عقد الترخيص التجاري ” الفرانشايز”

عقد الترخيص التجاري ” الفرانشايز” في التشريع السعودي

الأعمال التجارية بكافة أشكالها بالشكل المبسط الذي كانت عليه فيما قبل، فمع التطور الذي نعيشه الأن أصبح لكل شيء ثمن، بل وللفكرة ثمن قد يزيد الأضعاف عن ثمن الأشياء المادية، لذا فقد عنيت التشريعات المختلفة بفرض الحماية الجنائية والمدنية لحماية تلك الحقوق، وفي هذا المقال سنتحدث عن نوع من أنواع العقود التي تنظم العلاقة بين أصحاب الأنشطة التجارية، فسنتناول في هذا الحديث عن عقد الترخيص التجاري ” الفرانتشايز” في التشريع السعودي وذلك من

أولًا: التعريف بعقد الامتياز التجاري

تقوم فكرة العقد على اتفاق بين شركتين أو طرفين مستقلين قانونيا واقتصاديا، يقوم بمقتضاها احد الطرفين والذي يطلق عليه اسم مانح الامتياز بمنح الطرف الأخر والذي يطلق عليه ممنوح الامتياز أو صاحب الامتياز الموافقة على استخدام حق أو اكثر من حقوق الملكية الفكرية والصناعية أو المعرفة الفنية لإنتاج السلع أو القيام بتوزيع منتجاته أو أداء خدماته تحت العلامة التجارية التي ينتجها أو يستخدمها مانح الامتياز لتعليماته وتحت إشرافه حصريا في منطقه جغرافية محدده ولفتره زمنيه معينه مع التزام بتقديم المساعدة الفنية وذلك بمقابل مادي أو الحصول على مزايا أو مصالح اقتصادية[1]

وكذا عرف الامتياز التجاري بأنه: “العقد الذي بمقتضاه يمنح أحد طرفيه والذي يطلق عليه الفرانشيزر (مانح الترخيص) الطرف الآخر الذي يطلق عليه الفرانشيزي (المرخص له) حق استخدام حق من حقوق الملكية الصناعية والاسم التجاري والرسوم والنماذج الصناعية وبراءات الاختراع والعلامة التجارية أو المعرفة الفنية لإنتاج سلعة أو توزيع منتجاته أو خدماته تحت العلامة التجارية التي يستخدمها مانح الترخيص)[2].

ومن تلك التعريفات نجد أن مضمون عقد الامتياز أن يمتلك طرف من طرفي العقد ميزةً تجارية لا يمتلكها الطرف الأخر، هذه الميزة ليس لها قالب معين تنحصر فيه فكل ما قد يكون سببا للنماء تجارة الطرف الأخر يعد ميزة تجارية يجوز التعامل فيها، فعلى سبيل المثال لا الحصر تعد العلامة التجارية ميزة تجارية قد يمنحها صاحب الامتياز للممنوح له الامتياز فتساعد على نماء تجارته، فالميزة التجارية الصالح لتكون موضوع عقد الامتياز قد تكون سمة تجارية وقد تكون طريقة فنية …إلخ. ويمكن تقسيم عقود الامتياز إلى الأشكال التالية:

1- امتياز التصنيع: في هذا النوع من الامتياز يقوم الطرف الممنوح له الامتياز بتصنيع ذات المنتج الذي يصنعه الطرف مانح الامتياز مع وضع العلامة الخاصة بمانح الامتياز.

2- امتياز الخدمات: في هذا النوع يقوم الطرف الممنوح له الامتياز بتقديم عمل خدمي يشبه العمل الخدمي الذي يقدمه الطرف مانح الامتياز على أن يحمل ذات العلامة التجارية لمانح الالتزام، ومثال على هذا النوع أفرع المطاعم في البلاد المختلفة.

3- امتياز التوزيع: وفي هذا النوع يقوم الطرف مانح الامتياز بإعطاء حق توزيع المنتج الخاص به للممنوح له الامتياز بشكل حصري، وهذا النوع هو ما يطلق عليه اسم (التوكيلات).

