أحكام اندماج الشركات في النظام السعودي
من المسلم به أن الشركات التجارية هي الركائز الأساسية من حيث اقتصاد الدولة لأنها تضم معظم العناصر التجارية والمالية، وبالتالي فهي تعزز الوضع المالي للدولة، ومن هذا المنطلق تكون مفهوم الشركات التجارية، وقد تكون هناك مصلحة مشتركة وموحدة بين أغراض شركتين ما، فينتج عن ذلك ويترتب عليه ما يسمى باندماج الشركات، ويتم بالاندماج بين الشركتين لتصبح شركة ذات كيان جديد ومستقل، وفي ظل نظام الشركات السعودي، نستعرض أحكام اندماج الشركات وأثاره بإيجاز من الشرح والتأصيل من خلال العناصر التالية:
(أولاً): مفهوم الاندماج في النظام السعودي
الاندماج لغة من دمج الشيء في الشيء أي دخل واستحكم فيه،[1]ويُعرف الاندماج في الفقه القانوني بعدة تعريفات منها أنه: عقد تنضم بمقتضاه شركة أو أكثر إلى شركة أخرى، بحيث تنقضي الشخصية المعنوية للشركة التي تم ضمها، كما تنضم أصولها وخصومها إلى الشركة الضامة، أو هو امتزاج شركتان أو أكثر فتنقضي الشخصية المعنوية لكل منهما وتنقل أصولهما إلى الشركة الجديدة وكذلك تنتقل معها خصومها،[2] كما عرفه جانب آخر من الفقه بأنه: عملية ضم أكثر من شركة قائمين بشكل قانوني إلى شركة واحدة بعد موافقة مساهمي الشركة المنضمة بشرط اتحادهم في الموضوع، مما ينبني عليه اتحاد اقتصادي بعد الاندماج ويترتب على ذلك الاندماج زوال الشركتين أو أحدهما على الأقل،[3] ووفق نظام الشركات السعودي، فإن اندماج الشركات هو ضم شركتين أو أكثر في شركة أخرى أو تأسيس شركة جديدة بمزج شركتين أو أكثر، وهو ما نصت عليه المادة (225) من نظام الشركات السعودي الجديد بقولها: (١- يكون الاندماج بضم شركة أو أكثر إلى شركة أخرى قائمة، أو بمزج شركتين أو أكثر لتأسيس شركة جديدة.
٢- يجب أن يعد مقترح الاندماج للموافقة عليه من كل شركة طرف فيه وفقاً للأوضاع المقررة لتعديل عقد تأسيسها أو نظامها الأساس، ويحدد مقترح الاندماج شروطه، ويبين طبيعة العوض وقيمته بما في ذلك عدد الحصص أو الأسهم التي تخص الشركة المندمجة في رأس مال الشركة الدامجة أو الشركة الناشئة عن الاندماج، وبياناً عن قدرة كل شركة طرف في الاندماج على الوفاء بديونها.
٣- مع مراعاة ما تقضي به الأنظمة ذات العلاقة، يجوز للشركة ولو كانت في دور التصفية بناءً على أحكام النظام أن تندمج في شركة أخرى من شكلها أو من شكل آخر.
٤- لا يكون الاندماج صحيحاً إلا بعد تقييم أصول كل شركة طرف فيه.
٥- يكون المقابل في الاندماج حصصاً أو أسهماً في الشركة الدامجة أو الناشئة عن الاندماج.
٦- للجهة المختصة تحديد ضوابط وإجراءات تنفيذ ما ورد في هذه المادة، بما في ذلك المقابل النقدي لشراء كسور الحصص، أو الأسهم، أو لتعويض الشريك، أو المساهم المعترض على قرار الاندماج، وضوابط تصويت الشريك أو المساهم في حال وجود مصلحة له بخلاف مصلحته بصفته شريكاً أو مساهماً في الشركة).
