التحكيم في نزاعات الوكالة التجارية في النظام السعودي
بديهيا أن الحل الذي عهده المشتغلين في التجارة هو اللجوء إلى القضاء لحل المنازعات التي تنشأ فيما بينهم إلا أنه نظرا لما ينتج عن ذلك النظام من عرقله لاتفاقيات التجارة بين طرفي العقد، وما يترتب على ذلك النظام من خسائر كبيرة في النفقات أمام المحاكم وتعطيل للإجراءات.
فقد اتجهت أنظار المتعاملين في الوكالات التجارية إلى طريق آخر لحل تلك المنازعات التي تنشأ بينهم.
فيعتبر نظام التحكيم من الوسائل البديلة لحل تلك النزاعات لما ثبت أنه يوفر الوقت والجهد والنفقات التي تنفق على القضايا التي ترفع من الطرفين وتستنفد طاقات الطرفين، بل وتخلق جو من الخلافات بين طرفي العقد بما يجعل المشاحنات بينهم على أوجها، لذلك أصبح هذا الطريق هو المتبع في حل المنازعات التي تنشأ بين طرفي العقد.
أولا: مفهوم التحكيم
عرفه البعض بأنه” اتفاق ما بين فريقين أو أكثر على تسوية منازعاتهم بالإحالة إلى التحكيم”([1]).
وعرفته المحكمة الدستورية العليا المصرية بأنه” عرض نزاع معين بين طرفين على محكم من الأغيار يعين باختيارهم أو بتفويض منهما أو على ضوء شروط يحدداها ليفصل هذا المحكم في ذلك النزاع بقرار يكون نائيا عن شبهة الممالأة مجردا من التحايل وقاطعا لدابر الخصومة في جوانبها التي ألحاها الطرفان إليه بعد أن يدلي كل منهما بوجهة نظره تفصيلا من خلال ضمانات التقاضي الرئيسية”([2]).
بينما لم يعرف النظام السعودي التحكيم وإنما عرف اتفاق التحكيم في المادة \الأولى من نظام التحكيم الصادر بالمرسوم الملكي رقم \م\ 34في 24\5\1433 ه على أنه” هو اتفاق بين طرفين أو أكثر على أن يحيلا إلى التحكيم جميع أو بعض المنازعات المحددة التي نشأت أو قد تنشأ بينهما في علاقة نظامية محددة، تعاقدية كانت أم غير تعاقدية سواء أكان اتفاق التحكيم في صورة شرط تحكيم وارد في عقد، أم في صورة مشارط”.
ثانيا: مبررات التحكيم وما يميزه عن غيره من الطرق
يعتبر التحكيم وسيله من وسائل حل المنازعات التي تنشأ بين الدول، وهو بذلك يتفق مع القضاء ككونه طرقا أصيلا لحل المنازعات التي تنشأ في إطار الوكالات التجارية، إلا أنه لقد اتجهت أنظار النظام القانوني داخل المملكة العربية السعودية في الفترة الأخيرة لهذا النظام كونه يمتاز بالعديد من المزايا التي لا تتوافر في النظام القضائي ([3]).
1- مزايا نظام التحكيم وعيوبه
– مزاياه
1- سرعة فض المنازعات التي تنشأ بين الأطراف المعنية
فيساعد ذلك النظام على سرعة إنجاز المنازعات وذلك لأن هذا النظام يوفر في الإجراءات من رفع دعاوى وما يضيعه من وقت ونفقات أمام المحاكم، وخاصة في القضايا التجارية، إذ أنه يكون عامل الوقت هام جدا وخاصة في عقد الصفقات التجارية.
فيملك المحكمون صلاحية تجديد المدة التي يرونها لازمة لإنهاء النزاع وفق ما ورد في القانون وعلى المحكم أن يلتزم بذلك حيث إن البطء في اتخاذ القرار في مثل هذه الدعاوى يجعل الأضرار تتفاقم ويضاعف حجم المشكلة ([4]).
2- تهيئة العلاقات بين الأطراف المعنية
ذلك أن هذا النظام يقوم على اختيار الطرفين للمحكمين وما يستقرون عليه بالتراضي فيما بينهم دون التعرض لجو المشاحنات بين الطرفين الذي يخلق نوع من العداوة بينهما على عكس القضاء الذي يكون مقيدا بالروتين الإجرائي الذي لا يخلوا من هذا الجو، والذي يكون مليئا بالمشاحنات.