والتشريع السعودي عني بتنظيم تلك المعاملات ومنها ما جاء بنص المادة (1) من نظام العلامات التجارية والتي نصت على (تعد علامة تجارية في تطبيق أحكام هذا النظام الأسماء المتخذة شكلا مميزا أو الإمضاءات أو الكلمات أو الحروف أو الأرقام أو الرسوم أو الرموز أو الأختام أو النقوش البارزة، أو أي إشارة أخرى أو أي مجموع منها تكون قابلة للإدراك بالنظر وصالحة لتمييز منتجات صناعية أو تجارية أو حرفية أو زراعية أو مشروع استغلال للغابات أو ثروة طبيعية، أو للدلالة على أن الشيء المراد وضع العلامة عليه يعود لمالك العلامة بداعي صنعه أو انتقائه أو اختراعه أو الإتجار به، أو للدلالة على تأدية خدمة من الخدمات.)

ثانيًا: مشروعية التعامل في عقود الامتياز التجاري

1- المشروعية الشرعية

المملكة العربية السعودية من الدول الحريصة على تطبيق الشريعة الإسلامية الغراء، فكان لزامًا علينا أن نبين حكم الشرع في عقد الامتياز التجاري كأحد أشكال التعاملات التي لم تكن موجودة على عهد سلفنا الصالح رضي الله عنهم أجمعين.

وفي هذا السياق جاء قرار مجلس مجمع الفقه الإسلامي فيما يخص التعامل في الحقوق المعنوية إذا جاء فيه

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

قرار رقم: 43 (5/5)[3] بشأن الحقوق المعنوية

إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1-6 جمادى الأولى 1409هـ الموافق 10-15 كانون الأول (ديسمبر) 1988م،

بعد اطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع الحقوق المعنوية، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله، قرر ما يلي:

أولًا: الاسم التجاري، والعنوان التجاري، والعلامة التجارية، والتأليف والاختراع أو الابتكار، هي حقوق خاصة لأصحابها، أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتمول الناس لها. وهذه الحقوق يعتد بها شرعًا، فلا يجوز الاعتداء عليها.

ثانيًا: يجوز التصرف في الاسم التجاري أو العنوان التجاري أو العلامة التجارية، ونقل أي منها بعوض مالي، إذا انتفى الغرر والتدليس والغش، باعتبار أن ذلك أصبح حقًّا ماليًّا.

ثالثًا: حقوق التأليف والاختراع أو الابتكار مصونة شرعًا، ولأصحابها حق التصرف فيها، ولا يجوز الاعتداء عليها.

والله أعلم؛ ‏

2- المشروعية القانونية

جاء بنظام العلامات التجارية المادة (33) والتي نصت على (يجوز لمالك العلامة التجارية أن يرخص لأي شخص طبيعي أو معنوي باستعمالها عن كل أو بعض المنتجات أو الخدمات المسجلة عنها، ويكون لمالك العلامة الحق في أن يرخص لأشخاص آخرين باستعمالها، كما يحق له أن يستعملها بنفسه ما لم يتفق على غير ذلك، ولا يجوز أن تزيد مدة الترخيص عن مدة حماية العلامة.)، ومن هذا النص نجد أن المشرع السعودي يبح التعامل في الحقوق المعنوية ما دامت وفق الضوابط الشرعية والقانونية.

ثالثًا: شروط عقد الامتياز التجاري

1- الشروط العامة للعقد

عقد الامتياز التجاري شأنه شأن باقي العقود يشترط لقيامه مجموعة من الشروط العامة التي لابد أن تتوفر في كافة العقود وهي:

أ- الرضا: فعقود الامتياز هي عقود رضائية لابد أن تقوم على تلاقي الإيجاب والقبول، ويتفرع من هذا الشرط أن الرضا لابد أن يصدر من ذي كامل أهلية قانونية بإرادة كاملة دون أن يشوبها عيب من عيوب الإرادة كالغلط والإكراه والتدليس. وتخلف هذا الشرط يعرض العقد للبطلان سواء كان البطلان نسبي إذا كان يجوز تصحيحه كالإكراه، أو بطلان مطلق لا يجوز تصحيحه كتعاقد المجنون. فهناك أصناف يجب على محرر العقود الانتباه لهم وهم: (الصغير، المميز، المعتوه، وذا الغلفة، والمجنون)، فلكل منهم أحكامه التي تضبط تصرفاته.

