أحكام تعديل عقد تأسيس الشركة

أحكام تعديل عقد تأسيس الشركة في النظام السعودي

مازلنا في إطار استعراض أحكام نظام الشركات الجديد الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/132) بتاريخ 1/12/1443هـ والذي يبدأ العمل به من تاريخ 8/6/1444هـ، حيث سبق وأن تعرضنا في بعض المقالات السابقة لبعض الموضوعات التي تناولها هذا النظام وما ورد به من أحكام بشأنها، وسيدور هذا المقال حول الأحكام الخاصة بتعديل عقد تأسيس الشركة.

فمن المتعارف عليه أن النظام قد تطلب في عقود الشركات التي يتم تأسيسها بموجبه بعض الشروط التي يلزم أن تتحقق فيه، فلا ينعقد العقد صحيحاً ولا تعد الشركة قائمة نظاماً إلا بتوافرها، ولكن ما هي الأحكام والضوابط التي يلزم التقيد بها في تعديل تلك العقود؟ ويتكون الإجابة على هذا التساؤل هي المحور الرئيسي لهذا المقال.

أولاً: المقصود بعقد تأسيس الشركة

يعد عقد الشركة في مضمونه وجوهره هو عقد الشركة ذاته، وذلك باعتبار أن عقد الشركة هو العقد الذي تتأسس بموجبه الشركة وتظهر إلى الوجود، لذلك فإن عقد الشراكة أو عقد الشركة هو ذاته عقد تأسيس الشركة.

وقد عرف المنظم السعودي عقد تأسيس الشركة في سياق تعريفه للشركة في نص المادة الثانية من نظام الشركات الجديد، حيث عرفه بأنه العقد الذي يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع يستهدف الربح بتقديم حصة من مال أو عمل أو منهما معاً لاقتسام ما ينشأ عن هذا المشروع من ربح أو خسارة.

وباعتبار أن عقد تأسيس الشركة يحمل مسمى العقد، فإنه يجب أن يتوافر ويتحقق فيه ما يتطلبه النظام من أركان وشروط موضوعية للعقد، والتي تتمثل في الرضا، والأهلية، والمحل، والسبب، وإن كان المنظم لم ينص على ذلك في نظام الشركات بشكل صريح، إلا أننا يمكن أن نستخلص ذلك من كونه قد قرن تأسيس الشركة بلفظ “عقد”[1]، بجانب ذلك فقد أضاف هذا التعريف شروط موضوعية أخرى يلزم توافرها لعقد تأسيس الشركة وهو أن تتعدد أطرافه، ويستدل على ذلك من اشتراط المنظم أن يبرم العقد بين شخصين أو أكثر، وإن كان المنظم السعودي في نظام الشركات الجديد قد أجاز تأسيس الشركة بالإرادة المنفردة أو ما تعرف بشركة الشخص الواحد، إلا أن ذلك على سبيل الاستثناء حيث أن القاعدة العامة في الشركة هو تعدد الشركاء فيها.

ويعد عقد تأسيس الشركة هو العقد الذي يتم إبرامه بين الشركاء المؤسسين لها، والشريك المؤسس هو الشريك الذي وقع على عقد تأسيس الشركة في بداية تأسيسها، وهو يختلف عن الشريك المنضم وهو الشريك الذي يشارك في الشركة بشكل لاحق على تأسيسها، وبالتالي يقتصر وصف الشريك المؤسس في الشركاء الموقعين على عقد تأسيس الشركة والمشاركين في رأس مالها، وقد عرف المنظم السعودي الشريك المؤسس في الشركة بنص المادة رقم (6/1) من نظام الشركات الجديد بأنه “كل من اشترك فعلياً في تأسيس الشركة وساهم في رأس مالها بحصة نقدية أو عينية”.

ثانياً: الشركات التي يلزم لقيامها تحقق عقد التأسيس

قد يثور في أذهان البعض تساؤلاً قوامه هل يلزم لقيام أي شركة أن يكون لها عقد تأسيس؟

من الطبيعي والمنطقي أن تكون الإجابة على هذا التساؤل بنعم، حيث أن الشركة تعد نتاجاً للعقد المبرم بين الشركاء، فلا يتصور قيام شركة إلا بوجود عقد له يوقع عليه الشركاء المؤسسين وبناء عليه تخرج الشركة إلى الوجود.

