الأحكام المتعلقة بالحصص في الشركة ذ م م في النظام السعودي
الشركة هي عقد يقوم بموجبه شخصان أو أكثر بالمشاركة في مشروع تجاري استثماري، بغية المشاركة في الأرباح أو الخسائر الناتجة عن هذا المشروع، ويختلف عقد الشركة في طياته عن الصور الأخرى للعقود، لأنه يترتب عليه ظهور كيان شخصي جديد يقوم بذاته منفصلاً عن أفراده، وستكون سطور هذا المقال حول إحدى الشركات التجارية، والمتمثلة في الشركة ذات المسؤولية المحدودة، والأحكام المتعلقة بالحصص فيها وفق نظام الشركات السعودي بإيجاز من الشرح والتأصيل من خلال العناصر التالية:
(أولاً): تعريف الشركة ذ. م. م في الفقه والنظام السعودي
الشركة ذات المسؤولية المحدودة لها تعريفات مختلفة بسبب طبيعتها الخاصة، والتي تميزها عن نظائرها من الشركات التجارية الأخرى، حيث يسميها البعض شركة من شخص واحد ،[1] أو شركة فردية ذات مسؤولية محدودة، أو ذات المسؤولية المحدودة، وفي النظام السعودي لم يرد تعريف محدد لهذا النوع من الشركات، وإنما تصدى لها من خلال تعريف خصائصها، حيث نصت المادة (151) من نظام الشركات السعودي الجديد على أن: (1- الشركة ذات المسؤولية المحدودة شركة لا يزيد عدد الشركاء فيها على خمسين شريكاً، وتعد ذمتها مستقلة عن الذمة المالية لكل شريك فيها، وتكون الشركة وحدها مسؤولة عن الديون والالتزامات المترتبة عليها، ولا يكون المالك لها أو الشريك فيها مسؤولاً عن تلك الديون والالتزامات.
2- إذا زاد عدد الشركاء على العدد المحدد في الفقرة (1) من هذه المادة، وجب تحويل الشركة إلى شركة مساهمة خلال مدة لا تتجاوز سنة، وإذا مضت هذه المدة دون تحويلها انقضت بقوة النظام، ما لم تكن الزيادة ناتجة من الإرث أو الوصية).
وتعد الشركة ذات المسؤولية المحدودة من الشركات حديثة العهد، حيث تعتبر شركة هجينة تجمع بين خصائص شركات الأفراد وشركات الأموال، مما يجعلها تنفرد بخصائصها وأركانها الخاصة، كما سنتحدث عن ذلك لاحقًا، الأمر الذي يجعل طبيعة هذه الشركة مناسبة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم.
(ثانياً): الطبيعة القانونية للشركة ذ.م.م في النظام السعودي
مما تقدم يتبين أن الشركة ذات المسؤولية المحدودة نوعًا خاصًا وفريدًا من الشركات، لأنها تجمع من الناحية المفاهيمية وأركانها بين شركات الأشخاص وشركات الأموال، ومن ثم تعتبر هذه الشركة نوع من الشركات تتعايش فيها الاعتبارات الشخصية بالتداخل مع الاعتبارات المالية،[2] وقد تباينت الأراء الفقهية حول تحديد الطبيعة القانونية لهذه الشركة في ضوء الخلط الحاصل في خصائصها، هل توصف من شركات الأشخاص أم يمكن وصفها أنها من شركات الأموال التي لا علاقة لها بالاعتبارات الشخصية مطلقاً في تكوينها،[3] إلا أن الرأي الفقهي الحاسم لتلك المسألة ذهب إلى القول بأنها تعد شركة في مرحلة وسطية بين شركات الأشخاص وشركات الأموال، وذلك بسبب مسؤولية الشركاء فيها لا تتجاوز نصيبهم في رأس المال، فضلاً عن عدم جواز وصف الشركاء فيها بمجرد انضمامهم إلى الشركة، لا يجوز بأي حال وصفهم تجارًا، وهو الرأي الذي اعتنقه المنظم السعودي في هدي نظام الشركات الجديد، والذي اتضح من مفهوم نص المادة (151) من سالفة الإشارة إليها، وما أتبعها من مواد جاءت ببعض الضوابط التي تؤكد أن النظام السعودي جعل طبيعة هذه الشركة طبيعة مختلطة، ومن بين تلك الضوابط، ما يلي:
1- مسؤولية الشريك فيها لا تتعدى ذمته المالية الخاصة، ولا تجاوز قيمة حصته المقدمة في رأس المال الشركة.
