التعريف بالاستثمار الملائكي في النظام السعودي
يُعد جمع رأس المال أحد أكبر التحديات التي تواجه رواد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة، ولكن بفضل التطورات التي تشهدها منظومتي التمويل والاستثمار عالميًا ومحليًا أصبح أمام رواد الأعمال والشركات خيارات متعددة لتلبية احتياجاتهم التمويلية من خلال حلول التمويل البديلة مثل التمويل الجماعي، والتمويل عن طريق الاستثمار الجريء والاستثمار الملائكي، حيث يلعب الاستثمار الملائكي بواسطة المستثمرين الملائكين دورًا هامًا في النمو الاقتصادي؛ لأن تمويلهم يساعد في بدء أعمال ومشاريع تجارية مبتكرة لم يكن الكثير منها قد بدأ نظرًا لمحدودية وصولهم إلى مصادر التمويل التقليدية وهذه المشاريع تساهم في خلق منتجات وخدمات الاقتصاد، هذا بالإضافة إلى مكاسبهم الشخصية المحتملة من الاستثمار في شركة ناشئة؛ لذا سوف نتناول في هذا كل ما يتعلق بالاستثمار الملائكي من خلال العناصر الرئيسية الآتية:
وسوف نقدم شرح تفصيلي لكل عنصر من العناصر الرئيسية السابقة، فيما يلي:
أولًا: تعريفات هامة
سوف نوضح بعض التعريفات الهامة المتعلقة بالاستثمار الملائكي على النحو الآتي:
١. الاستثمار الملائكي
هو شكل من أشكال تمويل الأسهم ويُعد المصدر الأساسي للتمويل للعديد من الشركات الناشئة التي تجدها أكثر جاذبية من أشكال التمويل الأخرى، حيث يقوم من خلاله المستثمر الملائكي بتوفير التمويل مقابل تولي حصة في الشركة.
٢. الاستثمار الجريء
هو شكل من أشكال التمويل الذي يوفر الأموال للشركات الناشئة في المراحل المبكرة مع إمكانيات نمو عالية في مقابل حقوق الملكية أو حصة الملكية، ويكون مصدر رأس المال الاستثماري من المستثمرين مرتفعي الملاءة المالية والبنوك الاستثمارية والمؤسسات المالية وصناديق رأس المال الجريء المنظمة، والاستثمار الجريء لا يأخذ دائمًا شكلًا نقديًا فيمكن توفيره في شكل خبرة فنية أو إدارية.
٣. المستثمر الملائكي
هو فرد أو مجموعة تهدف إلى دعم الأفكار والشركات الناشئة في مراحلها الأولية حيث لا يوجد تأكيدات فعلية على أرض الواقع لنجاح الفكرة، ولكن يكون لديهم اهتمام وإيمان بالفكرة وما يمكن أن تحققه في المستقبل مما يحفزهم على المخاطرة بمبلغ من المال في شركتك لدعمها للنهوض ولمساعدتها على النمو والتوسع مقابل الحصول على حصة في الشركة.
٤. المستثمر العادي
هو المستثمر الذي يريد أن يحقق العائد المتوسط السائد في السوق ويخشى المخاطرة، فهو ليس مضارب أو متلاعب بالأسعار، فهو مستثمر يريد تنمية موارده الخاصة لتحقيق رفاهية أكبر له ولأولاده في المستقبل.
ثانيًا: التفرقة بين المستثمر الملائكي والمستثمر العادي
يمكننا التفرقة بين المستثمر الملائكي والمستثمر العادي من خلال الفروق الآتية:
١. المستثمر الملائكي يمكنه الانضمام إلى مشروعك في مرحلة مبكرة للغاية، فهو يأتي في وقت لا تكون الشركة فيه قد تمكنت من التغلب على أنواع المخاطرة المختلفة في مشروعها، ولهذا يعتبر استثمار مخاطر، بخلاف المستثمر التقليدي يرغب في دخول استثمارات آمنة يعرف من أين تبدأ وإلى أين تنتهي، ولا يقبل بوجود نسب مخاطرة عالية فيما يشارك فيه من مشاريع.