ومن الجدير بالذكر أن اندماج إحدى الشركات بشركة أخرى يختلف تماماً عن تحول الشركة من كيان نظامي إلى آخر، كأن تتحول مثلاً شركة تضامن لشركة توصية بسيطة، وعلاوة على ذلك لا يعد اندماجاً انضمام أحد المشاريع الفردية لشركة ما، كما يجب التفرقة أيضاً بين الاندماج و الانفصال، فالانفصال يكفي من أجل حدوثه وجود شركة قائمة بذاتها و مفردها من أجل أن تتمكن من الانفصال والانحلال، إذ أنها تتجزأ لشركتين أو ربما أكثر، أما فيما يتعلق بالاندماج، فيجب أن يكون هناك شركتان فعلياً على أرض الواقع، ويتطلب الاندماج إجراءات متنوعة، لإن الاندماج قد يضر بمجموعة من المصالح المترابطة والمتشابكة للمساهمين والدائنين والمدينين والمقاولين وغيرهم مع شركة الاندماج ومع الشركة المندمجة، كما يجب أن تتم هذه الإجراءات وفقاً لما يقرره النظام، ومن هذه الإجراءات على سبيل المثال وليس الحصر حصول موافقة مجلس المنافسة من أجل تفادي خلق كيان جديد يهيمن على السوق أو حتى تمكينه من احتكار سلعة أو أكثر على حساب المستهلك و بشكل خاص على الاقتصاد الوطني بشكل عام، وذلك وفقاً لما نصت عليه المادة (9/1) من نظام المنافسة الصادر في المرسوم الملكي رقم (م/25) بتاريخ 4/5/1425 هـ، والتي جرى نصها على أن: (مع مراعاة ما تقضي به الأنظمة الأخرى، يختص المجلس بالمهام الآتية :1 – الموافقة على حالات الاندماج أو التملك أو الجمع بين إدارتين أو أكثر بإدارة مشتركة وينتج عنها وضع مهيمن في السوق).
وهدياً بما جاء بالنص المشار إليه سابقاً، فإنه لا يكون اندماج الشركات في النظام السعودي صحيحاً إلا إذا صدر قرار به من كل شركة طرف فيه وذلك وفقاً للأوضاع المقررة من اجل تبديل عقد الشركة أو حتى نظامها، ويشهر هذا القرار بطرق الإشهار المقررة لما يطرأ على عقد الشركة المندمجة أو حتى نظامها من تعديلات.
(ثانياً): أنواع الاندماج في النظام السعودي
– يحدث اندماج الشركات في النظام السعودي، بطريقتين بالتوضيح التالي:
1- طريقة الضم: وهي دخول شركة أو أكثر في شركة أخرى قائمة، وتسمى الشركة الداخلة بالمندمجة وتسمى الشركة المنضم لها بالشركة الدامجة، وفى هذه الحالة تنقل كافة حقوق والتزامات الشركة المندمجة للشركة الدامجة، كما أن الاندماج بالضم يجوز أن يتم سواء كانت الشركة الدامجة مدرج أسهمها في سوق الأوراق المالية أم لا، وقد قام المنظم السعودي بتنظيم تلك الصورة من الاندماج من خلال المادة (49) من لائحة الاندماج والاستحواذ، والتي نصت على أن: (مع عدم الإخلال بأحكام النظام ونظام الشركات ولوائحها التنفيذية، يجوز لأي شركة الدخول في صفقة اندماج من خلال الآتي:
أ. الاندماج عن طريق الضم، يجوز أن تندمج الشركة المندمجة مع كيان أخر عن طريق الضم من قبل الشركة الدامجة، سواء كانت الشركة الدامجة شركة مدرجة أسهمها في السوق أم غير مدرجة.
