الفرق بين عقد الوكالة التجارية وعقد التوزيع 2023

الفرق بين عقد الوكالة التجارية وعقد التوزيع

العقود هي الطريقة القانونية التي تضمن حفظ الحقوق بين أطراف العقد، وذلك من خلال توثيقها ولا يتنافى ذلك مع الثقة؛ بل يُعد ضمانةً عند حدوث خلاف بين أطراف العقد، ولأن عقود الوكالة التجارية، وعقود التوزيع تحظي باهتمام بشأن تنظيم أعمال الوكلاء التجاريين، وإبرام الكثير من العقود التجارية بين الدول والأفراد بهدف توزيع بضائعهم ومنتجاتهم، فقد أدى ذلك إلى دفع الإنتاج إلى الأمام؛ وبالتالي ازدهار التجارة، وزيادة حجم الإنتاج والاستهلاك، ويمثل الوكلاء التجاريين، والموزعين طريقتان مهمتان لجعل المنتجات تُغطي معظم أنحاء العالم، ونظرًا لأهمية هذا الأمر؛ فسوف نتناول في هذا المقال الفرق بين عقد الوكالة التجارية وبين عقد التوزيع في النظام السعودي، وذلك من خلال العناصر الرئيسية الآتية:

ونقدم شرح تفصيلي لكل عنصر من العناصر الرئيسية السابقة، فيما يلي:

أولًا: تعريفات مهمة متعلقة بالتفرقة بين عقد الوكالة التجارية وعقد التوزيع

هناك بعض التعريفات المهمة المتعلقة ببيان الفرق بين عقود الوكالات التجارية، وعقود التوزيع تتمثل في الآتي:

١. الموزع:

هو الشخص ذو الصفة الطبيعية أو الاعتبارية الذي يقوم بشراء سلعة، أو خدمة من الموكل بصفة مستمرة بغرض بيعها باسمه ولحسابه الخاص على الغير في المملكة.

٢. الوكيل:

هو الشخص ذو الصفة الطبيعية أو الاعتبارية الذي يعينه الموكل بصفة مستمرة أو معتادة، وبصورة مستقلة دون ارتباط بعقد عمل للتفاوض وتسويق، أو بيع، أو تسهيل بيع سلعة، أو خدمة له في المملكة لحساب الموكل ومقابل عمولة منه.

٣. الموكل:

هو الشخص ذو الصفة الطبيعية أو الاعتبارية الذي يقوم بتعيين الوكيل، أو الموزع، سواء أكان مُنتج أو مُصنع السلعة أو الخدمة محل اتفاقية التوزيع، أو الوكالة التجارية، أم شخصًا آخر أعطاه المنتج أو مصنع السلعة أو الخدمة الحق في تعيين وكيل أو موزع لها في المملكة.

٤. العمولة:

العوض الذي يحصل عليه الوكيل من الموكل مقابل قيامه بأعمال الوكالة، سواء أكان في صورة نسبة مئوية من ثمن بيع السلعة، أو الخدمة، أو ميزة مالية، أو عينية معينة، أو غير ذلك”، وذلك وفقًا لما جاء في نص (المادة ١) من نظام اتفاقيات التوزيع والوكالات التجارية.

٥.المنتجات:

تتمثل المنتجات في جميع ما يصنعه المنتج سواء كانت تم إنتاجها بالفعل أو ما زالت في مرحلة التصنيع أثناء مدة سريان العقد.

ثانيًا: مفهوم كل من عقد التوزيع وعقد الوكالة التجارية

ينبغي التفرقة بين مفهوم عقد التوزيع وعقد الوكالة التجارية من خلال الآتي:

١. مفهوم عقد التوزيع

عقد التوزيع هو العقد الذي يتم إبرامه بين طرفي العقد، وهما المنتج والموزع يتولى الموزع بموجبه مهمة توزيع البضاعة، وترويجها في المناطق الجغرافية المتفق عليها في العقد مقابل عمولة، أو أرباح معينة يتم تحديدها في العقد.