٢. المستثمر الملائكي يتعامل مع الأفكار الجديدة على أساس أنها مشاريع قابلة للدعم ويراها فرص استثمارية مستقبلية وتحتاج إلى رأس مال لقيامها، بخلاف المستثمر العادي يتعامل مع الأفكار الجديدة كونها طموحات عالية قد لا ترقى إلى مستوى الواقع.
٣. المستثمر الملائكي يتشارك مع صاحب المشروع سواءًا في حالة الكسب أو الخسارة، وليس في النجاح فقط، ويشاركه أيضًا في اتخاذ القرارات، بخلاف المستثمر العادي يضع شرط بأن يتحمل صاحب الفكرة، أو المشروع المخاطر الأكبر بينما هو يتلقى أقل الضرر.
٤. المستثمر الملائكي يسعى إلى النهوض بالشركات الناشئة ومساعدتها على التوسع والنمو السريع، بخلاف المستثمر العادي الذي ليس لديه أي مانع من النمو المالي البطيء لثروته مادام هذا لن يكلفه خسائر عالية.
٥. يستغل المستثمر الملائكي ماله في تطوير مجال الأعمال ويدفع بعجلة الاستثمار إلى الأمام وذلك بتسليط الضوء على العقول والمواهب الشابة وما تمتلكه من أفكار، بخلاف المستثمر العادي يرغب في التعامل مع الأشخاص ذوي الخبرات الفعلية في مجال العمل وليس المبتدئين.
٦. يرحب المستثمر الملائكي بالأفكار الجديدة ويشجعها ولا يخشى المخاطرة بها، بخلاف المستثمر العادي الذي يرحب بالأفكار التقليدية المضمونة أو ذات الرؤيا الواضحة لكل خطوة فيها.
٧. يرحب المستثمر الملائكي بالأشخاص الجديدة في مجال الأعمال ولا يخشى المخاطرة معها، بخلاف المستثمر العادي الذي يرحب بالتعاون مع الشخصيات البارزة أو المعروفة في مجال الأعمال، ويخشى المخاطرة مع الأشخاص الجديدة أو المجهولة في عالم المال.
ثالثًا: ما هية مميزات الاستثمار الملائكي
يحقق اللجوء إلى الاستثمار الملائكي كأحد أهم مصادر التمويل المزايا الآتية:
١. يقدم الدعم الإداري الذي يحتاجونه أصحاب المشاريع الناشئة، ويقدم لهم أيضًا الدعم المالي للمشروع في مراحله الأولية دون الاهتمام بفرص نجاحه أو فشله، وفي بعض الأحيان ينفق على هذه المشاريع من أمواله الخاصة.
٢. بديلًا رائعًا لأصحاب المشاريع الناشئة عن اللجوء إلى البنوك وما تقدمه من قروض باهظة التكاليف، فهو أقل خطورة عليهم؛ لأن القروض تحتاج إلى ضمانات كتيرة وفي حال فشل المشروع يكون مطلوب منهم سداد رأس المال الذي أخدوه، ولا يوجد ذلك مع المستثمرين الملائكين.
٣. يساعد في خلق مجالات جديدة في السوق لم تكن لتتواجد لولا إيمانه بوجودها من البداية.
٤. يشجع أصحاب الأفكار المؤثرة على التعبير عن أفكارهم ومشاركتهم مع العالم إيمانًا بكونهم سيحصلون على الدعم المناسب لوجود هذا النوع من المستثمرين، ولا يعقدون الأمور وفي الغالب يتم إقناعهم بالفكرة بسهولة.
