حقوق الوكيل التجاري الحصري

حقوق الوكيل التجاري الحصري في النظام السعودي

أدى التطور الكبير في التجارة الدولية مع انتشار وسائل الاتصال الحديثة في العصر الحديث إلى جعل المملكة سوقا تجارية كبيرة احتضنت كافة أنواع السلع التجارية من جميع دول العالم، وأدى ذلك إلى جعل المملكة أن تتبوأ مكانة اقتصادية كبيرة بين دول العالم، إذ غزت منتجاتها جميع أواق العالم فضلا عن أن غالبية منتجات العالم غزت أسواق السعودية.

ونتج عن ذلك أن ظهرت أشكال متعددة للوكالة التجارية فرضها التقدم الكبير في النواحي التجارية داخل المملكة، وانتشار أنواع السلع التجارية العالمية داخلها مما أدى إلى ظهور ما يسمى بالوكالة الحصرية داخل المملكة.

أولا: مفهوم الوكالة التجارية والوكالة التجارية الحصرية والوكيل التجاري الحصري

1- الوكالة التجارية

ويمكن تعريفها بأنها تعاقد منتج سلعة معينة مع وكيل له في بلد معينه بغرض توزيع أو التصرف في تلك السلعة بالبيع أو التصريف على أن يكون ذلك بمقابل أو عمولة معينة.

بينما عرفتها المادة الأولى من اللائحة التنفيذية لنظام الوكالات التجارية في المملكة العربية السعودية الصادر عام 1382 هجرية بأنها” يقصد بالوكالات التجارية المتعلقة بتطبيق نظام الوكالات التجارية وتعديلاته كل من يتعاقد مع المنتج أو من يقوم مقامه في بلده للقيام بالأعمال التجارية ؛ سواء كان وكيلاً أو موزعًا بأية صورة من صور الوكالة أو التوزيع ، وذلك مقابل ربح أو عمولة أو تسهيلات أيًا كانت طبيعتها ، ويشمل ذلك وكالات النقل البحري أو الجوي أو البري ، أو أية وكالات يصدر بها قرار من وزير التجارة”.

بينما عرف البعض عقد الوكالة التجارية بأنه” عقد يقيم به الموكل شخصا آخر – طبيعيا أو اعتباريا- مقام نفسه في مباشرة تصرف قانوني معين لقاء أجر على أن يكون الوكيل تاجرا وأن يتعلق موضوع الوكالة بعمل تجاري”([1]).

2- الوكالة التجارية الحصرية

عرفها البعض بأنها نظام يتيح للغير التعاقد مع الشركة المنتجة الأم أو من يقوم مقامها في بلدها الأصلي للقيام بالأعمال التجارية للتعامل معها لوجده فقط في منطقة أو في حدود منطقة معينة بحسب الاتفاق وذلك مقابل ربح أو عمولة أو تسهيلات أيا كانت طبيعتها وبالتالي فان الوكالة الحصرية تمتاز عن غيرها من الوكالات بشرط الحصر أو القصر.

وعرفها البعض بأنها” عقد يلتزم بموجبه طرف أول بتمثيل طرف آخر على أرض محددة وتوزيع منتجاته على وجه الحصر”([2]).

3- الوكيل التجاري الحصري

ويمكن تعريفه بأنه تعاقد منتج معين مع شخص بعينه على أن يكون هو الوكيل الوحيد الذي يقوم ببيع منتجاته في منطقة معينه ويمتنع عليه التعاقد مع غيره لتصريف هذا المنتج، على أن يكون ذلك لحساب الوكيل في تلك المنطقة.

وعرفه البعض بأنه المنشاة الموكلة بمفردها ببيع سلعة أو خدمة معينة من جانب شركة معينة في منطقة جغرافية محددة وذلك مقابل مبلغ ما أو نسبة أرباح معينة.

ثانيا: شروط الوكالة الحصرية

يشترط لتحقيق الوكالة الحصرية أن تتوافر شروط وهي:

1- العقد

فلا تتصور الوكالة الحصرية بدون أن يكون هناك تعاقد بين الوكيل والموكل، ذلك أنه يتعين تحديد نوع هذا العمل القانوني قبل مرحلة بحث التفاصيل الأخرى، فالعقد ينشئ علاقات إلزامية بمجرد انعقاده وهو ما يميز الأعمال القانونية عن غيره من الأعمال([3]).

فالعقد يتضمن الزام لكلا الطرفين، إذا أخل أي طرف بالتزامه فإنه يسأل عن هذا الإخلال، فهي رابطة قانونية تستوجب المساءلة.

