اتفاق بسيط للأسهم المستقبلية

اتفاق بسيط للأسهم المستقبلية

في ظل تنامي الاقتصاد في المملكة العربية السعودية، وظهور الكثير من رواد الأعمال من أصحاب الشركات الناشئة الذين يسعون للحصول على موافقة المستثمرين من أجل ضخ رؤوس الأموال لتمويل شركاتهم الناشئة، ومع وجود الكثير من المستثمرين الذين يرغبون بعقد شراكات مع رواد الأعمال ظهر ما يسمى بالاتفاقيات البسيطة للأسهم المستقبلية، وتُعد الاتفاقات البسيطة للأسهم المستقبلية فكرة جديدة في المجال الاستثماري ومن العقود الحديثة جدًا، والقائمة على المرونة في رأس المال والعمل؛ لذا سوف نتناول في هذا المقال جميع ما يتعلق بالاتفاقيات البسيطة للأسهم المستقبلية، وذلك خلال العناصر الرئيسية الآتية:

وسوف نقدم شرح تفصيلي لكل عنصر من العناصر الرئيسية السابقة، فيما يلي:

أولًا: تعريفات هامة

هناك بعض المفاهيم الهامة المتعلقة بالاتفاق البسيط للأسهم المستقبلية، نُبينها على النحو الآتي:

 ١. العقد المستقبلي

هو اتفاق ملزم لطرفيه ويتم تنفيذه في تاريخ لاحق، وهو عقد متداول في البورصة ذا طبيعة موحدة حيث يقرر طرفين تبادل أصل بسعر متفق عليه وتاريخ محدد للتسليم والدفع في المستقبل، والعقد المستقبلي معيار موحد من حيث كمية العنصر وتاريخه وتسليمه، ويمكن أن تكون الأداة المالية الأساسية للعقد المستقبلي أي أصل كالأسهم، أو السلع، أو العملات، أو السندات.

 ٢. الاتفاق البسيط للأسهم المستقبلية

هو اتفاق بسيط بين المستثمر وشركة ناشئة لتملك حصص في المستقبل، ويقوم هذا الاتفاق ببساطة على أن المستثمر سيقوم بضخ أموال في الشركة الناشئة في مقابل تعهد بإصدار أسهم للمستثمر لاحقًا، أي يمنح هذا الاتفاق المستثمر باستلام الأسهم من الشركة عند حدوث فعالية مهمة متعلقة بالتمويل، كما في حالة التمويل المستقبلي للأسهم

 ٣. الأصول المتداولة

هي الأصول عالية السيولة والتي يمكن تحويلها إلى نقدية في فترة قصيرة عادة ما تكون سنة أو أقل ويشمل النقدية والمخزون والمدينون والأوراق المالية التجارية وغيرها.

 ٤. الأدوات المالية

هي عقود الأصول النقدية التي يتم شراؤها، أو إنشاؤها، أو تداولها، أو تعديله، أو تسويقها؛ وبالتالي فإن هناك التزامًا بين الأطراف المتعاقدة خلال فترة معاملة الأداة المالية.

 ٥. الأسهم

هي أوراق مالية ذات قيمة متساوية تستخدم في التداول سواءًا بطريقة مباشرة أو من خلال الأسواق المالية، ويعتبر كل سهم حقًا من حقوق الملكية الذي يضمن لمالكه الحصول على حصة محددة من رأس مال الشركة.

ثانيًا: خصائص العقود المستقبلية بصفة عامة

تتميز العقود المستقبلية بصفة عامة بالخصائص الآتية:

١. تُبرم هذه العقود ويتم تداولها في سوق منظمة حيث يتحدد سعرها بناءً على العرض والطلب المقدم.

٢. مدة تغطيتها للمخاطر المالية تكون طويلة.

٣. يتم تسويتها في تاريخ لاحق مستقبلي.

٤. تتيح فرصًا استثمارية مختلفة للمشاركين في السوق.

٥. تستخدم للتحوط ضد مخاطر التغيرات المتوقعة في أسعار الأصول محل التعاقد.

٦. عقود لا تنطوي على خطر عدم الوفاء بالالتزامات لوجود بيت المقاصة

٧. توفر فرص كبيرة لجني الأرباح من خلال الاستفادة من مزايا الرفع المال، والذي يقوم على إمكانية تحقيق مكاسب كبيرة مقابل استخدام مبالغ محدودة

ثالثًا: أهمية الاتفاق البسيط للأسهم المستقبلية

تكمن أهمية الاتفاق البسيط للأسهم المستقبلية بالنسبة للشخص الذي لديه فكرة مشروع استثماري ناشئ؛ فإنه في الغالب يفضل أن يكون تمويل هذا المشروع خارجيًا وليس من عنده؛ ليدرأ عنه مخاطر إضاعة أمواله في هذا المشروع الناشئ، ومن هنا تكمن أهمية فكرة الاتفاقيات البسيطة للأسهم المستقبلية لتلاقي أصحاب الأفكار بأصحاب الأموال.

