حق الكد والسعاية

حق الكد والسعاية في النظام السعودي

المرأة هي شريك أساسي في المجتمع الإسلامي ولا ينكر فضلها إلا جاحد، ولقد كان الإسلام حريصًا منذ بدايته على كفالة حقوق المرأة، فلقد حرم وأد البنات، وجلع الرجال قوامون على النساء لا تقليل من شأن المرأة، ولكن لحاجتها للرعاية، كذلك فرض لها الحقوق في الميراث، وما يتفرع منه موضوع مقالنا هو حق المرأة الذي قرره الإسلام في أن يكون لها ذمة مالية خاصة، فيكون لها حق المطالبة بحق الكد والسعاية، وسنناقش ذلك الحق من خلال النقاط التالية:

 

أولًا: الأصل في الإسلام انفصال الذمم المالية

الإسلام جاء محافظًا على الحقوق فقد كفل لكل ذي حق حقه، ولم يفرق الإسلام بين رجل وأمرأه، ولا كبير ولا صغير، ولا سليم العقل أو من به علة، فقد كفل لك من به روح تسري ذمة مالية مستقلة ولا يقدح من ذلك ما فرض من ضوابط لحماية بعض الأطياف من هؤلاء من التصرف غير المنضبط في أموالهم، وكذا المرأة فلقد أعطاها الإسلام الحق في أن يكون لها ذمة مالية مستقلة عن الذمة المالية الخاصة بزوجها، فلا يوجد ما يجبرها أن تساهم بما لها من مال فيما ينفق على بيتها، بل الإنفاق يكون على الرجل.

ولقد أصدر مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته السادسة عشر بدبي بالإمارات العربية المتحدة قرارات وفتاوى عن اختلافات الزوج والزوجة الموظفة، وعن انفصال الذمة المالية بين الزوجين من بين ما جاء فيه: (للزوجة الأهلية الكاملة والذمة المالية المستقلة التامة ولها الحق المطلق في إطار الشرع الحكيم مما تكسبه من عملها ولها ثروتها الخاصة ولها حق التملك وحق التصرف فيما تملك، ولا سلطان للزوج على مالها ولا تحتاج لإذن الزوج في التملك والتصرف في مالها).[1]

ثانيًا: التعريف بحق الكد والسعاية

وعموما يمكن تعريف حق الكد والسعاية بأنه حق شخص ي يقوم على أساس مساهمة السعاة في إطار شركة عرفية على تنمية الثروة الأسرية وتكوينها مقابل استحقاقهم جزء من المستفاد ويتناسب قد مساهمتهم حين إجراء القسمة وكل ذلك يتم وفق مقتضيات العرف المحلي وقواعده[2]

أو هو حق ينصرف مفهومه إلى جميع الحقوق التي تضمن للمرأة في المكسب المالي الذي يترعرع في مهده وينشأ بجهدها وكدها وسعايتها، ليمتزج بطريقة عفوية وتلقائية في الذمة المالية للزوج أثناء قيام الحياة الزوجية مما يجعلها محقة في الاستحواذ على جزء من المكسب المالي متى عمد الطرفان إلى حل الرابطة الزوجية[3].

ومن خلال تلك التعريفات نجد أن حق الكد والسعاية ليس مقصورًا على الزوجة كأحد أفراد الأسرة، بل حق لجميع أفراد الأسرة، لكن ما درج الحديث عنه هو حق الكد والسعاية بالنسبة للزوجة وهو موضوع حديثنا في هذا المقال.

ثانيًا: التأصيل الشرعي لحق الكد والسعاية

– فتوى حبيبة بنت زريق[4]

ويتأصل هذا التكييف بالأثر المروي عن عمر بن الخطاب. وبالتخريج على فتاوى حق السعاية للزوجة مع زوجها. وللأولاد مع أبيهم وأمهم. – أما الأثر المروي عن عمر بن الخطاب فلم يرد إلا في المراجع المالكية عزوا لعبد الملك بن حبيب (ت 238 هـ) شيخ المالكية في عصره. فقد أورد القاضي سعيد بن علي الهوزالي (ت 1001 هـ)‏ وغيره نقلا عن أبي عبد الله بن أبي زمنين (ت 399 هـ)‏ في منتخب الأحكام له. وعزاها لابن حبيب في كتابه «الواضحة». قال الهوزالي: «الأصل في شركة الزوجين قضية عامر بن الحارث وزوجته حبيبة بنت زريق. كان عامر بن الحارث قصارًا، وزوجته حبيبة بنت زريق ترقم الثياب؛ حتى اكتسبا مالا كثيرا. فمات عامر وترك أموالا. فأخذ ورثته المخازن والأجنة. واقتسموا. ثم قامت عليهم حبيبة المذكورة. وادعت عمل يدها وسعايتها، فترافعت مع الورثة إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب. فقضى بينهما بالشركة نصفين. فأخذت حبيبة النصف. والربع من نصيب الزوج بالميراث لأنه لم يترك ولدا».

