شركة الشخص الواحد وفقا للنظام السعودي
تُعد شركة الشخص الواحد خروجا على المألوف الذي يتطلب توافر الأركان الموضوعية التي تقوم عليها كافة الشركات، بل أن هذه الشركة تفتقد لأهم الأركان وهو ركن تعدد الشركاء، فيتم تأسيسها بالإرادة المنفردة لشخص واحد، ونظرا لسهولة تأسيس الشركة فضلا عن أن الشريك فيها لا يكون مسؤولا عن ديون الشركة إلا في حدود ما قدمه من رأس مال، فأصبحت هذه الشركة اختيارا لكثير من المستثمرين، وهو ما دفع كثيرا من التشريعات لتنظيم أحكام هذه الشركة.
وقد أهتم المنظم السعودي بشركة الشخص الواحد، ونظم أحكامها في نظام الشركات السعودي، إلا إنه لم ينظم أحكامها بشكل مستقل، بل جاءت ضمن أحكام شركتي المساهمة والشركة ذات المسؤولية المحدودة، التي تتخذ إحداها شكلا لها، ومن خلال هذا المقال سنوضح ماهية هذه الشركة، وطبيعتها القانونية، وطرق تأسيسها، وشروط التأسيس، وإدارتها.
أولا: تعريف شركة الشخص الواحد:
عرف البعض شركة الشخص الواحد بأنها: ” الشركة المؤلفة من شريك واحد طبيعيا كان أو اعتباريا، وتكون لهذه الشركة ذمة مالية مستقلة عن الذمة المالية للشريك، وقد تؤسس هذه الشركة ابتداء من شريك واحد وقد تؤول إلى شركة من شريك واحد جراء بقاء شريك واحد فيها”.[1]
وعرف البعض الآخر شركة الشخص الواحد على أنها: ” شركة ذات شكل جديد من الكيانات التجارية، لها شخصية معنوية مستقلة يمكن أن تنشأ ابتداء من مالك واحد سواء أكان ذلك الشخص طبيعيا أو معنويا من أجل ممارسة مشروع اقتصادي بهدف تحقيق الربح، ويكون لها ذمة مالية مستقلة عن الشريك المؤسس، ويمكن أن تنشأ من بقاء شريك واحد في الشركة حسب الحالات التي تنص عليها قوانين الشركات”.[2]
ثانيا: خصائص شركة الشخص الواحد:
1- تتكون شركة الشخص الواحد من شريك واحد فقط:
تتألف شركة الشخص الواحد من شخص واحد سواء اتخذت من الشركة ذات المسؤولية المحدودة أو شركة المساهمة شكلا، وقد يكون هذا الشخص هو مؤسس الشركة أو أن هذا الشخص آلت جميع الحصص في شركة قائمة، وهو ما أكد عليه المنظم السعودي بالنسبة للشركة ذات المسؤولية المحدودة حيث نصت عليه (154) من نظام الشركات السعودي على أن: ” يجوز أن تؤسس الشركة ذات المسؤولية المحدودة من شخص واحد أو أن تؤول جميع حصصها إلى شخص واحد”.
أما بالنسبة لشركة الشخص الواحد التي تتخذ من شركة المساهمة شكلا لها فقد نص المنظم السعودي في المادة (55) على أن مؤسس هذه الشركة الدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة والشركات المملوكة للدولة وأخيرا الشركات التي لا يقل رأس مالها عن خمسة ملايين ريال.
وتكوين شركة الشخص الواحد من شخص واحد فقط تُعد ميزة هامة تجعل الشركة تقوم على الاعتبار الشخصي وعلى الثقة بهذا الشريك الوحيد نظرا لأنها تؤسس بمفرده، فيصبح صاحب الشركة محل اعتبار وذلك ما يميز الشركة في إدارتها من صاحبها، وهو ما يميز هذه الشركة بسهولة إدارتها، مع الأخذ بالاعتبار ممارسة الشريك الوحيد سلطات جميع الشركاء، حيث يمكن للشريك إدارة الشركة بكل سهولة ويسر.[3]
2- تقوم شركة الشخص الواحد على فكرة المسؤولية المحدودة للشريك:
تُعد فكرة المسؤولية المحدودة للشريك أهم ما يميز شركة الشخص الواحد، حيث تتحدد مسؤولية الشريك المؤسس لشركة الشخص الواحد بما قدمة من رأس مال في الشركة فقط دون أن تتعدى هذه المسؤولية إلى أموال الشريك الخاصة، وهو ما يجعل الشريك في مأمن إذا ما تعرضت الشركة للخسارة أو الإفلاس، فلا يتعرض الشريك للإفلاس، كما لا يستطيع دائني الشركة الرجوع عليه للمطالبة بديونهم لدى الشركة، وهو ما أكد عليه المنظم السعودي في الفقرة الأولى من المادة (154) من نظام الشركات السعودي حيث ورد بها أنه: ” يجوز أن تؤسس الشركة ذات المسؤولية المحدودة من شخص واحد، أو أن تؤول جميع حصصها إلى شخص واحد، وفي هذه الحالة تقتصر مسؤولية هذا الشخص على ما خصصه من مال ليكون رأس مال الشركة “.