ب- المحل: كذلك لابد أن يكون محل عقد الامتياز التجاري مستوفي الشروط من حيث المحل فلابد أن يكون موجود أو محتمل الوجود، كذلك لابد أن يكون المحل مما يجوز التعامل فيه شرعًا وقانونًا، فمتى كان المحل مما لا يجوز التعامل فيه كالتعامل في المواد المخدرة مثلًا فوقتها يكون العقد باطلًا بطلان مطلق.

ج- السبب: وأخر الشروط العامة التي يجب توافرها في عقد الامتياز التجاري أن يكون سبب التعاقد سببًا مشروعًا، فمتى كان سبب التعاقد غير مشروعًا كان التعاقد باطلًا بطلان مطلق.

2- الشروط الخاصة للعقد

لكل شكل من العقود ما يميزه عن باقي العقود، وكذا عقد الامتياز التجاري له ما يميزه ونجد ذلك في الشروط الخاصة ما يميز هذا العقد وتتمثل في:

أ- تحديد المدة: فعقد الامتياز يكون محدد المدة ولا مانع من وجود بند في العقد يسمح بتجديد العقد لمدد أخرى.

ب- تحديد موضوع عقد الامتياز: كما بينا فإن هناك أكثر من شكل لعقود الامتياز، ويجب أن يحدد موضوع الامتياز والطريقة التي سيتم بها تحديدًا دقيقًا، فيحدد التزامات كل طرف من الطرفين.

ج- تحديد النطاق الجغرافي للامتياز: من أهم النقاط التي يجب مراعاتها في عقد الامتياز التجاري النطاق الجغرافي للامتياز، فكما بينا أن الاستفادة التي يحصل عليها الممنوح له الامتياز هي الميزة التجارية التي يمنحها له مانح الامتياز فيجب أن يحدد نطاق استخدام تلك الميزة.

د- تحديد نطاق الاستئثار في عقد الامتياز: كذلك من أهم النقاط التي يجب وضعها محل الاعتبار وقت تحرير عقد الامتياز التجاري نطاق استئثار الممنوح له الامتياز حيث إن ذلك سيمنع حدوث خلاف متى تم منح الامتياز لطرف أخر، فمن خلال العناية بذلك البند ستختفي الإشكالية حول حق الطرف مانح الامتياز في منح طرف أخر في ذات نطاق الممنوح له الامتياز من عدمه.

هـ- تحديد مقابل الامتياز التجاري: بينا أن عقد الامتياز هو عبارة عن عقد معاوضة فلابد أن يكون هناك مقابل لهذا الامتياز، وعادة ما يكون المقابل نسبة مئوية من ربح الممنوح له الامتياز يدفع لمانح الامتياز.

رابعًا: التزامات طرفي عقد الامتياز التجاري

إن اتفاق طرفين على ابرام عقد امتياز يفرض على كلا الطرفين مجموعة من الالتزامات التي يجب الالتزام بها:

1- التزامات مانح الامتياز:

أ- التعريف الوافي: إن أساس قيام عقد الامتياز بين طرفين يكون قائم على مكانة الطرف المانح للامتياز لأجل ذلك لابد أن يوفر الطرف مانح الامتياز المعلومات الكاملة عن الشركة بحيث تكون الصورة واضحة أمام الممنوح له الامتياز فلا يقع في الغش أو الغلط.

ب- التصريح باستخدام العلامة التجارية: حيث إن غرض الامتياز بالنسبة للطرف ممنوح له الامتياز هو استخدام سمعة الطرف مانح الامتياز التجارية، لذلك فلابد أن يصرح مانح الامتياز للممنوح له الامتياز باستخدام العلامة التجارية.

