الاحتياطي النظامي والاحتياطي الاختياري للشركة في النظام السعودي
يعد الهدف الرئيسي من نظام الشركات السعودي منذ إصداره في نسخته الأولى خلق المناخ الملائم والمناسب لممارسة الشركات بكافة أنواعها لنشاطاتها، وتحقيق الأرباح والأهداف التي تستهدف تحقيقها، والحفاظ على مصالح تلك الشركات والشركاء فيها وضمان قدرتها على استمراريتها في ممارسة نشاطها بما يعود على المجتمع بالازدهار والرخاء.
ومن أبرز ما قرره المنظم السعودي من ضوابط وأحكام في نظام الشركات هو ما يعرف بالاحتياطي المالي للشركة، وسوف نوضح موقف المنظم السعودي من الاحتياطي المالي للشركة بنوعيه النظامي والاختياري، وذلك في ظل نظام الشركات الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/3) بتاريخ 28/1/1437هـ، ونظام الشركات الجديد الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/132) بتاريخ 1/12/1443هـ، لاسيما وأن المنظم قد اتخذ موقفاً مختلفاً من الاحتياطي المالي للشركة في كلاً من النظامين.
أولاً: التعريف بالاحتياطي المالي وأنواعه
سوف نستهل هذا المقال ببيان التعريف بالاحتياطي المالي للشركة، وتوضيح الأشكال والأنواع المختلفة للاحتياطي المالي.
1– التعريف بالاحتياطي المالي للشركة
يعرف الاحتياطي المالي للشركة فقهاً بأنه قسم من الأرباح التي تحققها الشركة من نشاطها، ويتم تجنيبه واستقطاعه كل عام ليتم الاحتفاظ به وادخاره للأعوام التالية، وليمثل دعماً للشركة في مواجهة أي خسائر قد تصاب بها مستقبلاً، أو لتستند إليه في زيادة رأس مالها العامل، وأيضاً لتدعيم وتقوية المركز المالي لها[1].
مما يتضح معه أن الاحتياطي المالي بمثابة ادخار تقوم به الشركة، بحيث تستقطع جزء بسيط من ربحها الذي تحققه سنوياً من نشاطها الذي تمارسه، وذلك لكي يمكنها أن تستخدمه في حالة مواجهة أي ظروف استثنائية قد تطرأ عليها خلال الأعوام القادمة والتالية لذلك الادخار، ويكون إنفاق واستخدام هذا الاحتياطي تبعاً لنوعه، حيث إن لكل نوع ضوابط تحدد الحالات التي يتم استخدامه فيها.
وفي حالة دخول الشركة في طور الحل والتصفية وكان لها احتياطي مالي متواجد، فإنه يعد عندئذ بمثابة ربح للشركة ويتم توزيعه وتقسيمه على الشركاء بذات القواعد التي يتم توزيع الأرباح عليهم وفقاً لها[2].
2- أنواع الاحتياطي المالي للشركة
يتنوع الاحتياطي المالي للشركة إلى أكثر من نوع، وسوف نتعرض إلى بيان هذه الأنواع، سواء التي تصدى المنظم السعودي إلى تنظيمها في نظام الشركات أو التي لم يتضمن النظام أي تنظيم لها.
أ- الاحتياطي النظامي (الإجباري)
يعرف الاحتياطي النظامي أيضاً بمسمى الاحتياطي الإجباري، ويرجع ذلك إلى الطبيعة الإلزامية التي يتسم بها هذا النوع من أنواع الاحتياطيات المالية، فهو يمثل حساب مالي يتم فرض تكوينه بقوة النظام على الشركة، وذلك حتى يدعم قدرتها على امتصاص الصدمات التي تصيبها في صورة أزمات مالية[3].
وهو ما يمكننا معه أن نعرف الاحتياطي النظامي على أنه أرصدة يتم تجميدها من قبل الشركة بناء على نص في النظام يلزمها بذلك، ويحظر عليها أن تقوم بالتصرف فيها أو تشغيلها ضمن نشاطات الشركة، وتلتزم بالحفاظ عليه وعلى وجوده، حتى لو كان لذلك أثراً في تقليل ما يتم توزيعه من أرباح على الشركاء والمساهمين.