2- محدودية عدد الشركاء فيها بما أوجبه النظام السعودي في ذلك.
3- عدم قابلية انقسام رأس المال إلى أسهم، وإنما فقط لحصص غير قابلة للتداول.
حيث نصت المادة (153) من نظام الشركات على أن: (1- لا يجوز أن يكون غرض الشركة ذات المسؤولية المحدودة القيام بأعمال البنوك، أو التمويل، أو الادخار، أو التأمين، أو استثمار الأموال لحساب الغير.
2- لا يجوز للشركة ذات المسؤولية المحدودة أن تلجأ إلى الاكتتاب العام لتكوين رأس مالها أو زيادته أو للحصول على قرض، ولا أن تصدر صكوكاً قابلة للتداول).
(ثالثا): خصائص الشركة ذ.م.م في النظام السعودي
مما سبق تبين أن شركة ذ.م.م في مركز وسط بين شركات الأشخاص وشركات الأموال لأنها تأخذ بعض الخصائص من كل منهما، وفيما يلي نتعرض لبعض الخائص الخاصة بها بالتوضيح التالي:
(أولاً)- اسم الشركة ذات المسؤولية المحدودة: من الأثار الهامة التي ترتبها الشخصية القانونية للشركة، أنها تصبح من وقت قيدها في السجل التجاري شخصًا اعتباريًا له كيان منفصل عن الشركاء الذين يشكلونه، ويتطلب هذا الكيان المنفصل أن يكون لها اسم معروف، كما هو الحال بالنسبة للأشخاص الطبيعيين، نظرًا لأن كافة التشريعات التجارية توجب على كل شركة إجراء كافة المعاملات أن تتم تحت اسمها التجاري وتوقيعها للمستندات ذات الصلة بذات الاسم في تلك المعاملات ،[4] وقد أجاز المنظم للشركة بأخذ اسم مشتق من الغرض الخاص بإنشائها، أو اسم مبتكر، ولا يجوز أن يحتوي اسم الشركة ذات المسؤولية المحدودة على اسم شخص طبيعي إلا في حالات معينة، نفاذاً لما أوجبته المادة (152/1) من نظام الشركات بالنص على أن: ( يكون للشركة ذات المسؤولية المحدودة اسم مشتق من غرضها أو مبتكر، ولا يجوز أن يشتمل اسمها على اسم شخص ذي صفة طبيعية، إلا إذا كان غرض الشركة استثمار براءة اختراع مسجلة باسم هذا الشخص، أو إذا ملكت الشركة منشأة تجارية واتخذت اسمها اسماً لها، أو كان هذا الاسم اسماً لشركة تحولت إلى شركة ذات مسؤولية محدودة واشتمل اسمها على اسم شخص ذي صفة طبيعية، وإذا كانت الشركة مملوكة لشخص واحد، وجب أن يتضمن الاسم ما يفيد بأنها شركة ذات مسؤولية محدودة مملوكة لشخص واحد، ويترتب على إهمال ذلك تطبيق الفقرة (2) من هذه المادة)، مما يتعين الإشارة إلى منطوق الفقرة (2) من ذات النص والتي جاء بها: ( يكون مديرو الشركة مسؤولين شخصيًّا وبالتضامن عن التزامات الشركة عند عدم وضع عبارة ذات مسؤولية محدودة أو عدم بيان مقدار رأس المال إلى جانب اسم الشركة).
(ثانياً)- وجوب تحديد عدد الشركاء في الشركة ذات المسؤولية المحدودة: أهم ما يميز الشركات ذات المسئولية المحدودة، هو أن المنظم حدد لها عددًا بحد أقصى أقصى من الشركاء، وهو خمسون شريكًا ، حفاظًا على الطابع الشخصي لهذه الشركات، إلا أنه وفي بعض الأحيان، قد يكون الحد الأدنى للشركاء في هذه الشركات واحدًا فقط وفقاً لنصوص نظام الشركات السعودي الجديد، أما إذا زاد عدد الشركاء على العدد المحدد وهو خمسون شريكاً، ففي تلك الحالة وجوباً يتم تحويل الشركة إلى شركة مساهمة خلال مدة أقصاها سنة، وفي حالة عدم التحويل خلال تلك المدة، انقضت بقوة النظام، ما لم تكن تلك الزيادة جاءت من أثار الإرث أو الوصية، تطبيقاً لنص المادة (151) من نظام الشركات السعودي.