وعلى الرغم من المسؤولية المحدودة للشريك المؤسس إلا أن المنظم السعودي قرر مسؤولية الشريك المؤسس عن ديون الشركة في أمواله الخاصة إذا ما ثبت أنه قام بتصفية شركته بسوء نية قبل انتهاء مدتها أو قبل تحقيق الغرض الذي أنشئت من أجله، أيضا إذا لم يفصل الشريك المؤسس بين أعماله الشركة وأعماله الخاصة، أو إذا مارس أي عمل لحساب الشركة قبل أن تكتسب الشخصية الاعتبارية، وذلك وفقا لما نص عليه المنظم السعودي في المادة (155) من نظام الشركات السعودي حيث جاء بها أن: ” يكون الشخص المالك للشركة ذات المسؤولية المحدودة مسؤولاً في أمواله الخاصة عن التزامات الشركة في مواجهة الغير الذي تعامل معه باسم الشركة، وذلك في الأحوال الآتية: أ -إذا قام – بسوء نية- بتصفية شركته، أو وقف نشاطها قبل انتهاء مدتها أو قبل تحقيق الغرض الذي أنشئت من أجله. ب -إذا لم يفصل بين أعمال الشركة وأعماله الخاصة الأخرى. ج -إذا ا زول أعمالاً لحساب الشركة قبل اكتسابها الشخصية الاعتبارية “.
3- عدم اكتساب الشريك المؤسس صفة التاجر:
بناء على فكرة المسؤولية المحدودة التي تتمتع به شركة الشخص الواحد واستقلال الذمة المالية لكل من شركة الشخص الواحد والمؤسس لها فإن الشريك المؤسس لها لا يكتسب صفة التاجر، سواء اتخذت شركة الشخص الواحد من شركة المساهمة أو الشركة ذات المسؤولية المحدودة شكلا لها، فلا يكتسب الشريك وصف التاجر بسبب عدم اندماج شخصيته في شخصية الشركة واستقلال كلا منهما، وعدم احترافه النشاط التجاري.
أما بالنسبة لشركة الشخص الواحد فإنها تكتسب الصفة التجارية إذا كان غرضها القيام بأعمال تجارية وتلتزم بالتزامات التاجر، ولا يستتبع ذلك أن يكتسب الشريك ذات الصفة إلا إذا كان قد اكتسبها قبل تأسيسه لهذه لشركة الشخص الواحد، ومن النتائج المترتبة على ذلك أنه يجوز إفلاس الشركة إذا توقفت عن دفع ديونها وإدخالها في مرحلة التصفية، ولا يترتب على ذلك إشهار إفلاس التاجر حتى ولو كان مكتسبا للصفة التجارية من قبل.[4]
4- الشخصية المعنوية لشركة الشخص الواحد:
تتمتع شركة الشخص الواحد كغيرها من الشركات بالشخصية المعنوية، وفقا للأحكام العامة الواردة بنظام الشركات السعودي وهذه الشخصية المعنوية تمكن الشركة من تحمل الالتزامات واكتساب الحقوق، وهذه الشخصية المعنوية تجعل للشركة كيان قانوني مستقل عن الشركاء، وتكتسب شركة الشخص الواحد الشخصية المعنوية من اللحظة التي يتم فيها قيدها في السجل التجاري، وذلك وفقا لما نصت عليه الفقرة الأولى بالمادة (14) من نظام الشركات السعودي حيث ورد بها: ” باستثناء شركة المحاصَّة، تكتسب الشركة الشخصية الاعتبارية بعد قيدها في السجل التجاري، ومع ذلك يكون للشركة خلال مدة التأسيس شخصية اعتبارية بالقدر اللازم لتأسيسها، بشرط إتمام عملية التأسيس”.