ج- تقديم الخبرة: لا يقوم الامتياز على منح العلامة التجارية فقط، بل لابد أن يقدم الطرف مانح الامتياز للطرف ممنوح له الامتياز ما يحتاج إليه من خبرة لحسن سير العمل وهو من قبيل الالتزامات التي يتقاضى عنها الطرف مانح الامتياز النسبة من الربح.

د- التمييز المكاني: لكي يجدي عقد الامتياز نفعًا بالنسبة للممنوح له الامتياز يلتزم الطرف مانح التمييز بحصر له نطاق مكاني يتميز به بحيث يحظر على مانح الامتياز منح امتياز لأخر بهذا النطاق.

2- التزامات الممنوح له الامتياز

أ- دفع المقابل المادي: يلتزم الممنوح له الامتياز بدفع مقابل هذا الامتياز وفق ما يتفق عليه طرفي الامتياز.

ب- الالتزام بالقواعد: يلتزم الممنوح له الامتياز بما يفرضه المانح له الامتياز من قواعد خاصة بسير العمل بينهما.

ج- منع المنافسة: لا يجوز للممنوح له الامتياز أن ينافس مانح التمييز له في ذات النشاط.

خامسًا: انقضاء عقد الامتياز التجاري

يظل عقد الامتياز التجاري عقد مثل باقي العقود، فينقضي عقد الامتياز التجاري بأحد طريقين:

1- رضائيًا: بانتهاء مدته أو باتفاق طرفيه على إنهائه

2- قضائيًا: بطلب أحد طرفيه انقضائه من المحكمة المختصة للأسباب المعتبرة قانونًا.

سادسًا: مدى اختصاص القضاء المستعجل بنظر دعاوى عقد الامتياز التجاري

كثيرًا ما يختلط على البعض في مدى اختصاص محكمة الأمور المستعجلة ببعض المسائل، وفي نطاق حديثنا عن عقد الامتياز التجاري فلزم علينا بيان مدى خضوع موضوعه للقضاء المستعجل، لبيان ذلك نبين أن الغاية من القضاء المستعجل هي حماية مصالح معتبرة من خطر حال لا يمكن إصلاحه إذا لم يتم تداركه على وجه السرعة.

وبالنظر إلى موضوع عقد الامتياز نجد أنه يجب التفرقة بين نوعين من النزاعات، النوع الأول إذا كان تعدي المدعي عليه لا يشكل خطرًا حتى وإن سبب هذا التعدي ضرر مادي أو معنوي للمدعي ففي هذه الحالة لا يختص به القضاء المستعجل، فعلى سبيل المثال لا يجوز طلب سحب العلامة التجارية أمام القضاء المستعجل من الممنوح له الامتياز لمجرد امتناعه عن سداد مقابل الامتياز، والنوع الثاني إذا رتب التعدي خطرًا حالًا كأن يخالف الممنوح له الامتياز التركيبة الممنوحة له من صاحب الامتياز فيشكل ذلك خطرًا على المستهلكين وقد يضر بسمعة صاحب الامتياز ففي هذا الحالة يجوز اللجوء للقضاء المستعجل لطلب إيقاف هذا الامتياز.

وفي ذلك جاء بالقرار الصادر من: المحكمة التجارية- المدينة: الرياض- رقم القضية – القرار: ٣٣٧تاريخها: ١٨/٢/١٤٤٢:

(الأسباب)