٥. في الاستثمار الملائكي غالبًا ما يكون المستثمرون الملائكيين من رجال الأعمال ذوي الخبرة الكبيرة؛ وبالتالي سوف يساهمون بهذه الخبرة والمعرفة في قيام الشركة الناشئة وتوسعها واستمرار نموها.
٦. في الاستثمار الملائكي لا يبحث المستثمرين الملائكيين عن الربح العاجل؛ وإنما يدركون أنهم قرروا وضع أموالهم في مشاريع من المحتمل ألا تجلب لهم الربح العاجل، أي لا يهتموا بجنى الأرباح في بداية المشروع؛ إنما يخطط لكيفية التربح منه بعد فترة من الزمن.
رابعًا: نصائح هامة لكي تصبح مستثمرًا ملائكيًا ناجحًا
هناك بعض النصائح الهامة لكي تصبح مستثمرًا ملائكيًا ناجحًا تتمثل في الآتي:
١. ينبغي قيام العديد من العلاقات الاجتماعية الواقعية وتوسيع دائرتها حتى تتمكن من الظهور أمام المجتمع كونك صاحب رأس المال المشجع للمشاريع الناشئة.
٢. ينبغي تنفيذ الأفكار في وقتها الصحيح وهذا يقتضي أن تسرع بعملية تقييمها ومعرفة أهميتها أم لا.
٣. ينبغي مراعاة أن يكون التقييم النهائي للأفكار وأهميتها خاضع لرؤيتك وخبرتك وليس لتقييم العاملين معك؛ لأنه من الممكن أن يكون هناك فرصة مميزة للغاية ولكن يتم التقليل من أهميتها من قبل العاملين معك، أو لم يكن لديهم القدرة على فهمها بالطريقة التي تستوعبها أنت.
٤. ينبغي الحرص على تحديد وقت مخصص من أجل التواصل مع الشباب الطموحين لتلقي الأفكار ومتابعتها، وإجابتهم على أسئلتهم أو تقديم الاستشارات المهنية لهم.
٥. لا تعد أحد بأن تستثمر معه حتى تكون متأكدًا تمامًا من نية وإمكانية دخولك في المشروع.
٦. عدم الاكتفاء بما تسمعه من أصحاب المشاريع؛ بل ابذل مجهودًا كبيرًا في التحقق من صحة المعلومات.
خامسًا: ما الفرق بين الاستثمار الملائكي والاستثمار الجريء
على الرغم من أوجه التشابه بين كلًا من الاستثمار الملائكي والاستثمار الجريء في أن كلًا من المستثمر الملائكي والمستثمر الجريء لا يمنح المال كقرض يتطلب إعادة السداد؛ بل يمنحه كاستثمار مقابل الحصول على حصة في الشركة، غير أنه يوجد بعض الفروق بينهم تتمثل في الآتي:
١. من حيث مفهوم كلًا منهما
يمكننا تعريف كلًا من الاستثمار الملائكي والاستثمار الجريء على النحو الآتي:
أ. الاستثمار الملائكي
هو الاستثمار في الشركات الناشئة خصوصًا في المراحل الأولى من عملها، ويحصل فيه المستثمر الملائكي على حصة من الشركة مقابل قيمة الاستثمار التي يشارك بها، وذلك بهدف مضاعفة أمواله خلال عمل الشركة، أي أن هدفه هو الأرباح الرأسمالية، وعندما تنجح الشركة في تمويلها من خلال الاستثمار الملائكي؛ فهذا قد يكون من الخطوات الانتقالية المميزة لها، إذا يسعى المستثمر الملائكي لتقديم أقصى فائدة للشركة، من خلال نصائحه وشبكة علاقاته.
ب. الاستثمار الجريء
هو أحد أنواع التمويل الذي يقدمه المستثمرون للشركات الواعدة التي يعتقد بأن لديها إمكانيات نمو استثنائية، ولديها القدرة على مواصلة هذا النمو على المدى الطويل مقابل حصص ملكية كبرى في الشركة.