وقد أجاز المنظم السعودي أيضا أن تتمتع الشركة بالشخصية المعنوية أثناء مرحلة التأسيس، وتكون الشخصية المعنوية في هذه الحالة بالقدر اللازم لإتمام تأسيس الشركة، وخلال هذه المرحلة لا يجوز الاحتجاج بوجود الشركة أمام الغير إلا بعد أن يتم استيفاء شرط القيد في سجل الشركات وأيضا إكمال إشهار الشركة، وذلك وفقا لما نصت عليه الفقرة الثانية بالمادة (14) من نظام الشركات السعودي حيث ورد بها: 2- لا يجوز الاحتجاج على الغير بعقد تأسيس الشركة وبنظام شركة المساهمة الأساس المشهرة وفقاً لأحكام النظام إلا بعد قيد الشركة في السجل التجاري، ومع ذلك إذا اقتصر عدم الشهر على بيان أو أكثر من أي منهما، كانت هذه البيانات وحدها غير نافذة في مواجهة الغير “.
5- استقلال الذمة المالية للشركة الشخص الواحد عن ذمة الشريك:
بناء على ما تتمتع به شركة الشخص الواحد من شخصية معنوية مستقلة عن المالك فإنها أيضا تتمتع بذمة مالية مستقلة عن ذمة الشريك المؤسس أو المالك، وهو ما أكد عليه المنظم السعودي حيث نص على تمتع شركات المساهمة التي تتخذها شركة الشخص الواحد شكلا لها، فتصبح شركة الشخص الواحد هي المسؤول الوحيد عن الديون الناتجة عن ممارسة نشاطها دون أن يكون المالك مسؤولا عن أي من هذه الديون أو الالتزامات، وذلك وفقا لنص المادة (52) من نظام الشركات السعودي حيث ورد بها: ” شركة المساهمة شركة رأس مالها مقسم إلى أسهم متساوية القيمة وقابلة للتداول، وتكون الشركة وحدها مسؤولة عن الديون والالتزامات المترتبة على ممارسة نشاطها”.
أما بالنسبة للشركة ذات المسؤولية المحدودة التي قد تتخذها شركة الشخص الواحد شكلا لها فالأمر لا يختلف عن ذلك حيث أكد المنظم السعودي أيضا على تمتعها بذمة مالية مستقلة عن المالك، حيث جاء في نص المادة (151) من نظام الشركات أن:” الشركة ذات المسؤولية المحدودة لا يذيد عدد الشركاء فيها على خمسين شريكا، وتعد ذمتها مستقلة عن الذمة المالية لكل شريك فيها، وتكون الشركة وحدها مسؤولة عن الديون والالتزامات المترتبة عليها، ولا يكون المالك لها أو الشريك فيها مسؤولا عن تلك الديون أو الالتزامات”.
ويترتب على تمتع شركة الشخص الواحد بذمة مالية مستقلة عن ذمة الشريك فيها أن الشركة لا تضمن سوى الوفاء بديونها دون ديون الشريك الخاصة، وأيضا عدم جواز توقيع المقاصة بين ديون الشركة وديون الشريك، فلا يجوز لأحد مديني الشركة عدم الوفاء بدينة بحجو أنه دائن للشريك المؤسس، والعكس صحيح، وذلك بسبب استقلال الذمة المالية لكل من الشركة والشريك، كما أن إفلاس شركة الشخص الواحد لا يستتبع إفلاس الشريك المؤسس.[5]
ثالثا: الطبيعة القانونية لشركة الشخص الواحد:
أثارت شركة الشخص الوحد خلافا واسعا بين الفقهاء عند تحديد الطبيعة القانونية لها، وذلك لأن شركة الشخص الواحد تجمع بين خصائص كل من شركات الأشخاص وشركات الأموال، فهناك من يرى بأنها شركة من شركات الأشخاص وآخرون يرون أنها شركة أموال وآخرون يرون أنها من الشركات المختلطة.
واعتبر البعض أن شركة الشخص الواحد تدخل ضمن شركات الأشخاص وذلك لما تتمتع به شركة الشخص الواحد من خصائص شركات الأشخاص، باعتبار أن هذه الشركة تتكون من شريك واحد كما في المشروعات الفردية، كما أن رأس مال شركة الشخص الواحد جعلها المشرع السعودي حصص وليس أسهم ومنع التداول بها بالطرق التجارية، ومنع الاكتتاب العام أو زيادة رأس مالها.
وآخرون يرون أن شركة الشخص الواحد شركة من شركات الأموال، وذلك لأن مسؤولية الشريك في هذه الشركة محدودة بما قدمه من حصص في رأس مال الشركة، ولا يُسأل الشريك في أمواله الخاصة عن ديون الشركة، وأيضا عدم ارتباط الشركة بشخصية الشريك فيمكن للشركة الاستمرار حتى بعد وفاة مالكها أو فقدانه لأهليته.