بعد سماع الدعوى والاطلاع على أوراق الطلب العاجل والمستندات المرفقة، وبما أن والمدعية وكالة تهدف من طلبها العاجل سحب العلامة التجارية من المدعى عليها لحين الفصل في القضية، وعند اطلاع الدائرة على ما ذكرته المدعية وكالة في طلبها العاجل لم يستبن لها وجاهة ما ساقته من أسباب، حيث إن سحب العلامة التجارية هو أحد آثار طلبها الأصلي المتمثل بفسخ عقد الامتياز، وهو مالم تفصل في الدائرة ،وحيث نصت المادة (٢٠٥) من نظام المرافعات الشرعية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/١) وتاريخ ٢٢/١/١٤٣٥هـ على أن القضايا المستعجلة هي “التي يخشى عليها فوات الوقت”، إذ ما تطالب به المدعية وكالة من سحب العلامة التجارية ليس من قبيل الأمور العاجلة التي يخشى فواتها أو يتعذر تداركها، إذ يمكن تدارك هذا الأمر فيما لو ثبت إساءة استخدام المدعى عليها للعلامة التجارية بإلزامه بدفع تعويض عن ذلك، وهذا لا يتأتى إلا بعد أن يقدم الأطراف جميع ما لديهم من مستندات ودفوع، إذ الحكم في الطلب العاجل مبني على الفصل في موضوع الدعوى، الأمر الذي تخلص معه الدائرة إلى رفض الطلب العاجل لانتفاء وصف الاستعجال وفوات الوقت وانعدام موجبهما.

(منطوق الحكم)

حكمت الدائرة: برفض الطلب العاجل رقم: (٥٨٧٣٢) لعام ١٤٤٢هـ في القضية رقم: (٣٧٧) لعام ١٤٤١ه، وﷲ الموفق.

سابعًا: تطبيقات قضائية

محكمة: المحكمة التجارية- المدينة: حائل- رقم القضية – القرار: ٢٢٦تاريخها: ١/١١/١٤٤١

(الأسباب)

تأسيسا على ما سبق وبعد سماع الدعوى والاطلاع على ما حواه ملف الدعوى من مذكرات ومستندات تبين أن المدعي يطالب بإلزام المدعى عليه بأن يدفع له مبلغاً وقدره ستمائة ألف (٦٠٠.٠٠٠) ريال يمثل قيمة العقد الذي قام المدعى عليه بإبرامه مع شركة (…) بالمخالفة لعقد الامتياز المبرم بين طرفي الدعوى وذلك عن الفترة من تاريخ ١٩ / ١٢ / ١٤٣٨هـ وحتى تاريخ ١٠ / ٠٨ / ١٤٤١هـ، وإذا كان الأمر كذلك فإن الفصل في هذه الدعوى داخلٌ في اختصاص الدوائر التجارية بالمحاكم العامة وفقاً لما نصت عليه المادة السادسة عشرة من نظام المحاكم التجارية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/٩٣) وتاريخ ١٥ / ٠٨ / ١٤٤١هـ، كما أن الدائرة مختصة بنظر هذه الدعوى مكانياً طبقاً لما نصت عليه البند (سابعاً) من العقد المبرم بين طرفيها والذي جاء فيها: (في حالة حصول أي خلاف حول تفسير هذا العقد فيلجأ للطرق الودية في التحكيم وإلا فالمحاكم الشرعية في مدينة حائل هي المختصة بنظر الدعوى ، وفيما يتعلق بموضوع الدعوى فالثابت أن طرفيها وقعا عقداً بتاريخ ٠١ / ٠٨ / ١٤٣٦هـ قام بموجبه المدعى عليه بمنح المدعي امتيازاً حصرياً لممارسة نشاط تقديم الخدمات الأمنية بمسمى مؤسسته (…) الخاصة) في منطقة حائل لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد مقابل أن يدفع المدعي له مبلغاً وقدره عشرة آلاف (١٠.٠٠٠) ريال شهرياً، والثابت أن المدعى عليه أخل بالعقد المبرم بينه وبين المدعي وذلك بقيامه بإبرام عقد تقديم الخدمات (…) لشركة (…) المحدودة بتاريخ ٢٩ / ١٢ / ١٤٣٨هـ في منشأتها الواقعة في مدينة حائل على الرغم من أن العقد المشار إليه أعلاه قد جعل ذلك حقاً حصرياً للمدعي، وبما أن ذلك أدخل الضرر المادي بالمدعي وذلك بحرمانه من الانتفاع من عقد الامتياز الحصري المبرم مع المدعى عليه، وفوت عليه التعاقد مع شركة (…) ، وبما أن إخلال المدعى عليه بالعقد هو ما تسبب بحصول الضرر على المدعي لذا فإن الدائرة تنتهي إلى قيام أركان المسؤولية العقدية الموجبة للحكم بالتعويض لصالح المدعي، وبما أن المدعي يطالب بقيمة العقد كاملاً، وبما أن قواعد العدالة تقتضي أن يخصم من مبلغ التعويض المصاريف التشغيلية التي تكبدها المدعى عليه ليكون المستحق للمدعي هو مبلغ الأرباح الناتجة عن هذا العقد، وبما أن الدائرة وهي في سبيل نظرها للدعوى تبين لها حاجتها لندب جهة خبرة لتقدير الأرباح الناتجة عن العقد الذي أبرمه المدعى عليه مع شركة (…)، وبما أن الدائرة كاتبت الغرفة التجارية الصناعية بمنطقة حائل وقسم الخبراء وثلاث شركات عاملة في مجال (…) فجاء جواب تلك الجهات بالاعتذار عن تقديم الخبرة المطلوبة في هذه الدعوى، وبما أن الدائرة لم تجد أمامها في سبيل تحديد الأرباح الناتجة عن هذه الدعوى إلا أن تعرض على المدعي أن يقوم المدعى عليه بحصر الأرباح التي تحصل عليها من العقد المبرم مع شركة (…) مع أخذ يمينه على ذلك، وبما أن المدعي رفض يمين المدعى عليه؛ لذا فإن الدائرة تنتهي إلى رفض الدعوى.

