شرط إخلاء مسئولية الشركة المنتج في عقد الوكالة التجارية

أحكام شرط إخلاء مسئولية الشركة المنتج في عقد الوكالة التجارية في النظام السعودي

يعتبر عقد الوكالة التجارية من العقود الملزمة للجانبين، الذي يكون فيه طرفي العقد له حقوق وعليه التزامات للطرف الآخر، وهو مكلف بتنفيذ تلك الالتزامات كما حددها العقد المبرم بينهما دون تقصير.

وبعد إتمام انعقاد عقد الوكالة التجارية تقوم الشركة المنتجة بتنفيذ تعهداتها والتزاماتها تجاه الوكيل، من أجر ونفقات إتمام تنفيذ العقد الذي عهد به الموكل إلى الوكيل، وما يكون قد استحق من تعويضات للوكيل نتيجة لما تعرض له من أضرار، فهي التزامات تقع على عاتق الشركة ولا يتم إخلاء مسئوليتها في ذلك إلا إذا قامت بتنفيذها.

أولا: المقصود بالشركة المنتج وعقد الوكالة التجارية

1- المقصود بالشركة المنتج

هي أحد طرفي عقد الوكالة التجارية وهو المنوط به القيام بإنتاج وتقديم السلعة محل التعاقد وألذ يعهد بها إلى الوكيل التجاري الذي يتعاقد معه لتصريفها أو بيعها مقابل أجر.

2- عقد الوكالة التجارية

عرفت المادة الأولى من اللائحة التنفيذية لنظام الوكالات التجارية السعودي بالقرار رقم\ 1897بتاريخ 24\5\1401 الوكالات التجارية بأنها” يقصد بالوكالات التجارية المتعلقة بتطبيق نظام الوكالات التجارية وتعديلاته كل من يتعاقد مع المنتج أو من يقوم مقامه في بلده للقيام بالأعمال التجارية سواء كان وكيلا أو موزعا بأية صورة من صور الوكالة أو التوزيع وذلك مقابل ربح أو عمولة أو تسهيلات أيا كانت طبيعتها ويشمل ذلك وكالات النقل البحري أو الجوي أو البري وأية وكالات يصدر بها قرار من وزير التجارة”.

وعرفه البعض بأنه” عقد يقيم به الموكل شخصا آخر – طبيعيا أو اعتباريا – مقام نفسه في مباشرة تصرف قانوني معين لقاء أجر على أن يكون الوكيل تاجرا وأن يتعلق موضوع الوكالة بعمل تجاري”([1]).

ثانيا: التزامات الموكل أو الشركة المنتج

1- دفع الأجر للوكيل

فعقد الوكالة التجارية من عقود المعاوضات الملزمة للجانبين، فيقع على الموكل أي الشركة المنتج التزام بدفع أجر الوكيل الذي قوم بتصريف أو بيع السلعة محل التعاقد، ذلك أن الوكالة يشترط فيها دفع الأجرة المستحقة للوكيل.

وهو ما نصت عليه المادة الأولى من اللائحة التنفيذية بأن الأجر يكون مقابل ربح، أو عمولة، أو تسهيلات، أو غيرها.

وهو ما أكدته محكمة التمييز الأردني في حكم لها بأن” أوجبت المادة \857من القانون المدني على الموكل أداء الأجر المتفق عليه للوكيل متى قام بالعمل فان لم يتفق على الأجر وكان الوكيل ممن يعملون بمثل العمل الموكل به فله أجر المثل وإلا كان متبرعا ما لم يتفق طرفا الدعوى على الأجر المترتب على التوكيل كما لم يثبت أن الوكيل ممن يعملون أو يمارسون الأعمال الواردة في الوكالة فلا يستحق أجر المثل ويكون متبرعا”([2]).

ويجب أن يتفق طرفي العقد على الأجر الذي يتقاضاه الوكيل التجاري، أما إذا لم يتفقا عليه فيكون تحديده وفق العرف الجاري السائد.

ولم يحدد المشرع السعودي هذا الأجر بصورة محددة وإنما ترك المجال مفتوحا للموكل بتحديده في صورة ربح من بيع السلعة التي يقوم بتوزيعها أو عمولة أو تسهيلات من أي نوع، وهو ما نصت عليه المادة الأولى من اللائحة التنفيذية على أنه” ……….. مقابل ربح أو عمولة أو تسهيلات أيا كانت طبيعتها ويشمل ذلك وكالات النقل البحري أو الجوي أو البري وأية وكالات يصدر بها قرار من وزير التجارة”.