وأخير هناك من يرى بأنها شركة مختلطة تجمع ما بين شركات الأشخاص وشركات الأموال، فنجد أنها امتلكت من شركات الأموال خصائص هامة وهي المسؤولية المحدودة للشريك عن ديون الشركة، وأخذت من شركات الأشخاص من خصائصها عدم قابلية رأس المال فيها للتداول، وحظر الاكتتاب العام، فهي تقوم على اعتبار مالي من جهة واعتبار شخصي بنفس الوقت.
وذهب البعض إلى أن شركة الشخص الواحد لا تعدو أن تكون إطار قانونيا استخدمه المشرع لخدمة مشروع اقتصادي، بما يحقق له الوجود القانون المستقل والمتميز عن مؤسسيه، ويخلق له ذمة مالية منفصلة ومستقلة عن ذمة مؤسسيه، وما العقد أو الإرادة المنفردة إلا وسيلة لإنشاء هذا الاطار القانوني لتحقيق الوجود القانوني لهذا المشروع، ولذلك يمكن القول بأن شركة الشخص الواحد نمط جديد واستثنائي، بإنشاء استثمارات فردية بضمانات قانونية، ويرجع إلى تشجيع الإرادة المنفردة لإنشاء المشروعات الاقتصادية من رؤوس أموال صغيرة، وتعزيز قدرتها.[6]
رابعا: طرق تأسيس شركة الشخص الواحد:
وفقا لما أورده المنظم السعودي في نظام الشركات تنشئ شركة الشخص الواحد بإحدى صورتين أما عن طريق التأسيس المباشر للشركة أو عن طريق التأسيس غير المباشر.
1- التأسيس المباشر لشركة الشخص الواحد:
التأسيس المباشر لشركة الشخص الواحد يتم عن طريق الإرادة المنفردة للشريك المؤسس، سواء كان هذا الشريك شخص طبيعي أو شخص اعتباري، حيث سمح المنظم السعودي في نظام الشركات للشخص الطبيعي بإنشاء شركة شخص واحد بإرادته المنفردة على أن تتخذ هذه الشركة شكل شركة ذات مسؤولية، كما سمح المنظم السعودي بتأسيس شركة الشخص الواحد كشخص معنوي جديد ومستقل من قبل الدولة أو الأشخاص الاعتبارية سواء العامة أو الخاصة على أن تتخذ الشركة شكل شركة مساهمة.
وذهب البعض إلى أنه على الرغم أن المنظم السعودي أجاز تأسيس شركة شخص واحد، إلا أن أحكام نظام الشركات السعودي خلت من النص على أن مصدر إلزام الشريك المؤسس هو إرادته المنفردة، بل على العكس؛ فإن أحكام النظام تنص على أن شركة الشخص الواحد تتأسس كغيرها من الشركات بموجب عقد، وتجدر الإشارة إلى أن وزارة التجارة السعودية صممت عقودا نموذجية لتأسيس الشركات، من بينها عقد تأسيس شركة شخص واحد لشركة مساهمة مغلقة، وعقد تأسيس شركة شخص واحد لشركة ذات مسئولية محدودة.[7]
وإذا كان المنظم السعودي قد أجاز للشخص الطبيعي إنشاء شركة شخص واحد إلا أن المنظم السعودي حدد عدد شركات الشخص الواحد التي يمكن للشخص الطبيعي أن يؤسسها بشركة واحدة فقط، كما منع شركة الشخص الواحد من قيامها بتأسيس شركة شخص واحد آخري، وذلك وفقا لما نصت عليه الفقرة الثانية المادة (154) حيث ورد بها:” في جميع الأحوال؛ لا يجوز للشخص الطبيعي أن يؤسس أو يمتلك أكثر من شركة ذات مسؤولية محدودة من شخص واحد، ولا يجوز للشركة ذات المسؤولية المحدودة المملوكة من شخص واحد ( ذي صفة طبيعية أو اعتبارية ) أن تؤسس أو تمتلك شركة أخرى ذات مسؤولية محدودة من شخص واحد”.
2- التأسيس غير المباشر لشركة الشخص الواحد:
الطريقة الثانية التي يمكن بها تكوين شركة الشخص الواحد هي التأسيس غير المباشر، ومن خلال هذه الطريقة يتم تأسيس الشركة من خلال اجتماع كافة الحصص بالنسبة للشركة ذات مسؤولية في يد شريك واحد فقط، كما ينطبق نفس الأمر على شركة المساهمة التي تجتمع كل أسهما في يد شخص واحد فتتحول إلى شركة شخص واحد.