– المحكمة التجارية- المدينة: الرياض- رقم القضية- القرار:١٧٠٧تاريخها:٢٨/١١/١٤٤٠

(الأسباب)

فبناء على ما تقدم، ولما كانت المدعية قد تعاقدت مع المدعى عليه على أن تقوم بترويج وتوزيع منتج تحسين أداء أجهزة التبريد بموجب عقد الامتياز التجاري المبرم بين الطرفين بتاريخ ١٥/١/١٤٣٨هـ، ولما كانت المدعية تطلب إلزام المدعى عليه بمبلغ إجمالي قدره (٦.٣٧٣.٤٧٩) ريالاً تعويضاً عن الخسائر اللاحقة بها بسبب إخلاله بالتزاماته المبينة في البند الثامن من العقد، ولما كان المدعى عليه ينكر إخلاله بالتزاماته في العقد ويدعي وقوع الإخلال من المدعية، ولما كانت الدائرة بعد دراسة العقد والتزامات طرفيه ومذكرات كل منهما ومناقشتهما في ذلك لم يتبين لها وجود الإخلال المؤثر من أحد طرفيه، وعدم مسؤولية أحدهما بمفرده عن خسارة المشروع، ومن ثم فإنه لا يحق لأحدهما الرجوع على الآخر، وأما ما ذكرته المدعية من عدم التزام المدعي بتأمين البضاعة المطلوبة والقيام بأعمال الدعاية والتدريب وتقديم شهادة براءة اختراع للمنتج ومستنداته القانونية، فإن الثابت أن المدعية قد تواصلت مع الشركة (…) صاحبة المنتج من أول التعاقد وأنها على علم بحقيقة علاقة المدعي بها ولم تعترض على ذلك واستمرت في تنفيذ العقد ولم يكن عدم وجود تلك المستندات عائقاً عن تنفيذ العقد، كما أن مباشرتها للعقد قبل توفر تلك المستندات يسقط حقها في المطالبة بما يترتب على ذلك، كما أن الثابت أن المدعية قد ركبت المنتجات لدى بعض المستفيدين باستخدام العينات المجانية وتلقت شهادة إنجاز مما يقطع بحصولها على التدريب الكافي، كما أن المدعية لم تطلب توريد العينات المدفوعة إلا بعد أحد عشر شهراً من بدء التعاقد وقد كان طلبها مشروطاً، ومن ثم فإن المدعي لا يكون ملزماً بتنفيذه عرفاً إذ إن عجز المدعية عن جلب العملاء مع استخدامها العينات المجانية مدة أحد عشر شهراً يعفي المدعى عليها من الاستمرار في توفير العينات المجانية وإن لم ينص في العقد على مقدار العينات المجانية ومدة توفيرها إلا أن المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً، كما أن طلب التوريد الذي تقدمت به المدعية قد علقت السداد فيه على وصول المنتج وتجربته ونجاحه وهذا يخالف المفهوم من طلب التوريد وفق الفقرة (أ) من البند الثامن من العقد فلا يكون المدعى عليه ملزماً بتنفيذه. كما أن المدعية قد ذكرت في تمهيد العقد أن لديها الخبرة والباع الطويل في تسويق جميع أنواع غازات التبريد وأنها معتمدة لدى جهات عديدة على مستوى المملكة ولديها فريق عمل متكامل… إلخ ولم تقدم ما يثبت صحة ذلك، بل الظاهر من فشلها في تسويق المنتج وعدم جلبها لأي عميل طول مدة العقد أنها شريكة للمدعى عليها في المسؤولية عن فشل المشروع. ولما كان الطرفان لا يرغبان الاستمرار في العقد، ويطلبان فسخه فإن الدائرة تجيبهما لذلك.