كما يستحق الوكيل الأجر بمجرد تمام العملية أو التصرف الذي كلف به ولا يجوز المطالبة به قبل تمام التنفيذ وإلا كانت المطالبة باطلة، كما أنه يستحق الوكيل الأجر حتى ولو لم تتم العملية المتفق عليها طالما أن ذلك راجع إلى الموكل أو الشركة المنتج.

إلا أن الأجر لا يستحق إلا إذا قام الوكيل بتنفيذ التزامه بحسن نية، فحسن النية واجب في تنفيذ العقد، إلا إذا كان السبب الذي منع التنفيذ راجع للقوة القاهرة أو الحادث المفاجئ حل دون تنفيذ العقد لكونهما يجعلا التنفيذ مستحيلا.

2- رد المصاريف التي أنفقها الوكيل التجاري في تنفيذ الوكالة

ذلك أن تنفيذ الوكالة عادة ما يتطلب نفقات ومصروفات، من مواصلات واتصالات وغيرها من المصروفات اللازمة لتنفيذ الوكالة.

ولقد أوجب المشرع السعودي التزام الموكل أو الشركة المنتج برد هذه النفقات للوكيل التجاري، كما يجب أن تكون تلك النفقات ضرورية لتنفيذ عقد الوكالة، كما يشترط أن تكون نفقات مشروعة ومحددة ومتناسبة مع طبيعة تنفيذ الوكالة والنفقات التي أنفقت بالفعل في سبيل تنفيذ الوكالة.

ويقع هذا الالتزام برد النفقات إلى الوكيل سواء اشترط الوكيل ذلك أم لم يشترط، وكما هو الحال في دفع الأجر، إذ أنه يجب أن يدفع الموكل للوكيل حتى ولو لم يتم تنفيذ الوكالة، فيتم رد النفقات حتى ولو لم يتم التنفيذ طالما أن ذلك لا يرجع إلى الوكيل التجاري، ذلك أن التزامه التزام ببذل عناية وليس بتحقيق نتيجة.

3- تعويض الوكيل عن الأضرار التي تصيبه من تنفيذ الوكالة

والتزام الموكل أو الشركة المنتج لا يقف عند رد النفقات والتي تكبدها الوكيل في تنفيذ الوكالة أو دفع الأجر المستحق له فحسب، بل أيضا يمتد ليشمل دفع التعويضات المترتبة على الأضرار التي لحقت بالوكيل من جراء تنفيذ الوكالة.

ويقصد بالتعويض هو غرامة التالف أو دفع ما وجب من بدل مالي سبب إلحاق ضرر بالغير ([3]).

ومن الصور التي يستحق عنها الوكيل التعويض:

1- إذا ما أخل الموكل بالتزاماته في عقد الوكالة مما يفوت على الوكيل بعض المصالح أو يسبب له بعض الأضرار ففي هذه الحالة له أن يطالب بفسخ العقد بالإضافة إلى الرجوع على الموكل بالتعويض عن عدم إتمام العقد لأن انقضاء الوكالة كان بسببه.

والتقصير الذي يبرر فسخ الوكيل للعقد هو التقصير أو الخطأ الجسيم الذي لا يمكن احتماله أو تداركه وإذا تعسف الوكيل في استعمال هذه الحق بحيث فسخ العقد في وقت غير مناسب أو لغرض سيء فانه مطالب بتعويض الموكل عما لحقه من أضررا نتيجة هذا التصرف ([4]).

2- وأيضا من الصور التي يستحق عنها الوكيل التعويض أن يتأخر الموكل في تسليم البضاعة أو الثمن إلى الوكيل أو الغير أو أن تكون البضاعة أقل جودة من المتفق عليه مما يترتل عليه أضرار تلحق بالوكيل.

ويستحق الوكيل التعويض إذا ما كانت هذه الأضرار راجعة إلى خطأ الموكل أو الشركة أو إلى سبب لا يد للوكيل به، ويجب أن يتم تقدير التعويض تقديرا عادلا بما يجبر الأضرار التي لحقت بالوكيل، كما يجب أن يكون تعويضا عادلا متناسبا مع الأضرار، وإذا لم يكن هناك ضرر فلا تعويض ([5]).

كما يجب أن يكون التعويض شاملا للخسارة الفعلية والربح الفائت وخسارة الزبائن، كما يجب أن يكون مشتملا على الخسارة المعنوية الناتجة عن الضرر المعنوي، وذلك عند إثبات الخطأ الجسيم أو غش الطرف الآخر.