وقد اشترط المنظم السعودي لتحول شركة المساهمة لشركة شخص واحد أن تتخذ شكل شركة ذات مسؤولية محدودة إذا كان مالكها شخص طبيعي، حيث أن المنظم أشترط أن يكون المالك لشركة الشخص الواحد التي تتخذ شكل شركة مساهمة الدولة أو شخص اعتباري عام أو خاص لا يقل رأس مالها عن خمسة ملايين ريال، وذلك وفقا لما نصت عليه المادة (149) من نظام الشركات السعودي حيث ورد بها:” إذا آلت جميع أسهم شركة المساهمة إلى مساهم واحد لا تتوافر فيه الشروط الواردة في المادة (55) من النظام، تبقى الشركة وحدها مسؤولة عن ديونها والتزاماتها، ومع ذلك يجب على المساهم توفيق أوضاع الشركة مع الأحكام الواردة في هذا الباب أو تحويلها إلى شركة ذات مسؤولية محدودة من شخص واحد خلال مدة لا تتجاوز سنة، وإلا انقضت الشركة بقوة النظام”.
فتعتبر الطريقة غير المباشرة في تأسيس شركة الشخص الواحد هي وسيلة لاستمرار وجود شركة أنشئت بالبداية وفقا للمفهوم التقليدي لإنشاء الشركات ووفقا لمبدأ تعدد الشركات، إلا أنه لسبب ما تجمعت كافة الحصص أو الأسهم في يد شخص واحد فتتحول هذه الشركة خلال مدة معينة لشركة شخص واحد، فإذا لم يقم المالك بتوفيق أوضاعه وتحويل الشركة لشركة شخص واحد فإنها تنقضي بقوة النظام.
خامسا: شروط تأسيس شركة الشخص الواحد:
شركة الشخص الواحد شأنها مثل شأن باقي الشركات يجب أن تتوافر بها شروط موضوعية وأخرى شكليه حتى يتم تأسيسها:
1- الشروط الموضوعية لتأسيس شركة الشخص الواحد:
أ- الشروط الموضوعية العامة:
الشرط الأول: الرضا:
شرط الرضا وفقا للقواعد العامة يتطلب أن تنصرف إرادة كل شريك إلى تأسيس الشركة والموافقة على شروط العقد الخاص بها، وبالنسبة لشركة الشخص الواحد فإنه لا يوجد سوى شريك واحد فقط يؤسس الشركة بإرادته المنفردة، ومن ثم فيجب أن تتجه إرادة هذا الشريك إلى تأسيس شركة الشخص الواحد، وتدخله في العمل من أجل تأسيس الشركة، وأن تكون لديه نية صادقة لإنشاء هذه الشركة، كما يجب أن يكون الرضا صحيحا سليما خاليا من عيوب الإرادة، كالغلط والتدليس والإكراه.
الشرط الثاني: الأهلية:
يُشترط في الشريك المؤسس لشركة الشخص الواحد أن يكون كامل الأهلية، دون تعرضه لأي عارض من عوارض الأهلية، فإذا كان الشريك المؤسس شخص اعتباري فيجب أن تتوافر فيه أهلية الوجوب، بحيث يكون قادرا على اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات، أما إذا كان الشريك المؤسس شخص طبيعي فوفقا للقواعد العامة التي تحكم الأهلية في النظام السعودي يجب أن يبلغ الشريك ثمانية عشر عاما هجريا، كما يجب أن تكون أهليته خالية من أي عيب من عيوب الأهلية وذلك بألا يكون محجور عليه أو مجنون أو معتوه.
وذهب البعض إلى أن أهلية الشريك للدخول في الشركة تختلف باختلاف نوعها ومدى مسؤولية الشريك عن ديونها، لذلك فإن حكم القاعدة العامة يجب أن يتوافر في الشريك المتضامن سواء في شركة التضامن أو التوصية البسيطة، أما شركة المساهمة أو ذات المسؤولية المحدودة فيكفي توافر أهلية الصبي المميز، لأن الأمر يقتصر على مجرد توظيف أمواله في الشركة، فلا يكتسب صفة التاجر ولا يسأل عن ديون الشركة مسئولية تضامنية، وإنما يسأل في حدود حصته فقط.[8]
الشرط الثالث: المحل والسبب:
يُعتبر كل من المحل والسبب شرطان يخصان الشركة، ويُقصد بشرط المحل النشاط الذي تمارسه شركة الشخص الواحد، وبالتالي يجب أن يكون المحل ممكنا وشروعا وغير مخالف للنظام العام والآداب، ويجب أن يكون محل شركة الشخص الواحد مما يجيزه القانون، ولما كانت شركة الشخص الواحد تخضع للقواعد العامة الخاصة بالشركة ذات المسؤولية المحدودة، فإنه يحظر على شركة الشخص الواحد أن يكون غرضها القيام بعمل من أعمال البنوك أو التمويل أو الادخار أو التأمين أو استثمار الأموال لحساب الغير، وذلك وفقا لما نصت عليه المادة (153) من نظام الشركات السعودي حيث جاء فيها أنه:” لا يجوز أن يكون غرض الشركة ذات المسؤولية المحدودة القيام بأعمال البنوك أو التمويل أو الادخار أو التأمين أو استثمار الأموال”.