(لذلك)

حكمت الدائرة: بما يلي: أولاً: فسخ عقد الامتياز التجاري المبرم بين الطرفين بتاريخ ١٥/١/١٤٣٨هـ. ثانياً: رفض الدعوى. وحدد يوم الأربعاء ٢٧/١٢/١٤٤٠هـ موعداً لاستلام الحكم، ولمن لم يقنع به الاعتراض عليه خلال ثلاثين يوماً من التاريخ المحدد لاستلامه. والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

  ثامنًا: نموذج عقد امتياز

عقد امتياز تجاري (صيانة أجهزة انتركم)

إنه في يوم …………………الموافق/….. /……/ ………………….تم الاتفاق بين كل من: –

أولًا: شركة (mml) لتصنيع وصيانة الإنتركم – مركزها الرئيسي / مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية- سجل تجاري……………..بتاريخ……/…/…………. ويمثل الشركة في هذا العقد السيد/ Mohamed Ali وجنسيته/سعودي   ويحمل هويه/ ……….  وتخطر الشركة على الإيميل الإلكتروني / 0000000000000000                       (طرف أول مانح الامتياز)

ثانيًا: Ali Mohamed صاحب مركز (علي لصيانة الأجهزة الإلكترونية) – مقره/ مدينة الدمام بالمملكة العربية السعودية  سجل تجاري……… بتاريخ……/…../……  ويحمل هويه/………..  ويخطر على الإيمل الإلكتروني / 000000000000000       (طرف ثاني صاحب الامتياز).

– تمهيد:

الطرف الأول شركة (mml) مجال عملها تصنيع وصيانة الإنتركم – مركزها الرئيسي / مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية- سجل تجاري……………..بتاريخ……/…/…………. وحيث يجيب الطرف الأول منح الامتياز للطرف الثاني القابل لذلك فيما يخص صيانة أجهزة الانتركم الخاصة بالشركة، فقد تم الاتفاق بين الطرفين وهما بكامل قواهما العقلية وكمال الأهلية الشرعية والقانونية اللازمة للتعاقد على ما يلي:

بند (1): يعتبر التمهيد السابق جزء لا يتجزأ من هذا العقد.

بند (2): اتفق الطرفان على أن يقوم الطرف الثاني بصفته صاحب امتياز عن الطرف الأول بصيانة أجهزة الانتركم المصنعة من قبل الشركة (الطرف الأول) وذلك باسمه ولحسابه الشخصي.