(ثالثاً)- المركز القانوني للشريك في الشركات ذات المسؤولية المحدودة: من سمات الشركة ذات المسؤولية المحدودة أن مسؤولية الشركاء تقتصر على نطاق مساهمتهم في رأس المال بالحصص المقدمة منهم، وهذا القيد هو الأساس لتسمية الشركة ذات المسؤولية المحدودة، مما مفاده أن الشركاء لا يلتزمون مطلقاً بالتزامات الشركة تجاوزاً لما عرضوه من حصص، وهو ما نصت عليه المادة (151)، فضلاً عن ما نصت عليه المادة (154) من نظام الشركات على أن: (1- استثناء من أحكام المادة (الثانية) من النظام، يجوز أن تؤسس الشركة ذات المسؤولية المحدودة من شخص واحد، أو أن تؤول جميع حصصها إلى شخص واحد، وفي هذه الحالة تقتصر مسؤولية هذا الشخص على ما خصصه من مال ليكون رأس مال للشركة، ويكون لهذا الشخص صلاحيات وسلطات المدير ومجلس مديري الشركة والجمعية العامة للشركاء المنصوص عليها في هذا الباب، ويجوز له تعيين مدير واحد (أو أكثر) يكون هو الممثل لها أمام القضاء وهيئات التحكيم والغير، ومسؤولاً عن إدارتها أمام الشريك المالك لحصص الشركة.
2 – في جميع الأحوال، لا يجوز للشخص الطبيعي أن يؤسس أو يتملك أكثر من شركة ذات مسؤولية محدودة من شخص واحد، ولا يجوز للشركة ذات المسؤولية المحدودة المملوكة من شخص واحد (ذي صفة طبيعية أو اعتبارية) أن تؤسس أو تتملك شركة أخرى ذات مسؤولية محدودة من شخص واحد).
وجدير بالذكر أن الشريك لا يستفيد بالمسؤولية المحدودة التي تتميز بها الشركة، إلا إذا كان تصرفه صحيحاً من الناحية الإجرائية ومتفقاً مع نصوص النظام، فإذا شاب تصرفه غشا أو تحايلا على القانون يتحمل الشريك نتائج تصرفه،[5] وقد ورد بالمادة (155) من نظام الشركات بالنص على أن: (يكون الشخص المالك للشركة ذات المسؤولية المحدودة مسؤولاً في أمواله الخاصة عن التزامات الشركة في مواجهة الغير الذي تعامل معه باسم الشركة، وذلك في الأحوال الآتية: أ – إذا قام بسوء نية بتصفية شركته، أو وقف نشاطها قبل انتهاء مدتها أو قبل تحقيق الغرض الذي أنشئت من أجله.
ب – إذا لم يفصل بين أعمال الشركة وأعماله الخاصة الأخرى.
ج – إذا زاول أعمالاً لحساب الشركة قبل اكتسابها الشخصية الاعتبارية).
(رابعاً)- رأس مال الشركة ذات المسؤولية المحدودة: لم يتضمن قانون الشركات الجديد نص خاص ملزم بتحديد رأس مال محدد للشركة ذات المسؤولية المحدودة، بل اكتفى بالنص فقط على أن يكون رأس المال كافياً لتحقيق غرض الشركة وترك تحديد مقداره للشركاء عند تأسيس الشركة، الأمر الذي يؤدي بالتبعية إلى سهولة تأسيس الشركات ذات المسؤولية المحدودة، وهذا ما نص عليه نظام الشركات السعودي بالمادة (160) على أن: (يجب أن يكون رأس مال الشركة عند تأسيسها كافياً لتحقيق غرضها……..)
(رابعاً): أنواع الحصص في الشركة ذ م م في النظام السعودي.
حصص رأس المال هي جوهر الشركة ومناطها، وفي حالة عدم تقديمها لا يتسنى للشركة القيام بعملها وممارسة نشاطها، ويجب على كل شريك تقديم حصته الخاصة في رأس المال، سواء كانت أموالاً مادية ملموسة مثل المنقولات والعقارات، أو الأموال غير الملموسة مثل الأعمال التجارية، وبراءات الاختراع، والعلامات التجارية، وما إلى ذلك، كما تجدر الإشارة إلى انه يجوز أن تكون الحصة المقدمة من الشريك في صورة عمل يقوم به، إلا أنه يجب أن يكون هذا العمل على قدر من الأهمية في حياة الشركة ونشاطها، والحقيقة أن كل ما يصلح أن يكون محل التزام يصلح كذلك أن يكون حصة مقدمة في رأسمال الشركة، وقد نص المنظم السعودي في نظام الشركات الجديد بموجب المادة (13) على أن: (1- يجوز أن تكون حصة الشريك أو المساهم نقدية أو عينية، أو الاثنتين معًا.