أما بالنسبة لشرط السبب فيقصد به الغرض أو الباعث الذي من أجله تم تأسيس الشركة، ويجب أن يكون السبب مشروعا، ويتمثل السبب في تحقيق أهداف الشركة المشروعة وجني الأرباح.
ب- الشروط الموضوعية الخاصة بتأسيس الشركة:
بالنسبة للشروط الموضوعية الخاصة التي تخضع لها الشركات نجد أن شركة الشخص الواحد تفتقد لبعض الشروط التي لا تتوائم مع طبيعتها، وذلك باعتبار أن هذه الشروط الخاصة نابعة من المفهوم العقدي للشركة، وهو ما قد لا يتطابق مع شركة الشخص الواحد التي تقوم على الإرادة المنفردة للشريك المؤسس، ومن هذه الشروط شرط تعدد الشركاء فهذا الشرط لا يتوائم مع طبيعة شركة الشخص الواحد التي تقوم على شريك واحد فقط.
وأيضا من الشروط التي من الصعب توافرها في شركة الشخص الواحد شرط نية المشاركة الذي يفترض تواجد أكثر من شريك، وينطبق نفس الأمر بالنسبة لشرط اقتسام الأرباح وتحمل الخسائر فلا يوجد غير شريك واحد هو الذي يستأثر وحده بجني الأرباح كما يتحمل وحده الخسائر.
أما بالنسبة لشرط تقديم الحصص فيجب توافر هذا الشرط، فمن خلال ما يتم وضعه من حصص يتكون رأس مال الشركة، إلا إن المنظم السعودي لم يضع أحكام خاصة بهذا الشرط ومن ثم يتم تطبيق القواعد العامة التي تخضع لها شركتي المساهمة وشركة ذات المسؤولية المحدودة، حيث يجب أن يكون رأس مال الشركة كافي لتحقيق غرضها ويحدد الشركاء مقداره في عقد التأسيس وذلك وفقا لما ورد بنص المادة (160) من نظام الشركات السعودي حيث جاء فيه أنه: ” يجب أن يكون رأس مال الشركة عند تأسيسها كافيا لتحقيق غرضها، ويحدد الشركاء مقداره في عقد تأسيس الشركة، ويقسم إلى حصص متساوية القيمة غير قابلة للتجزئة والتداول”.
2- الشروط الشكلية لشركة الشخص الواحد:
لم يضع المنظم السعودي شروط خاصة بشركة الشخص الواحد ومن ثم فإنها تخضع للقواعد العامة في نظام الشركات الخاصة بكل من شركتي المساهمة وذات المسؤولية المحدودة.
أ- كتابة عقد الشركة:
تُعد كتابة عقد شركة الشخص الواحد أحد الشروط الشكلية اللازمة التي أوجب المنظم السعودي القيام بها، فإذا لم يتم كتابة العقد فإن المنظم السعودي قد رتب جزاء على مخالفة هذا الركن وهو بطلان العقد، وأيضا بتعويض من يصيبه الضرر جراء عدم توثيق العقد، وذلك وفقا لما نصت عليه المادة (12) من نظام الشركات حيث ورد بها أنه:” 1- باستثناء شركة المحاصة، يجب أن يكون عقد تأسيس الشركة مكتوبا وكذلك كل ما يطأ عليه من تعديل، وإلا كان العقد أو التعديل باطلا، ويكون تأسيس الشركة وتعديل عقد تأسيسها بعد استكمال ما يلزم من متطلبات وفق ما ينص عليه هذا النظام أو ما تحدده الوزارة. 2- يكون مسؤولا كل من تسبب في عدم توثيق عقد تأسيس الشركة أو ما يطرأ عليه من تعديل على النحو الوارد في الفقرة الأولى من هذه المادة، من الشركاء أو مديري الشركة أو أعضاء مجلس إدارتها -بحسب الأحوال- بالتضامن عن تعويض الضرر الذي يصيب الشركة أو الشركاء أو الغير من جراء ذلك”.
وقد وضح المنظم السعودي البيانات التي يجب أن يشتمل عليها عقد تأسيس الشركة، حيث نصت المادة (156) من نظام الشركات على هذه البيانات، ومن هذه البيانات التي يجب أن يشتمل العقد على نوع الشركة واسمها وغرضها ومركزها الرئيس، وأسماء الشركاء وأماكن إقامتهم ومهنهم وجنسيتهم، وأسماء أعضاء مجلس الرقابة، ومقدار رأس المال، وتاريخ بدأ الشركة وتاريخ انتهائها.