ومن تلك الفتوى يتبين فقه الفاروق عمر وفهمه للمسائل، حيث إنه أخذ بالواقع وهو دور (حبيبة بنت زريق) في نماء ثروة زوجها، كما نلاحظ أن سيدنا عمر رضي الله عنه لم يحكم في تلك المسألة من نفسه، بل حكم فيها بعد طرحها من قبل الزوجة، أي أن ذلك الحق وفق تلك الفتوى لم ينشأ إلا بانتهاء رابطة الزوجية وكذلك بعد طلب الزوجة.

ثالثًا: حق الكد والسعاية في القانون السعودي

بالنظر إلى التشريع السعودي نجد أنه لا يوجد نص خاص ينظم مسألة الكد والسعاية كحق من حقوق الزوجة في مال زوجها الذي ساهمت في نمائه، لكننا وبالنظر إلى نظام الإثبات سنجد أن هناك نص قد يستند إليه هذا الحق ولو بصورة غير مباشرة.

ففي ذلك نصت المادة (86) من نظام الإثبات إذ نصت على (يجوز الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بالكتابة في الأحوال الآتية:

إذا وجد مبدأ الثبوت بالكتابة.

إذا وجد مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي، ويعد من الموانع المادية عدم وجود من يستطيع الكتابة، أو أن يكون طالب الإثبات شخصاً ثالثاً لم يكن طرفاً في العقد، ويعد من الموانع الأدبية رابطة الزوجية، وصلة القرابة والمصاهرة حتى الدرجة الرابعة.

إذا ثبت أن المدعي فقد دليله الكتابي بسبب لا يد له فيه.)

ونلاحظ من خلال هذه المادة أن القانون قد أتاح الإثبات لمن لا يملك سند كتابي لعلة من العلل الواردة بنص المادة والتي منها المانع الأدبي، فالمانع الأدبي قد يمنع الزوج من أخذ سند كتابي يثبت حقها لدى الزوج، ومن هنا يمكن للزوج وبدون امتلاك سند كتابي أن تثبت حقها المالي لدى زوجها، وهذه المادة هي ما نجدها الأقرب لخدمة هذا الحق.

رابعًا: تقنين حد الكد والسعاية

بداية يجب الإشارة إلى ان أساس الفتاوى المقررة لحق المرأة في الكد والسعاية هي فتوى سيدنا عمر رضي الله عنه السالف ذكرها، وفي هذا نقول ان فعل سيدنا عمر رضي الله عنه من وجهة نظرنا لا يعد قاعدة يؤسس عليها تشريع وإنما هو حكم لحالة خاصة في زمان ومكان معين عاصرها سيدنا عمر وحكم بما عرفه وما وصل إليه من علم.

ونحن سنناقش عدة عناصر والتي من خلالها سنصل إلى مدى فاعلية التقنين حد الكاد والسعاية للزوجة من عدمه.

1- الإسلام أعطى للمرأة أهلية التصرف

تبعيه المرأة لزوجها وطاعته لها فيما يرضي الله لم يعني أبدا طمس كيان المرأة، بل ان الإسلام أكرمها بان جعل نفقتها على زوجها، كذلك لم يعط الحق للزوج في التصرف في مال زوجته أو حتى مجرد طلبه، ولم يحثها على مساعدته بالمال لأن لها حرية التصرف فيه، لذلك فانه يجب على المرأة ان تتمسك بما أعطاها الله من الحقوق واهمها ان يكون لها ذمة مالية منفصلة عن الزوج حفاظا على حقوقها المالية وهذا هو الأصل.

2- أنواع عطاء الزوجة

العطاء من قبل الزوجة في الحياة الزوجية يمكن تقسيمه إلى:

أ- عطاء التبرع

يكون هذا العطاء من الزوجة للإنفاق على أولادها أو زوجها دون طلب فيما لا يعد من طرق التجارة، أمثال الشراء ملابس لصغارها وهذا النوع يأخذ حكم الهبات ويصعب الرجوع في مثل هذا النوع من العطاء لأنه في أكثر الأحوال يكون لصغارها، فالتبرع يقع في مواجهه الصغار وليس في مواجهه الزوج لأنها يكون هدفه تحسين أحوالهم وليس إنماء ثروة الزوج.