2- فيما عدا شركتي المساهمة والمساهمة المبسطة، يجوز أن تكون حصة الشريك عملًا مقابل نسبة في الأرباح يحدد عقد تأسيس الشركة مقدارها، ولا يجوز أن تكون حصته ما له من سمعة أو نفوذ.
3- تكوِّن الحصص النقدية والحصص العينية وحدها رأس مال الشركة.
4- يجوز للمؤسسين، أو الشركاء، أو المساهمين تقديم حصص، أو أسهم في رأس مال الشركة إلى شخص مقابل قيامه بعمل أو خدمات تعود على الشركة بالنفع وتحقق أهدافها، وذلك دون إخلال بأحكام النظام).
وهو ما نفرد له، بالتفصيل التالي:
أ- الحصص النقدية: حتى يكون عقد الشركة صحيحاً ونافذاً، يجب على كل شريك أن يقدم حصته المرهونة أثناء تأسيس الشركة، حيث يعتبر رأس مال الشركة الممثلة في حصص الشركاء مجملاً ضمانًا عامًا لدائنيها، وليس بالضرورة أن يكون الشركاء متساوين في قدر حصصهم، وعادة ما يكون حصة الشريك عبارة عن نقود، حيث يتعهد الشخص بالحصول على صفة الشريك بتقديم حصة نقدية للشركة بالمقابل، وبحسب قدر هذه الحصة يحق له الحصول على جزء من الأرباح ويتحمل جزءاً من الخسائر، وكأصل عام تكون حصص الشركاء مبالغ نقدية، حتى يتكون من مجموعها رأسمال الشركة، ويمكنها من ممارسة نشاطها على الوجه الأمثل، ومن ثم وجب على كل شـريك أن يقوم بتقديم حصته في الميعاد الموضح بعقد التأسيس دون تقاعس أو تأخير، وإلا التزم بالتعويض، وهو ما جرت عليه المادة (15) من نظام الشركات بالنص على أن: (1- يعد كل شريك مدينًا للشركة بالحصة التي تعهد بها.
2- إذا تأخر الشريك عن تقديم حصته في رأس مال الشركة، في الأجل المحدد لذلك، كان للشركة مطالبته بتنفيذ ما تعهد به تجاهها، أو تعليق نفاذ الحقوق المتصلة بحصصه كالحق في الحصول على أرباح أو حق التصويت في الجمعية العامة أو على قرارات الشركاء، مع احتفاظ الشركة في جميع الأحوال بالحق في مطالبته بالتعويض عن الضرر المترتب على ذلك).
ب- الحصص العينية: كما يجوز للشركاء تقديم حصص نقدية في رأسمال الشركة، فيجوز لهم أيضاً تقديم حصص عينية، والحصص العينية هي أي أموال لا تعتبر نقوداً، سواء كانت ملكية عقارية أو ممتلكات ومنقولات شخصية، كما أن الممتلكات العقارية من الممكن أن تكون أرضاً أو مباني، أو مصانع، أو مستودعات، وما شابه في ذلك، أما الممتلكات المنقولة، فالمقصود بها الأشياء المادية الملموسة مثل الآلات والبضائع، أو منقولات معنوية نظير براءات الاختراع والعلامات التجارية والنماذج الصناعية والديون المستحقة على أطراف أخرى، فضلاً عن حقوق الملكية الأدبية والفنية، هذا، وقد تقدم الحصة العينية التي يقدمها الشريك للشركة إما على سبيل الامتلاك أو على سبيل الانتفاع، ومن الجدير بالذكر في هذا المقام أنه يلتزم الشريك بتقديم الحصة العينية المرهونة سواء كانت عقاراً أو منقول، مادي أو معنوي كاملة عند تأسيس الشركة دون نقص أو إرجاء، فلا يجوز التعهد بتسليمها فيما بعد، كما يجب أن تكون غير مثقلة بأية أعباء من أي نوع، كأن تكون الحصة مرهونة أو محـل خصومه قضائية وما على ذلك، وقد نصت المادة (14) من نظام الشركات على أن: (1- إذا كانت حصة الشريك أو المساهم حق ملكية أو حق منفعة أو أي حق عيني آخر، كان مسؤولًا وفقًا لأحكام عقد البيع عن ضمان الحصة في حالة الهلاك وضمان التعرض أو الاستحقاق أو ظهور عيب أو نقص في الحصة، وإذا كانت حصته مجرد الانتفاع بحق شخصي على المال طُبّقت أحكام عقد الإيجار، وذلك ما لم يتفق على غير ذلك.