وتتكون أرصدة الاحتياطي النظامي من نسبة سنوية يتم تجنيبها من أرباح الشركة التي حققتها من نشاطها قبل توزيع تلك الأرباح على الشركاء أو المساهمين في الشركة، فيتم خصم قيمة الجزء المخصص للاحتياطي من الأرباح السنوية، ويتم إيداعها بالحساب الخاص بالاحتياطي، ثم يتم توزيع الباقي من الأرباح على الشركاء كلاً بحسب حصته.
ب- الاحتياطي الاختياري (الاتفاقي)
يطلق البعض على الاحتياطي الاختياري مسمى الاحتياطي الاتفاقي، وهو بالفعل المسمى الذي تعامل به المنظم السعودي مع الاحتياطي الاختياري حيث تناوله تحت مسمى الاحتياطي الاتفاقي، ويرجع ذلك إلى أنه احتياطي يتم تقريره وتحديد قيمته من قبل الشركة وبمحض إرادتها الحرة عن طريق الجمعية العامة للمساهمين، فهو احتياطي لم يتناوله المنظم السعودي – كما سنرى خلال المقال – إلا في الشركات المساهمة فقط، ويكون تقرير فرض هذا الاحتياطي هو أمراً اختيارياً ولا يتمتع بالطبيعة الإلزامية التي يتسم بها الاحتياطي النظامي، حيث لا يكون الاحتياطي الاختياري مفروضاً بنص النظام ولكنه يتم فرضه بقرار من الجمعية العامة للشركة.
ويكون التصرف في الاحتياطي الاختياري ممكناً بموجب قرار تصدره الجمعية العامة للشركة، حيث يمكنها أن تصدر قراراً بتوجيهه إلى غرض معين، كما يمكنها أن تقرر توزيع الاحتياطي الاختياري على الشركاء المساهمين بذات الطريقة التي يتم توزيع الأرباح عليهم بموجبها، فلها مطلق الحرية في اتخاذ قرار التصرف في هذا الاحتياطي.
ج- الاحتياطي المستتر
المقصود بالاحتياطي المستتر هو الاحتياطي الذي يلجأ مجلس إدارة الشركة إلى تكوينه من خلال فرض تصور لميزانية الشركة يخالف الشكل الحقيقي والواقعي لها[4]، وهذا النوع من أنواع الاحتياطي يكون خفياً حيث لا يكون له أي وجود أو ظهور في الحسابات الختامية التي تخص الشركة، وينتج هذا النوع من أنواع الاحتياطيات إما بشكل مقصود وإما بشكل غير مقصود:
- فهو قد يكون مقصود وذلك عن طريق تكوينه بإخفاء جانب مما تحققه الشركة من أرباح، ويكون ذلك في الغالب عن طريق تقدير قيمة ما يخص الشركة من أصول في ميزانيتها بقيمة تقل عن القيمة الفعلية والحقيقية لها، أو تقدير قيمة الخصوم بقيمة تفوق القيمة الحقيقية لها، ويكون الفارق في الحالتين بين القيمة الحقيقية والقيمة الملفقة هو الاحتياطي.
- وقد يكون الاحتياطي المستتر غير مقصود متى كان مصدره هو تحقق ظروف اقتصادية معينة تمنح أموال الشركة قيمة أكبر من قيمتها الفعلية والحقيقية، ومن تلك الظروف حالة الانخفاض في قيمة العملة، حيث يتم أداء ديون الشركة ومستحقاتها بذات قيمتها رغم الانخفاض في قيمة العملة، في حين ترتفع القيمة الفعلية لما تملكه الشركة من أصول متى قامت الشركة بعملية إعادة تقييم لها.
ثانياً: موقف المنظم في نظام الشركات 1437هـ من الاحتياطي المالي
تناول المنظم السعودي في إطار نظام الشركات الصادر في عام 1437هـ الاحتياطي المالي بصورتيه النظامي والاختياري، وسوف نوضح في هذا القسم من المقال ما جاء بهذا النظام من أحكام تخص هذين النوعين من الاحتياطي المالي.
2- الاحتياطي النظامي
لم يقرر المنظم السعودي في نظام الشركات الصادر في عام 1437هـ إلزام جميع الشركات بتكوين احتياطي نظامي لها، ولكنه قصر هذا الإلزام على نوعين من الشركات فقط، النوع الأول هو الشركات المساهمة، والنوع الثاني هو الشركات ذات المسؤولية المحدودة، وسوف نتناول الأحكام الخاصة بالاحتياطي النظامي لكل من هاتين الشركتين بشكل مستقل فيما يلي.