ولا عبره في ذلك في تكرار هذا العطاء من عدمه حتى وان كان بصفه دوريه مثل الراتب الشهري والعلة في ذلك عندنا أنها خلال تلك الفترة يجدد إيجابها للتبرع في حق أسرتها.

والرأي عندنا ان هذا نوع من العطاء لا يدخل ضمن حق الكد والسعاية لأنه من سبل التبرعات التي تحكمها قواعد خاصة.

ب- عطاء النماء

يقصد بعطاء النماء هذا النوع لا يكون هدفه مساعده الزوج على أعباء الحياة الضرورية كما في إعطاء التبرع وإنما يكون هدفه إنماء ثروة الزوج عن طريق تحسين المستوى المالي، ويتميز هذا النوع من العطاء كونه يكون ملحوظا ويسهل تعيينه، فقد يكون ميراث للزوجة أو مال معين تعطيه للزوج للتجارة به ففيه هذه الحالة

ويمكننا القول ان هذا العطاء يدخل تحت حق الكبد والسعاية لأنه لم يكن شكل التبرع وإنما أرادت الزوجة به تحسين حال زوجها فيما يعود عليها وعلى صغارها.

ج-عطاء الجهد

نقصد بعطاء الجهد ما تبذله المرأة من جهد سواء كان جهد بدني أو فكري في مساعدة زوجها بقدر ما يزيد عما تفعله مثيلاتها، كالمرأة التي تساعد زوجها في زراعه الأرض فان كانت تلك المساعدة بقدر ما يدر حاجتهم الأساسية تعد من سبيل التبرع بالجهد البدني، أما إذا كان هذا الجهد البدني أو الفكري أو أي شكل من أشكال بذل الجهد قد أدى إلى نماء ثروة زوجها فيمكننا القول ان هذا الجهد يدخل تحت عطاء النماء ويدخل حينها تحت حق الكد والسعاية.

وعلق المؤلف” على نظم عبد القادر الفاسي بقوله: «يريد – والله أعلم – أن خدمة نساء البادية للزرع مع أزواجهن بالحصاد والدراس توجب أن يقسم لهن بان تعطى المرأة نصيبا من الزرع بحسب خدمتها على ظاهر ما حكى الناظم عن ابن عرضون إلا أن أهل فاس خالفوا في غذاء وقالوا: إن أهل البادية لهم عرف معروف بينهم يردهم القاضي إليه[5].

3- مدى فاعلية تقنين حق الكد والسعاية

بداية يجب التنبيه إلى أن لا أحد يستطيع أن ينكل حق المرأة التي تساند زوجها ولو بالقول الحسن وحسن العشرة، لكن القوانين عندما توضع لابد أن تكون مجردة لكيلا تكون أداة في يدي ضعفاء الأنفس يستغلونها في غير ما سنت من أجله.

ولأجل ما بينا من أن فتوى عمر بن الخطاب رضي الله عنه كانت لحالة بعينها وليست قاعدة شرعية فإنه يمكنا القول إن تفريد قانون بهذا الحق يعد أمر خطير جدًا، ونرجع ذلك لعدة أسباب.

أ- للمرأة سبل الحماية المالية بعيدا عن قانون منفرد

طالما أن التشريع السعودي قد أقر حق المرأة في إدارة أموالها وأقر لها ذمة مالية مستقلة، ولما كان ذلك فإنه يجب أن يكون الأساس في حماية حقوق الزوجة ما تتخذه هي من إجراءات لصيانة مالها الخاص باعتبارها لها أهلية التصرف في مالها، يترتب على ذلك أن يكون حماية حق الزوجة في حالة عدم الكتابة استثناء على القاعدة وليس قاعدة بحد ذاتها.

ب- المفاسد المترتبة على تقنين حق الكد والسعاية

إن المفاسد التي قد تترتب على سن مثل هذا القانون قد تكون أكثر من المنافع التي ستعود من سنه، ذلك لأن فتح ذلك الباب للمرأة أن تقاسم زوجها متى طلقها أو ورثته وقت وفاته سيفتح باب الادعاءات في لحقوق سيكون إثباتها مرن قد يتاح لمن ليس لها حق إثبات حقها زورًا في مال زوجها خاصة مع انتشار فساد الذمم.

ج- البعد عن إمكانية تطور قانون التقنين بالصبغة الأوروبية

القوانين والأنظمة عندما تسن لا تظل جامدة، بل يطولها التطوير والتعديل، ومع تغير الأفكار قد يسعى البعض مما هما متأثرين بالتطور الغربي لإقرار حق الزوجة في مقاسمة مال زوجها حق دون بذل السعي، ولا يخفى على مبصر خطورة تطور تلك الأفكار والبعد عن تعاليم الدين الإسلامي وما عساها أن تفعله من تدمير للحياة الاجتماعية.