- الشركة المندمجة التي تضم من قبل شركة أخرى مدرجة:
أ. إذا ضمت الشركة المندمجة من قبل الشركة الدامجة المدرجة أسهمها في السوق، فيجب أن يقدم عرض مبادلة أوراق مالية لشراء كل أسهم مساهمي الشركة المندمجة من قبل الشركة الدامجة وفقاً لأحكام الباب الثاني من هذه اللائحة، وأن تعرض الأسهم الجديدة في الشركة الدامجة على مساهمي الشركة المندمجة، وتصدر لهم وفقاً لأحكام النظام ونظام الشركات ولوائحهما التنفيذية.
ب. عند الإتمام الناجح لعملية تبادل الأسهم المشار إليها في الفقرة الفرعية (1/أ) من الفقرة (أ) من هذه المادة وإتمام صفقة الاندماج، ستنقل أصول الشركة المندمجة إلى الشركة الدامجة التي ستسمر في الوجود، ويبقى إدراج الشركة الدامجة، أما الشركة المندمجة فستنقضي ويلغى إدراج أسهمها في السوق وفقاً لأحكام النظام ولوائحه التنفيذية.
- الشركة المندمجة التي تضم من قبل شركة غير مدرجة:
أ. إذا ضمت الشركة المندمجة من قبل شركة دامجة غير مدرجة أسهمها في السوق، فيجب أن يقدم عرض مبادلة أوراق مالية لشراء كل أسهم مساهمي الشركة المندمجة من قبل الشركة الدامجة وفقاً لأحكام الباب الثاني من هذه اللائحة، وأن تعرض الأسهم الجديدة في الشركة الدامجة على مساهمي الشركة المندمجة، وتصدر لهم وفقاً لأحكام النظام ونظام الشركات ولوائحهما التنفيذية.
ب. عند الإتمام الناجح لعملية تبادل الأسهم المشار إليها في الفقرة الفرعية (2/أ) من الفقرة (أ) من هذه المادة وإتمام صفقة الاندماج، ستنقل أصول الشركة المندمجة إلى الشركة الدامجة التي ستسمر في الوجود، ويبقى إدراج الشركة الدامجة، أما الشركة المندمجة فستنقضي ويلغى إدراج أسهمها في السوق وفقاً لأحكام النظام ولوائحه التنفيذية).
2- طريقة المزج: وهي الصورة الأخرى لاندماج الشركات، ويتم الاندماج بطريق المزج، عن طريق مزج أو اتحاد شركتين أو أكثر من اجل تكوين شركة جديدة بمجموع رأس مال الشركات المنضمة، كما أنه يترتب على ذلك انقضاء وزوال الشخصية الاعتبارية بالنسبة للشركة المندمجة، وبالتالي ظهور شخصية اعتبارية جديدة تختلف كليا عن شخصية كل شركة من الشركات المندمجة قبل أن يحدث الاندماج، وهذه الصورة من صور الاندماج هي الأكثر عمقا وأكثر تكلفة، إذ ينتج عنها زوال وانقضاء الشخصية الاعتبارية لجميع الشركات الداخلة في الاندماج بالمزج، وتكوين شركة جديدة لها شخصية اعتبارية جديدة تولدت عن ذلك الدمج، ومن أشهر تطبيقات الدمج بالمزج هو اندماج شركات الكهرباء العشرة العاملة بالسعودية وتكوين شركة جديدة تحت اسم الشركة السعودية للكهرباء، وهي من أكبر حالات الاندماج التي حدثت داخل السعودية.[4] وقد قامت الفقرة (ب) من المادة (49) من لائحة الاندماج والاستحواذ المشار إليها سلفاً بتنظيم أحكام تلك الصورة تحت عنوان الاندماج عن طريق إنشاء كيان قانوني جديد، حيث نصت تلك الفقرة على أن: (1- إذا تم الاندماج عن طريق إنشاء كيان قانوني جديد، تندمج فيه الشركة المندمجة وشركة أخرة مندمجة معها في هذا الكيان القانوني الجديد، فيجب على الكيان القانوني الجديد تقديم عرض مبادلة أوراق مالية لشراء أسهم كل مساهمي الشركة المندمجة وفقاً لأحكام الباب الثاني من هذه اللائحة، وأن تصدر أسهم في الكيان القانوني الجديد لمساهمي الشركة المندمجة معها في هذا الكيان، وذلك وفقاً لأحكام النظام ونظام الشركات ولوائحهما التنفيذية.