إلا أن الإجابة على تساؤلنا هذا في حقيقتها هي بلا، حيث لا يشترط في بعض الشركات أن يكون لها عقد تأسيس، وذلك وفقاً لما نص عليه المنظم السعودي بنص المادة رقم (7/1) من نظام الشركات الجديد من أن (1- يكون لكل شركة تؤسس وفقاً لأحكام النظام عقد تأسيس عدا شركة المساهمة وشركة المساهمة المبسطة والشركة ذات المسؤولية المحدودة المملوكة لشخص فيكون لكل منها نظام أساس).

وبناء على ذلك فإن شركات التضامن والتوصية البسيطة وذات المسؤولية المحدودة فقط هي التي يلزم لتأسيسها إبرام عقد تأسيس، بينما شركات المساهمة والمساهمة المبسطة وذات المسؤولية المحدودة المملوكة لشخص واحد هي شركات يلزم لتأسيسها وجود نظام أساس يحل محل عقد التأسيس في الشركات الأخرى.

ثالثاً: الإجراءات الرسمية لتعديل عقد تأسيس الشركة

في إطار تنظيم المنظم السعودي لإجراءات قيد وثائق الشركة عند تأسيسها في المادة رقم (8) من نظام الشركات الجديد فقد تعرض أيضاً للتعديلات التي تطرأ على عقد تأسيس الشركة، حيث تطلب بعض الإجراءات التي يلزم اتخاذها ليصح بموجبها أي تعديل يتم إدخاله على عقد التأسيس، وهذه الإجراءات تعقب إجراء التعديل وتمثل إجراءات عامة تنطبق على التعديل أياً كان طبيعة كيان الشركة صاحبة العقد، وتتمثل هذه الإجراءات في:

  • استلزم المنظم في التعديل الذي يتم على عقد تأسيس الشركة أن يكون صادراً في شكل مكتوب، ورتب على مخالفة هذا الإجراء بطلان التعديل، كما لو تم التعديل شفهياً فإنه يكون تعديلاً باطلاً لعدم إفراغه في الشكل الذي نص عليه المنظم.

ويمكننا أن نعزي هذا الشرط إلى حرص المنظم على منح الشركاء فرصة للتفكير في تلك التعديلات قبل القيام بها[2]، بجانب تيسير القدرة على إثبات تلك التعديلات بصورة لا تدعو للبس أو الغموض.

  • أن يكون ما تم إدخاله من تعديل أو أكثر على عقد تأسيس الشركة قد تم وفقاً لما يتطلبه النظام واللوائح من قيود وضوابط ومتطلبات لتمامه صحيحاً.
  • يلزم أيضاً على الشركاء أو مدير الشركة أن يقوم بقيد ما يتم إدخاله من تعديلات على عقد تأسيس الشركة في السجل التجاري المقيد به عقد تأسيس الشركة، وذلك حتى يتم شهر تلك التعديلات طبقاً لما ينص عليه النظام وتتطلبه اللوائح، وقد رتب النظام جزاء يوقع على من يتسبب في عدم قيد التعديلات في السجل التجاري من الشركاء أو مديري الشركة، ويتمثل هذا الجزاء في مسؤوليته عن التعويض عما ترتب على ذلك من ضرر سواء للشركة أو لسائر الشركاء فيها.
  • لا يعد التعديل الذي يطرأ على عقد التأسيس قابلاً للاحتجاج به في مواجهة الغير إلا إذا تم قيده في السجل التجاري وفقاً لما سبق بيانه، فإذا لم يتم اتخاذ تلك الإجراءات طبقاً لما هو منصوص عليه بالنظام فإن تلك التعديلات لا تنفذ إلا بين الشركاء بينما لا تكون نافذة في مواجهة الغير.

رابعاً: تعديل عقد تأسيس شركة التضامن

سوف نتناول في هذا القسم من المقال الإجراءات الخاصة بتعديل عقد تأسيس شركة التضامن وفقاً لأحكام نظام الشركات السعودي الجديد، وسيتضمن ذلك التعريف بشركة التضامن، والبيانات الأساسية التي يلزم أن يتضمنها عقد تأسيسها، ونختتم ذلك ببيان الإجراءات النظامية الخاصة بتعديل عقد تأسيسها.