فأصحاب الأفكار الذين يملكون القدرة على خلق فكرة مختلفة في السوق، وأصحاب الأموال الذين يملكون القدرة على توفير رأس المال، فيقوم صاحب الفكرة الذي يريد أن يُنشئ شركة حاضنة لمشروعه بعرض فكرته على مختلف المستثمرين طلبًا لمشاركتهم التمويلية لهذه الفكرة من خلال دفع مبالغ مالية تسمى مبلغ الاستثمار، لتكون في المستقبل أسهمًا في الشركة المراد تأسيسها،

كما يساهم الاتفاق البسيط للأسهم المستقبلية في فتح باب الأعمال وتوظيف الأيدي العاملة من خلال تأسيس شركات ناشئة تشق طريقها نحو التوسع مما يجعلها قادرة على استيعاب الأيدي العاملة، كما يتضح أيضًا أن الاتفاق البسيط للأسهم المستقبلية يضفي نوعًا من الطمأنينة التي يبحث عنها المستثمرين، ورواد الأعمال، فالاتفاق البسيط للأسهم المستقبلية يحفظ حق المستثمر وقت نماء الشركة وارتفاع قيمتها السوقية بتملكه أسهما بسعر سبق الاتفاق عليه مقابل تمويله للشركة، كما أنه يُؤمن لرواد الأعمال التمويل المناسب لشركاتهم دون اشتراط فائدة.

رابعًا: ماهية عناصر الاتفاقية البسيطة للأسهم المستقبلية

تنقسم الاتفاقية البسيطة للأسهم المستقبلية إلى عدة عناصر، تتمثل في الآتي:

١. المؤسس

وهو صاحب الفكرة الذي يسعى لتأسيس شركة ناشئة، وقد يكون المؤسس شخصًا واحدًا، وقد يكون مجموعة من الأشخاص.

٢. المستثمر

وهو من يقدم مبلغ الاستثمار للشركة الناشئة، سواء أكان شخصًا طبيعيًا أم شخصًا اعتباريًا، كشركة، أو مؤسسة حكومية وقد يكون مستثمرًا واحدًا، أو يكون مجموعة من المستثمرين.

٣. الشركة الناشئة

هي شركة حديثة النشأة، ونشأت من فكرة إبداعية وأمامها احتمالات كثيرة للنمو والازدهار بسرعة بواسطة رواد أعمال، وذلك بهدف تطوير منتج أو خدمة مميزة لإطلاقها في السوق، وتنطلق الشركات الناشئة من مبلغ استثماري أولي يضعه المؤسسون أو أحد أقارعهم، وتقوم على أعمال تجارية قابلة للنمو، وتنمو بطريقة سريعة جدًا وفعالة صغيرة.

٤. مبالغ الاستثمار

هي التي يقدمها المستثمرون لتمويل الشركات الناشئة في الجوالات التمويلية.

خامسًا: أنماط الاتفاق البسيط للأسهم المستقبلية

يتمثل أنماط الاتفاق البسيط للأسهم المستقبلية في الآتي:

النمط الأول: استثماري

يتحقق هذا النمط من خلال المشاركة برأس مال لتحويله إلى أسهم في الشركة، وفي هذا النمط يكون التكييف الفقهي للاتفاق البسيط للأسهم المستقبلية على أنها عقد مضاربة، والمضاربة هي دفع مال معلوم لمن يتجر به مقابل جزء معلوم مشاع من ربحه

النمط الثاني: تمويلي

وهذا من خلال دفع المستثمر مبلغًا من المال يكون دينًا في ذمة الشركة، دون أن يتلقى فوائد نظير هذا التمويل، وهذا غالبًا ما يكون من قبل الدولة والمؤسسات التمويلية.