3- أن يكون نشاط الوكيل قد أدى إلى نجاح ظاهر في ترويج السلعة أو في زيادة عدد العملاء

ثالثا: الأثر المترتب على تنفيذ الشركة المنتج لالتزامها

وإذا ما قامت الشركة المنتج أو الموكل بتنفيذ مال التزمت به تجاه الوكيل التجاري والتي سبق بيانها فلا يترتب على ذلك أية استحقاقات للوكيل التجاري، وتصبح ذمته بريئة تماما في هذا الشأن ولا يطالب الوكيل التجاري بأية تعويضات.

كما تنتفي عنه المسئولية في مواجهة الوكيل التجاري، ذلك لأن الموكل لم يثبت لديه تقصير تجاه الوكيل التجاري.

رابعا الأحكام القضائية في النظام

1- قضت المحكمة التجارية السعودية في ديوان المظالم في القضية رقم\ 5959\2\ق لعام 1431ه بأن” مطالبة المدعية الزام المدعى عليها بتعويضها بمبلغ مالي نتيجة فسخ المدعى عليها لاتفاقية التوزيع بينهما وثبت لدى الدائرة القضائية أن العلاقة بين الطرفين وكالة بالعمولة في توزيع منتجات المدعي عليها مقابل خصومات متفق عليها كما قامت الدائرة القضائية بالتكييف الفقهي لحقيقة الوكالة بالعمولة بأنها إجازة لازمة وأقرت المدعى عليها بالفسخ ودفعت ذلك لعدم التزام المدعية باستيراد الكمية المحددة من منتجاتها ولم تقدم المدعى عليها ما يثبت عدم التزام المدعية باستيراد ما تدعيه وقد تبين لدى الدائرة خطأ المدعى عليها في فسخ الاتفاقية ولحوق الضرر بالمدعية بسبب الفسخ كما تبين للدائرة استحقاق المدعية للتعويض للمدة المتبقية من الاتفاقية والمحتسب من قبيل خبير حسابي وصدر الحكم بالزام المدعى عليها بالمبلغ الذي حصرت المدعية دعواها به”.

2- لقد قضت المحكمة التجارية في ديوان المظالم في القضية رقم \367\3\ق لعام 1421ه بأن” مطالبة المدعي الزام المدعى عليه تعويضه عن الأضرار التي أصابته نتيجة تسبب المدعى عليه في فسخ وكالته مع إحدى الشركات الأجنبية وذلك بطريق الاحتيال لأخذ الوكالة مباشرة من هذه الشركة الأجنبية رغم أنه وكيل لها منذ عشرين سنة ودفع المدعى عليه بعدم صفة المدعي لكونه ليس وكيلا معتمدا نظاما للشركة الأجنبية لأن وكالته مع هذه الشركة انتهت بتاريخ 1990م وأنه لا دخل له بإلغاء الشركة الأجنبية وكالتها مع المدعي، ثبت لدى الدائرة صفة المدعى عليه بالدعوى لادعاء المدعي تسببه في الضرر الذي أصابه بسبب إلغاء وكالته والمتسبب والمباشر له أثره في الدعوى فتتحقق الصف، كمتا ثبت انتهاء الوكالة بين المدعي والشركة الأجنبية بانتهاء مدتها وبإرادة الشركة المنفردة بعدم تجديد العقد دون تدخل المدعى عليه كما ثبت لدى الدائرة عدم أحقية المدعي فيما يكالب به من تعويض لعدم ثبوت خطأ المدعى عليه ولعدم تسببه في إلغاء الوكالة ولعدم تقديمه بينة موصلة للأضرار التي أصابته وصدر الحكم برفض الدعوى”.

كتابة دكتور \ عبد المنعم حسن الشرقاوي

دكتوراه القانون المدني

([1]) د. محمد براك الفوزان، أحكام نظام الوكالات التجارية السعودي، مكتبة القانون والاقتصاد، الرياض، ط1، 1433، ص37.

([2]) حكم تمييز أردني رقم\ 1431لسنة1996، منشور في مجلة المحاميين لسنة1997، ص2754.

([3]) أشرف رسمي أنيس عمر، الوكالة التجارية الحصرية في الفقه الإسلامي والقانون، رسالة ماجستير، جامعة النجاح الوطنية، 2012، ص112.

([4]) د. عبدالمحسن بن عبدالله الذكري، الوكالات التجارية في الفقه والنظام، دار الندوة العالمية، الرياض، زالدار الإسلامية، المنصورة، ط1، 1423، ص372.

([5]) د. عبدالرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، 7\471.