1- التعريف بشركة التضامن

عرفت شركة التضامن من وجهة نظر الفقه بأكثر من تعريف، إلا أنها وإن اختلفت في ظاهرها إلا أنها اتفقت في مضمونها وفحواها، ومن أهم تلك التعاريف ما يلي:

  • شركة التضامن هي الشركة التي تنعقد بين شريكين أو أكثر بحيث يكون هؤلاء الشركاء مسؤولين بالتضامن فيما بينهم عن الديون التي تنشأ على الشركة، ويمتد ذلك إلى ذمتهم المالية بأكملها[3].
  • كما عرفت أيضاً بأنها الشركة التي يتم عقدها بين فردين أو أكثر بغرض التجارة في نوع معين أو أكثر من أنواع التجارة، ويكون الشركاء فيها مسؤولين بالتضامن عن كافة ما يقع على عاتق الشركة من التزامات، ولا تقتصر تلك المسؤولية على حدود رأس مال الشركة فقط بل تمتد لتشمل الأموال الخاصة بكل شريك[4].

ولم تخرج تلك التعاريف وغيرها من التعاريف الأخرى التي وضعت لشركة التضامن عن تعريف المنظم السعودي لتلك الشركة في نظام الشركات الجديد، حيث عرفها في المادة رقم (35) منه بأنها (هي شركة يؤسسها شخصان أو أكثر من ذوي الصفة الطبيعية أو الاعتبارية يكونون فيها مسؤولين شخصياً في جميع أموالهم وبالتضامن عن ديون الشركة والتزاماتها ويكتسب الشريك فيها صفة التاجر).

2- البيانات اللازم توافرها في عقد التأسيس

حدد المنظم في المادة رقم (36) من نظام الشركات السعودي الجديد البيانات الجوهرية والأساسية التي لا يجوز أن يخلو عقد تأسيس شركة التضامن من أياً منها، وإن لم يمنع من أن يشتمل على بيانات أخرى إضافية، إلا أن تلك البيانات التي ذكرها النظام هي بيانات إجبارية وإلزامية يجب أن ترد بعقد تأسيسها، وتتمثل تلك البيانات في:

  • اسم كل شريك بالشركة، وبياناته الخاصة من محل الإقامة ورقم إثبات الشخصية وغيرها من البيانات الأخرى الخاصة بكل شريك.
  • الاسم الذي تم تحديده للشركة ليكون اسماً تجارياً لها.
  • العنوان الذي تم اتخاذه كمركز رئيسي للشركة لتمارس نشاطها منه.
  • الغرض الذي تم تأسيس الشركة لتحقيقه.
  • قيمة رأس المال الخاص بالشركة، وحصة كل شريك فيه، وبيان كامل بتلك الحصة، والموعد الذي يستحق فيه سدادها للشركة من قبل الشريك.
  • مدة استمرار الشركة متى كانت الشركة محددة المدة.
  • كيفية إدارتها وتحديد شخص القائم على إدارتها.
  • النصاب اللازم توافره في إصدار قرارات الشركاء.
  • طريقة توزيع ما تحققه الشركة من أرباح وخسائر بين الشركاء.
  • التاريخ المحدد لبدء السنة المالية للشركة والتاريخ المحدد لانتهائها.
  • أسباب انقضاء الشركة.
  • أي بيانات أخرى يتفق الشركاء على إدراجها بعقد تأسيس الشركة ولا يكون في ثمة مخالفة لأحكام النظام.

3- كيفية تعديل عقد تأسيس شركة التضامن

حدد المنظم السعودي في نظام الشركات الجديد الطريقة والإجراءات التي يتم بموجبها إدخال أي تعديلات على عقد تأسيس شركة التضامن، وذلك فيما تناوله بشأن القرارات التي تصدر من الشركاء في الشركة، لاسيما وأن تعديل عقد تأسيس شركة التضامن هو بمثابة قرار يصدر من الشركاء في الشركة عن طريق التصويت، وقد حدد المنظم السعودي أغلبيتين في التصويت على قرارات الشركاء في شركة التضامن، وبيان ذلك كالتالي:

  • القاعدة العامة التي قررها المنظم في شركات التضامن أن قراراتها تصدر من الشركاء بالأغلبية العددية لهم، بحيث يكون القرار الحاصل على تلك الأغلبية صحيحاً ونافذاً.
  • الاستثناء من تلك القاعدة العامة هو أن يكون القرار متعلق بإدخال تعديل على عقد تأسيس الشركة، حيث قرر المنظم أغلبية مختلفة لصدور قرارات تعديل النظام الأساسي الشركة، وتتمثل تلك الأغلبية في إجماع الشركاء على إجراء هذا التعديل، فيلزم أن يوافق كافة الشركاء بشركة التضامن على إجراء التعديل في عقدها الأساسي، وإذا ما رفض أحدهم القرار الخاص بذلك التعديل أياً كانت حصته في رأس مال الشركة، فيكون التعديل مرفوض ولا يتم إنفاذه.

ولكن المنظم قد أجاز للشركاء أن يتفقوا في عقد تأسيس الشركة على أن تكون الأغلبية المطلوبة لإصدار القرارات الخاصة بتعديل عقد تأسيس الشركة مختلفة عن ذلك، فعلى سبيل المثال يجوز للشركاء في شركة التضامن أن يتفقوا في عقد التأسيس على أن تصدر قرارات تعديل عقد التأسيس بأغلبية ثلاثة أرباع رأس المال، أو بالأغلبية المطلقة، أو غيرها من صور الأغلبية الأخرى، فإذا خلا عقد التأسيس من تحديد لذلك فيكون العمل بما جاء في النظام من صدور تلك القرارات بإجماع آراء الشركاء.

خامساً: تعديل عقد تأسيس شركة التوصية البسيطة

بعد أن أوضحنا كيفية تعديل عقد تأسيس شركة التضامن، ننتقل إلى بيان كيفية تعديل عقد تأسيس شركة التوصية البسيطة، وفي هذا الإطار سوف نوضح ماهية شركة التوصية البسيطة، والبيانات الأساسية التي يلزم أن يتضمنها عقد تأسيسها، ونختتم ذلك ببيان الإجراءات النظامية الخاصة بتعديل عقد تأسيسها.

1- التعريف بشركة التوصية البسيطة

عرف الفقه شركة التوصية البسيطة بأنها شركة تنعقد بين عدة شركاء، منهم الشركاء المتضامنين، ومنهم الشركاء الموصين والذين لا يتمتعون بحق الإدارة لتلك الشركة[5].

كما عرفت أيضاً بأنها شركة بين شريكين أو أكثر بحيث تتضمن نوعين من الشركاء، النوع الأول هو الشريك أو الشركاء المتضامنين الذين يلتزمون بديون والتزامات الشركة في مالهم الخاص، والنوع الثاني هو الشريك أو الشركاء الموصين والذين يلتزمون بديون والتزامات الشركة فيس حدود حصتهم في رأس مال الشركة[6].

وقد كان تعريف المنظم السعودي لشركة التوصية البسيطة في نظام الشركات الجديد أكثر وضوحاً من التعريفات الفقهية لها، حيث عرفها في نص المادة رقم (51/1) منه بأنها (شركة تتكون من فريقين من الشركاء، فريق يضم على الأقل شريكاً من ذوي الصفة الطبيعية أو الاعتبارية يكون مسؤولاً شخصياً في جميع أمواله وبالتضامن عن ديون الشركة والتزاماتها، وفريق آخر يضم على الأقل شريكاً من ذوي الصفة الطبيعية أو الاعتبارية موصياً لا يكون مسؤولاً عن ديون الشركة والتزاماتها إلا في حدود حصته في رأس مال الشركة، ولا يكتسب الشريك الموصي صفة التاجر).