أ- الاحتياطي النظامي للشركات المساهمة
قرر المنظم السعودي في نظام الشركات 1437هـ الأحكام الخاصة بتكوين شركات المساهمة للاحتياطي النظامي على النحو التالي:
- ألزم المنظم السعودي الشركات المساهمة باقتطاع وتجنيب ما يعادل 10% من قيمة صافي ما تحققه من أرباح سنوياً لتكون منه الاحتياطي المالي لها.
- منح المنظم للجمعية العامة للمساهمين بأن تتوقف عن تجنيب تلك النسبة المفروضة في الحالة التي يتبين لها فيها أن الاحتياطي النظامي لها قد بلغ قيمة قدرها 30% من رأس المال المدفوع لها، ويحق لها أن تكمل في تجنيب نسبة الـ 10% السنوية، حتى لو تجاوز الاحتياطي الخاص بها 30% من رأس المال المدفوع متى ارتأت أن ذلك فيه مصلحة للشركة.
- حدد المنظم المصارف التي يمكن للشركة أن تستخدم فيها الاحتياطي النظامي لها، وتتمثل تلك المصارف في:
- تغطية ما تصاب به الشركة من خسائر من جراء ممارسة نشاطها.
- زيادة رأس مال الشركة عن قيمته الأصلية.
- متى زادت قيمة الاحتياطي عن 30% من قيمة رأس المال المدفوع، فيكون للجمعية العامة للشركة المساهمة أن تقرر توزيع القيمة الزائدة عن الـ 30% المذكورة على المساهمين في الشركة في الأعوام التي لا تحقق الشركة فيها نسبة أرباح تكفي لتوزيع الأنصبة المقررة لهم في النظام الأساسي للشركة، حيث تستخدم تلك الزيادة في تعويض النقص في الأرباح.
ولا يجوز للجمعية العامة أن تجيز صرف الاحتياطي النظامي للشركة في غير مصارفها التي حددها النظام والموضحة أعلاه.
ب- الاحتياطي النظامي للشركات ذات المسؤولية المحدودة
اختلف موقف المنظم السعودي في نظام الشركات 1437هـ في شأن قيمة الاحتياطي النظامي للشركة ذات المسؤولية المحدودة عما قرره بشأن الاحتياطي النظامي في الشركات المساهمة، حيث ألزم الشركة ذات المسؤولية المحدودة – بنص المادة رقم (176) من النظام – بأن تقوم سنوياً بتجنيب نسبة قدرها 10% على الأقل من صافي الأرباح التي تحققها من ممارستها لنشاطها، وذلك بهدف تكوين الاحتياطي المالي النظامي لها، وأجاز للشركاء في الشركة الاتفاق على وقف عملية التجنيب تلك في الحالة التي يبلغ فيها الاحتياطي النظامي للشركة نسبة قدرها 30% من قيمة رأس مال الشركة.
ونلاحظ أن الاختلاف كان في لفظ “على الأقل” والذي لم يرد بشأن الشركات المساهمة، مما يستدل منه على أن المنظم قد منح الشركة ذات المسؤولية المحدودة القدرة على عدم التقيد بنسبة الـ 10% لتكوين الاحتياطي، بل يمكنها أن تفرض نسبة أكبر منها لتكوين الاحتياطي النظامي، ولكن لا يجوز لها أن تقل عن نسبة الـ 10% التي تعد حداً أدنى لا يجوز النزول عنه.
كما كان الاختلاف أيضاً في أن نسبة الـ 30% التي يجوز وقف التجنيب عند وصول قيمة الاحتياطي لها تكون محسوبة في الشركات المساهمة على أساس رأس المال المدفوع، بينما في الشركة ذات المسؤولية المحدودة تكون على رأس المال بوجه عام وليس المدفوع فقط.