٢. مفهوم عقد الوكالة التجارية

“عقد الوكالة التجارية هو عقد يُقيم به الموكل شخصًا آخر طبيعيًا أو اعتباريا مقام نفسه، في مباشرة تصرف قانوني معين لقاء أجر، على أن يكون الوكيل تاجرًا، وأن يتعلق موضوع الوكالة بعمل تجاري “([1]).

ثالثًا: أهمية عقد التوزيع

“نظرًا لزيادة حجم المشروعات التجارية واتساع نطاق نشاطها على المستويين الداخلي والخارجي، أصبح من الصعب على التاجر أن يقوم بنفسه بتوزيع منتجاته على المستهلكين، أو تقديم خدماته إلى العملاء؛ ولذلك فهو يستعين بعدة أشخاص لكي يُمارس نشاطه بكفاءة عالية تحقق له القدرة على المنافسة، وتتم استعانة التاجر بمن يحتاج إليه عن طريق عدد من العقود التي تنظم العلاقة بينهم”([2]).

ومن هنا ظهرت أهمية عقود التوزيع في تطوير الاقتصاد على الصعيد الداخلي والخارجي، باعتبارها من أهم الآليات في توسيع شبكة التوزيع للمنتجات والخدمات، فعقود التوزيع تساعد المنتجين والمصنعين من خلال توزيع ووصول منتجاتهم إلى الجميع في منطقة أو مناطق جغرافية معينة، وذلك من خلال موزعين ذو خبرة مقابل عمولة أو أرباح معينة.

رابعًا: أهمية عقد الوكالة التجارية

يُعد عقد الوكالة التجارية من العقود ذات الأهمية الكبيرة، وذلك لما يُحققه هذا العقد من فائدة لجميع الأطراف المتعلقة به، فالموكل التجاري يتمكن من خلال عقد الوكالة التجارية من إيجاد وسيلة لتوزيع بضاعته بصورة قانونية في جميع أنحاء العالم ودون أن يتكلف أي مشقة سوى إبرام عقد الوكالة التجارية، أما بالنسبة للوكيل التجاري فيتمكن من خلال عقد الوكالة التجارية أن يوزع بضائع إلى العملاء أو التجار لم يتكلف شيئًا في صنعها، خاصًة وإن كان محل العقد بضائع ذات قيمة عالية، ويحتاج لإنتاجها تكلفة كبيرة، فالوكيل التجاري يحقق مكاسب مالية كبيرة جدًا لمجرد نقله البضائع من محل إنتاجها إلى المكان الذي يوزع به هذه البضائع.

خامسًا: أنواع عقود الوكالة التجارية

تتنوع عقود الوكالة التجارية إلى عقد الوكالة بالعمولة، وعقد الوكالة بالعقد، وبيان ذلك فيما يلي:

١. عقد الوكالة بالعمولة:

هو عقد يقوم بموجبه الوكيل بعمل قانوني باسمه الشخصي ولحساب موكله، فالوكيل بالعمولة يتعاقد مع الغير بصفته أصيلًا، فترجع عليه آثار تعاقده مع الغير، ثم هو ينقلها إلى الموكل بموجب عقد الوكالة بالعمولة بصفته وكيلًا

٢. الوكالة بالعقد:

هو عقد يلتزم بمقتضاه شخص بأن يتولى على وجه الاستمرار وفي منطقة نشاط معينة الترويج والتفاوض وإبرام الصفقات باسم ولحساب الطرف الآخر(الموكل) مقابل أجر.

سادسًا: أنواع عقود التوزيع

تنقسم عقود التوزيع إلى عقد توزيع حصري وغير حصري كالتالي:

١. عقد توزيع حصري:

يُعطي هذا النوع الموزع الحق بمفرده في توزيع وبیع المنتجات في منطقة جغرافية معينة ومحددة، حيث يمتنع على المنتج أن يقوم ببيع المنتجات إلى أي موزع آخر.