٢. من حيث طبيعة المستثمر
يمكننا بيان طبيعة المستثمر الملائكي والجريء على النحو الآتي:
أ. طبيعة المستثمر الملائكي
شخص يمثل نفسه حيث يملك رأس مالًا كبيرًا ويرغب في استثماره من خلال إحدى الشركات الناشئة التي يمتلكها رواد أعمال مُبدعون ومُبتكرون، ويريدون استثمار أموالهم من أجل إنقاذ شركة ما من عثرتها والدفع بها مقدمًا مقابل حصة في هذه الشركة
ب. طبيعة المستثمر الجريء
شخص أو شركة تستثمر في الشركات الصغيرة، وتستخدم عمومًا الأموال المجمعة من شركات الاستثمار والشركات الكبيرة وصناديق التقاعد، وغالبًا لا يستخدم أصحاب رأس المال الجريء أموالهم الخاصة للاستثمار في الشركات.
٣. من حيث مراحل الاستثمار
تختلف مراحل الاستثمار التي يبدأ فيها المستثمر بدفع أموال في المشاريع التجارية في كلًا من الاستثمار الملائكي والاستثمار الجريء. على النحو الآتي:
أ. بالنسبة للاستثمار الملائكي:
يتم الاستثمار في الشركات الناشئة في مراحلها الاولى؛ لأنه عادًة ما يختاروا المستثمرين الملائكين الأعمال التي يهتمون بها ويمكنهم أن يروا أنها ستصبح مربحة؛ لهذا السبب يتحمل المستثمرين الملائكين مخاطر أكثر من أصحاب رؤوس الأموال الجريئة
ب. بالنسبة للاستثمار الجريء:
فعادة ما يميل أصحاب رأس المال الجريء إلى الاستثمار في الشركات التي تم تأسيسها بالفعل لتقليل مخاطر خسارة الاستثمارات، أي الاستثمار في الشركات الناشئة ذات النمو الاستثنائي.
٤. من حيث الدعم المقدم ودور المستثمر
يمكننا بيان الدعم المقدم ودور المستثمر في كلًا الاستثمار الملائكي والاستثمار الجريء على النحو الآتي:
أ. بالنسبة للاستثمار الملائكي
في الاستثمار الملائكي قد يقدم المستثمرون الملائكيين الدعم الفني والخبرات والعلاقات اللازمة لأصحاب المشاريع الناشئة، ويساعدوا في تكوين اتصالات مع البنوك والمحاسبين ويساعدوا في اتخاذ القرار إلى جانب الدعم المادي.
ب. بالنسبة للاستثمار الجريء
يقدم فريق الاستثمار الجريء الدعم المالي والدعم الفني، ولكن يريد التأكد من حصوله على أعلى عائد مقابل أمواله؛ لذلك يسعى لإنشاء مجلس إدارة للشركة التي يعمل بها، ويطالب بمقعد في هذا المجلس وفي النهاية لا يهتم بتوجيه العمل.
٥. من حيث حجم التمويل
يمكننا بيان حجم التمويل في كلًا الاستثمار الملائكي والاستثمار الجريء على النحو الآتي:
أ. بالنسبة للاستثمار الملائكي
يتراوح حجم التمويل الذي يقدمه رأس المال الملائكي ما بين ٢٥,٠٠٠- ١٠٠٠,٠٠٠ريال سعودي للمشروع الواحد، وقد يزيد حجم التمويل في هذا النوع من الاستثمار بناءًا على الاتفاق ما بين المستثمر الملائكي ورائد الأعمال.
ب. بالنسبة للاستثمار الجريء
لا يوجد حد أدنى وحد أقصى للتمويل الذي يقدمه رأس المال الجريء، حيث يتم تحديد قيمة كل صفقة بشكل مستقل بناءً على عوامل مختلفة.
إعداد/ محمد محمود