3- تخفيف العبء المالي والإداري على المحاكم: ذلك أن تطبيق هذا النظام بالفعل يقلل من استخدام عدد القضاة المراد تعيينهم، إذ أنه يقلل عدد القضايا المطروحة على المحاكم التجارية بالمملكة وبالتالي يقلل الضغوط في الإجراءات الإدارية داخل المحاكم.
4- تلافي نشوب الأحقاد والعداوات بين الأطراف المتنازعة قدر المستطاع، على عكس النظام القضائي الذي رغم أنه يحقق العدل إلا أنه يخلف الأحقاد بين الأطراف المتنازعة والكراهية، ذلك أن التحكيم قائم على التراضي والاتفاق بين الطرفين وبذل مساعي الصلح بين الطرين مما يخلق جو من الرضا بين الطرفين.
5- تتصف أحكام التحكيم بالاعتدال في الحكم
إذ أن التراضي بين الطرفين المتنازعين يخلق حوارا ما بين الوساطة والشفاعة ليسود جو عام من الرضا بين الأطراف المتنازعة.
6- إن تسوية المنازعات بطريق التحكيم بدلا من النظام القضائي يترتب عليه اطمئنان رجال الأعمال، مما يساعد على جذب رؤوس الأموال، حيث يتيح هذا النظام للشركات متعددة الجنسيات الدخول في السوق المحلية، إذ أنها شركات لا ترغب في الخضوع للقوانين المحلية للدول مما يجعلها تشعر بالطمأنينة على مصالحها.
7- يتميز التحكيم بالسرية
فيتم التحكيم بين طرفي التعاقد فقط ولا يعلم أحد دونهما به، فلا يمكن أن يعرف طرف ثالث الاتفاق إلا إذا كان هذا منهما، بعكس النظام القضائي الذي تكون المحاكمة فيه علانية أما الجمهور لا يستطيع أحد أن ينكرها، فتكون المرافعات شفهية يعلم بها جمهور الناس والشركات المنافسة.
– عيوبه
1- التكلفة المالية العالية وخاصة ما يتعلق بالمنازعات التجارية
2- عدم استجابة أحد طرفي النزاع للحكم مما يجعل اللجوء للقضاء حتما وذلك لتنفيذه.
3- قلة طرق الطعن في نظام التحكيم عنها في المحاكم ([5]).
ثالثا: الطبيعة القانونية للتحكيم
يعتبر التحكيم وليد إرادة طرفي العقد إذ أن طرفي العقد هما اللذان يقررا اتباع هذا النظام لتسوية ما ينشأ بينهما من منازعات، أي أن الإرادة تلعب فيه دورا كبيرا، فسلطان الإرادة يعد اللاعب الأساسي في هذا النظام.
ولقد اختلف الفقه حول الطبيعة القانونية للتحكيم إلى ثلاث اتجاهات:
1- التحكيم ذا طبيعة قضائية
ويرى أنصار هذا الاتجاه أن التحكيم في منازعات الوكالات التجارية هو ذا طبيعة قضائية، رغم أنه يبدأ بعقد إلا أنه ينتهي بحكم، وهذا الحكم يعتبر عملا من أعمال القضاء والمحكم لا يعمل بإرادة الخصوم وحدها، بل أن فكرة حل المنازعة تحركه أيضا فيقوم المحكم بالتعرض لها ويقوم بحلها مما يجعله قاضيا يحكم بين الخصوم شأنه شأن القاضي في النظام القضائي ([6]).
2- التحكيم ذا طبيعة مختلطة
ويرى أنصار هذا الاتجاه أن التحكيم لا يمكن اعتباره ذا طبيعة عقدية أو ذا طبيعة قضائية فقط، وإنما هو ذا طبيعة مزدوجة، فلابد من إيجاد نوع من التوازن بين الاتجاهين.