2- البيانات اللازم توافرها في عقد التأسيس

أوضح المنظم السعودي في سياق المادة رقم (52) من نظام الشركات الجديد البيانات الرئيسية التي يجب أن يشتمل عليها عقد التأسيس، ولا يصح إلا بورودها فيه دون أي نقص، ويمكننا أن نوجز تلك البيانات في:

  • أسم كل شريك من الشركاء في الشركة سواء كان متضامن أو موصي، وجميع البيانات الأخرى الخاصة بهم من محل الإقامة والمهنة وغيرها من بياناتهم الأساسية.
  • الاسم المحدد لتحمله الشركة وتمارس نشاطها تحته.
  • عنوان المركز الرئيسي الذي تتخذه الشركة موطناً لها لممارسة نشاطها.
  • الغرض الذي تم تأسيس الشركة من أجله.
  • قيمة رأس مال الشركة، وقيمة الحصة الخاصة بكل شريك، وبيان بنوعيتها، وتحديد الموعد الذي تستحق فيه تلك الحصص.
  • المدة التي ستستمر الشركة في ممارسة نشاطها خلاله.
  • تحديد المدير – أو المديرين – الذي سيقوم بإدارة الشركة.
  • كافة ما يخص إصدار قرارات الشركاء، وبيان بالنصاب الخاص بإصدار تلك القرارات.
  • الطريقة التي يتم بموجبها توزيع الأرباح والخسائر بين الشركاء.
  • تحديد تاريخ بداية ونهاية السنة المالية للشركة.
  • الحالات التي تنقضي الشركة بتحققها.
  • كافة الأحكام والشروط التي يرى الشركاء إضافتها بعقد تأسيس الشركة، شريطة ألا تخالف أياً منها أحكام ونصوص النظام.

3- كيفية تعديل عقد تأسيس شركة التوصية البسيطة

حدد المنظم السعودي في نظام الشركات الجديد الطريقة والإجراءات التي يتم بموجبها إدخال أي تعديلات على عقد تأسيس شركة التوصية البسيطة، وذلك فيما تناوله بنص المادة (55/1) من النظام بخصوص ما يصدره الشركاء في الشركة من قرارات، حيث تضمنت المادة المذكورة نوعين من القرارات لكل نوع منهما أغلبية تصويت خاصة به، وبيان ذلك على النحو التالي:

  • بالنسبة للقرارات الخاصة بإدخال أي تعديل على عقد تأسيس الشركة فقد تطلب المنظم توافر أغلبيتين: إحداهما تخص الشركاء المتضامنين، والأخرى تخص الشركاء الموصين، حيث اشترط في الموافقة على قرار تعديل عقد تأسيس الشركة أن تكون صادرة بإجماع كافة الشركاء المتضامنين في الشركة، بجانب موافقة الأغلبية من مالكي حصص رأس المال من الشركاء الموصين، ويلزم أن تتوافر هاتين الأغلبيتين حتى يكون القرار الصادر بتعديل عقد تأسيس الشركة صحيحاً ونافذاً.
  • بالنسبة لسائر القرارات الأخرى التي لا تتعلق بتعديل عقد تأسيس شركة التوصية البسيطة، فقد حدد المنظم لإصدارها أغلبية تتمثل في الأغلبية العددية لآراء الشركاء المتضامنين، ولا يكون لآراء الشركاء الموصين أي اعتبار في هذا الشأن، ويعزى ذلك إلى أن كافة تلك القرارات يعد اتخاذها من قبيل أعمال الإدارة، والشركاء الموصين غير منوطين بإدارة شركة التوصية البسيطة، بل يؤول أمر الإدارة إلى الشركاء المتضامنين متى لم يتضمن عقد التأسيس ما يخالف ذلك.

وقد أجاز المشرع للشركاء أن يتفقوا في عقد تأسيس الشركة على أغلبية تخالف الأغلبية المنصوص عليها فيما سبق ذكره من قرارات يتم إصدارها، سواء كان ذلك بشأن قرارات تعديل عقد التأسيس أو سائر القرارات الأخرى، أما إذا لم يتضمن عقد التأسيس على تحديد أغلبية خاصة بذلك، فإن ما نص عليه النظام يكون هو الساري بشأن الأغلبية الخاصة بهذين النوعين من القرارات.

سادساً: تعديل عقد تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة

سوف نتناول في هذا القسم من المقال آخر الشركات التي تطلب النظام أن يكون لها عقد تأسيس وهي الشركة ذات المسؤولية المحدودة، حيث سنتعرض إلى التعريف بها، ونوضح البيانات الرئيسية التي ألزم القانون الشركاء المؤسسين بتضمينها في عقد تأسيس الشركة، مختتمين حديثنا عنها ببيان كيفية تعديل عقد تأسيسها.