2- إذا كانت حصة الشريك عملًا، وجب أن يقوم بالعمل الذي تعهد به، ويكون كل كسب ينتج من هذا العمل من حق الشركة، ولا يجوز له أن يمارس هذا العمل لحسابه الخاص، ومع ذلك، لا يكون ملزماً بأن يقدم إلى الشركة ما حصل عليه من حقوق على الملكية الفكرية الناتجة عن هذا العمل، إلا إذا اتفق على ذلك)، ومن الجدير بالذكر، كما سلف بيانه أن تقديم الشريك لحصة عينية يكوون بأحد الصورتين:
(الصورة الأولى): على سبيل التمليك
يعد قيام الشريك بتقديم حصته في رأس مال الشركة على سبيل التمليك بمثابة التنازل عنها بمقابل، مما حدا ببعض شراح القانون إلى وصف هذه العملية بأنها شبيهة بأحكام عقد البيع، على الرغم من أن تقديم الحصة على سبيل التمليك لا يجوز بأي حال وصفه بيعاً، لأنه وإن كان يشبه البيع في بعض العناصر والأركان، فهو يختلف عنه كلية في أركان أكثر أهمية، ويجب على الشريك إن كانت حصته عقار القيد في السجل العقاري لنقل ملكية الحصة العقارية المقدمة للشـركة، وفي حالة كانت الحصة المقدمة منقول معين بنوعه فلا بد من الإفراز والتعيين، أما إن كانت بمثابة دين في ذمة الغير وجب في تلك الحالة اتخاذ إجراءات حوالة الحق بأحكامها المبينة بالقانون المدني، أما إذا كانت علامات تجارية أو نماذج صناعية أو حتى ملكية فكرية، فلابد من اتخاذ كافة الإجراءات المتعقلة طبقاً للنظام القانوني الساري بنقـل ملكية هذه الأموال لصالح الشركة.
(الصورة الثانية): على سبيل الانتفاع
إذا ما قام الشريك بتقديم حصته العينية في رأس مال الشركة علـى سـبيل الانتفـاع، فإن الشريك يظل مالكاً لها، ولا يحق للشركة سـوى الانتفاع بها طوال مدة بقاء الشركة وممارسة نشاطها، ونفاذاً لنص المادة (14) من نظام الشركات سالف الإشارة إليها تطبـق على الحصة في هذه الحالة قواعد وأحكام عقد الإيجـار، فيصبح الشريك في مركز المؤجر وفي المقابل تصبح الشـركة فـي مركـز المسـتأجر بحقوق والتزامات متبادلة، مما مفاده أن الشريك يظل مالكاً للمنقول أو العقار الذي تقرر للشركة بموجب عقد التأسيس حق الانتفاع به، مما ينبني عليه أن تلك الحصة بهذا الوصف لا تدخل في ذمة الشركة المالية، كما لا يحق لدائنيها التنفيذ عليها لاسـتفاء ديونهم قبل الشركة، وفي حال تصفية الشركة لأي سبب من الأسباب المشار إليها في نظام الشركات، يسترد الشريك حصته، وختاماً لتلك الفقرة، فقد نصت المادة (141) من النظام على أن: (1- إذا قدمت حصص عينية عند تأسيس الشركة أو عند زيادة رأس مالها لا يتجاوز مجموع قيمتها (نصف) رأس مال الشركة، فلا يجب تقييمها من مقيم معتمد، ما لم يتفق المؤسسون أو المساهمون على غير ذلك.
2- إذا تجاوزت قيمة الحصص العينية المقدمة عند تأسيس الشركة أو زيادة رأس مالها (نصف) رأس مالها، وجب تقييمها من مقيم معتمد أو أكثر، وأن يعد المقيم تقريرًا يُبين فيه القيمة العادلة لهذه الحصص، ويعرض ذلك التقرير على المؤسسين أو المساهمين، للمداولة فيه، ولا يكون لمقدمي الحصص العينية المشاركة في التصويت على القرار بشأن التقرير المعد عنها، فإن قرر المؤسسون أو المساهمون تخفيض المقابل المحدد للحصص العينية، وجب الحصول على موافقة مقدمي تلك الحصص على ذلك التخفيض.
3- يشترط ألا تتجاوز المدة ما بين إصدار تقرير المقيم المعتمد بتقدير القيمة العادلة للحصص العينية، وإصدار الأسهم مقابل تلك الحصص، المدة التي تحددها اللوائح.