- عند الإتمام الناجح للعروض المشار إليها في الفقرة الفرعية (1) من الفقرة (ب) من هذه المادة وإتمام صفقة الاندماج، تحول أصول الشركة المندمجة والشركة الأخرى المندمجة معها إلى الكيان القانوني الجديد، وستنقضي الشركة المندمجة والشركة الأخرى المندمجة معها، وسيلغى إدراج الشركة المندمجة في السوق وفقاً لأحكام النظام ولوائحه التنفيذية.
- يجب على الكيان القانوني الجديد الذي يرغب في إدراج أسهمه في السوق أن يقدم طلباً جديداً لإدراج أسهم الكيان الجديد إلى الهيئة وفقاً لأحكام النظام ولوائحه التنفيذية وقواعد السوق).
(ثالثا): أسباب الاندماج والفوائد الاقتصادية المترتبة عليه
غالبًا ما تنخرط الشركات في عمليات اندماج لأسباب متنوعة تتأثر بالوضع الاقتصادي الحالي، مثل الرغبة في تحقيق أفضل وضع اقتصادي، أو الرغبة في معالجة الصعوبات المالية التي قد تنال بعض الشركات، أو الرغبة في إنشاء شركة أكبر مالياً واقتصادياً من مما كانت عليه الشركتان المندمجتان قبل الاندماج، مع الإشارة إلى أن إذا كان الهدف من الدمج هو احتكار السوق ومنع المنافسة، فإن سبب الاندماج يكون غير مشروع، ويمكن شرح ذلك بإيجاز في عدة نقاط على النحو الآتي:
1- الاندماج بهدف التكامل: في هذه الحالة، فإن مبرر اللجوء إلى الاندماج هو تحقيق التكامل، سواء من خلال الاندماج الأفقي، أي دمج شركتين تعملان في نفس المجال وفي نفس المرحلة من الإنتاج بهدف زيادة الإنتاج والاقتصاد بقصد زيادة قوتهم الإنتاجية، بحيث لا يؤدي اندماجهم إلى تغيير في نشاطهم، أو بالاندماج الرأسي، والذي يحدث عندما تندمج شركتان لإكمال خط إنتاج واحد، على سبيل المثال، إذا كانت إحدى الشركات متخصصة في تصنيع تغليف المنتج وأخرى متخصصة في إنتاج المنتج بذاته، ومن ثم تصبح الشركة الناتجة عن الاندماج لديها القدرة على تصنيع جميع مكونات المنتج حتى تعبئته وتسليمه إلى الموزع، بمعنى آخر، إنه اندماج بين شركتين تعملان في مراحل مختلفة من تصنيع منتج معين.
2- الاندماج بهدف المنافسة: سمح الانفتاح التجاري والاقتصادي للمملكة العربية السعودية للشركات الأجنبية ذات القوة الاقتصادية الكبيرة بدخول السوق السعودية، ورغبة من الشركات ذات القوة الاقتصادية الأقل في الحفاظ على قدرتها التنافسية والحفاظ على وجودها في السوق، قد تلجأ أحيانًا إلى الاندماج مع شركات ذات قدرة مالية وقوة اقتصادية من أجل تكوين كيانات اقتصادية قادرة على المنافسة.
3- الاندماج بهدف مواجهة تعثر الشركات: قد يكون السبب الرئيسي للاندماج في هذه الحالة هو فشل إحدى الشركات في قدرتها على الوفاء بالتزاماتها أو أنها لم تعد تحقق ربحاً كافياً لتغطية نفقاتها والتخلص من هذه المشكلات، فتنضم تلك الشركة إلى شركة أخرى تتمتع بمركز مالي أكثر أماناً واستقراراً بغية التخلص من المشاكل والمخاطر المالية التي تواجهها.