2- الاحتياطي الاختياري (الاتفاقي)
بداية فإن المنظم السعودي في نظام الشركات 1437هـ لم ينظم أحكام الاحتياطي الاختياري إلا لشركة واحدة وهي الشركة المساهمة، فلم ينص في أياً من النصوص والمواد التي تنظم أحكام الشركة ذات المسؤولية المحدودة على تكوين احتياطي اختياري، ولكنه لم ينص على عدم جواز تكوينه، مما يستدل منه على أنه يجوز لكافة الشركات – عدا شركة المساهمة – أن تكون احتياطي اختياري لها، وأن تنظمه وفقاً لما تراه من أحكام وضوابط باعتبار أن القانون لم يحظر عليها تكوينه كما لم يتضمن أحكام وضوابط خاصة به.
أما في شأن شركات المساهمة فإن المنظم في نص المادة رقم (129) أجالز لها أن تقرر في النظام الأساسي لها على تكوين احتياطي اتفاقي – اختياري – لها، ويكون ذلك بتحديد النسبة التي يراها الشركاء ويقررونها في النظام الأساسي للشركة والتي يتم اقتطاعها من صافي الأرباح لتكوين احتياطي اختياري لها، وذلك شريطة أن يتم تحديد المصارف الخاصة بهذا الاحتياطي الاختياري، وتلتزم الجمعية العامة بتلك المصارف فلا يجوز لها أن تصرفها في أي مصارف أخرى.
وفي حالة رغبة الشركة في أن تقوم بصرف واستخدام الاحتياطي الاتفاقي – الاختياري – لها، فقد فرق المنظم بين حالتين:
- الحالة الأولى أن يكون هذا الاحتياطي محدد المصارف، أي أن يكون النظام الأساسي للشركة محدداً للمصارف التي لا يجوز استخدام هذا الاحتياطي إلا فيها، ففي تلك الحالة ألزمها المنظم بأن يكون استخدام هذا الاحتياطي من خلال قراراً يصدر من الجمعية العامة غير العادية لها.
- الحالة الثانية أن يكون هذا الاحتياطي غير محدد المصارف، أي لم يتم تحديد الأغراض التي يتم إنفاقه واستخدامه فيها، فإن استخدامه عندئذ يكفي فيه أن يصدر بشأنه قراراً من الجمعية العامة العادية للشركة بناء على اقتراح يقدم لها من مجلس إدارة الشركة، والذي تصدر على إثره قرارها باستخدام هذا الاحتياطي بما يحقق الفائدة للشركة والمساهمين فيها.
ثالثاً: موقف المنظم في نظام الشركات 1443هـ من الاحتياطي المالي
كان موقف المنظم السعودي في إطار نظام الشركات الجديد الصادر في عام 1443هـ مختلفاً بشكل كبير وجوهري عن موقفه في النظام السابق له من الاحتياطي المالي للشركات، ويتمثل هذا الاختلاف في أن المنظم قد التفت تماماً عن إلزام الشركة المساهمة بوجه خاص وسائر الشركات بوجه عام بتكوين احتياطي نظامي، فلم يعد هناك في النظام الجديد أي أحكام تخص إلزام للشركات بتكوين احتياطي لها، واقتصر على تنظيم أحكام الاحتياطي الاختياري فقط، وهو اختلاف جوهري سيتضح لنا بشكل اكثر جلاء ووضوح عندما نتعرض إلى أحكام الاحتياطي المالي لشركتي المساهمة وذات المسؤولية المحدودة في نظام الشركات الجديد فيما يلي من سطور.
1- الاحتياطي المالي للشركة المساهمة
كما سبق وأن أشرنا وأوضحنا في الاحتياطي المالي النظامي في ظل نظام الشركات 1437هـ أنه لم يتم تقريره إلا للشركات المساهمة فقط، وبالنظر إلى نظام الشركات الجديد 1443هـ نجد أن المنظم لم يلزم الشركة المساهمة بتكوين احتياطي نظامي إلزامي، حيث جاءت أحكام تكوين الاحتياطي الخاص بالشركات المساهمة فيه مقترنة بألفاظ تدل على الجواز والاختيار الحر وانتفت منها أي ألفاظ تدل على إلزامية تكوينه، بما جعل الاحتياطي الخاص بشركة المساهمة هو احتياطي اختياري – اتفاقي – فقط، وسوف يتضح ذلك في سياق استعراضنا لأحكام وضوابط الاحتياطي الخاص بشركة المساهمة في النقاط الآتي بيانها:
- جعل المنظم السعودي الاختصاص بتحديد ما إذا كان للشركة المساهمة احتياطي مالي أم لا من ضمن الاختصاصات التي يناط بالجمعية العامة العادية للشركة، وذلك وفقاً لما نصت عليه المادة رقم (87/ز) من نظام الشركات الجديد، حيث نصت على أن (فيما عدا ما تختص به الجمعية العامة غير العادية، تختص الجمعية العامة العادية بجميع الأمور المتعلقة بالشركة وعلى الأخص ما يأتي: ……… ز- تكوين احتياطيات الشركة وتحديد استخداماتها).