سادسًا: الضوابط الشرعية لأنماط الاتفاق البسيط للأسهم المستقبلية

تتمثل الضوابط الشرعية لأنماط الاتفاق البسيط للأسهم المستقبلية سواءًا بنوعيه الاستثماري والتمويلي في الضوابط الآتية:

الضابط الأول: مشروعية الغرض الاستثماري

ويقصد بمشروعية الغرض الاستثماري أن يكون نشاط الشركة مشروعًا لا حرمة فيه، وينطبق هذا الضابط على النمط الاستثماري، بحكم أن المستثمر يملك حصة من الشركة، وينطبق كذلك على الممول، وإن لم يكن مالكًا، وذلك لقوله تعالى: “وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ”

الضابط الثاني: مشروعية آليات الشركة في الحصول على التمويل والاستثمار

يتمثل هذا الضابط في مشروعية آليات الشركة في الحصول على التمويل والاستثمار، بمعنى أنه يجب حتى لو كان الغرض من الشركة مشروعًا؛ فإن ذلك وحده لا يكفي للدخول في الاتفاق البسيط للأسهم المستقبلية؛ بل يجب البحث عن آليات الشركة في الحصول على التمويل والاستثمار، هل ثمة آليات ربوية أو عقود محرمة؛ فإن كانت تعتمد على الاقتراض الربوي فإنه لا يجوز المشاركة فيه.

سابعًا: أشكال الاتفاق البسيط للأسهم المستقبلية

يتخذ الاتفاق البسيط للأسهم المستقبلية الأشكال الآتية:

الشكل الأول: الاتفاق على سقف تقييم محدد

يتحقق هذا الشكل من خلال اتفاق أطراف الاتفاق البسيط للأسهم المستقبلية على سقف تقييم محدد، فلا يمكن بأي حال من الأحوال تجاوزه، وهذا شرط يضعه المستثمر لحماية نفسه من خلال وجود سقف تمويلي متفق عليه، وهذا المبلغ غالبًا ما يكون أكثر من القيمة السوقية عند بدء الاستثمار، فإذا كانت القيمة الآن مليون ريال، فإن المستثمر يضع مثلًا أربع ملايين ريال حدًا أقصى؛ وبالتالي حتى لو جاء مستثمر (طرف ثالث) ووضع مبلغًا أكثر من ذلك، فإن المستثمر الأول غير ملزم به.

مثال: لو أن مستثمرًا دفع مليون ريال قابلة للتحويل إلى أسهم مستقبلية بسقف تقييمي متفق عليه يبلغ عشرة ملايين ريال، ثم أصبحت قيمة أسهم الشركة بعد ستة أشهر خمسة عشر مليون ريال، ففي هذه الحالة يشتري المستثمر الأسهم بقيمة السقف التقييمي المتفق عليه وهو عشرة ملايين ريال، ولا يكون ملزمًا بما وصلت إليه القيمة السوقية وهو خمسة عشر مليون ريال.

الشكل الثاني: الاتفاق على معدل الخصم

في هذا الشكل يحصل المستثمر على خصم بنسبة معينة من تقييم الجولة الاستثمارية التي ستتم من خلالها عملية التحويل، وهو ما يطلق عليه معدل الخصم، والمقصود بمعدل الخصم سعر الأسهم للمستثمر الأول مقارنة بالمستثمر الجديد.

مثال: لو أن مستثمرًا في شركة ناشئة دفع مليون ريال، بشرط الحصول على معدل الخصم ثلاثون بالمئة، وبعد سنتين جاء مستثمر خارجي وقال لك إن سعر السهم في شركتك عشرة ريال والشركة فيها مليون سهم، أي عشرة ملايين ريال؛ فإن المستثمر الخارجي إذا دفع مليون سيحصل في المقابل على مئة ألف سهم، في حين يحصل من لديه معدل خصم ثلاثون بالمئة مقابل المليون التي دفعها ابتداءًا على مئة وثلاثين ألف سهم؛ لأن لدي معدل خصم ثلاثون بالمئة.

الشكل الثالث: الاتفاق على سقف محدد مع وجود معدل خصم

وفي هذا الشكل يتفق الطرفان على خصم بنسبة معينة، وعلى سقف تقييمي محدد، فيكون المستثمر مخير بين أن يأخذ ما ينشأ عن السقف المحدد أو يأخذ بمعدل الخصم.

مثال: لو أن مستثمرًا دفع مليون ريال قابل للتحويل إلى أسهم ملكية، وذلك بشرط الحصول على خصم قدره عشرون بالمئة، بسقف تقييمي يبلغ عشرة ملايين ريال، وبعد ستة أشهر جمعت الشركة مليونين ريال بتقييم يبلغ خمسة عشر مليون ريال، وطلب المستثمر تحويل استثماره إلى أسهم، ففي هذه الحالة يكون له الحق في أحد الخيارين، إما الأخذ بالسقف التقييمي المتفق عليه، أو معدل الخصم؛ لأن السقف المتفق عليه سيعطيه الحق في تحويل الأسهم بناء على تقييم عشرة ملايين، في حين أن معدل الخصم عشرون بالمئة سيؤدي إلى تقييم قدره 12 مليون ريال.

إعداد/ محمد محمود