ب- شهر العقد:
بعد أن يتم كتابة العقد يأتي دور الأجراء الثاني وهو إشهار عقد شركة الشخص الواحد، وإعلام الغير بتأسيس هذه الشركة، وفي حالة عدم إشهار العقد فإن المشرع قد رتب جزاء على المسؤول عن هذا الإخلال وهو تعويض من يقع عليه ضرر جراء عدم الإشهار، وذلك وفقا لما نصت عليه المادة (13) من نظام الشركات السعودي حيث ورد بها أنه: ” 1- يجب أن يشهر الشركاء أو مديري الشركة أو أعضاء مجلس الإدارة – بحسب الأحوال- عقد تأسيس الشركة وكذلك النظام الأساس لشركة المساهمة وما يطرأ عليهما من تعديل في موقع الوازرة الإلكتروني. وللوازرة تحصيل مقابل مالي عن خدماتها في شهر عقد التأسيس ونظام الشركة الأساس وما يطرأ عليهما من تعديل وإصدار المستخرج والتصديق عليه. ويجب أن تزود الوازرة الشركة بنسخة أو أكثر من عقد التأسيس ونظام الشركة الأساس بعد التصديق عليها بما يفيد الشهر. 2- يتاح للغير الاطلاع على الوثائق المنصوص عليها ف ي الفقرة (1) من هذه المادة، ويعد المستخرج من موقع الوازرة، والمصدق عليه منها، حجة في مواجهة الغير بما يحتويه من بيانات. 3- كل من تسبب في عدم شهر الوثائق المنصوص عليها في الفقرة (1) من هذه المادة من الشركاء أو مديري الشركة أو أعضاء مجلس إدارتها؛ يكون مسؤولا -بالتضامن- عن تعويض الضرر الذي يصيب الشركة أو الشركاء أو الغير بسبب عدم الشهر”.
ج- قيد الشركة في السجل التجاري:
وأخيرا يجب على الشريك المؤسس قيد شركة الشخص الواحد في السجل التجاري، وبمجرد قيدها في السجل التجاري تكتسب شركة الشخص الواحد الشخصية الاعتبارية التي تمكنها من اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات، وقد عاقب المنظم السعودي كل من يخل بإجراء قيد الشركة في السجل التجاري بغرامة لا تزيد على خمس مئة ألف ريال وذلك وفقا لما نصت عليه الفقرة (ن) بالمادة (213) من نظام الشركات السعودي حيث جاء فيها أن: ” مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها نظام آخر، يعاقب بغرامة لا تزيد على خمسمائة ألف ريال: كل من أهمل في أداء واجبه في شأن القيام بشهر عقد تسيس الشركة أو قيدها في السجل التجاري وفقا للنظام، وكل من تخلف عن شهر التعديل في عقد التأسيس الشركة أو نظامها الأساس أو التعديل في بيانات سجلها التجاري وفقا للنظام”.
وبجانب العقوبة التي نص عليها المنظم السعودي في حق من يخل بقيد الشركة في السجل التجاري فقد نص أيضا على عدم جواز الاحتجاج على الغير بعقد تأسيس الشركة إلا بعد قيدها في السجل التجاري، وذلك وفقا لما نصت عليه الفقرة الثانية بالمادة (14) من نظام الشركات الذي جاء به أنه:” لا يجوز الاحتجاج على الغير بعقد تأسيس الشركة وبنظام شركة المساهمة الأساس المشهرة وفقاً لأحكام النظام إلا بعد قيد الشركة في السجل التجاري، ومع ذلك إذا اقتص ر عدم الشهر على بيان أو أكثر من أي منهما، كانت هذه البيانات وحدها غير نافذة في مواجهة الغير”.
سادسا: إدارة شركة الشخص الواحد:
شركة الشخص الوحد هي عبارة عن شخص اعتباري ومن ثم فإنها تحتاج لشخص طبيعي لإدارتها وتمكينها من تحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها، كما يقوم هذا الشخص بتمثيلها أمام القضاء أو الغير، ولما كان الشريك المؤسس هو الشريك الوحيد بالشركة فإنه يستأثر بكل الصلاحيات والسلطات الخاصة بمجلس الإدارة والجمعية العامة، وذلك وفقا لما نصت عليه المادة (55) من نظام الشركات السعودي حيث ورد بها: ” ويكون لهذا الشخص صلاحيات جمعيات المساهمين بما فيها الجمعية التأسيسية وسلطاتها “.