ذلك أنه على الرغم أن هذا النظام يبدأ بالتعاقد بين الطرفين وينشأ بإرادة الطرفين إلا أن هذه الإرادة تتلاشى عندما يتم البدء في إجراءات التحكيم وعرضه أمام هيئة التحكيم، ذلك أن التحكيم مثله مثل القضاء، وما يصدر عن التحكيم يعطي قوة إلزامية تختلف عن القوة الملزمة للعقد.
3- التحكيم ذا طبيعة مستقلة
وذهب جانب آخر من الفقه إلى أن التحكيم ذا طبيعة مستلقة، فلا يمكن اعتباره عقدا ولا يمكن وصفه بالازدواجية ( لا عقدا ولا قضاء) بل هو نظام مستقلا ذو طبيعة خاصة ومستقلة، فيجب أن ينظر إليه مستقلا عن فكرة العقد أو بالحكم القضائي وإنما يجب أن ينظر إليه من منظور الهدف الذي بسببه لجأ الطرفان إليه([7])، ونحن نؤيد هذا الرأي ، ذلك أن نظام التحكيم يلجأ إليه الطرفان بالاتفاق بينهما بصفة مستقلة في الوقت الذي يكون النظام القضائي متاح لها أيضا، فكلاهما يهدفان إلى حل المنازعات التي تنشأ بين طرفي الوكالة التجارية إذ أن هدفهما واحد إلا أنه بالنظر إلى الهدف الذي لجأ إليه كلا من النظامين هو السعي إلى العدالة، إلا أنهما يختلفان من حيث الأسس.
رابعا: التمييز بين التحكيم والقضاء
القضاء هو مؤسسة رسمية داخل الدولة أما التحكيم فهو جهة غير رسمية يدخل الأطراف في اختيار أعضائها بعكس القضاء فهم موظفون داخل الدولة يؤدون عملهم وفقا لقوانين الدولة وبعيدا عن العرف.
ورغم ذلك إلا أن القضاء يعتبر رقيب على أعمال التحكيم، إذ أنه في حالة صدور حكم تحكيم على طرف من الأطراف المتنازعة ورفض تنفيذ هذا الحكم فإن للطرف الآخر الحق في اللجوء إلى القضاء لتنفيذه.
كما وأنه في حالة الاختلاف على تعيين محكم بين الأطراف المتنازعة تقوم المحكمة المختصة بتعيينه.
وكذلك في حالة التعيين من المحكمة تقوم بتحديد أتعاب المحكمين ويكون ذلك التحديد بقرار غير قابل للطعن بأي طريق من طرق الطعن، وذلك وفقا لنص المادة\ 24من القانون سالف الذكر.
خامسا: الشروط الواجب توافرها لصحة التحكيم
ويشترط في التحكيم لكي يكون صحيحا منتجا لآثاره وصالحا للتنفيذ أن تتوافر عدة شروط وهي:
1- الكتابة
فلقد اشترط المشرع السعودي أن يكون الشرط مكتوبا وإلا كان باطلا، فلا يتصور أن يكون هناك شرط تحكيم بين طرفي العقد شفاهه، وإنما لابد وأن يكون اتفاقا مكتوبا بأي وسيلة من وسائل الكتابة حتى ولو كانت خطابا أو برقية أو حتى عن طريق الوسائل الإلكترونية أو بالإشارة في عقد معين على اشتراط التحكيم.
وهو ما نصت عليه المادة \9 \الفقرة الثانية والثالثة من نظام التحكيم السعودي على أنه” 2- يجب أن يكون التحكيم مكتوبا وإلا كان باطلا.
3- يكون اتفاق التحكيم مكتوبا إذا تضمنه محرر صادر من طرفي التحكيم أو إذا تضمنه ما تبادلاه من مراسلات موثقة أو برقيات أو غيرها من وسائل الاتصال الإلكترونية أو المكتوبة وتعد الإشارة في عقد ما أو الإحالة فيه إلى مستند يشتمل على شرط للتحكيم بمثابة اتفاق تحكيم كما يعد في حكم اتفاق التحكيم المكتوب كل إحالة في العقد إلى أحكام عقد نموذجي أو اتفاقية دولية أو أي وثيقة أخرى تتضمن شرط تحكيم إذا كانت الإحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد”.