4- الاندماج بهدف الاحتكار: كما سبق الإشارة والتوضيح، أن السبب وراء الاندماج قد يكون غير مشروعا كأن يكون الهدف من الاندماج هو احتكار السوق ومنع المنافسة، وفي هذه الحالة يعد الاندماج صورة من صور المنافسة غير المشروعة والتي قصد منها الأضرار بالغير من المنافسين.
– وتكمن فوائد الاندماج في أهم النقاط التالية:
1 – زيادة نسبة الأرباح: لأن الاندماج يترتب عليه بالضرورة زيادة نسبة الأرباح التي تهدف الشركة في الحصول عليها، وهو الهدف الرئيسي لأي شركة تجارية، يساعد الاندماج الشركات على زيادة هامش ربحها من خلال تعزيز القوة الاقتصادية للشركة، بالإضافة إلى ذلك، فإنه يسمح بجمع الكفاءات المختلفة لشركتين تحت مظلة واحدة، مما يؤدي بدوره إلى تجنب تكرار النفقات وإهدار جهود الإنتاج، وبالتالي يعمل على تحقيق انتعاش اقتصادي للشركة في الأسواق وزيادة كفاءتها المالية والإدارية.[5]
2- زيادة الضمان العام للشركة بعد الاندماج: يقصد بالضمان العام حصول الشركة على أموال كافية في المستقبل لسداد ديونها، ويكون جميع الدائنين على نفس المستوى عند محاولة الحصول على هذه الأموال.[6] مما مفاده أن اندماج شركتين يؤدي بطريق اللزوم المنطقي إلى زيادة رأس مال الشركة وزيادة ضمانها العام وبناء ثقة المتعاملين معها.
3- تقديم خدمات أفضل: عندما تندمج الشركات، تتحد قراراتها، وتصبح إدارتها أقوى، بالإضافة إلى ذلك، يتم تخفيض تكاليف الإنتاج والنفقات، وهذا بدوره يؤثر بشكل إيجابي على جودة المنتج وإمكانية تسويقه مع خفض السعر أيضًا كنتيجة منطقية لذلك، مما يرجع على المستهلك بتلقي خدمات أفضل.
(رابعاً): إجراءات الاندماج وشروط صحته
يتم الاندماج في حالتيه المشار إليهما سلفاً من خلال عقد يسمى عقد الاندماج بين الشركة أو الشركات المندمجة والشركة الدامجة، وقد قرر المنظم السعودي في هدي نص المادة (225) من نظام الشركات فرض بعض الشروط التي يجب على أطراف عقد الاندماج سواء الشركة المندمجة أو الشركة الدامجة الالتزام بها، حتى يكون الاندماج قد تم وفق صحيح النظام وقواعده، تلك الشروط المتمثلة في الآتي:
1- تقويم الوضع المالي لكل من الشركتين المدمجة والدامجة: ويكون ذلك بتقويم أصولها سواء بالأسهم أو الحصص، وكذلك تقويم خصوم كل من الشركتين بشكل واضح ودقيق، وهو ما نصت عليه المادة (225) وأوجبته في فقرتها الرابعة من أنه: (لا يكون الاندماج صحيحاً إلا بعد تقييم أصول كل شركة طرف فيه).
2- صدور قرار الدمج في كل شركة من الشركات الأطراف في عقد الاندماج على حدا: ويرجع في تحديد طريقة إصدار هذا القرار والأغلبية اللازمة لإصداره للأوضاع التي قررها النظام في حالة تعديل عقد تأسيس الشركة أو في حالة تعديل نظامها الأساسي، حيث نصت المادة (225) في فقرتها (الثانية) على أن: (يجب أن يعد مقترح الاندماج للموافقة عليه من كل شركة طرف فيه وفقاً للأوضاع المقررة لتعديل عقد تأسيسها أو نظامها الأساس، ويحدد مقترح الاندماج شروطه، ويبين طبيعة العوض وقيمته بما في ذلك عدد الحصص أو الأسهم التي تخص الشركة المندمجة في رأس مال الشركة الدامجة أو الشركة الناشئة عن الاندماج، وبياناً عن قدرة كل شركة طرف في الاندماج على الوفاء بديونها).