2- التحديد المكاني أو المركزي

فينبغي أن يكون هذا الالتزام الذي بين الطرفين أن يكون في أرض محددة، أي يقوم الوكيل بتوزيع المنتج أو بيعه في أرض محددة لا يجوز للموكل أن يوكل لآخر البيع أو التصرف في هذه المنطقة الجغرافية ، فهي مقصورة على هذا الوكيل فقط.

3- أن تكون مهمة الوكيل الحصري توزيع المنتجات

ويقصد من ذلك أن تكون مهمة الوكيل الحصري توزيع منتجات الموكل وليس الاقتصار على التعاقد باسم ولحساب الموكل فقط .

4- شرط عدم البيع إلا للوكيل الحصري

ويقصد بهذا الشرط انه لا يجوز للمنتج أو الشركة أن تبيع منتجاتها المتعاقدة عليها مع الوكيل الحصري إلا له، فلا يجوز أن تبيع لغيره ذات المنتج وإذا حصل وباع شيئا لغير الوكيل الحصري فانه يحتفظ بحقوق الوكيل الحصري وعمولته([4]).

ثالثا: صور الوكالة الحصرية

1- وكالة التوزيع الحصري

ويقصد بها “صورة التاجر الذي يقوم لحسابه ببيع ما يشتريه بناء لعقد يتضمن إعطاءه صفة الممثل أو الموزع بوجه الحصر”([5]).

وفي هذه الصورة يقوم الوكيل الحصري بشراء البضائع من الموكل ثم يقوم ببيعها باسمه الشخصي ولحسابه الخاص ويتحمل مخاطر تسويق البضائع ولا يجوز له رد البضائع التي لم يبيعها إلى المنتج وذلك خلافا للوكيل العادي([6]).

وتعتبر هذه الصورة هي الصورة الرئيسية للوكالة الحصرية لسببين:

أ- الواقع الاقتصادي، ذلك أن الغالبية العظمى للوكالات الحصرية تندرج تحت هذا النوع وذلك عند مراجعة الوكالات المسجلة في السجل التجاري ويثبت الواقع العملي ذلك من خلال المشاهدة الواقعية من خال القضايا المرفوعة في المحاكم الاقتصادية في هذا الشأن.

ب- الطبيعة العقدية للوكالة الحصرية، ذلك أن الموزع الحصري عندما ينال منافع التوزيع الحصري المقتصر على شخصه فان طبيعة هذا العقد تحتم علهي تعادل الالتزامات والمنافع بمعنى أنه يجب على الوكيل الحصري أن يتعهد بتصريف حد مقبول من البضاعة المرسلة إليه بعد أن يكون قد دفع ثمنها كاملا أو جزءا منه كضمان لوصول البضاعة إليه([7]).

2- وكالة العقود بشرط الحصر

وتعد هذه الصورة غير متداولة كثيرا على عكس الأولى، وهي الصورة ” التي يقوم فيها الوكيل بحكم المهنة  الاعتيادية المستقلة ودون أن يكون مرتبطا بإجارة خدمة بالمفاوضة لإتمام عمليات البيع والشراء أو التأجير أو تقديم الخدمات ويقوم عند الاقتضاء بهذه الأعمال باسم المنتجين أو التجار ولحسابهم”، ويسميها البعض وكالة العقود بشرط الحصر([8]).

ويقتصر دور الوكيل في هذه الصورة على الترويج والتفاوض وإبرام الصفقات باسم الموكل ولحسابه مقابل أجحر أو نسبة ربح في منطقة جغرافية معينة على وجه الحصر ([9]).

وفي هذه الوكالة لا يتحمل الوكيل أي نوع من المخاطر بعكس النوع الأول فيتحمل فيه الوكيل المخاطر التي تنجم عن الصفقة.

ففي هذا النوع من الوكالة الحصرية لا يقوم الوكيل بشراء البضائع ولا يتحمل نفقاتها وبالتالي لا يقوم الوكيل الحصري بهذه الصورة على أكمل وجه ولا يقوم بتوزيع المنتجات كما في النوع الأول ولا التعاقد مع الغير وهو ما قلل التعامل في مثل هذا النوع من الوكالات.

رابعا: أهمية الوكالة الحصرية

1- تشجيع المنافسة الشرعية في مجال التجارة

ذلك أنه كلما كثر عدد الوكالات الحصرية في الدولة كلما أدى ذلك غلى ازدهار الحركة التجارية داخل البلد وأدى ذلك إلى انخفاض الأسعار نتيجة كثرة العرض من المنتجات المختلفة ، فوجود عدد كبير من الشركات للمنتج الواحد يؤدي إلى انخفاض متوسط أسعار تلك السلعة ويصب ذلك في مصلحة المواطن، ويؤدي إلى جذب المستهلكين([10]).