بند (3): اتفق الطرفان أن يكون النطاق المكاني لسريان الامتياز موضوع هذا العقد مدينة (الدمام) دون غيرها على أن يكون هذا النطاق حصري للطرف الثاني فلا يجوز للطرف الأول منح هذا الامتياز لغير الطرف الثاني ما دام هذا العقد ساريًا.

بند (4): يلتزم الطرف الثاني بتقديم مهندسي الصيانة العاملين بمركزه لتلقي الخبرة اللازمة في صيانة أجهزة الانتركم الخاصة بالشركة (الطرف الأول) ويلتزم الطرف الأول بتقديم تلك الخبرة دون مقابل تكون مدة التدريب أسبوعين عمل يحصل بعدها المهندس على شهادة من الشركة (الطرف الأول) تفيد جهازيته لصيانة أجهزة الشركة، ويسري ذلك البند على المهندسين الجدد الذين يتم تعينهم من قبل الطرف الثاني، بحيث لا يقوم بصيانة الأجهزة بمركز الطرف الثاني إلا المهندس الحاصل على الشهادة المنوه عنها من الطرف الأول (الشركة).

بند (5): مدة سريان هذا العقد ……………. سنوات تبدأ من …………. وتنتهي في: …………. قابلة للتجديد لمده مماثلة ما لم يخطر أحد الطرفين الأخر عن طريق الايمل الإلكتروني قبل إنهاء مدة العقد بثلاثة أشهر.

بند (6) يحكم تصرفات أطراف هذا العقد ما تقتضي به الأعراف التجارية، وما يتطلبه حسن النية..

بند (7): يلتزم الطرف الأول بأن يضع اسمه التجاري وإشاراته ورموزه وعلاماته التجارية والصناعية كذلك خبراته ومهاراته تحت تصرف الطرف الثاني (صاحب الامتياز)

بند (8) يلتزم الطرف الأول بتوفير المواد المستخدمة في الصيانة بسعر السوق، كما يلتزم الطرف الثاني بعدم استخدام غير تلك المواد المقدمة من الطرف الأول إلا بمخاطبة بريدية من الطرف الأول.

بند (9) للطرف الأول الحق في رقابة الطرف الثاني للتأكد من صلاحية مهندسي الصيانة والمواد المستخدمة في الصيانة وفقًا للبنود هذا العقد.

بند (10): يستحق الطرف الثاني قبل الطرف الأول عمولة مقدارها ……………. من قيمة الأشياء المباعة في منطقة العقد.

بند (11) اتفق الطرفان على تعويض اتفاقي ………… يلتزم به الطرف المخل بأحد التزامات هذا العقد للطرف الأخر

بند (12): في حالة حدوث نزاع لا قدر الله يتم اللجوء لمركز (   ) للتحكيم مع سريان قواعده على تنظيم إجراءات التحكيم.

بند (13): تطبق أنظمة المملكة العربية السعودية على ما ينشأ عن هذا العقد من نزاع.

بند (14): حرر هذا العقد من ……. نسخة احتفظ كل طرف بنسخة منها للعمل بموجبها.

تاسعًا: خاتمة

في هذا المقال تحدثنا عن عقد الامتياز التجاري الذي يعد شكلًا من أشكال تشجيع الاستثمارات داخل الدولة، حيث ان عقد الامتياز يعد نافعًا لطرفيه بحيث يستفاد الطرف الممنوح له الامتياز بالسمعة التجارية الخاصة بالطرف مانح الامتياز، كما يستفاد الطرف مانح التمييز من حيث زيادة رقعة نشاطه، ولقد بينا في هذا المقال الضوابط والأحكام التي يسير عليها عقد الامتياز.

كتابة: محمد السعيد عبد المولى

[1] د. محود صديق رشوان، جامعة القصيم، المجلد (12)، العدد (5) صـ 4050 -4121 ( شعبان 1440هـ / مايو 2019م)، صـ4050

[2] عقد الترخيص الصناعي للدكتور فايز نعيم رضوان ص 3؛ طبعة مطبعة الحسين الإسلامية بالقاهرة.

[3] مجلة المجمع (العدد الخامس، ج3 ص2267).