3- وجوب توافر الشخصية القانونية الاعتبارية في الشركات الداخلة في الاندماج: حيث لابد أن يكون للشركات التي هي جزء من عقد الاندماج شخصية قانونية قبل الدخول في الاندماج، مما يعني أن الشركة كانت موجودة مسبقاً ولديها شخصية قانونية مستقلة، فإذا لم يكن للشركة شخصية قانونية، فلا يمكنها الدخول في عملية الاندماج، وأقرب مثال على ذلك هو شركة المحاصة، حيث لم يقرر لها المنظم السعودي السعودي وجود شخصية اعتبارية باعتبارها شركة مستترة، لذلك لا يمكن أن تكون شركة المحاصة جزء من عقد اندماج تجاري ولا تنطبق أحكامه عليها.
5- الحصول على موافقة الجهات المختصة لتقرير عملية الاندماج: على الرغم من أن نظام الشركات السعودي لا يتضمن على نص إلزامي يوجب فيه الحصول على إذن من السلطات المختصة لاتخاذ قرار بشأن عقد الاندماج، فإن الواقع العملي يؤكد على أن عملية الاندماج لا يتم الإعلان عنها إلا بعد الحصول على موافقة الإدارة العامة للمشاريع في وزارة التجارة للحصول على الموافقة، وبالتالي يجب أن يقدم أطراف العقد أو من ينوب عنهم طلباً مستوفياً جميع المستندات المطلوبة، مثل تقرير عن الجدوى الاقتصادية للاندماج، وتقدير لأصول والتزامات الشركات المندمجة، والبيانات المالية لجميع أطراف عقد الاندماج للسنوات الثلاث السابقة على العقد، وتقرير من مدقق حسابات كل شركة، وبشكل عام كافة المستندات التي تراها الجهة الإدارية وجوبية التقديم، وبعد مراجعة الطلب بمرفقاته المستندية، يتم إصدار القرار.
6- إشهار عقد الاندماج: حيث جعل المنظم السعودي من شهر عقد الاندماج شرطا وجوبياً لتقرير صحة سريانه وترتيب أثاره، بحيث لا يكون العقد منتجا لآثاره بين أطرافه إلا بعد شهره وفي ذلك نصت المادة (228) من النظام على أن: (يسري قرار الاندماج ويعد نافذاً من تاريخ قيد بيانات الشركة المندمجة في سجل الشركة الدامجة لدى السجل التجاري، وفيما عدا ذلك يسري قرار الاندماج ويعد نافذاً من تاريخ قيد الشركة الناشئة عنه لدى السجل التجاري)، ينشر عقد الاندماج بنفس شروط وطريقة التعديلات التي أدخلت على الشركة المندمجة، أي أنه يجب نشر قرار الاندماج في صحيفة يومية إذا كانت الشركة المندمجة شركة تضامن أو شركة تضامن بسيطة، ومع ذلك إذا كانت الشركة المندمجة شركة ذات مسؤولية محدودة، أو شركة محدودة بدون أسهم، أو شركة مساهمة، فيجب نشر قرار الاندماج في الجريدة الرسمية.
7- أن يتوافر في عقد الاندماج الأركان العامة للعقد: عقد الاندماج هو عقد ذو طبيعة تعاقدية، ورغم أن المشرع لم يذكر هذا الشرط ضمن شروط الاندماج، إلا أنه من الضروري استيفاء هذا الشرط لأنه تطبيق للقواعد العامة، والتي تفترض أن القواعد العامة للعقد متوافرة، حتى لا يتسم بالبطلان، وتتمثل هذه الأركان وكما هو متعارف عليه وفق أحكام القانون المدني، في ركن الأهلية، والرضا، والمحل، والسبب.