2- توفير فرص العمل داخل الدولة، ذلك انه كلمتا كان المركز الاقتصادي للوكالة الحصرية قوي كلما أدى ذلك غلى فتحها العديد من المحلات التجارية لتسويق منتجاتها والورش اللازمة للصيانة وهو ما يؤدي إلى خلق العديد من فرص العمل للعاملين داحل الدولة من كافة التخصصات المهنية والحرفية والقانونية والمحاسبية وهو ما يساعد على القضاء على البطالة.

3- القدرة المالية والفنية الكبيرة للوكالات الحصرية والتي تحتاجها البلاد ، لما في ذلك من مصلحة في ترويج وازدهار المجال التكنولوجي ، ذلك لأن هذا النوع من المجالات الإنتاجية يحتاج إلى رأس المال والناحية الفنية الكبيرة وهو ما يتوافر لدى تلك الوكالات الحصرية.

4- تشجيع التعاون بين الدولة وغيرها من الدول الأخرى وهو ما يساعد على توطيد العلاقات الاقتصادية بين الدولة وغيرها من الدول الأخرى، وهو ما ينعكس بالإيجاب ويساهم في حل وتخطي الكثير من المشكلات بين الدول.

5- تعمل الوكالات الحصرية على تقديم خدمات ما بعد البيع من صيانة وإرشادات وهي ما لا يوفره غير الوكيل الحصري لأنها تحتاج غلى خبرة فنية وتكاليف كبيرة ولا يتوافر ذلك إلا في الوكيل الحصري([11]).

5- تساعد الوكالات الحصرية بما تقدمه من خدمات وانتشار منتجات داخل البلاد وأنشاء المحلات وفي كثير من الأحيان يقوم بإنشاء المصانع لإنتاجها وهو ما يؤدي إلى توطين الصناعات داخل البلاد وهو ما يؤدي إلى إيجاد فرص عمل وازدهار المجال التجاري داخل البلاد.

خامسا: التزامات الوكيل الحصري

يقع على عاتق الوكيل الحصري داخل المملكة العربية السعودية التزامات وذلك طبقا لما ورد في المرسوم الملكي رقم م\ 11بتاريخ 20\2\1382 بعد عقد اتفاقية وكالة حصرية وهي:

1- يلتزم الوكيل الحصري داخل المملكة العربية السعودية بتأمين الصيانة وقطع الغيار طوال مدة الوكالة ولمدة سنة تالية لتاريخ انتهائها أو لتاريخ تعيين وكيل جديد أيهما أسبق، إذ يلتزم الوكيل بتوفير قطع الغيار بأسعار معقولة ومنتسبة للمستهلكين، وأن يؤمن قطع الغيار الأخرى خلال ثلاثين يوما من تاريخ طلب المستهلك لها .

2- تأمين الصيانة اللازمة للمنتجات بتكاليف مناسبة وضمان جودة المصنع مع مراعاة المواصفات القياسية المعتمدة في الملكة.

3- احترام شروط وأوضاع وثائق الضمان المقدمة من الموكل بشأن المنتجات موضوع العقد.

4- الاحتفاظ داخل مقر البيع بأسعار السلع من مصادرها ومستندات التأمين والشحن والرسوم الجمركية.

5- الالتزام بطبع بيانات الوكالة على أوراق الوكيل وإعلاناته.

6- يلتزم الوكيل في حالة انتهاء الوكالة بمواصلة الوكيل لمدة ثلاثة أشهر من تاريخ انتهائها وحتى تعيين وكيل جديد.

6- الالتزام بالتمويل الحصري من الموكل

فيقع على الوكيل الحصري التزام بعدم تسويق منتجات منافسة للمنتج الذب تعاقد معه، ويحق له تسويق منتجات أخرى شريطة ألا تكون هذه المنتجات تتعارض أو أن تكون منافسة لمنتجات من تعاقد معه في الوكالة الحصرية([12]).

7- الالتزام بعدم منافسة الموكل بعد انتهاء عقد الوكالة

فيقع على الوكيل الحصري التزام وهو عدم منافسة الموكل بعد انتهاء الوكالة، وفي هذه الحالة يلتزم الوكيل الحصري بعدم تمثيل موكلين جدد يعدون منافسون للموكل الأول بشرط أن يكون شرط عدم المنافسة محددا من حيث المكان والزمان([13]).

8- الالتزام بتقديم خدمات ما بعد البيع من تقديم الاستشارات الفنية والإرشادية والصيانة اللازمة وإنشاء ورش صيانة وخدمة عملاء ومستودعات لتخزين البضاعة وغيرها.

