحوله بما يحقق الاستمرارية والنمو للعمل التجاري، وجدير بالذكر أن ذلك التحول سوف ينتج عنه وجود عدالة في توزيع الربح والخسارة  حتى ولو كانت الشركة متمثلة في شخص واحد فقط.

2- من حيث الالتزامات المالية والقانونية: لما كانت كافة النواحي القانونية للمؤسسة يتحملها مؤسسوها بصفتهم المالكين لها، وفي حالة حدوث أي خسارة أو أي مطالبة مالية من الغير، وتعذر مالك المؤسسة في الوفاء بتلك القيم المالية، فبضرورة الحال سنتنقل المطالبة المالية وبشكل قانوني إلى الذمة المالية الخاصة للممتلكات الأخرى للمؤسس، في حين أنه إذا تم تحويل المؤسسة إلى شركة، فوفقاً لنظام الشركات السعودي، سيتم نقل الحسابات المالية والالتزامات القانونية  إلى الشركة، دون الرجوع إلى ممتلكات الشركاء، ومن ثم تقتصر مسؤولية الشركاء على حصصهم في الشركة فقط دون سواها، ولكن لا ينطبق ذلك على شركات الأشخاص، بسبب طبيعة المسؤولية التضامنية المطلقة لهذا النوع من الشركات.

3– عدالة توزيع الربح والخسارة: إن ما يميز الشركة أن الربح يوزع حسب نسبة مساهمة الشركاء في الشركة ، وفي حالة وجود خسارة يتم توزيعها أيضًا حسب حصص الشركاء في الشركة، أما المؤسسة سواء كانت ربحاً أو خسارة فهي توزع على المؤسس فقط.

(سادساً): خاتمة

خلاصة المقال، تتضح في أن المنظم السعودي من خلال نظام التجارة الجديد قد اهتم بإيجاد حلول عملية في القضاء على العديد من المنازعات التجارية التي تنشأ بسبب وجود شريك مستتر ببعض المؤسسات الفردية لا وجود له في أوراق المؤسسة، وإنما وجوده وإن كان واقعي ولكنه صوري، كما أراد المنظم خلق مناخ استثماري  أمن للمؤسسات، فمنحها الحق للتحويل إلى كيان شركة، ببعض الأشكال المنصوص عليها في هذا النظام، والتي منها شركة الشخص الواحد، وشركة ذات المسؤولية المحدودة.

كتابة الأستاذ/ محمد جلال جعفر

[1] – الخياط، عبد العزيز، الشركات في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي، ط 1، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، 1971، ص 9.

[2] – عبد الحميد، رضا السيد وبهنساوي، صفوت، النظام التجاري السعودي، ج 1، المؤسسة الفنية، 1998، ص 126 وما بعدها.

[3] – العكيلي، عزيز، شرح القانون التجاري في الشركات التجارية، ج 4، ط 1، دار الثقافة، 1998، ص 14.

[4] – د/ محمد فريد العريني، الشركات التجارية، 2015، ص 55.