تشكيل ومهام وواجبات مجلس الإدارة للشركة وفق النظام السعودي
تعتبر الشركة كيان اقتصادي كبير ومتكامل ينبغي أن يكون منظما وقائم على تحقيق أهدافه، وهو في سبيل ذلك يجب أن يمثله مجلس إدارة يقوم بمهام منوطه به لكي تنمو الشركة وتكبر بين مثيلاتها من الشركات.
فمجلس الإدارة ممثلا في أعضائه هو الذي يقوم بإدارة الشركة وتولي شئونها وذلك من خلال السياسات والخطط التي يضعها على فترات زمنية متفاوتة في سبيل تحقيق أهداف الشركة، وتنظيم الأعمال ومتابعتها وقيام كل بمسئولياته على نحو يحقق أهدافها.
أولا: مفهوم الشركة ومجلس الإدارة
1- الشركة
يمكن تعريفها بأنها اتفاق بين مجموعة فردين أو بين مجموعة من الأفراد على تكوين شركة فيما بينهم لتحقيق أهداف معينة بغرض تحقيق مكاسب مادية وذلك في مقابل قيام كل منهم بتقديم حصة في رأس المال واشتراكهم في المكسب والخسارة.
وعرفها نظام الشركات السعودي الجديد لعام 2022 في المادة \2 منه بأنها” الشركة كيان قانوني يؤسس وفقا لأحكام النظام بناء على عقد تأسيس أو نظام أساس يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر يساهم كل منهم في مشروع يستهدف الربح بتقديم حصة من مال أو عمل أو منهما معا لاقتسام ما ينشأ عن هذا المشروع من ربح أو خسارة واستثناء من ذلك يجوز- وفقا لأحكام النظام- أن تؤسس الشركة بالإرادة المنفردة لشخص واحد، ويجوز تأسيس شركات غير ربحية وفقا لما ورد في الباب (السابع) من النظام”.
2- مجلس الإدارة:
عرفه البعض بأنه” الهيئة العليا التي تحكم المؤسسة يتم اختياره من مجموعات مختلفة من المساهمين وهو مسئول عن مراقبة تنفيذ أهداف المؤسسة كما حددتها الجمعية العامة السنوية،
ويتكون من أعضاء تنفيذيين في المنظمة”([1]).
ثانيا: تأسيس الشركة
يقوم بتأسيس الشركة مؤسسي الشركة ويقصد بمؤسس الشركة كما عرفته المادة \6\1من نظام الشركات سالف الإشارة بأنه” 1- يعد مؤسسا كل من اشترك فعليا في تأسيس الشركة وساهم في رأس مالها بحصة نقدية أو عينية”.
ويقوم مؤسس الشركة بتقديم طلب متضمنا الرغبة في تأسيس الشركة وقيدها في السجل التجاري مدعما بالمستندات، وفقا لنوع، وأهداف الشركة، وشكلها.
ويتم تأسيس الشركة بموجب عقد بين الطرفين يسمى بعقد التأسيس والذي يجب أن يشتمل على البيانات اللازمة والتي تتناسب مع شكل الشركة، كما يجب أن يكون العقد باللغة العربية.
وهو ما نصت عليه المادة \ 6على أنه” 1- يعد مؤسسا كل من اشترك فعليا في تأسيس الشركة وساهم في رأس مالها بحصة نقدية أو عينية.
2- يقدم المؤسس طلب تأسيس الشركة وقيدها إلى السجل التجاري مرافقا له عقد التأسيس أو النظام الأساسي والبيانات اللازمة وفقا لشكل الشركة.
3- يبت السجل التجاري في الطلب المستوفي للبيانات والوثائق اللازمة وفقا لأحكام النظام.
4- في حال رفض الطلب يجب أن يكون مسببا ويحق للمؤسسين التظلم أمما الوزارة خلال ستين يوما من تاريخ إبلاغهم برفض الطلب.
5- في حال رفض التظلم أو إذا لم يبت فيه خلال ثلاثين يوما من تاريخ تقديمه يحق للمؤسسين التظلم أما الجهة القضائية المختصة”.
ثالثا: مسئوليات مجلس الإدارة
عهد القانون إلى مجلس الإدارة ممثلا في الرئيس والأعضاء مسئوليات تقع على عاتقه للنهوض بالشركة والعمل على تسيير أعمالها بما يساعد على تحقيق الغرض الذي أنشأت من أجله.