وهو ما نصت عليه المادة \ 3 من اللائحة التنفيذية للمرسوم سالف الذكر على أنه” دون أي إخلال بالأنظمة والقرارات الخاصة بتأمين الصيانة وقطع الغيار يلتزم الوكيل والموزع – طوال مدة الوكالة ولمدة سنة تالية لتاريخ انتهائها أو لتاريخ تعيين وكيل جديد أيهما أسبق- بما يلي:

1- أن يؤمن بصفة دائمة بأسعار معقولة قطع الغيار التي يطلبها المستهلكون عادة بشكل مستمر بالنسبة للمنتجات موضوع الوكالة وأن يؤمن قطع الغيار الأخرى ذات الطلب النادر خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوما من تاريخ طلب المستهلك لها.

2- تأمين الصيانة اللازمة للمنتجات بتكاليف مناسبة وضمان جودة المصنع والشروط التي يضعها المنتجون عادة مع مراعاة المواصفات القياسية المعتمدة في المملكة.

3- احترام شروط وأوضاع وثائق الضمان المقدمة من الموكل بشأن المنتجات موضوع العقد.

4- الاحتفاظ في محل البيع بالمستندات الموضحة لأسعار السلع من مصادرها بالإضافة إلى مستندات تأمينها وشحنها ونقلها ورسومها الجمركية”.

سادسا: حقوق الوكيل الحصري

1- الحصرية

ويقصد بذلك أنه يحق للوكيل الحصري وحده دون غيره التعامل مع الشركة المنتجة للسلعة وحده دون غيره وذلك في المنطقة المتفق عليها.

2- يحق للوكيل الحصري تعيين وكلاء فرعيين له في أقاليم الدولة التي يمارس فيها نشاطه التجاري، أي يجوز له تعيين وكلاء من الباطن على أن تكون العلاقة بين الوكيل الحصري وهؤلاء فقط، وذلك بالاستقلال عن العلاقة التي تكون بينه وبيمن الموكل الأصلي.

3- حق الوكيل الحصري في تقاضي تعويض عن فسخ اتفاقية الوكالة الحصرية إذا كان هذا الفسخ من قبل الموكل ودون خطأ من الوكيل .

4- حق الوكيل الحصري في تقاضي عمولة عن كل عمليه تتم في منطقة نفوذه، أي أنه إذا كان لا يحق للموكل أن يبرم اتفاق على ذات السلعة مع أي شخص آخر سوى الوكيل إلا أنه إذا حصل ذلك فانه يؤمن عمولة الوكيل الحصري عن ذل، والقول بغير ذلك يفتح الباب أمام الموكل للتحايل بهدف حرمانه من أجره([14]).

5- القيام بأعمال تجارية لحسابه الخاص

فلا يكتفي الوكيل الحصري بالأعمال التجارية التي يرتبط بها مع موكله وإنما يحق له أن يمارس أعمالا تجارية أخرة بشرط ألا تكون متعارضه مع الأعمال الأولى أو مزاحما لها.

كتابة دكتور \عبدالمنعم حسن الشرقاوي

دكتوراه القانون المدني

([1]) د. محمد براك الفوزان، أحكام نظام الوكالات التجارية السعودي، مكتبة القانون والاقتصاد، الرياض، ط1، 1433، ص37.

([2])د. إبراهيم بن صالح التنم، الامتياز في المعاملات المالية وأحكماه في الفقه الإسلامي، ط1، السعودية، دار ابن الجوزي، 1430، ص60.

([3]) إلياس أبو عيد، التمثيل التجاري، ص64.

([4]) د. ياسر الحديدي، النظام القانوني لعقد التجارة، دار الفكر العربي، 2006، ص233.

([5]) إلياس أبو عيد، التمثيل التجاري، مرجع سابق، ص31.

([6]) د. هاني دويدار، النظام القانوني للتجارة، ط1، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت، 1997، ص113.

([7]) إلياس أبو عيد، مرجع سابق، ص67.

([8]) د. هاني دويدار، مرجع سابق، ص110.

([9]) د. هاني دويدار، مرجع سابق, 111.

([10]) أشرف رسمي أنيس عمر، الوكالات التجارية في الفقه الإسلامي والقانون، رسالة ماجستير، 2012، ص70.

([11])أشرف رسمي أنيس عمر، مرجع سابق، ص72.

([12]) د. هاني دويدار، مرجع سابق، ص127،126.

([13]) د. هاني دويدار، مرجع سابق، ص127.

([14]) د. سحر النعيمي، الاتجاهات المختلفة في تنظيم الوكالة التجارية، ط1، عمان، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2004، ص201، 218، 229.