2- أن يكون المحكم متمتعا بالأهلية الكاملة
فلا يصح التحكيم إلا إذا كان المحكم يتمتع بالأهلية الكاملة، فإذا كان عديم الأهلية بأن كان ذا سفه أو معتوه فإن التحكيم يكون باطلا، فمن لا يملك الإرادة لا يصلح أن يكون محكما، ومن لا يملك التصرف في حقوقه فلا يصلح أن يكون محكما.
وهو م أنصت عليه المادة \10 من ذات القانون على أنه” 1- لا يصح الاتفاق على التحكيم إلا ممن يملك التصرف في حقوقه سواء أكان شخصا طبيعيا أو من يمثله أم شخصا اعتباريا”.
وكذلك ما نصت عليه المادة \14 من ذات القانون على أنه” يشترط في المحكم ما يأتي:
1- أن يكون كامل الأهلية.
2- أن يكون حسن السير والسلوك.
3- أن يكون حاصلا على الأقل على شهادة جامعية في العلوم الشرعية أو النظامية وإذا كانت هيئة التحكيم مكونة من أكثر من محكم فيكتفى توافر هذا الشرط في رئيسها”.
3- انعدام مصلحة المحكم من النزاع
فلقد اشترط المشرع السعودي ألا يكون هناك مصلحة للمحكم في حل النزاع المعروض أو صله به، وأن يكون ذلك مستمرا طوال الفترة التي يتم فيها لتحكيم إلى أن ينتهي.
وهو ما نصت عليه المادة \ 16على أنه” 1- يجب ألا يكون للمحكم مصلحة في النزاع، وعليه، منذ تعيينه وطوال إجراءات التحكيم، وأن يصرح – كتابة- لطرفي التحكيم بكل الظروف التي من شانها أن تسير شكوكا لا ما يسوغها حول حيادة واستقلاله، إلا إذا كان قد سبق له أن أحاطهما علما بها”.
4- أن يكون الحكم صادرا من هيئة التحكيم بأغلبية الأصوات إذا كانت الهيئة مشكلة من أكثر من محكم.
أما في حالة عدم الوصول إلى أغلبية الأصوات، فلهيئة التحكيم اختيار محكم من بين المتقدمين وذلك خلال 15 يوم من قرارها بعدم التمكن من الحصول على أغلبية الأصوات.
5- أن يتم إصدار الحكم خلال الميعاد المتفق عليه من الطرفين أما إذا لم يكن هناك اتفاق يكون صدور الحكم خلال أثني عشر شهرا من تاريخ بدء الإجراءات.
وهو ما نصت عليه المادة \ 40 على أنه” 1- على هيئة التحكيم إصدار الحكم المنهي للخصومة كلها خلال الميعاد الذي اتفق عليه طرفا التحكيم فان لم يكن هناك اتفاق وجب أن يصدر الحكم خلال أثني عشر شهرا من تاريخ بدء إجراءات التحكيم.
2- يجوز لهيئة التحكيم في جميع الأحوال أن تقرر زيادة مدة التحكيم على ألا تتجاوز هذه الزيادة ستة أشهر ما لم يتفق طرفا التحكيم على مدة تزيد على ذلك”.
3- إذا لم يصدر حكم التحكيم خلال الميعاد المشار إليه في القرة السابقة جاز لأي من طرفي التحكيم أن يطلب من المحكمة المختصة أن تصدر أمرا بتحديد مدة إضافية أو بإنهاء إجراءات التحكيم ولأي من الطرفين عندئذ رفع دعواه إلى المحكمة.
4- إذا عين محكم بدلا من محكم وفقا لأحكام هذا النظام امتد الميعاد المحدد للحكم ثلاثين يوما”.
5- أن يصدر الحكم مسببا وأن يشتمل الحكم على تاريخ النطق به ومكان إصداره وأسماء الخصوم وعنوانهم وأسماء المحكمين وعنوانهم وجنسياتهم وصفاتهم وملخص باتفاق التحكيم وملخص لأقوال وطلبات طرفي التحكيم ومنطوق الحكم وكذلك تحديد أتعاب المحكمين، وهو ما نصت عليه المادة \42 كمن القانون سالف الذكر.