(خامساً): أثر الاندماج على الشركات في النظام السعودي
ينتج عن إعلان قرار الاندماج حدوث أحد أمرين، الأمر الأول: أن يعترض أحد دائني الشركة المندمجة على قرار الاندماج بإرسال كتاب مسجل، مما يرتب تعليق الاندماج ونتائجه، وأجاز النظام سريان الاندماج مرة أخرى، بشرط أن تقوم الشركة بسداد ديون الدائن المعترض، أو التنازل الصريح عن الاعتراض من قبل الدائن، أو عندما تقدم الشركة ضمانًا يغطي ديون المعترض المذكور، ومن الجدير بالذكر أنه يجب لكل حالات التعليق وترتيب الآثار، أن يقدم الاعتراض على الدمج في غضون خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلان عقد الاندماج، وإذا لم تقديم الاعتراض في هذا الميعاد الحتمي، فإن الدائن المذكور يفقد حقه في الاعتراض، وبعد ذلك، يصبح الدمج ساري المفعول وينتج عواقبه المقصودة، تطبيقاً لنص المادة (227) من نظام الشركات التي جرى نصها على أن: (1-على كل شركة طرف في الاندماج الإعلان عنه قبل مدة لا تقل عن (ثلاثين) يوماً على الأقل من التاريخ المحدد لاتخاذ القرار بشأن مقترح الاندماج والتصويت عليه.
2- يكون لأي من دائني الشركة المندمجة الاعتراض على الاندماج بخطاب مسجل إلى الشركة أو بأي وسيلة أخرى يحددها الإعلان المشار إليه في الفقرة (١) من هذه المادة، وذلك خلال (خمسة عشر) يوماً من تاريخ الإعلان، وعلى الشركة الوفاء بدين الدائن المعترض إذا كان حالاً أو تقديم ضمان كافٍ للوفاء به إذا كان آجلاً.
3- للدائن الذي أبلغ الشركة باعتراضه على الاندماج وفقاً للفقرة (٢) من هذه المادة ولم تفِ الشركة بالدين إذا كان حالاً، أو لم تقدم له ضماناً كافياً للوفاء به إذا كان آجلاً، أن يتقدم إلى الجهة القضائية المختصة خلال مدة لا تقل عن (عشرة) أيام قبل التاريخ المحدد لاتخاذ قرار الاندماج، ويكون للجهة القضائية المختصة في هذه الحالة أن تأمر بالوفاء بالدين اذا كان حالاً أو تقديم ضمان للوفاء به إذا كان آجلاً، واذا رأت أن الاندماج سيترتب عليه أضرار جسيمة بحق الدائن المعترض دون تمكن الشركة المندمجة أو الشركة الدامجة من الوفاء بالدين أو تقديم الضمان، جاز لها أن تأمر بوقف الاندماج أو تأجيله، على أن يصدر قرارها بذلك قبل نفاذ قرار الاندماج. وإذا لم تبت الجهة القضائية المختصة في اعتراض الدائن قبل نفاذ قرار الاندماج وثبت لها بعد ذلك صحة مطالبة الدائن المعترض، فلها أن تصدر قراراً بتعويضه عن الأضرار التي تلحق به نتيجة هذا الاندماج).
الأمر الثاني: مرور مدة الثلاثون يوماً التالية لشهر قرار الاندماج، دون أن يتقدم أحد بالاعتراض عليه وفي هذه الحالة يصبح عقد الاندماج نافذا ومنتجا لآثاره القانونية والتي تتمثل في:
1- انقضاء الشخصية الاعتبارية للشركة المندمجة: وما يترتب على ذلك من عدم صلاحيتها لاكتساب حق أو التزام بواجب،[7] وذلك أثر طبيعي لا يحتاج إلى تقرير نصي، باعتبار طمس الشخصية القانونية للشركة المندمجة.