خامسًا: تطبيقات تشريعية في حق الكد والسعاية

– التشريع المغربي

جاء بالقانون الجديد رقم 30/7 المتعلق بمدونة الأسرة المغربية المادة ‎٤٩‏ منه التي نصت على أنه: (لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن نمة الآخر. غير أنه يجوز لهما في إطار تدبير الأموال التي ستكتسب في أثناء قيام الزوجية. الاتفاق على استثمارها وتوزيعها. يضمن هذا الاتفاق في وثيقة مستقلة عن عقد الزواج. ويقوم العدلان أو الطرفين عند زواجهما بالأحكام السالفة الذكر. إذا لم يكن هناك اتفاق فإنه يرجع إلى القواعد العامة للإثبات مع مراعاة عمل كل واحد من الزوجين؛ وما قدمه من مجهودات وما تحمله من أعباء لتنمية أموال الأسرة.)

– التشريع الجزائري

المادة 37 أمر رقم 205 المؤرخ 7 فبراير 2005 (لكل واحد من الزوجين ذمة مالية مستقلة عن ذمة الآخر غير أنه يجوز للزوجين أن يتفقا في عقد الزواج أو في عقد رسمي لاحق حول الأمور المشتركة بينها التي يكتسبانها خلال الحياة الزوجية وتحديد النسب التي تؤول إلى كل واحد منهما).

ونعقب على كلا التشريعين بأنهما لم يأتيا بجديد حيث إن جل ما أتيا به هو نص على إمكانية إفراغ الاتفاق بين الزوجية كتابةً وهو حق لم يسلب منهما بدايةً لكي يعطي لهما بموجب قانون، مما يؤكد أن سد ذلك الباب أولى والالتزام بمبدأ الكتابة حفاظًا على الحقوق.

سادسًا: تطبيقات قضائية

محكمة: المحكمة التجارية- المدينة: بريدة- رقم القضية – القرار: ٦٦٤تاريخها: ٢٨/١١/١٤٤٢

عدم الكتابة لا تعني عدم الثبوت، وأما عدم شروع المدعى عليه بالصلح فإن الصلح بعد ثبوته واجب على كلا طرفي الدعوى، ولا يعني عدم الالتزام بالصلح عدم الثبوت، علاوة على أن المدعي استند على شهادة شاهد المدعى عليه على ثبوت الصلح فيما يخص استلام المدعى عليه لنسبته كاملة قبل البدء في المشروع، ولا يقبل بأن يأخذ من الشهادة جزء منها ويُرد جزء آخر، والشهادة إما أن تقبل كاملة أو ترد كاملة.

محكمة: المحكمة التجارية- المدينة: الرياض- رقم القضية – القرار: ١٣١١٧تاريخها: ١٤/٥/١٤٣٩

(الأسباب)

بما أن المدعية حصرت مطالبتها بإلزام المدعى عليها بمبلغ وقدره (٢٠١.٢١٥) مائتان وواحد ألفاً ومائتان وخمسة عشر ريالاً، وذلك مقابل توريد المدعية للمدعى عليها خرسانة جاهزة لمشاريع المدعى عليها، وبما أن وكيل المدعية قدم المصادقة على الرصيد متضمنة المبلغ محل المطالبة، وبما أن وكيل المدعى عليها قرر أمام الدائرة بأن المبلغ المتبقي للمدعية المذكور أعلاه صحيح، فإن الدائرة تنتهي إلى ثبوت استحقاق المدعية بالمبلغ محل المطالبة وقدره (٢٠١.٢١٥) مائتان وواحد ألفاً ومائتان وخمسة عشر ريالاً، وتقضي بإلزام المدعى عليها بدفعه للمدعية.

وأما ما ذكره وكيل المدعى عليها من أن هناك اتفاق بين الطرفين غير مكتوب بأن المدعية تستحق المبلغ بعد سداد مالك المشروع للمبالغ المستحقة لموكلته، فإن الدائرة لم تجد ما يسند هذا الاشتراط ويثبته، وبما أن العقد لم يتضمن ذلك أيضاً، كما أن ما طلبه وكيل المدعى عليها من سماع شهادة الأشخاص الذي أشار إليهم في الجلسة الماضية فقد قرر أنهم يعملون لدى موكلته، وهذا كافٍ لرد شهادتهم.