- أجاز القانون للشركة المساهمة أن تنص في النظام الأساسي لها على تكوين احتياطي لها عن طريق تجنيب نسبة محددة من صافي الربح السنوي لها لحسابه، وأن يكون هذا الاحتياطي مخصص لاستخدامه فيما يحدده النظام الأساسي للشركة من مصارف له، ومنح سلطة تحديد الضوابط الخاصة بتكوين ذلك الاحتياطي إلى الجهة المختصة التي يقصد بها الجمعية العامة للشركة.
- منح للجمعية العامة للشركة أيضاً القدرة على إصدار القرار بتكوين احتياطيات مالية أخرى للشركة، وذلك عند قيامها بتحديد نصيب أسهم الشركة في صافي ما حققته الشركة من أرباح، على أن تكون تلك الاحتياطيات محدودة بالقدر الذي يحقق مصالح الشركة أو يضمن استمرار توزيع الشركة لأرباح ثابتة.
- بخصوص استخدام الاحتياطي الذي تقوم الشركة بتكوينه – في حال وجوده – فإن المنظم قد فرق بين حالتين:
- الحالة الأولى أن يكون الاحتياطي محدد المصارف بأن يكون النظام الأساسي للشركة متضمناً أوجه استخدام هذا الاحتياطي على سبيل الحصر، فيكون الاختصاص بإصدار قرار استخدامه بيد الجمعية العامة غير العادية.
- الحالة الثانية أن يكون الاحتياطي غير محدد المصارف بأن يكون قرار تكوينه غير متضمن للأغراض والمصارف التي يتم استخدامه فيها، فعندئذ يحق للجمعية العامة العادية للشركة أن تصدر قرارها باستخدامه فيما يحقق الفائدة والمنفعة للشركة والمساهمين فيها، ويكون ذلك مشروطاً بأن يقدم مجلس إدارة الشركة اقتراحاً للجمعية العامة العادية بشأن صرف واستخدام الاحتياطي المالي للشركة.
- أجاز المنظم للجمعية العامة العادية أن تستخدم الاحتياطي الخاص بالشركة متى كان قابل للتوزيع في سداد المبالغ المستحقة كباقي لقيمة الأسهم أو جزء من تلك القيمة، شريطة أن يكون ذلك متوافقاً مع العدالة بين المساهمين في الشركة وعدم الإخلال بها.
- منح المنظم الجمعية العامة غير العادية للشركة السلطة في زيادة رأس مال الشركة عن طريق إصدار أسهم جديدة توازي في قيمتها قيمة الاحتياطي – كله أو بعضه – الذي تقرر الجمعية إدماجه في رأس المال لزيادته.
2- الاحتياطي المالي للشركة ذات المسؤولية المحدودة
أما في شأن أحكام الاحتياطي المالي المقرر للشركات ذات المسؤولية المحدودة فنجد أن موقف المنظم السعودي في نظام الشركات الجديد لم يختلف عن نظام الشركات السابق، حيث قرر لها الحق في تكوين احتياطي اختياري – اتفاقي – لها، وأجاز للشركاء في عقد تأسيس الشركة أن يتفقوا على تكوين احتياطي للشركة عن طريق تحديد نسبة من الأرباح السنوية للشركة والتي يتم تجنيبها وحفظها تحت حساب الاحتياطي المالي لها، وأن تحدد الأغراض والمصارف التي يتم استخدام هذا الاحتياطي فيها.
كما أجاز أيضاً للشركاء عند انعقاد الجمعية العامة للشركاء لتحديد نصيب حصصهم في صافي الأرباح أن يتخذوا القرار بتكوين احتياطي أو أكثر للشركة، شريطة أن يكون ذلك في إطار ما يحقق المنفعة والمصلحة للشركة، أو في إطار ما يضمن بقدر الإمكان أن تكون الأرباح التي يتم توزيعها على الشركاء ثابتة.