٢. عقد توزيع غير حصري:

عقد التوزيع غير الحصري يكون فيه المُنتج حرًا في البيع لأكثر من موزع، أي أن هذا العقد يُعطي المنتجين الحق في أن یتفقوا مع أكثر من شخص ليتولوا عملیة التوزیع في مناطق جغرافية معینة، ويتحدد الموزع في هذا العقد بالاتفاق المبرم بينه وبين المنتج.

سابعًا: الشروط الواجب توافرها في الموزع أو الوكيل

“يشترط في الموزع، أو الوكيل الشروط الآتية:

١. أن يكون مقيدًا في السجل التجاري.

٢. أن يستوفي أي اشتراطات للتراخيص تتعلق بنشاط التوزيع الذي سيمارسه أو بوكالته التجارية.

ويشترط على الموزع أو الوكيل غير السعودي- بالإضافة إلى الشرطين المشار إليهما الحصول على ترخيص من وزارة الاستثمار وفقًا لنظام الاستثمار الأجنبي”، وذلك وفقًا لما جاء في نص (المادة ٤) من نظام اتفاقيات التوزيع والوكالات التجارية.

ثامنًا: البنود التي يتضمنها عقد الوكالة التجارية

يجب أن يحتوي عقد الوكالة التجارية على البنود التالية:

١. اسم الوكيل أو الموزع وجنسيته.

٢. السلع، أو المنتجات، أو الخدمات التي يشملها العقد.

٣. حقوق والتزامات ومسئوليات كل من الموكل والوكيل.

٤. منطقة عمل الوكيل.

٥. مدة الوكالة وكيفية تجديدها.

٦. كيفية إنهاء الوكالة وانقضائها.

٧. عدم تعديل الاتفاقية إلا كتابًة.

٨. القوانين الواجب تطبيقها.

تاسعًا: البنود التي يتضمنها عقد التوزيع

يجب أن يحتوي عقد التوزيع على البنود التالية:

١. محل العقد: وهو السلع أو المنتجات التي سيرد عليها التوزيع بموجب عقد التوزيع.

٢. النطاق المكاني: وهو الإقليم أو المنطقة الجغرافية التي سيتم توزيع المنتجات في حدودها.

٣. وجود شرط منع توزيع المنتجات المنافسة.

٤. طرق نقل وتوصيل البضائع، والمكان الذي سيتم فيه تسليم البضائع.

٥. متى تنتقل ملكية البضائع ومدة وإنهاء العقد.

٦. مدى موافقة البضائع للمواصفات القياسية المطلوبة.

٧. النتائج المترتبة على إنهاء العقد.

٨. الظروف الطارئة والقوة القاهرة حيث يبين هذا الشرط تحديد عبء المسئولية في حالات تلف المنتجات أو هلاكها حسب السبب الذي أدى لذلك.

٩. القانون الحاكم أي القانون الذي سيطبق على العقد في حالة حدوث نزاع وبالتالي تحديد وسائل تسوية المنازعات.

عاشرًا: ما الفرق بين عقد التوزيع والوكالة التجارية

يُعد عقد التوزيع شكلًا أساسيًا من أشكال الوساطة التجارية، حيث إن الموزع يسعى من وراء إبرام عقد التوزيع إلى تسويق منتجات طرف آخر وهو المنتج مقابل لقاء نقدي؛ مما يتفق ذلك مع مفهوم أعمال الوكالة التجارية، الذي يُعد بمثابة اتفاق شخص (الموكل) بإسناد بعض المهام إلى شخص آخر يسمى (الوكيل) مقابل عمولة محددة؛ ونظرًا للتشابه بين عقد التوزيع، وعقد الوكالة التجارية، سوف نوضح أوجه الاختلاف بين عقد التوزيع، وعقد الوكالة التجارية بنوعيه كالتالي:

١. الفرق بين عقد التوزيع التجاري ووكالة العقود:

يمكن بيان الفرق بين عقد التوزيع التجاري، ووكالة العقود على النحو التالي:

١. في عقد التوزيع التجاري يتبين لنا أن الوكيل (الموزع) مستقل في ممارسة أعمال وكالته وتنظيمها بمعنى أنه يقوم بها لحسابه الخاص، وتوكيل من يشاء دون الرجوع إلى الموكل إلا إذا نص العقد على خلاف ذلك، أما بالنسبة لوكالة العقود، يتبين لنا أن وكيل العقود لا يُعتبر عمله مستقلًا، بل تابعًا للموكل، فيبرم العقد باسم الموكل ولحسابه؛ “لذلك فإن آثار العقد تنصرف مباشرةً إلى موكله، ولا يتحمل الوكيل شيئًا منها”([3])

٢. في عقد التوزيع التجاري يقوم الوكيل(الموزع) بشراء المنتجات، ويقوم ببيعها وترويجها في المنطقة الجغرافية التي يتم الاتفاق عليها مع الشركة المنتجة، ويأخذ أرباحه من هامش الفرق بين سعر الشراء وبين سعر البيع، أما في وكالة العقد فإن وكيل العقود يقوم بالبحث عن عملاء وتحفيزهم على التعاقد دون أن يقدم شيئًا ماليًا بحيث يقوم بإبرام العقد باسم الموكل ولحسابه.

٢. الفرق بين عقد التوزيع التجاري والوكالة بالعمولة:

يُمكن بيان الفرق بين عقد التوزيع التجاري والوكالة بالعمولة على النحو التالي:

١. “في عقد الوكالة بالعمولة يقوم الوكيل بالعمولة بالتعاقد مع الغير باسمه الشخصي ولحساب الموكل؛ وبالتالي فإنه يخفي اسم الموكل، بل ويخفي صفته كوكيل، ويُصبح طرفًا في العقد الذي يبرمه مع الغير، فيكتسب الحقوق ويتحمل الالتزامات الناشئة عنه على أن ينقلها بعد ذلك إلى ذمة موكله”([4])، الذي يرتبط بعقد الوكالة بالعمولة، ومتى كان الوكيل بالعمولة قد تعاقد باسمه الشخصي ولحساب موكله.

فإن الموكل يبقى أجنبيًا عن العقد ولا تنشا بينه وبين من تعاقد مع الوكيل أي علاقة قانونية تجيز لأحدهما الرجوع على الأخر بدعوى مباشرة، فصفة الوكيل في تعاقده باسمه الشخصي هو المعيار الرئيس للوكالة بالعمولة، أما في عقد التوزيع التجاري يتبين لنا أن الوكيل أي الموزع يجري العقد مع المشتري لسلعة محل عقد التوزيع باسمه ولحسابه؛ وبالتالي يتحمل الموزع المسؤولية القانونية كاملة تجاه الغیر، ومخاطر تعاقده مع الغير وما يُرتبه العقد من حقوق والتزامات.

٢. في عقد التوزيع يتحمل الوكيل جميع التكاليف الناتجة عن استعماله واستغلاله الوكالة، وكل المخاطر من أجل طلب البضاعة، وبيعها، أما في عقد الوكالة بالعمولة، فإن الوكيل بالعمولة لا يكون مسؤولًا عن النفقات والأضرار، بل تكون على حساب موكله.

إعداد/ محمد محمود

[1] د. محمد براك الفوزان، أحكام نظام الوكالات التجارية السعودي، (ص٣٧)

[2] د. عبد الرحمن السيد قرمان، العقود التجارية وعمليات البنوك، (ص59)

[3] د. عبد المحسن بن عبد الله بن إبراهيم الركزي، الوكالات التجارية في الفقه والنظام، (ص39).

[4] د. محمد حسن الجبر، القانون التجاري السعودي، (ص٧٨)