سادسا: أساليب الطعن في صلاحية حكم التحكيم
يلجأ الأطراف في عقد الوكالة التجارية إلى التحكيم لحل منازعاتهم، فلقد أجاز قانون التحكيم السعودي سالف الذكر لأطراف العقد إدراج التحكيم ضمن شروط العقد أو الاتفاق على اللجوء إليه عند حدوث منازعة بينهم، وهو ما نصت عليه المادة\ 9 من القانون سالف الذكر على انه” يجوز أن يكون اتفاق التحكيم سابقا على قيام النزاع سواء أكان مستقلا بذاته أم ورد في عقد معين.
كما يجوز أن يكون التحكيم لاحقا لقيام النزاع وإن كانت قد أقيمت في شأنه دعوى أمام المحكمة المختصة وفي هذه الحالة يجب أن يحدد الاتفاق المسائل التي يشملها وإلا كان الاتفاق باطلا”.
وبعد اللجوء للتحكيم فقد لا يرتضي أحد الأطراف بالحكم الصادر في النزاع، فتكون وسيلتهم في ذلك هو التشكيك في نزاهته أو في إجراءاته بما ينال منه ويلغي الحكم.
ويتبع بعض الأطراف المتنازعة وسائل من شأنها التشكيك في الحكم الصادر بقصد إلغاءه وهي:
1- الطعن في صحة العقد
الأصل في اللجوء للتحكيم هو أن يكون هناك عقد ينظم موضوع معين بين طرفيه حتى يحق للطرفين اللجوء للتحكيم، وينبغي أن يكون هذا العقد صحيحا مكتملا في أركانه حتى لا يكون عرضة للطعن فيه والنيل من صحته وبالتالي كل ما ترتب عليه هو باطل.
وعلى هذا الأساس تكون وسيلة الطرف المتضرر من التحكيم أو الذي لا يرتضي الحكم بغية إلغاءه.
فلو كان شرط التحكيم مبنيا على عقد باطل فيقوم الطرف الرافض لحكم التحكيم بالطعن في صحة عقد الوكالة التجارية، كما لو لم تتوافر شروط انعقاده أو لأن هذا العقد باطل، أو فاسد وذلك بغرض إلغاء حكم التحكيم إلا أنه يرد على ذلك بأن شرط التحكيم شرط مستقل عن العقد الخاص بالوكالة التجارية، وهو ما نصت عليه المادة \ 21 من نظام التحكيم السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم \م\34بتاريخ 24\5\1433 على أنه ” يعد شرط التحكيم الوارد في أحد العقود اتفاقا مستقلا عن شروط العقد الأخرى ولا يترتب على بطلان العقد الذي يتضمن شرط التحكيم أو فسخه أو إنهائه بطلان شرط التحكيم الذي يتضمنه إذا كان هذا الشرط صحيحا في ذاته”.
وأن الحكم الصادر فيه هو حكم واجب التنفيذ عندما يصبح نهائيا بعد التثبت من عدم وجود ما يمنع تنفيذه شرعا، كما أن الحكم الصادر من المحكمين بعد إصدار الأمر بتنفيذه في قوة الحكم الصادر من الجهة التي أصدرت الأمر بالتنفيذ وهو ما نصت عليه المادة\ 21 من نظام التحكيم سالف الذكر على انه” يعتبر الحكم الصادر من المحكمين بعد إصدار الأمر بتنفيذه حسب المادة السابقة في قوة الحكم الصادر من الجهة التي أصدرت الأمر بالتنفيذ”.
2- الطعن في شرط التحكيم
وقد يلجأ أحد الطرف الذي صدر ضده حكم التحكيم إلى التشكيك فيه عن طريق الطعن في شرط التحكيم ذاته كما لو شكك في صلاحية شرط التحكيم ذاته أو أنه لم يعلم بالشرط، أو أن الطرف الآخر غير كامل الأهلية أو ناقص الأهلية، ففي هذه الحالة يتجه الطعن في التحكيم بأداة التحكيم وأن تشكيل هيئة التحكيم بعدم اتفاق ليصار لاحقا نطره أمام القضاء المحلي.