2- انتقال حقوق المساهمين في الشركة المندمجة إلى الشركة الدامجة: إن دخول الاندماج حيز التنفيذ يعني أن حقوق المساهمين في الشركة المندمجة تصبح من مسؤولية الشركة الدامجة، مما يعني أنهم أصبحوا مساهمين في الشركة الدامجة في حدود حصصهم التي كانت في شركتهم قبل الاندماج، كأثر قانوني لعملية الاندماج وهذا لا ينتج عنه ضياع حقوق الشركاء، بل تنتقل حقوقهم وأسهمهم إلى الشركة الجديدة أو الشركة الدامجة، حيث لا يوجد أي مشكلة قانونية أو إجرائية عائق قانوني لعملية نق الحقوق، ويجب أن نؤكد على أن حقوق المساهمين في الشركة المندمجة تتجاوز الأرباح أو المعاملات المالية لتصل بهم إلى تقرير حقهم في إبداء أراءهم بشأن قرارات إدارة الشركة الدامجة.
3- اعتبار الشكة الدامجة خلفا قانونيا للشركة أو الشركات المندمجة: بعد الاندماج، وبمجرد زوال الشخصية الاعتبارية للشركة المندمجة، تصبح الشركة الدامجة خليفتها بشكل قانوني، وهذا يعني أن نفس الالتزامات التي كانت على الشركة المندمجة تجاه الدائنين أو أولئك الذين تربطها بهم علاقات تعاقدية، أصبحت مسؤولية الشركة الدامجة مسؤولية كاملة وفقًا للنظام، وبالتالي يكون لدائني الشركة المندمجة الحق في مطالبة الشركة الدامجة بالدفع، وبالمثل، يحق للشركة الدامجة أن تطلب من الآخرين الوفاء بديونهم للشركة المندمجة، بالنظر إلى أن الوضع القانوني للشركة المندمجة قد تم نقله بعد الاندماج، تطبيقاً لقواعد حوالة الحق المتعارف عليها في القانون المدني.
(سادساً): خاتمة
في الختام، مما ورد في السطور السابقة، يعتبر الاندماج التجاري بين الشركات من أهم الوسائل التي تلجأ إليها الشركات لتحقيق أهداف اقتصادية متعددة، على سبيل المثال، زيادة رؤوس أموالهم لمواصلة المنافسة في السوق أو محاولة السيطرة على الخسائر التي تصيب إحدى الشركتين، كما أنه في بعض الأحيان قد يكون الغرض من الاندماج أسباب غير مشروعة كالرغبة في احتكار السوق والهيمنة عليه، ولأهمية عملية اندماج الشركات من الناحية الاقتصادية، فقد اهتم بها المنظم السعودي وأفرد لها تنظيما خاصا في نظام الشركات السعودي، ولائحة الاندماج والاستحواذ.
كتابة الأستاذ/ محمد جلال جعفر
[1] – علي بن هادية، القاموس الجديد، الشركة التونسية للتوزيع، 1979، تونس، ص 52.
[2] – حسني المصري، اندماج الشركات وانقسامها، مطبعة حسان، القاهرة، 1986، ص 36.
[3] – إلياس نضيف، الكامل في قانون التجارة، الشركات التجارية، ج 2، منشورات عويدات، بيروت، ص 204.
[4] – عبد الفضيل محمد أحمد، اندماج الشركات في ظل نظام الشركات السعودي، مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، جامعة المنصورة، كلية الحقوق، العدد (14)، 1993، ص 46.
[5] – محمد حسين إسماعيل، الاندماج في مشروع قانون الشركات الأردني، مجلة مؤتة للبحوث والدراسات، العدد الأول، 1986، ص 143.
[6] – السيد عيد نايل، أحكام الضمان العيني والشخصي، مطابع جامعة الملك سعود، ص 2.
[7] – محمد فريد العريني، القانون التجاري، منشورات الحلبي الحقوقية، 2002، ص 689.