(ولكل ما تقدم)

فقد حكمت الدائرة: بإلزام المدعى عليها شركة (…) سجل تجاري رقم (…) بأن تدفع للمدعية شركة (…) سجل تجاري رقم (…) مبلغاً وقدره (٢٠١.٢١٥) مائتان وواحد ألفاً ومائتان وخمسة عشر ريالاً، لما هو مُبَيَّن بالأسباب. وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نَبِيِّنَا مُحَمَّد وعلى آلة وصحبه أجمعين..

المحكمة التجارية- المدينة: الرياض- رقم القضية – القرار: ٦٧٨٤/١/ق تاريخها: ١٠ / ٩ / ١٤٣٨

(الأسباب)

بما أن المدعي أصالة ووكالة حصر مطالبته في هذه الدعوى بإلزام المدعى عليها بأن تدفع مبلغاً وقدره ( ٤٨٢.٨٢٠) أربعمائة واثنان وثمانون ألفاً وثمانمائة وعشرون ريالاً، قيمة السعي الذي ذكر أنه قام به بين البائع (…) مالك صيدليات (…) وبين المشتري المدعى عليها لإتمام صفقة بيع صيدليات (…) على المدعي والتي ذكر أن قيمتها بلغت ( ١٩.٣١٢.٨٠٠) تسعة عشر مليوناً وثلاثمائة واثنا عشر ألفا وثمانمائة ريالاً، وبما أن المدعي تبين أنه قد اتخذ السمسرة مهنة، فيكون بذلك تاجراً، وعمله تجارياً، وبذلك فالاختصاص منعقد للدائرة .

و بما أن ما استند عليه المدعي لإثبات مطالبته قرره وكيله في جلسة هذا اليوم بأن موكله قام بتزويد (…) برقم البائع (…) وأن هذا هو ما قام به بالفعل ولم يكن له جهود في تقريب وجهات النظر بينهما، وبما أن الدائرة لم تجد فيما استند عليه المدعي وكالة ما يكفي لإثبات دعواه فأفهمته بأنه ليس له إلا يمين مدير المدعى عليها (…) على نفي تحمل المدعى عليها قيمة السعي محل الدعوى، فقرر بأن موكله يطلب يمين مدير المدعى عليها على نفيه إقراره (…) بأن السعي يستحقه المدعي ونفيه أيضاً التزامه بتحمل السعي ودفعه للمدعي، وبعرض ذلك على مدير المدعى عليها (…)، قرر استعداده بأداء اليمين، فأداها وفق ما ورد بالوقائع بأنه لم يقر (…) ولا للمدعي بأن المدعى عليها تتحمل سعي صفقة بيع صيدليات (…). ولم تلتزم لهما بذلك، وبما أن الحال ما ذكر، لذا فإن الدائرة تنتهي إلى رفض هذه الدعوى.

سابعًا: خاتمة

في هذا المقال تحدثنا حق الكد والسعاية في القانون السعودي، بينا أن التشريع السعودي لم يتناول بشكل منفصل هذا الحق، ولا يمنع ذلك أن هناك من النصوص التي تسمح بتفعيله من خلال إثبات حق الزوجة بالاستناد إلى طرق الإثبات المختلفة حال عدم وجود كتابة للمانع الأدبي، وبينا أخيرًا أن البعد عن سن قانون منفصل لهذا الحق درأً للمفاسد التي قد تأتي من ورائه، خاصة أن الشريعة الإسلامية الغراء لم تقره منفصلًا ضمن الحقوق المترتبة على الزواج أو الوفاة، بل يظل هذا الحق وفق الشريعة الإسلامية ضمن فقه المعاملات.

كتابة: محمد السعيد عبد المولى

[1] قرار فتاوى المؤتمر الإسلامي المنعقد بدبي بالإمارات العربية المتحدة في دورته السادسة عشر والمنعقد من 09 إلى 14 أبريل 2005

[2] عمر المزكلدي، حق الكد والسعاية محاولة في التأصيل، بحث في إطار ديبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، املغرب،2005/2006، ص7

[3] يوسف بن باصر، جديد مدونة الأسرة: المسار والتطلعات، قراءة تحليلية وتقييمية في مستجدات قانون الأسرة الجديد 03/70، سلسلة بن باصر للدراسات القانونية والأبحاث القضائية، السنة الثالثة، العدد 8، ص23/24.

[4] د. سعد الدين هلالي، حق السعاية في (الوظيفة المنسية)، جامعة الأزهر، 2021، صـ31.

[5] الإمام أبو عبد الله محمد بن قاسم السجلماسي الرباطي: العمل الفاسي – ص:‎ ‎١٢٥‏