ويمكن أن يرد على ذلك بأن الاختصاص بالحكم على صحة التحكيم ينعقد لهيئة التحكيم ذاتها أي أن المحكم هو الذي يفصل في اختصاصه بنفسه، وهو ما نصت عليه المادة \ 20\1 على أنه ” 1- للمحكمة المختصة أن تأمر باتخاذ تدابير مؤقته أو تحفظية بناء على طلب أحد طرفي التحكيم قبل البدء في إجراءات التحكيم أو بناء على طلب هيئة التحكيم أثناء سير إجراءات التحكيم ويجوز الرجوع عن تلك الإجراءات بالطريقة نفسها ما لم يتفق طرفا التحكيم على خلاف ذلك”.
3- مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية
وقد يلجأ الطرف الذي صدر ضده حكم التحكيم إلى الطعن في الحكم ذاته بأنه قد خالف أحاكم الشريعة الإسلامية، كما لو ادعى هذا الطرف بأن الذي أصدر الحكم امرأة غير مسلمة أو أن من أصدر الحكم غير كامل الأهلية.
ويمكن أن يرد على ذلك بأن نظام التحكيم السعودي سالف الذكر لم يشترط فيمن يقوم بالحكم في التحكيم ألا يكون امرأة وإنما نص في المادة \ 14منه على الشروط الواجب توافها فيمن يكون محكما على أنه” يشترط في المحكم ما يأتي:
1- أن يكون كامل الأهلية.
2- أن يكون حسن السير والسلوك.
3- أن يكون حاصلا على الأقل على شهادة جامعية في العلوم الشرعية أو النظامية وإذا كانت هيئة التحكيم مكونة من أكثر من محكم فيكتفى توافر هذا الشرط في رئيسها”.
كما وأن الشرع الحنيف لم يمنع تولى المرأة وظيفة التحكيم، إذ أنها ليست وظيفة قضائية حرمها عليها الشرع الحنيف، ولا يوجد ما يمنع من حظر توليها هذه الوظيفة.
الخاتمة:
لقد اتجهت أنظار النظام القانوني في المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة إلى اتباع نظام التحكيم في الوكالات التجارية راغبة من ذلك تحقيق الرخاء الاقتصادي داخل المملكة عن طريق طمأنة الشركات الكبيرة والمتعددة الجنسيات كي تغزو السوق السعودي، حيث إنها شركات تخشى الاحتكام إلى القوانين المحلية للدول وتفضل اللجوء إلى نظم التحكيم لسرعة الإجراءات وتوفير الوقت بما يكون مردودة إيجابيا على ما تعقده من صفقات تجارية، وما يترتب عليه من عدم ضياع أو فشل ما تعقده من صفقات تجارية.
كتابة دكتور \عبد المنعم حسن الشرقاوي
دكتوراه القانون المدني
([1]) د. حمزة احمد الحداد، التوجهات الحديثة في التحكيم التجاري الدولي، ورقة عمل مقدمه لندوة التحكيم المدني والتجاري في إطار القانون الوضعي والشريعة الإسلامية والاتفاقيات الدولية للفترة من 26-27كانون الأول ، مجلة المعهد العربي للتحكيم والتسويات البديلة، ص2.
([2]) الفتوى رقم \661في 1\7\1989، جلسة 17\5\1989، ص138، مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة والجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع في العقود الإدارية في أربعين عاما، من أول أكتوبر سنة1955إلى آخر سبتمبر 1995، ص143.
([3]) د. محمد عبدالمجيد إسماعيل، عقود الأشغال الدولية والتحكيم فيها، منشورات الحلبي الحقوقية ، بدون سنة نشر، ص366.
([4]) د. شريف يوسف خاطر، التحكيم في منازعات العقود الإدارية وضوابطه\، دار الفكر والقانون، المنصورة، مصر، ط1، 2011، ص93-109.
([5]) د. هشام خالد، جدوى اللجوء إلى التحكيم التجاري الدولي، مزاياه، أمراضه، منشأة المعارف ، الإسكندرية، 2006، ص18.
([6]) د. علي إبراهيم شعبان، مدى تأثر التحكيم في العقود الإدارية بمبدأ سيادة الدولة بالتطبيق على النظام السعودي، ص338
([7])د. علي إبراهيم شعبان، مرجع سابق، ص339.