4- إذا لم تقيم الحصص العينية من مقيم معتمد وفقًا لحكم هذه المادة أو إذا قُيمت بغير تقدير المقيم المعتمد المعين، يكون المؤسسون أو المساهمون مسؤولين شخصيًّا في جميع أموالهم في مواجهة الغير عن عدالة تقدير هذه الحصص وأداء الفرق نقدًا إلى الشركة، ولا تسمع الدعوى في هذه الحالة بعد انقضاء (خمس) سنوات من تاريخ قيد الشركة لدى السجل التجاري أو زيادة رأس مالها بحسب الأحوال).
– حصة العمل: بمطالعة النصوص النظامية المتعلقة بالشركات ذات المسؤولية المحدودة والتي تعد الأكثر رواجا في المملكة العربية السعودية، نجد أن المنظم قد سار على ذات الدرب لبعض الدول، في جواز إمكانية أن تكون المساهمة في الشركة ذات المسؤولية المحدودة تقديم عمل من قبل الشريك، حيث جاءت المادة (13/2) بالنص على أن: (فيما عدا شركتي المساهمة والمساهمة المبسطة، يجوز أن تكون حصة الشريك عملًا مقابل نسبة في الأرباح يحدد عقد تأسيس الشركة مقدارها، ولا يجوز أن تكون حصته ما له من سمعة أو نفوذ)، كما نصت الفقرة (2) من المادة (14) على أن: ( إذا كانت حصة الشريك عملًا، وجب أن يقوم بالعمل الذي تعهد به، ويكون كل كسب ينتج من هذا العمل من حق الشركة، ولا يجوز له أن يمارس هذا العمل لحسابه الخاص، ومع ذلك، لا يكون ملزمًا بأن يقدم إلى الشركة ما حصل عليه من حقوق على الملكية الفكرية الناتجة عن هذا العمل، إلا إذا اتفق على ذلك).
(خامساً): بعض الأحكام المتعلقة بالحصص في الشركة ذ م م في النظام السعودي.
بداية القول، فقد نصت المادة (174) من نظام الشركات على أن: (يحدد الشركاء مقدار رأس مال الشركة في عقد تأسيسها، ويقسم إلى حصص متساوية القيمة، وتكون الحصة غير قابلة للتجزئة والتداول، فإذا ملك الحصة أشخاص متعددون، جاز للشركة أن توقف استعمال الحقوق المتصلة بها إلى أن يختار مالكو الحصة من بينهم من يعد مالكًا منفردًا لها في مواجهة الشركة، ويجوز للشركة أن تحدد لهم ميعادًا لهذا الاختيار وإلا كان لها بعد انقضائه بيع الحصة لحساب مالكيها، وفي هذه الحالة، تعرض الحصة على الشركاء الآخرين ثم على الغير، وفقًا لما ورد في المادة (الثامنة والسبعين بعد المائة) من النظام، ما لم ينص عقد تأسيس الشركة على غير ذلك)، وقد جاء المنظم السعودي في هدي نظام الشركات الجديد ببعض الأحكام الخاصة بحصص شركة ذ.م.م، وذلك بالتوضيح التالي:
(أولاً)- عدم قابلية الحصص للتداول بالطرق التجارية: حيث لا يجوز أن يكون غرض الشركة ذات المسؤولية المحدودة القيام بأعمال البنوك، أو التمويل، أو الادخار، أو التأمين، أو استثمار الأموال لحساب الغير، وبشأن ذلك ولا يخفى الهدف من وراء هذا التحريم وهو حماية مصالح المستثمرين، نظراً لأن الأعمال المذكورة تتضمن كثيراً من المخاطر التي يخشى معها إفلاس الشركة، فتضيع على أصحاب رؤوس الأموال بسبب تواضع رأس مال الشركة وبسبب المسؤولية المحدودة للشركاء عن ديونها والتزاماتها.