وقد يقوم الشريك المؤسس بإدارة الشركة بنفسه أو بواسطة شخص أخر يعينه الشريك ليتولى هو إدارتها، وذلك وفقا لما نصت عليه المادة (154) من نظلم الشركات السعودي حيث ورد بها: ” ويكون لهذا الشخص صلاحيات وسلطات المدير ومجلس مديري الشركة والجمعية العامة للشركاء المنصوص عليها في هذا الباب، ويجوز له تعيين مدير واحد (أو أكثر) يكون هو الممثل لها أمام القضاء وهيئات التحكيم والغير، ومسؤولا عن إدارتها أمام الشريك المالك “.
في حالة كون المدير من الغير فإن له صلاحيات محددة يمارسها، أما الشريك فإنه يمارس صلاحياته من خلال الجمعية العمومية، ويتم تحديد السلطات عن طريق عقد الشركة، أو نظام الأساس، أو قرار التعيين، وفي حالة عدم الإشارة فإن للمدير السلطات والصلاحيات التي تحقق له مصالح الشركة، وأغراضها، وذلك ضمن الحدود المنصوص عليها في القانون، وفي حال المخالفة لأحكام النظام والقوانين، فإن مدير الشركة يكون مسؤولا عن التعويض والمحاسبة عن الأضرار التي تلحق بالشركة أو الغير.[9]
وفي سبيل إلزام مدير الشركة بالعمل على تحقيق أغراض الشركة، فقد وضع المنظم السعودي حظرا على مدير الشركة من أن يكون له أي مصلحة سواء مباشرة أو غير مباشرة في الأعمال والعقود التي تتم لصالح الشركة، وذلك وفقا لما نصت عليه المادة (71) من نظام الشركات حيث ورد بها: ” لا يجوز أن يكون لعضو مجلس الأدرة أي مصلحة مباشرة في الأعمال والعقود التي تتم لحساب الشركة إلا بترخيص إلا بترخيص من الجمعية العامة العادية، وفقا للضوابط التي تضعها الجهة المختصة، وعلى عضو مجلس الإدارة أن يبلغ المجلس بما له من مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في الأعمال والعقود التي تتم لحساب الشركة، ويثبت هذا التبليغ في محضر الاجتماع “.
إعداد/ مصطفى كامل.
[1] أنظر دكتور باسم عواد العموش، النظام القانوني لشركة الشخص الواحد وفق نظام الشركات السعودي 1437 هـ/ 2015 م، مجلة الجامعة الإسلامية للدارسات الشرعية والقانوني، المجلد 27، عدد 3، 2019، ص 294.
[2] أنظر دكتور يوسف بن أحمد القاسم الزهراني، شركة الشخص الواحد في نظام الشركات السعودي الجديد 2015م، مجلة جامعة شقراء، العدد 10، محرم 1440 هـ- أكتوبر 2018م، ص 9.
[3] أنظر دكتور محمد إبراهيم الوسمي، ودكتورة فاطمة عبد الله الشريعان، ضمانات دائني شركة الشخص الواحد وفق قانون الشركات الكويتي رقم 1 لسنة 2016، ص 17.
[4] أنظر دكتور علي بن صالح الزهراني، التنظيم القانوني لشركة الشخص الواحد في نظام الشركات السعودي الجديد لسنة 1437 هـ، مجلة العلوم الشرعية، العدد 1، المجلد 12، ص 683.
[5] أنظر دكتور هاني محمد مؤنس عوض، النظام القانوني لشركة الشخص الواحد كمستجد قانوني في الاقتصاد السعودي، مجلة علوم الشريعة والقانون، المجلد 47، العدد 3، 2020، ص 49.
[6] أنظر دكتور حسام توكل موصى، التنظيم القانوني لشركة الشخص الواحد في التشريع المصري، 2019، ص 65.
[7] أنظر دكتور هاني محمد مؤنس عوض، النظام القانوني لشركة الشخص الواحد كمستجد قانوني في الاقتصاد السعودي، مجلة علوم الشريعة والقانون، المجلد 47، العدد 3، 2020، ص 54.
[8] المرجع السابق، المجلد 47، العدد 3، 2020، ص 56.
[9] أنظر دكتور يوسف بن أحمد القاسم الزهراني، شركة الشخص الواحد في نظام الشركات السعودي الجديد 2015م، مجلة جامعة شقراء، العدد 10، محرم 1440 هـ، ص 23.
مواضيع متعلقة بهذا المقال تهمك
مقال عن كيفية كتابة العقد
أفضل محامين عقود
أفضل محامي متخصص في صياغة العقود
كيفية مراجعة العقود
كيف تتم الصياغة القانونية