رابعاً: نموذج من أحكام القضاء السعودي ذات العلاقة
حكم المحكمة التجارية بالرياض والصادر في القضية رقم 4180 لعام 1441هـ والصادر بجلسة 14/2/1442هـ، والمؤيد استئنافياً بالحكم الصادر من محكمة استئناف منطقة الرياض في الاستئناف رقم 1929هـ والصادر بجلسة 7/6/1442هـ والمتضمن أن (جرى العرف المحاسبي على أن حساب الاحتياطي النظامي مستقل عن حساب رأس المال ولا يمكن تسييله وتغطية الخسائر منه إلا في حال تصفية الشركة أو إطفاء خسائرها بقرار من إدارة الشركة وهو ما لم يحدث، ولو أن الشركة قامت بإطفاء جزء من خسائرها من خلال هذا الحساب قبل إصدار الميزانية أو قبل بيع الشركة لأمكن قبول هذا الدفع من المدعى عليه وكالة، حيث لا يكفي وجود هذا الحساب في قوائم الشركة دون تسبيله للقول بأنه يخفض من إجمالي خسائر الشركة، وأما حساب جاري الشركاء فهو حساب ظهر مديناً للشركة في الميزانية وهو محسوب ضمن حساب حقوق الملكية الذي ظهر بخسارة عالية كما سبقت الإشارة إليه، وهذا يعني أن حساب جاري الشركة قد تمت مراعاته في ميزانية الشركة ومع ذلك لم تنخفض خسائرها عن ثلاث أربع رأس مالها، لذا لا يمكن احتسابه مرة أخرى في خفض خسائر الشركة، مما يعني الالتفات عن ما دفع به وكيل المدعى عليهما).
خامساً: الخاتمة
يعد الاحتياطي المالي للشركة – وتحديداً النظامي منها – سلاحاً ذو حدين، فهو يفرض على الشركات طبقاً للنظام بهدف تحقيق الثبات والاستقرار المالي لها، ويعطيها قدرة على التوازن بما يمنحه لها من ضمانة وجود احتياطي يمكنها أن تركن إليه متى مرت بأي أزمة أو ضائقة مالية، إلا أنه في ذات الوقت يؤثر بشكل سلبي على قدرتها المالية ويكبلها في شأن إتمام ما يقتضيه نشاطها من عمليات تشغيلية ويقيدها في شأن توسعها في نشاطها، مما حدا بالمنظم السعودي في نظام الشركات الجديد إلى الإبقاء على الاحتياطي الاختياري باعتباره احتياطي مرن يمكن للشركة أن تقدره وفقاً لإمكانياتها المالية وبما لا يتعارض مع مصالحها، بل ويمكنها أن تلتفت عنه تماماً ولا يكون لها أي احتياطي متى تراءى لها أن صالحها في ذلك، بينما قام بإلغاء الاحتياطي النظامي الذي يتسم بالإلزامية في تقريره وفي تحديد نسبة قيمته من صافي أرباح الشركة، وفي رأينا الشخصي أن المنظم السعودي قد أحسن فعلاً لكونه رفع عن الشركات قيداً كان يقيد من قدرتها على تحقيق أهدافها ويحد من إمكانيتها للقيام ببعض التصرفات التي تعود عليها بالنفع.
كتابة: أحمد عبد السلام
[1] – محمد القزاز – مشكلات الحق في الحصول على الأرباح في شركات المساهمة: دراسة فقهية – مجلة البحوث الفقهية والقانونية – ع (36) – ج (2) – جامعة الأزهر – مصر – أكتوبر 2021 – ص2139.
[2] – محمود سمير الشرقاوي – الشركات التجارية في القانون المصري – الطبعة الثانية – دار النهضة العربية – مصر – 2016 – ص336.
[3] – عبد العزيز الشايع – واقع الشركات العائلية بدولة الكويت: دراسة حالة شركة الشايع – رسالة ماجستير غير منشورة – الجامعة الخليجية – البحرين – 2013 – ص35.
[4] – حمد الله محمد – الشركات التجارية – الطبعة الأولى – مكتبة القانون والاقتصاد – الرياض – 2014 – ص241.