(ثانياً)- عدم قابلية الحصص للتداول أو التجزئة: لا يجوز أن تكون الحصص في الشركات ذات المسؤولية المحدودة ممثلة في صكوك قابلة للتداول، كما تكون الحصة المقدمة في الشركة غير قابلة للتجزئة، فإذا تملك الحصة أشخاص متعددون، جاز للشركة أن توقف استعمال الحقوق المتصلة بها إلى أن يختار مالكو الحصة من بينهم من يعد مالكاً منفرداً لها في مواجهة الشركة، ويجوز للشركة أن تحدد لهؤلاء ميعاداً لإجراء هذا الاختيار، وإلا كان من حقها بعد انقضاء الميعاد المذكور أن تبيع الحصة لحساب مالكيها، وفي هذه الحالة تعرض الحصة على الشركاء الآخرين ثم على الغير ما لم ينص عقد التأسيس على غير ذلك، وفي هذا نصت المادة (174) من نظام الشركات على أن: (يحدد الشركاء مقدار رأس مال الشركة في عقد تأسيسها، ويقسم إلى حصص متساوية القيمة، وتكون الحصة غير قابلة للتجزئة والتداول، فإذا ملك الحصة أشخاص متعددون، جاز للشركة أن توقف استعمال الحقوق المتصلة بها إلى أن يختار مالكو الحصة من بينهم من يعد مالكًا منفردًا لها في مواجهة الشركة، ويجوز للشركة أن تحدد لهم ميعادًا لهذا الاختيار وإلا كان لها بعد انقضائه بيع الحصة لحساب مالكيها، وفي هذه الحالة، تعرض الحصة على الشركاء الآخرين ثم على الغير، وفقًا لما ورد في المادة (الثامنة والسبعين بعد المائة) من النظام، ما لم ينص عقد تأسيس الشركة على غير ذلك).
(ثالثاً)-الوفاء بكامل حصص رأس المال: لا تؤسس الشركة ذات المسؤولية المحدودة إلا إذا وزعت جميع الحصص النقدية والحصص العينية على جميع الشركاء وتم الوفاء بها، تطبيقاً لنص المادة (15) من نظام الشركات بمنطوقها الجاري على أن: (1- يعد كل شريك مدينًا للشركة بالحصة التي تعهد بها.
2- إذا تأخر الشريك عن تقديم حصته في رأس مال الشركة، في الأجل المحدد لذلك، كان للشركة مطالبته بتنفيذ ما تعهد به تجاهها، أو تعليق نفاذ الحقوق المتصلة بحصصه كالحق في الحصول على أرباح أو حق التصويت في الجمعية العامة أو على قرارات الشركاء، مع احتفاظ الشركة في جميع الأحوال بالحق في مطالبته بالتعويض عن الضرر المترتب على ذلك)، مع مراعاة أنه في حالة زيادة رأس المال عن طريق تقديم حصص جديدة، فتكون الأولوية للشريك في تملك تلك الحصص نفاذاً لما نصت عليه المادة (172/2) من النظام على أن: (يكون للشريك عند الموافقة على زيادة رأس مال الشركة عن طريق إصدار حصص جديدة الأولوية في تملك الحصص التي تصدر مقابل حصص نقدية بنسبة ما يملكه في رأس مال الشركة، وذلك وفقًا لما تحدده اللوائح)، ويرتب تحديد قيمة حصص الشركاء بالتبعية تحديد قيمة الأرباح الخاصة بهم في ضوء نص المادة (175) من ذات النظام التي تضمنت أنه: (1- ترتب الحصص حقوقًا متساوية في الأرباح الصافية وفي فائض التصفية، ما لم ينص عقد تأسيس الشركة على غير ذلك.
2- تحدد الجمعية العامة النسبة التي يجب توزيعها على الشركاء من الأرباح الصافية بعد خصم الاحتياطيات، إن وجدت.
3- يستحق الشريك حصته في الأرباح وفقًا لقرار الجمعية العامة أو الشركاء الصادر في هذا الشأن، ويبين القرار تاريخ الاستحقاق وتاريخ التوزيع).
(رابعاً) – جواز التنازل عن الحصص: أجاز المنظم السعودي إجراء التنازل بين الشركاء على الحصص المتداولة في رأسمال شركة ذ.م.م، في ضوء بعض الاشتراطات والإجراءات الخاصة بذلك التنازل، سواء إن كان بعوض أو بغير عوض، كما أجاز أيضاً للشريك المتنازل الرجوع في التنازل عن حصته في خلال مدة زمنية مقدرة بثلاثون يوماً من التنازل، حيث نصت المادة (178) من نظام الشركات السعودي على أن: (1- يجوز للشريك أن يتنازل عن حصته لأيّ من الشركاء وفقًا للشروط المنصوص عليها في عقد تأسيس الشركة.