1- التعريف بالشركة ذات المسؤولية المحدودة

عرف الفقهاء الشركة ذات المسؤولية المحدودة بأكثر من تعريف، فعرفت بأنها الشركة التي يتم تقسيم رأس مالها إلى حصص يحدد القانون كيفية تداولها وانتقالها، ويكون الشركاء فيها مسؤولين عن التزامات وديون الشركة مسؤولية محدودة تقدر بنسبة حصة كل منهم في رأس مال الشركة[7].

وعرفت أيضاً بأنها الشركة التي تتشكل من مجموعة من الشركاء الذين غالباً ما يكون عددهم محدد بحد أقصى، ويسأل هؤلاء الشركاء عن ديون والتزامات الشركة بمقدار حصصهم التي يشاركون بها في رأس مال الشركة، ولا يكتسب أياً منهم صفة التاجر، ويكون للشركة شخصية معنوية مستقلة، ولا يجوز أن يتم تكوين رأس مالها عن طريق إجراء اكتتاب عام، ولا يجوز أن يتم تداول وانتقال حصص الشركاء فيها إلا وفقاً لما ينص عليه القانون[8].

وقد تصدى المنظم السعودي لتعريف الشركة ذات المسؤولية المحدودة لما لها من خصوصية وأهمية، حيث عرفها بموجب نص المادة رقم (156) من نظام الشركات الجديد على أنها (هي شركة يؤسسها شخص واحد أو أكثر من ذوي الصفة الطبيعية أو الاعتبارية، وتعد ذمتها مستقلة عن الذمة المالية لكل شريك فيها أو المالك لها، وتكون الشركة وحدها مسؤولة عن الديون والالتزامات المترتبة عليها أو الناشئة عن نشاطها، ولا يكون المالك لها ولا الشريك فيها مسؤولاً عن هذه الديون والالتزامات إلا بقدر حصته في رأس المال).

ونود أن ننوه إلى أن المقصود هنا هو الشركة ذات المسؤولية المحدودة متعددة الشركاء، حيث أننا قد سبق وأن أشرنا في صدر هذا المقال إلى أن الشركة ذات المسؤولية المحدودة المملوكة لشخص واحد لا يتطلب المنظم لها عقد تأسيس بل يكون لها نظام أساسي، لذا وجب علينا التنويه.

2- البيانات اللازم توافرها في عقد التأسيس

تطرق المنظم السعودي في نص المادة رقم (158) من نظام الشركات السعودي الجديد إلى البيانات الأساسية التي يلزم أن يشتمل عليها عقد تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة، ويمكننا أن نوجز تلك البيانات في النقاط الآتي بيانها:

  • كافة البيانات الخاصة بالشركاء من اسم وعنوان وغيرها من بيانات أخرى.
  • الاسم المحدد لتعنون به الشركة.
  • المركز الرئيسي الذي تمارس به الشركة نشاطها.
  • الغرض الذي تم تأسيس الشركة من أجل تحقيقه، ويقصد به النشاط الرئيسي لها.
  • قيمة رأس مال الشركة وقيمة حصة كل شريك فيه.
  • إقرار من الشركاء يثبت وفاء كل منهم بقيمة حصته في رأس المال.
  • مدة استمرار الشركة متى كانت محددة المدة.
  • طريقة إدارة الشركة وبيان بشخص المدير أو المديرين حال تعددهم.
  • طريقة التنازل عن الحصص الخاصة بالشركاء.
  • الطريقة التي يتم من خلالها توجيه الإخطارات والبلاغات التي تقوم الشركة بتوجيهها للشركاء.
  • آلية اتخاذ القرارات من قبل الشركاء.
  • الطريقة التي يتم من خلالها توزيع أرباح الشركة وخسائرها بين الشركاء.
  • تاريخ بدء السنة المالية للشركة وتاريخ انتهائها.
  • الحالات التي تنقضي فيها الشركة وكافة ما يتعلق بانقضائها من أحكام.
  • سائر البيانات والأحكام والضوابط التي يرى الشركاء ضرورة اشتمال عقد التأسيس عليها شريطة ألا تخالف أحكام النظام.