ونصت المادة \26من نظام الشركات سالف الذكر على أنه” يجب على مدير الشركة أو عضو مجلس إدارتها الالتزام بواجبات العناية والولاء وبوجه خاص ما يأتي:
أ- ممارسة مهماته في حدود الصلاحيات المقررة له.
ب- العمل على مصلحة الشركة وتعزيز نجاحها.
ج- اتخاذ القرارات أو التصويت عليها باستقلال.
د- بذل العناية والاهتمام، والحرص، والمهارة المعقولة، والمتوقعة.
ه- تجنب حالات تعارض المصالح.
و- الإفصاح عن أي مصلحة له مباشرة أو عير مباشرة في الأعمال والعقود التي تتم لحساب الشركة.
ز- عدم قبول أي منفعة ممنوحة له من الغير فيما له علاقة بدوره في الشركة”.
وبذلك يمكن أن نحدد مهام ومسئوليات مجلس الإدارة رئيسا وأعضاء على النحو التالي:
1- الإشراف
يعد مجلس الإدارة هيئة تتكون من مجموعة من الاستشاريين الذين يشرفون على أداء المدير التنفيذي وذلك عن طريق:
إما وضع الخطط والاستراتيجيات وتحديد الأهداف.
وإما إطلاق يد المدير التنفيذي والاكتفاء بالتوجيهات وذلك على شكل تمرير الخطط والقرارات التي تصدر عنه أو التعليق عليها وتعديلها.
فمسئولية مجلس الإدارة أن يقوم بوضع الخطط والاستراتيجيات التي تسير عليها الشركة أو القيام بتمريرها والاكتفاء بالتوجيهات، وه أثناء قيامه بهذه المهام يجب أن يتبع الواجبات المنصوص عليها في المادة \26 سالفة الذكر، من ممارسة مهامه في حدود صلاحياته وتعزيز مصلحة الشركة والعمل على نجاحها، وأن يكون ذلك مدعما ببذل العناية والاعتمام والحرص وتجنب تضارب المصالح، وخاصة بين مصلحته ومصلحة الشركة.
كما يجب على المدير وعضو مجلس الإدارة ألا يكو له مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في العقود التي تتم لحساب الشركة إلا بترخيص أو موافقة الشركاء أو المساهمين أو من يفوضونه.
كما لا يجوز للمدير أو أحد أعضائه أثناء مباشرته مسئولياته في الإدارة أن يستغل أصول الشركة أو معلوماتها أو الفرص الاستثمارية.
2- الرقابة
ويقصد بها في نطاق مسئولية المدير والأعضاء أن يقوم المدير بالرقابة على أداء الشركة وسير الأمور بها وما إذا كانت تسير على نحو يحقق الأهداف التي أنشأت من أجلها.
3- الحوكمة
ولقد عرفها البعض بأنها” صياغة الخطوط العريضة لسير الأمور في الشركة لتحقيق مجموعة من الغايات النهائية والتي على أساسها أوجدت الشركة”([2]).
وعرفها البعض الآخر بانها” حوكمة الشركات هي نظام بمقتضاه تدار الشركات وتراقب”([3]).
وعرفها البعض الثالث بأنها” أنظمة يتم بموجبها إدارة الشركة والرقابة عليها وفق هيكل يحدد توزيع الحقوق والمسئوليات فيما بين عدة أطراف مثل: مجلس الإدارة والهيئة الإدارية والمساهمين ويرسم القواعد المستخدمة بواسطة ممثلي أصحاب المصلحة في المنظمة لتوفير إشراف على المخاطر والرقاة عليها”.
4- الفصل بين الغايات والوسائل
ويقصد بذلك الأهداف التي أنشأت الشركة من أجل تحقيقها، وكذلك الوسيلة التي تستخدم للوصول لتلك الأهداف.
فيقصد بالغاية أي الغاية من وجود الشركة أي ما يجنيه مالكو الشركة من وجودها، والغاية من الشركة يتمثل في تحقيق عائد جيد من الاستثمار يزيد عن المتوسط الذي تحققه المؤسسات المثالية في الحجم.