2- يجب على الشريك إذا أراد التنازل عن حصته لغير أحد الشركاء في الشركة بعوض أو دونه أن يُبلغ باقي الشركاء عن طريق مدير الشركة باسم المتنازل له أو المشتري وبشروط التنازل أو البيع، وعلى المدير أن يبلغ باقي الشركاء بمجرد وصول الإبلاغ إليه، ويجوز لكل شريك أن يطلب استرداد تلك الحصة وسداد قيمتها أو قيام الشركة بشرائها خلال (ثلاثين) يومًا من تاريخ إبلاغ المدير بالثمن الذي يتفق عليه. وإذا طلب استرداد هذه الحصة أو الحصص أكثر من شريك قُسمت بينهم بنسبة حصة كل منهم في رأس المال، وفي حال الاختلاف على قيمة الحصة تُقدر قيمتها على نفقة طالب الاسترداد أو الشركة -بحسب الأحوال- من مقيم معتمد أو أكثر يعد تقريرًا يُبين فيه القيمة العادلة لحصة الشريك الراغب في التنازل. وإذا انقضت المدة المحددة لممارسة حق الاسترداد دون أن يطلب أي من الشركاء استرداد الحصة أو إذا لم يقم طالب الاسترداد بسداد قيمتها أو إذا لم تقم الشركة بشرائها خلال تلك المدة، كان لصاحبها الحق في التنازل عنها للغير.
3- يجوز أن يُنص في عقد تأسيس الشركة على إجراءات أخرى للإبلاغ بالتنازل عن الحصة أو على طريقة تقييم أخرى أو مدة أطول لممارسة حق الاسترداد وسداد القيمة أو لقيام الشركة بشرائها.
4- لا يسري حق الاسترداد المنصوص عليه في هذه المادة على انتقال ملكية الحصص بالإرث أو بالوصية أو بموجب حكم من الجهة القضائية المختصة)، كما أجاز المنظم أيضاً في هدي نص المادة (180) قيام الشركة بشراء الحصص أو رهنها، إلا أن ذلك مشروط بأن يتضمنها عقد التأسيس.
(خامساً)- بيع حصص الشركة: أعطى المنظم السعودي بموجب نصوص نظام الشركات، الحق للأكثرية من الشركاء إلزام الأقلية بقبول العرض الصادر من الغير بشراء حصص الشركة، بشرط أن يكون عقد التأسيس منصوص في بنوده على هذا الحق، فقد نصت المادة (181) من النظام على أن: (يجوز أن ينص في عقد تأسيس الشركة بعد موافقة شريك أو أكثر يمثلون (تسعين في المائة) من رأس مال الشركة على الأقل، على الآتي:
أ- أن يكون لأكثرية الشركاء إلزام الأقلية بقبول عرض من مشترٍ حسن النية لشراء جميع حصص الشركة بذات السعر والشروط والأحكام الخاصة بشراء حصص الأكثرية.
ب- أن يكون لأقلية الشركاء إلزام الأكثرية بضمان بيع حصص الأقلية في الحالات التي يبيع فيها الأكثرية حصصهم بذات السعر والشروط والأحكام الخاصة ببيع حصص الأكثرية).
ووفقاً لنص المادة (25) من نظام الشركات، تنتقل ملكية الحصص في الشركة ذات المسؤولية المحدودة بالقيد لدى السجل التجاري، ولا يُعتد بنقل ملكية الحصة في مواجهة الشركة أو الغير إلا من تاريخ هذا القيد.
وجاء في المادة (162) من نظام الشركات النص على أن: (تُعِد الشركة سجلاً خاصاً بأسماء الشركاء وعدد الحصص التي يملكها كل منهم والتصرفات التي ترد على الحصص، ولا ينفذ انتقال الملكية في مواجهة الشركة أو الغير إلا بقيد السبب الناقل للملكية في السجل المذكور، وعلى الشركة إبلاغ الوزارة لإثباته في سجل الشركة).
كتابة الأستاذ/ محمد جلال جعفر
[1] – إلياس ناصيف، موسوعة الشركات التجارية، ج 05، شركة الشخص الواحد، ط 02، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان ،2006، ص 15.
[2] – محمد فريد العريني، هاني محمد دويدار، قانون الأعمال، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، مصر، 2002، ص 385.
[3] – عبد القادر البقيرات، مبادئ القانون التجا ري، الأعمال التجا رية، نظرية التاجر، المحل التجاري، الشركات التجا رية، ط 02، ديوان المطبوعات الجامعية، 2011، ص 129.
[4] – عزيز العكيلي، الوسيط في الشركات التجارية، دراسة فقهية قضائية مقارنة في الأحكام العامة والخاصة، ط 01، دار الثقافة للنشر، عمان، سنة 2007، ص 452-453.
[5] – نادية فضيل، شركات الأموال في القانون الجزائري، ط 02، ديوان المطبوعات الجامعية، 2007، الجزائر، ص 28.