3- كيفية تعديل عقد تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة

قرر المنظم في شأن تعديل عقد تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة آلية خاصة بها، وتضمنت هذه الآلية نوعين من الأغلبية في التصويت على قرار التعديل تختلفان باختلاف شكل ومضمون التعديل المراد إدخاله على عقد تأسيس الشركة، وبيان ذلك على النحو التالي:

  • في حالة كان تعديل عقد التأسيس يتعلق بزيادة رأس مال الشركة عن طريق رفع القيمة الإسمية للحصص الخاصة بالشركاء، أو كان متعلقاً بوقف العمل بحق الأولوية، فإن المنظم تطلب للموافقة على هذا التعديل أن يحقق التصويت عليه أغلبية تمثل إجماع كافة الشركاء في الشركة.

والمقصود بحق الأولوية هو حق الشريك في الشركة أن يكون له الأولوية في تملك الحصص الجديدة التي تصدرها الشركة لزيادة رأس مالها، وذلك بنسبة توازي النسبة التي يملكها أصلاً في رأس مال الشركة.

  • أما في حالة أن يكون تعديل عقد التأسيس متعلقاً بأي أمر آخر يخص الشركة حتى وإن كان يتعلق بزيادة أو تخفيض رأس مال الشركة بشكل فعلي، فإن الأغلبية المطلوبة في تلك الحالة لإصدار هذا القرار هي أغلبية موافقة شريك أو أكثر ممن يمثلون ثلاثة أرباع رأس المال على الأقل، وأجاز المنظم في تلك الحالة أن ينص عقد تأسيس الشركة على أغلبية أخرى بشأن إصدار قرارات التعديل في تلك الحالة، فإن خلا عقد التأسيس من ذلك فإن الأغلبية المطلوبة تكون هي الأغلبية التي نص عليها المنظم في هذا الشأن وهي موافقة ممثلي ثلاثة أرباع رأس المال.

سابعاً: الخاتمة

حدد المنظم السعودي في نظام الشركات الجديد الطرق والآليات التي يتم من خلالها تعديل عقد تأسيس شركات التضامن والتوصية البسيطة وذات المسؤولية المحدودة متعددة الشركاء، حيث نص على الأغلبية المطلوبة لإصدار قرارات التعديل لكل نوع من تلك الشركات، إلا أنه وعلى صعيد آخر أوضح البيانات الأساسية التي يلزم ويجب أن تتوافر في عقد تأسيس كل شركة منها، وهو ما يقودنا إلى نتيجة هامة قوامها أنه بغض النظر عن آليات تعديل عقد تأسيس الشركة أياً كان الكيان القانوني لها، فيجب لصحته ألا يمس أياً من البيانات الأساسية التي تطلب النظام توافرها في عقد التأسيس، فلا يجوز أن يكون التعديل متضمناً لحذف أو إلغاء أياً من تلك البيانات، ولكن الأمر يقتصر على التعديل فيها فقط مع بقاء وجودها.

كتابة: أحمد عبد السلام

[1] – محمد النصيان – الشكلية في العقود التجارية وفقاً لأحكام النظام السعودي – مجلة البحوث الفقهية والقانونية – ع (38) – جامعة الأزهر – مصر – يوليو 2022 – ص 1421.

[2] – محمد الجبر – النظام التجاري السعودي – الطبعة الأولى – جامعة الملك سعود – المملكة العربية السعودية – 1420هـ – ص130.

[3] – سائدة محمد – أحكام شركة التضامن في الفقه الإسلامي – رسالة ماجستير غير منشورة – كلية الشريعة والقانون – الجامعة الإسلامية – غزة – 2015 – ص7.

[4] – وهبة الزحيلي – الفقه الإسلامي وأدلته – الطبعة الرابعة المنقحة – دار الفكر – دمشق – بدون عام نشر – ج5 – ص 612.

[5] – أحمد أبو الروس – موسوعة الشركات التجارية – دار الهناء – مصر – 2002 – ص101.

[6] – محمود الكيلاني – الموسوعة التجارية والمصرفية: الشركات التجارية – الطبعة الأولى – دار الثقافة للنشر – الأردن – 2009 – ص259.

[7] – محمود سمير الشرقاوي – الشركات التجارية في القانون المصري – دار النهضة العربية – مصر – 1986 – ص253.

[8] – فوزي سامي – الشركات التجارية: الأحكام العامة والخاصة: دراسة مقارنة – الطبعة السادسة – دار الثقافة للنشر – الأردن – 2010 – ص181.