أما الوسائل فهي تعبر عن الأهداف والاستراتيجيات التي يمكن تحديدها للمدير التنفيذي التي يختارها في سبيل تحقيق هذه الغايات، والتي تشمل نظام العمل وعمليات التشغيل.
وبشكل عام فان مهام ومسئوليات مجلس الإدارة تتمثل في:
أ- رسم الخطط والسياسات
ب- تشكيل الهيكل التنظيمي للمؤسسة.
ج- تشكيل اللجان وتفويض السلطات والصلاحيات.
د- توفير مراجع خارجي مستقل.
ه- المسئولية تجاه المساهمين.
و- مسئولية المدير وأعضاء مجلس الإدارة بالتضامن فيما بينهم عن تعويض الشركة، أو الشركاء، أو المساهمين، أو الغير عن الضرر الذي ينشا بسبب مخالفة أحكام النظام أو عقد التأسيس أو أخطائهم أو الإهمال أو التقصير في أعمالهم.
ز- الدعوة للاجتماعات وإعداد جدول أعمالها ومواضيعها وما يستجد من أعمال طارئة والنظر فيما يطرحه بعض أعضاء مجلس الإدارة أو أي موظف بالشركة.
وهو ما نصت عليه المادة \28\1من نظام الشركات سالف الذكر على أنه” 1- يكون المدير وأعضاء مجلس الإدارة مسئولين بالتضامن عن تعويض الشركة، أو الشركاء، أو المساهمين، أو الغير عن الضرر الذي ينشا بسبب مخالفة أحكام النظام، أو عقد تأسيس الشركة، أو نظامها الأساس، أو بسبب ما يصدر منهم من أخطاء أو إهمال أو تقصير في أداء أعمالهم وكل شرط يقضي بغير ذلك يعد كأن لم يكن”.
رابعا: دور مجلس الإدارة في تحقيق أهداف الشركة
يتمتع مجلس الإدارة داخل الشركة بالاستقلالية بدرجة كافية تمكنه من الرقابة على المديرين وفصلهم إذا لم يحققوا الأهداف المنشودة من والتي على أساسها تم تأسيس الشركة.
فيقوم مجلس الإدارة بمسائلة المديرين ومحاسبتهم عن أدائهم لأعمالهم بشكل يؤدي إلى تحقيق أهداف الشركة وأهداف المستثمرين.
كما أن إشراف مجلس الإدارة يعمل على منع التهاون الإداري وعلى تركيز اهتمام المديرين على تحسين أدائهم لعملهم، وكذلك استبدال المديرين الذين يخفقون في أعمالهم، كما أن وجود مجلس الإدارة ورقابته على الشركة يعمل على الثقة في دخول الأسواق والبقاء فيها وبالتالي دخول المستثمرين في تلك الشركات والاستثمار فيها بمبالغ كبيرة ([4]).
وكذلك الإشراف على المديرين من قبل مجلس الإدارة الجيد بالشركة يضمن الأداء الاقتصادي الجيد، كما أن إدارة الشركة بشكل جيد تعمل على تحقيق معدلات مرتفعة من الأداء تؤدي إلى تخفيض تكاليف رأس المال وزيادة قيمة ما يملكه الشركاء، فمجلس الإدارة يعتبر نقطة البداية والأساس الذي يقوم عليه التطبيق السليم لإدارة الشركات ([5]).
كتابة دكتور \ عبد المنعم حسن الشرقاوي
دكتوراه القانون المدني
([1]) عمر علي عبدالصمد، دور المراجعة الداخلية في تطبيق حوكمة المؤسسات، دراسة ميدانية، رسالة ماجستير، جامعة المدية، الجزائر، 2009،ص78.
([2]) إلياس الأشهب، مسئولية هيئة مجلس الإدارة في تفعيل حوكمة الشركات، رسالة ماجستير، الجزائر، 2015، ص50.
([3]) د. طارق عبدالعال حماد، حوكمة الشركات (المفاهيم- المبادئ- التجارب- المتطلبات) ، الدار الجامعية، ط2، 2007\2008، ص11
([4])إلياس الأشهب، مرجع سابق، ص54.
([5]) د. محمد مصطفى سليمان، حوكمة الشركات ومعالجة الفساد المالي والإداري، الدار الجامعية، مصر، 2006، ص97،96.